حمل المصحف

حمل المصحف

تحميلات برامج المصاحف والقرآن الكريم


تحميلات : برنامج الذاكرالقرآن مع الترجمةبرنامج القرآن مع التفسيربرنامج القرآن مع التلاوةبرنامج المكتبة الالكترونية
و.حمل Quran_winxp.rar

Translate

الاثنين، 20 يونيو 2016

^*جدول الفرق في أحكام الطلاق بين سورتي الطلاق المتأخرة في النزول وسورة البقرة السابقة تنزيلا

الجدول(الفرق بين أحكام الطلاق في سورة الطلاق5هـ وسورة البقرة2هـ). the table
 ___________



المطلب الأول: تعريف النسخ وشروطه وما يقع فيه

يعرف النسخ لغة بمعانٍ؛ منها:

1. النسخ بمعنى  الإزالة  :، ومنه قوله تعالى: ﴿ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ [الحج: 52].

2. والنسخ بمعنى  التبديل، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ ﴾ [النحل: 101].

3.ويأتي النسخ بمعنى النقل من موضع إلى موضع، ومنه: نسخت الكتاب، إذا نقلت ما فيه حاكيًا للفظه وخطه.{ قلت المدون: ويسمي هذا استنساخ أي صُنع صحائف قد مَحَا بياض صفحتها النقية الي صحائف مسودة بأعمال الناس التي كتبها الملائكة مُسَطِّرين فيها أعمالهم وهنا قصد بالاستنساخ حال الصحائف وليس حال القلم}(اضغط الرابط)


4.ويأتي النسخ بمعنى  التحويل؛ مثل: التناسخ في المواريث، وهو يعني تحويل الميراث من واحد إلى واحد.

5.ويأتي النسخ بمعنى صنع الصحائف  بما يدون فيها ويُقصد بها وصف حال الصحيفة أو اللوح   [وهنا يسمي استنساخ]، قال تعالى: ﴿ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 29]؛ أي: نصنع صحائف أعمالكم بكتابةِ ما تعملون فيها فيُمحَي بياضها بسواد أعمالكم أو حسنه ما كنتم تعملون.

اضغط الرابـــــــــــط
افتح هذه الروابط المهمة:
شروط وقوع واحتساب الطلاق.
 لا تحتسب التطليقة الخاطئة كيف؟ 2 
  الطلاق للعدة مفصل جداً- - DEVORSE TO EDDH .
 الفرق في أحكام الطلاق المنزلة بين سورتي الطلاق(... 
 الطلاق في السنن الكبري للنسائي محقق 
 ؟ما هو الخلع وما هي أحكامه وهل تحتسب تطليقة الخلع ...  
الطلاق لا يكون إلا في منتهي العدة وما يتم غير ذلك...
 الطلاق للعدة رؤية صحيحة%% الطلاق للعدة مفصل جدا

   *وأما النسخ في الاصطلاح:

فقد عرف النسخ تعريفات متقاربة؛ منها:

1- النسخ هو :  الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتًا، مع تراخيه عنه.

2- النسخ  هو : الخطاب الدال على  انتهاء الحكم الشرعي، مع التأخير عن مورده.


3- النسخ هو:
 رفع حكم شرعي بمثله، مع تراخيه عنه.

4- النسخ هو:
 رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر.

5- النسخ هو:
 رفع الحكم الشرعي بخطاب شرعي

:   ومن هذه التعريفات يتبين أن:

1. النسخ هو المحو أو الإزالة أو التبديل أو التحويل أو التعديل

2. وأنه يلزم فيه التراخي الزمني البيِّن والواضح مثل نزول سورة الطلاق عام 5هـ وسورة البقرة عام 

1و2هـ 
|سورة،البقرة2هـ|ثم|سورة,الطلاق5هـ 
تبدل الحكم هنا من:
 
طلاق               ثم عدة             (سورة البقرة)

الي

  عدة                 ثم طلاق           (في سورة الطلاق) 


3.  رفع البراءة الأصلية - الإباحة لعدم ورود الدليل المانع - ليس من النسخ؛ إذ النسخ ينطبق على حكم متقدم بخطاب متقدم جاء النسخ بتغييره،}


4. كذلك لا يُعَدُّ رفع الحكم الشرعي بموت أو جنون نسخًا.
_________


6- وقيل في تعريف النسخ: إنه بيان انتهاء زمان الحكم الأول.

وهذا هو تعريف الإمام ابن حزم الذي لا يرى في النسخ إلغاء، بل بيانًا لانتهاء الحكم الأول، وهو في هذا يوافق رأي الشافعي الذي يرى أن النسخ بيان للأحكام.

والناسخ هو الله تعالى؛ لأنه هو منزل الخطاب أولاً، وهو ينسخه بخطاب جديد، قال تعالى:

 ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 106].

*كما يطلق الناسخ على الحكم الناسخ نفسه، أو على الآية الناسخة.

{والمنسوخ هو الحكم المرفوع أو الآية المرفوعة حسب نوع النسخ، كما سيأتي.

شروط النسخ

وللنسخ شروط؛ منها:


1- أن يكون الحكم المنسوخ شرعيًّا.

2- أن يكون الناسخ منفصلاً عن المنسوخ متأخرًا عنه، فإن المقترن يسمى تخصيصًا؛ مثل: الشرط، والصفة، والاستثناء.

3- ألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيدًا بوقت معين، وإلا فالحكم ينتهي بانتهاء وقته، ولا يعد انتهاء الحكم بانتهاء وقته نسخًا.

وعلى هذا؛ فقول الله تعالى:

﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[البقرة: 109] ليس من المنسوخ؛ لأنه حكم مقيد بظرف معين، وهو حال الاستضعاف والقلة، فلا يعد الأمر بالقتال نسخًا للآية.

4- أن يكون الناسخ مثل المنسوخ في القوة أو أقوى منه.
5- أن يكون مما يجوز نسخه، فلا يدخل النسخ في التوحيد وأسماء الله وصفاته، وغير ذلك مما هو داخل في باب العقائد.








___________







---------
 
إعن طريق العرض التصويري






                                                                                                                         





___________________

        

---------



-----------------------------------------------------------


















 


































































---------
من 46 الي













































































































































































---------






























































--------------------


يتبع ان شاء الله
-------------------------------------




























الروابط لكل مدونات الطلاق للعدة

1. الفرق بين تشريعات الطلاق في سورة الطلاق وسورة البق...

2. عرض آخر للفرق بين سورة الطلاق وسورة البقرة في تشري...

3. 3 الفرق ببونط أحسن%%%

4. 1.احكام الطلاق في سورة البقرة وسورة الطلاق%

5. الطلاق للعدة في سورة الطلاق هيمن علي شريعة الطلاق ...

6. تشريعات الطلاق في سورة الطلاق ناسخة لتلك التي كانت...

7. جدول الفرق في تشريعات الطلاق (بين سورتي الطلاق...

8. الفرق في تشريعات الطلاق بين سورتي الطلاق(5هـ) و...

9. الجدول(الفرق بين أحكام الطلاق في سورة الطلاق5هـ وس...

10. الطلاق للعدة مفصل جدا

11. الطلاق للعدة هو الشريعة الباقية الي يوم القيامة

12. 1.أول كتاب الطلاق للعدة

13. كتاب الطلاق للحافظ الامام البخاري

14. معني الاحصاء والعد

15. *المغزي من ألفاظ سورة الطلاق في تشريعات الطلاق

16. الفتن ***

17. السورة في الترتيب التاريخي للمصحف في كل نسخ المصاح...

18. القرآن معلومات من ويكبيديا

19. القرآن الكريم دراسة تاريخية

20. القرآن الكريم بحث من ويكبيديا

21. نظام الطلاق في الإسلام هو الطلاق للعدة

22. نظام الطلاق في الإسلام هو الطلاق للعدة*

23. مصحف المدينة الأزرق

24. 1.أول كتاب الطلاق للعدة** مكرر

25. عرض آخر للطلاق للعدة وهو مكرر

26. جدول الفرق في أحكام الطلاق بين سورتي الطلاق 5هـ...

27. Tالفرق في تشريعات الطلاق بين سورتي الطلاق(5هـ) وال...

28. دليل مدونتي الطلاق للعدة والطلاق تشريع الي يوم القيامة

29. قول ابن حزم في الطلاق

30. دليل مدونة س وج في الطلاق

31. مدونة المصحف مكتوب آية آية***

32. اهدار الشرع للتطليقة الخاطئة وعدم الاعتداد بها

33. تابع س وج حول مواضيع الطلاق

34. عدم احتساب التطليقة الخاطئة

35. الطلاق للعدة مفصل جدا

36. *الطلاق للعدة مفصل جدا

37. الطلاق للعدة مفصل جدا

38. الطلاق للعدة هو الشريعة الباقية الي يوم القيامة

39. 1.أول كتاب الطلاق للعدة

40. كتاب الطلاق للحافظ الامام البخاري

41. معني الاحصاء والعد

42. *المغزي من ألفاظ سورة الطلاق في تشريعات الطلاق

43. السورة في الترتيب التاريخي للمصحف في كل نسخ المصاح...

44. القرآن معلومات من ويكبيديا

45. القرآن الكريم دراسة تاريخية

46. القرآن الكريم بحث من ويكبيديا

47. نظام الطلاق في الإسلام هو الطلاق للعدة

48. نظام الطلاق في الإسلام هو الطلاق للعدة

49. نظام الطلاق في الاسلام هو الطلاق للعدة

50. سورة الطلاق - سورة 65 - عدد آياتها 12

51. مصحف المدينة الازرق

52. نظام الطلاق في الإسلام هو الطلاق للعدة في سورة

53. *المغزي من ألفاظ سورة الطلاق في تشريعات الطلاق

54. أول كتاب الطلاق للعدة

55. نظام الطلاق في الاسلام هو الطلاق للعدة

56. الطلاق للعدة شريعة الله الباقية الي يوم القيامة

57. مدونة الطلاف للعدة

58. مدونة الطلاف للعدة *

59. هل طلقت امرأتك؟قد تكون ظننت ولم تطلق فعلا!! أقر أ ...

60. قانون الحق وهزل العباد في حق الله الواحد الجبار

61. %2تجميع س وج حول مسائل الطلاق للعدة

62. %1تجميع س وج حول مسائل الطلاق للعدة/*

63. فوائد في تخريج حديث " دخل رجل النار في ذباب "

64. أفضل المواقع لتحميل برامج الكمبيوتر المجانية والكا...

65. مواقع تحميلات

66. مدونة الطلاف للعدة * واحكام العدة للنساء

67. المغزي من ألفاظ سورة الطلاق المستعملة في السورة

68. الطلاق للعدة شريعة الله الباقية الي يوم القيامة

69. نظام الطلاق في الاسلام هو الطلاق للعدة

70. أول كتاب الطلاق للعدة

71. *المغزي من ألفاظ سورة الطلاق في تشريعات الطلاق

72. نظام الطلاق في الإسلام هو الطلاق للعدة في سورة ا...

73. مصحف المدينة الازرق

74. سورة الطلاق - سورة 65 - عدد آياتها 12

75. نظام الطلاق في الاسلام هو الطلاق للعدة ***

76. *الطلاق للعدة مفصل جدا ***

77. الطلاق للعدة مفصل جدا ***///

78. **عدم احتساب التطليقة الخاطئة

79. تابع س وج حول مواضيع الطلاق*

80. كيف لم يفهم الناس تنزيل التشريع في سورة البقرة برغ...

81. اهدار الشرع للتطليقة الخاطئة وعدم الاعتداد بها *

82. قول ابن حزم في الطلاق والتعقيب عليه**

83. نسخ تقدم الطلاق علي العدة في أحكام الطلاق بسورة ال...

84. مدونة القرآن آية آية

85. أول كتاب الطلاق للعدة +جدول مقارنة أحكام الطلاق بي...

86. حديث (دخل رجل الجنة في ذباب..) موقوف

87. فوكست ريدر Foxit Reader 6.1.1.1031

88. 4shared_Desktop_4.0.14.27377.exe

89. الطلاق للعدة مفصل جدا وزيادات مهمة بالصفحة

90. ترجمة سورة الطلاق وتطبيقات الطلاق بين سورة الطلاق ...

91. %4.الطلاق للعدة الشريعة المحكمة الباقية الي يوم ال...

92. عدم احتساب التطليقة الخاطئة

93. مصحف الشمرلي الملون **|*

94. كتاب العقيقة من كتاب المحلي لابن حزم الاندلسي&

95. كتاب العقيقة من كتاب المحلي لابن حزم الاندلسي */*/...

96. /شروط وقوع واحتساب الطلاق

97. لا تحتسب التطليقة الخاطئة كيف؟

98. مواقع تنزيل خرافية &*$%@

99. لا تحتسب التطليقة الخاطئة */*/---

100. لا تحتسب التطليقة الخاطئة كيف؟ 2

101. لا تحتسب التطليقة الخاطئة 3 عرض آخر

102. معني السيئات من لسان العرب

103. (T)جدول الفرق في تشريعات وأحكام الطلاق بين سورتي ا...

104. الفرق في تشريعات الطلاق بين سورتي الطلاق(5هـ) والب...

105. T.جدول الفرق في تشريعات وأحكام الطلاق بين سورتي ال...

106. مصحف الشمرلي الملون ****

107. الخلع عرض مكبر

108. الطلاق للعدة مفصل جداً- - DEVORSE TO EDDH

109. الفرق في أحكام الطلاق المنزلة بين سورتي الطلاق(...

110. الخلع منقحا ومصورا

111. الخلع مصورا

112. باب الخلع من صحيح البخاري

113. الخلع وكيف الطلاق فيه

114. الطلاق في السنن الكبري للنسائي محقق

115. الطلاق للعدة هو الطلاق بعد انقضاء ثلاثة حيضات في ز...

116. الدليل الدائم للمدونة

117. دراسة عن موسوعة أطراف الحيث للشيخ سعيد بسيوني زغلو...

118. devors --devors

119. devors to al_eddah الطلاق للعدة =Divorce for ...

120. devors to edah الطلاق للعدة

121. الطلاق للعدة هو شريعة الله الباقية الي يوم القيامة...

122. كتاب نقد المتن 1و2و3

123. 3.نقد المتن من 251 الي صفحة 364

124. 2.نقد المتن من ص92 الي ص 250

125. 1.نقد المتن وعلل المتون من ص 1 الي ص 90

126. عدة المختلعة حيضة واحدة ؟

127. ؟ما هو الخلع وما هي أحكامه وهل تحتسب تطليقة الخلع ...

128. الطلاق للعدة شريعة الله للعالمين

129. $الطلاق لا يكون إلا في منتهي العدة وما يتم غير ذلك...

130. الطلاق للعدة رؤية صحيحة%%

131. الطلاق للعدة مفصل جدا

132. كتاب الطلاق للعدة عرض

133. الطلاق للعدة وتحقيق متن حديث عبد الله ابن عمر

134. 4.الطلاق للعدة رؤية صحيحة

135. 3.كتاب الطلاق للنسائي***

136. 2.كتاب الطلاق للنسائي**

137. 1.كتاب الطلاق للحافظ النسائي*

138. احكام الطلاق (كتاب الطلاق من السنن الكبري للنسائ...

139. أحكام الطلاق قبل وبعد نزول سورة الطلاق في العام ال...

140. •*الأحاديث الصحيحة فى الطلاق وبيان عدم احتساب التطل...

141. اسماء الله الحسني من موقع صح

142. قواعد غائبة عن الناس في أحكام الطلاق

143. أسباب انقطاع الطمث أو الحيض عند النساء

144. الدين القيم

145. كتاب الطلاق من البخاري وتحقيق الخلافات بين الرواه...

146. معني الإحصاء من لغة العرب ومن آيات القرآن

147. كتاب سلسلة الذهب لابن حجر العسقلاني

148. الدليل علي أن حادثة طلاق فاطمة بنت قيس قد وقعت أثن...

149. فاطمة بنت قيس وقصة طلاقها وبيان أنه كان علي قاعدة ...

150. فاطمة بنت قيس وبيان موقع طلاقها من سورة البقرة وكي...

151. ملخص تشريعات احكام الطلاق بين سورة البقرة وسورة ال...

152. فهرست كتاب الطلاق من كتاب النسائي

153. باب إحلال المطلقة ثلاثا والنكاح الذي يحلها به

154. فقرات ذات صلة بموضوع: نكاح المحلل

155. رفاعة بن سموأل القرظي وسهيمة امرأة رفاعة القرظي

156. مدار حديث التيس المستعار علي مشرح بن هاعان أبي مصع...

157. مصحف الشمرلي الملون

158. الرحيق المختوم في سيرة نبي الله محمد صلي الله عليه...

159. الرحيق المختوم في سيرة نبي الله محمد صلي الله عليه...

160. مصحف الشمرلي الملون كله%

161. الفرق في أحكام الطلاق المنزلة بين سورتي الطلاق


يتبع ان شاء الله
------------------------------ 























------ ---

نبذة عن الناسخ والمنسوخ

اضغط علي هذا الرابط مع وضع اصبعك علي زر كونتول الابط هو بيان تشرع النسخ في القرآن والرد علي منكري السنة 


تأليف ناصر عبد الغفور
مقدمة:
يُعتبر علم النَّسخ من المباحث المهمة التي اهتم بها العلماء قديمًا وحديثًا، وأخص بالذكر الأصوليين والمحدِّثين والمهتمِّين بعلوم القرآن؛ وذلك لأهمية هذا العلم عند كل هؤلاء؛ فأما الأصوليون فموضوع بحثهم استنباط الأحكام من الأدلة - المتفق عليها والمختلف فيها، ولما كان النَّسخ يعني رَفْعَ حُكم متأخر بدليل آخر متراخٍ عنه، فقد عُنوا كثيرًا بمسألة النَّسخ، وأما المحدِّثون فقد اعتنوا به باعتباره طورًا مهمًّا في الأطوار أو المراحل المتبعة عند ظهور تعارض بين حديثين؛ حيث إنه إذا تعذر الجمع لجؤوا إلى الترجيح، فإن تعذر وعُلِم التاريخُ اعتمدوا النَّسخ، وأما علماء القرآن فاهتمامهم بالنَّسخ يعود لكونه وقع بلا ريب في القرآن الكريم، ويتوقف على وجوده من عدمه بقاءُ أحكام أو ارتفاعها؛ لذا فقد اعتنوا به عناية كبيرة، ومنهم من جعله علمًا مستقلاً من علوم القرآن، كالإمام السيوطي رحمه الله تعالى؛ حيث عقد له الباب السابع والأربعين - في ناسخه منسوخه -، وقبله الإمام بدر الدين الزركشي جعله في الباب الرابع والثلاثين من كتابه البرهان: "معرفة ناسخه ومنسوخه".
كما ألفت كتب كثيرة في هذا المبحث العظيم، وممن ألف فيه: قتادة بن دعامة السدوسي، وأبو عبيد القاسم بن سلاَّم، وأبو داود السجستاني، وأبو جعفر النحاس، وهبة الله بن سلام الضرير، وابن العربي، وابن الجوزي، وابن الأنباري، ومكي، والمقري، والكرمي، وقتادة، وابن حزم، وغيرهم.
وقد أفرد ابن الجوزي رحمه الله تعالى بابًا خاصًّا لبيان فضيلة هذا العلم وضرورة تعلمه، وأورد فيه تسعة آثار بأسانيدها عن علي وحذيفة بن اليمان وابن عباس رضي الله عنهم، وكلها تتحدث عن وجوب معرفة الناسخ والمنسوخ لمن يُفتي الناس أو يحدِّثهم في أمور الدِّين وأحكامه.
وقد كثُرت أقوال العلماء في بيان أهمية موضوع النَّسخ، وذلك منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم؛ فقد رُوي عن علي رضي الله عنه أنه مر على قاص، فقال له: "هل تعلم الناسخ والمنسوخ؟"، قال: لا، فقال: "هلكتَ وأهلكتَ".
وعن الحَبْر ابنِ عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 269] قال: "يعني: المعرفة بالقرآن؛ ناسخه ومنسوخه، ومحكَمه ومتشابهه، ومقدَّمه ومؤخَّره، وحلاله وحرامه، وأمثاله"[1].
قال الإمام الزركشي في بداية حديثه عن علم النَّسخ: "والعلم به عظيم الشأن.."[2].
وقال الإمام السيوطي: "قال الأئمة: لا يجوز لأحد أن يفسِّر كتابَ الله إلا بعد أن يعرف منه الناسخ والمنسوخ"[3].
ومما يبين عِظم شأن علم النَّسخ ما ذكره العلامة الزرقاني رحمه الله تعالى في مناهله:
الإلمام بالناسخ والمنسوخ يكشف النقاب عن سير التشريع الإسلامي، ويُطلع الإنسان على حكمة الله في تربيته للخَلق، وسياسته للبشر، وابتلائه للناس، مما يدل دلالة واضحة على أن نفسَ محمد النبي الأمي لا يمكن أن تكون المصدرَ لمثل هذا القرآن، ولا المنبع لمثل هذا التشريع، إنما هو تنزيل من حكيم حميد.
أن معرفة الناسخ والمنسوخ ركن عظيم في فهم الإسلام، وفي الاهتداء إلى صحيح الأحكام، خصوصًا إذا ما وجدت أدلة متعارضة لا يندفع التناقض بينها إلا بمعرفة سابقها من لاحقها، وناسخها من منسوخها؛ ولهذا كان سلفُنا الصالح يعنَوْن بهذه الناحية، يحذقونها، ويلفتون أنظار الناس إليها، ويحملونهم عليها..."[4].
أهداف البحث:
بيان أهمية النَّسخ في الشريعة الإسلامية.
تأكيد وجود النَّسخ خلافًا لمن أنكره.
بيان أنواع النَّسخ.
بيان الحكمة من وجود النَّسخ بكل أشكاله.
تشتمل الكتاب على مقدمة، وثلاثة أبواب:
الباب الأول
تعريف النَّسخ، وشروطه وطرق معرفته، والفرق بينه وبين البداء والتخصيص، وفيه ثلاثة فصول:
     الفصل الأول: تعريف النَّسخ، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف النَّسخ في اللغة.
المبحث الثاني: تعريف النَّسخ في الاصطلاح.
المبحث الثالث: تعريف الناسخ والمنسوخ، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف الناسخ.
المطلب الثاني: تعريف المنسوخ.

الفصل الثاني: شروط النَّسخ وطرق معرفته، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: شروط النَّسخ، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: الشروط المتفق عليها.
المطلب الثاني: الشروط المختلف فيها.
المبحث الثاني: طرق معرفة النَّسخ، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: الطرق المتفق عليها لمعرفة النَّسخ.
المطلب الثاني: الطرق المختلف فيها لمعرفة النَّسخ.
الفصل الثالث: الفرق بين النَّسخ والتخصيص والبَداء، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الفرق بين النَّسخ والتخصيص.
المبحث الثاني: الفرق بين النَّسخ والبَداء.
الباب الثاني
 الاختلاف في وجود النَّسخ والأدلة على ثبوته، وفيه فصلان:
الفصل الأول: مذاهب أهل الأديان في النَّسخ، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: المذهب الأول في النَّسخ.
المبحث الثاني: المذهب الثاني في النَّسخ.
المبحث الثالث: المذهب الثالث في النَّسخ.
S الفصل الثاني: الأدلة على ثبوت النَّسخ، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: الأدلة العقلية على وجود النَّسخ.
المبحث الثاني: الأدلة السمعية على وجود النَّسخ، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: النصوص الشرعية.
المطلب الثاني: الجواز السمعي أو الوقوع.
المبحث الثالث: دليل الإجماع على وجود النَّسخ.
الباب الثالث: أنواع النَّسخ والحكمة من وجوده، وفيه فصلان:
الفصل الأول: أنواع النَّسخ، وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: نسخ الإسلام لِما قبله من الشرائع.
المبحث الثاني: النَّسخ في الشريعة الإسلامية إما أن يكون لبدل أو غير بدل، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: النَّسخ إلى بدل.
المطلب الثاني: النَّسخ إلى غير بدل.
المبحث الثالث: النَّسخ بين القرآن والسنة، وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: نسخ القرآن بالقرآن.
المطلب الثاني: نسخ القرآن بالسنة.
المطلب الثالث: نسخ السنة بالقرآن.
المطلب الرابع: نسخ السنة بالسنة.
المبحث الرابع: نسخ الإجماع والقياس والنَّسخ بهما، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: نسخ الإجماع والنَّسخ به.
المطلب الثاني: نسخ القياس والنَّسخ به.
الفصل الثاني: الحكمة من وجود النَّسخ، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: الحكمة من نسخ الإسلام لما قبله من الشرائع.
المبحث الثاني: الحكمة من نسخ أحكام الإسلام بعضها ببعض.
المبحث الثالث: الحكمة من بعض أنواع النَّسخ، وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: الحكمة من نسخ الحُكم دون التلاوة.
المطلب الثاني: الحكمة من نسخ التلاوة دون الحُكم.
المطلب الثالث: الحكمة من النَّسخ إلى بدل أخفَّ.
المطلب الرابع: الحكمة من النَّسخ إلى بدل مساوٍ أو أثقلَ.
الخاتمة.
المراجــــــــــــــــــــــع.
الباب الأول:


تعريف النَّسخ وشروطه وطرق معرفته، والفرق بينه وبين البداء والتخصيص:


Œالفصل الأول: تعريف النَّسخ:
المبحث الأول: تعريف النَّسخ في اللغة:
النَّسخ: مصدر للفعل الثلاثي: نسخ، يقال: نسَخت أنسَخ نسخًا، ويأتي بمعان:
Œ1.الإزالة
2.والإبطال
.5 والتحويل
6.والتبديل:
يقول ابن فارس رحمه الله تعالى: "(نسخ) النون والسين والخاء: أصل واحد، إلا أنه مختلف في قياسه، قال قوم: قياسه: رفع شيء وإثبات غيره مكانه، وقال آخَرون: قياسه: تحويل شيء إلى شيء، قالوا: النَّسخ: نسخ الكتاب، والنَّسخ: أمر كان يُعمَل به من قبل ثم ينسخ بحادث غيره؛ كالآية ينزل فيها أمر ثم تُنسخ بآية أخرى. وكل شيء خلف شيئًا فقد انتسخه، وانتسخت الشمسُ الظلَّ، والشيب الشباب، وتناسخ الورثة: أن يموت ورثةٌ بعد ورثة وأصل الإرث قائم لم يقسم، ومنه: تناسخ الأزمنة والقرون، قال السجستاني: النَّسخ: أن تحول ما في الخلية من العسل والنحل في أخرى، قال: ومنه نسخ الكتاب"[5]
وإلى بيان هذه المعاني:
• الإزالة والإبطال: يقال: نسَخت الشمس الظل: أزالته، ونسخت الرياح الآثار: أزالتها وأبطلتها، يقول الراغب في المفردات: "النَّسخ: إزالة شيء بشيء يتعقبه؛ كنسخ الشمس الظل، والظل الشمس، والشيب الشباب"[6]
ومنه قوله تعالى: ﴿ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ﴾ [الحج: 52]؛ يقول العلامة الشنقيطي في أضوائه: "..لأن النَّسخ هنا هو النَّسخ اللغوي، ومعناه: الإبطال والإزالة، من قولهم: نسخت الشمس الظل، ونسخت الريح الأثَر"[7]
• النقل والإثبات: أي: النقل من موضع إلى آخر، يقال: نسخت الكتاب: إذا نقلت ما فيه حاكيًا للفظه وخطه، وفي هذا يتحقق كذلك معنى الإثبات؛ كما يقول الراغب: "ونسخ الكتاب: نقلُ صورته المجردة إلى كتاب آخر، وذلك لا يقتضي إزالة الصورة الأولى، بل يقتضي إثبات مثلها في مادة أخرى.."[8].
"نسخ الكتاب وانتسخه واستنسخه سواءٌ، والنُّسخة: اسم المنتسَخ منه"[9].
ومنه قوله تعالى: ﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 29]؛ روى البخاريُّ رحمه الله تعالى عن مجاهد بن جبر أنه قال: "أي: نكتب".
• التحويل: وذلك كتناسخ المواريث، بمعنى تحويل الميراث من واحد إلى واحد.
وقد اختلف العلماء في هذه المعاني أيها على سبيل الحقيقة، وأيها على سبيل المجاز: فذهب القاضي أبو بكر ومن تابعه كالغزالي وغيره إلى أن اسم النَّسخ مشتركٌ بين هذين المعنيين، وذهب أبو الحسين البصري وغيره إلى أنه حقيقة في الإزالة، مجاز في النقل، وذهب القفال من أصحاب الشافعي إلى أنه حقيقة في النقل والتحويل، وقد احتج أبو الحسين البصري بأن إطلاق اسم النَّسخ على النقل في قولهم: نسخت الكتاب - مجاز؛ لأن ما في الكتاب لم يُنقَل حقيقة، وإذا كان اسم النَّسخ مجازًا في النقل لزم أن يكون حقيقة في الإزالة؛ لأنه غير مستعمل فيما سواهما، وإذا بطل كونه حقيقة في أحدهما تعيَّن أن يكون حقيقة في الآخر..."[10].
المبحث الثاني: تعريف النَّسخ في الاصطلاح:
النَّسخ في الاصطلاح: رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخٍ عنه، أو رفع حكم شرعي بمثله مع تراخيه عنه.وقد اختلف فيه عند الأصوليين على أقوال: فقيل: "إزالة مثل الحكم الثابت بقول منقول عن الله تعالى أو عن رسوله، مع تراخيه عنه على وجهٍ لولاه لكان ثابتًا، وقيل: هو إزالة الحُكم بعد استقراره، وقيل: هو نقل الحكم إلى خلافه.. وقد أبطل الإمام الآمدي هذه الأقوال بوجوه، وأما التعريفُ الذي ارتضاه كثير من الأصوليين - كالآمدي والقاضي أبي بكر الباقلاني والصيرفي وأبي إسحاق الشيرازي وأبي حامد الغزالي وغيرهم - أن النَّسخ هو: "الخطاب الدال على ارتفاع الحُكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجهٍ لولاه لكان ثابتًا، مع تراخيه عنه"[11].
وقد بين الإمام الشوكاني أهمية هذه القيود التي ذكرها العلماء في هذا التعريف، فقال: وإنما آثَروا الخطاب على النص، ليكون شاملاً للفظ، والفحوى، والمفهوم، فإنه يجوز نسخ جميع ذلك.
وقالوا: الدال على ارتفاع الحكم، ليتناول الأمر، والنهي، والخبر، وجميع أنواع الحُكم.
 وقالوا بالخطاب المتقدم، ليخرج إيجاب العبادات ابتداءً، فإنه يزيل حُكم العقل ببراءة الذمة، ولا يسمى نسخًا؛ لأنه لم يزَلْ حُكم خطاب.
وقالوا: على وجه لولاه لكان ثابتًا؛ لأنه حقيقة النَّسخ الرفع، وهو إنما يكون رافعًا لو كان المتقدم بحيث لولا طرآنه لبقي.
وقالوا: مع تراخيه عنه؛ لأنه لو اتصل لكان بيانًا لمدة العبادة لا نسخًا"[12].
وقد رد الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى على هذا التعريف من عدة وجوه، ثم ذكر تعاريف أخرَ، وختم بقوله: 
"فالأولى أن يقال: هو رفع حكم شرعي بمثله مع تراخيه عنه"[13].
__________

راجع الرابط بيان تشرع النسخ في القرآن والرد علي منكري السنة (اضغط بسن الفارة علي النسخ في القرآن بعد أن تضع اصبعك علي زر كونترول علي لوحة الكيبورد)



المبحث الثالث: تعريف الناسخ والمنسوخ:


المطلب الأول: تعريف الناسخ:
الناسخ: اسم فاعل من نسخ ينسخ فهو ناسخ، والناسخ حقيقة هو الله تعالى؛ فهو الذي ينسخ ما شاء بما شاء؛ كما قال تعالى: ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾ [البقرة: 106].
وقد يطلق الناسخ على النص الذي رفع به الحُكم السابق، سواء كان آية أو حديثًا قوليًّا أو فعليًّا أو تقريريًّا من النبي صلى الله عليه وسلم.
المطلب الثاني: تعريف المنسوخ:
المنسوخ: اسم مفعول من الفعل الثلاثي نسخ، نُسخ - بالبناء على المجهول - نسخًا، فهو منسوخ.

والمراد: الحُكم الشرعي الذي رُفع بدليل شرعي متراخٍ عنه؛ كمصابرة الواحد للعشرة، فهذا حكم منسوخ بمصابرته لاثنين، كما في سورة الأنفال.
الفصل الثاني: شروط النَّسخ وطرق معرفته:
المبحث الأول: شروط النَّسخ:
تنقسم شروط النَّسخ إلى شروط متفق عليها، وشروط مختلف فيها:
المطلب الأول: الشروط المتفق عليها:
• أن يكون الحكم المنسوخ شرعيًّا: إذ الأحكام العقلية لا نسخ فيها؛ فالانتقال من البراءة الأصلية إلى التكليف لا يُعدُّ نسخًا؛ لأن هذه البراءة أمرٌ عقلي لا شرعي.
• أن يكون الدليل الدال على ارتفاع الحكم شرعيًّا:فارتفاع الحكم بموت المكلف أو جنونه ليس بنسخ، وإنما هو سقوط التكليف جملة".
• أن يكون الناسخ متراخيًا عن الخطاب المنسوخ حكمه: أي: تفصل بينهما مدة؛ فإن المقترن كالشرط والصفة والاستثناء لا يسمى نسخًا، وإنما هو تخصيص؛ كقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187] فليس ذلك ناسخًا للصوم نهارًا.
• ألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيدًا بوقت معين، أو بزمن مخصوص: مثاله: "قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاةَ بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس))، فإن الوقت الذي يجوز فيه أداء النوافل التي لا سبب لها: مؤقَّتٌ، فلا يكون نهيُه عن هذه النوافل في الوقت المخصوص نسخًا لِما قبل ذلك من الجواز؛ لأن التوقيت يمنع النَّسخ" [14].
المطلب الثاني: الشروط المختلف فيها:
• أن يكون الناسخ أقوى من المنسوخ أو مثلَه، فإن كان أضعف منه لم ينسَخْه؛ لأن الضعيف لا يزيل القويَّ.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: "واشترط الجمهور أن يكون أقوى من المنسوخ، أو مماثلاً له، فلا يُنسَخ المتواتر عندهم بالآحاد، وإن كان ثابتًا، والأرجح أنه لا يشترط أن يكون الناسخ أقوى أو مماثلاً؛ لأن محل النَّسخ الحُكم، ولا يشترط في ثبوته التواتر"[15].
• أن يكون نسخ القرآن بالقرآن والسنَّة بالسنَّة.
• أن يكون قد ورد الخطاب الدال على ارتفاع الحكم بعد دخول وقت التمكن من الامتثال.
• أن يكون الخطاب المنسوخ حُكمُه مما لا يدخله الاستثناء والتخصيص.
• أن يكون الناسخ والمنسوخ نصَّيْنِ قاطعين.
• أن يكون الناسخ مقابلاً للمنسوخ مقابلة الأمر بالنهي، والمضيَّق بالموسَّع.
• أن يكون النَّسخ ببدل.
قال الإمام الآمدي رحمه الله تعالى بعد ذكر الشروط الخمسة الأخيرة - المختلف فيه -: "فإن ذلك كله مختلف فيه، والحق أن هذه الأمور غير معتبرة"[16].
ومن الشروط التي ذكرها بعض أهل العلم كذلك:
• تعذر الجمع بين الدليلين، فإن أمكن الجمع فلا نسخ؛ لإمكان العمل بكل منهما.
• العلم بتأخر الناسخ، ويُعلم ذلك إما بالنص، أو بخبر الصحابي، أو بالتاريخ.
مثال ما علم تأخُّره بالنص: قوله صلى الله عليه وسلم: ((كنتُ أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة)).
ومثال ما علم بخبر الصحابي: قول عائشة رضي الله عنها: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات"[17].
• أن يكون مما يجوز نسخه، فلا يدخل النَّسخ أصل التوحيد؛ لأن الله سبحانه بأسمائه وصفاته لم يزَلْ ولا يزال، ومثل ذلك ما عُلم بالنص أنه يتأبد ولا يتأقَّت[18].
المبحث الثاني: طرق معرفة النَّسخ:
إن النَّسخ يعني رفع حكم شرعي، وهذا الارتفاع يستلزم عدم العمل بهذا الحكم، وليس لأحدٍ أن يتكلم في ذلك بمجرد الرأي والتخرُّص، فإن الأمر يتعلق بأحكام شرعية ترفع.
قال ابن حصار   رحمه الله تعالى: "ولا يعتمد في النَّسخ قول عوام المفسرين، بل ولا اجتهاد المجتهدين من غير نقل صحيح ولا معارضة بيِّنة؛ لأن النَّسخ يتضمن رفع حكم وإثبات حكم تقرَّر في عهده صلى الله عليه وسلم؛ فالمعتمد فيه النقلُ والتاريخ دون الرأي والاجتهاد"[19].
يقول الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى: "لا يحلُّ لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شيء من القرآن والسنة: هذا منسوخ إلا بيقين؛ لأن الله عز وجل يقول ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 64]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 32]، فكل ما أنزل الله تعالى في القرآن أو على لسان نبيه ففرضٌ اتباعُه، فمن قال في شيء من ذلك: إنه منسوخ، فقد أوجب ألا يطاع ذلك الأمر، وأسقط لزوم اتباعه، وهذه معصية لله تعالى مجردة، وخلاف مكشوف، إلا أن يقوم برهان على صحة قوله، وإلا فهو مفترٍ مبطِل، ومن استجاز خلاف ما قلنا، فقوله يؤُول إلى إبطال الشريعة كلها؛ لأنه لا فرق بين دعواه النَّسخ في آية ما أو حديث ما وبين دعوى غيره... فعلى هذا لا يصحُّ شيء من القرآن والسنَّة، وهذا خروج عن الإسلام، وكل ما ثبت بيقين فلا يبطُلُ بالظنون، ولا يجوز أن تسقط طاعةُ أمرٍ أمَرنا به الله تعالى ورسوله إلا بيقين نسخ لا شك فيه، فإذ قد صح ذلك وثبت، فلنقل في الوجوه التي بها يصحُّ نسخ الآية أو الحديث، فإذا عُدِم شيء من تلك الوجوه فقد بطَلت دعوى مَن ادعى النَّسخ في شيء من الآيات أو الأحاديث"[20]
كما أن النَّسخ يقتضي أن يكون هناك دليلان متعارضان تعارضًا حقيقيًّا يتعذر الجمع بينهما كما يتعذر ترجيح أحدهما على الآخر، وهنا لا بد أن يكون أحدهما ناسخًا للآخر، ولا بد من دليل صحيح يدل على أن أحدهما متأخِّر عن الآخر.
وطرق معرفة ذلك تنقسم إلى قسمين: طرق متفق عليها، وطرق مختلف فيها.
المطلب الأول: الطرق المتفق عليها لمعرفة النَّسخ:
1 - أن يكون في أحد النصَّين ما يدل على تعيين المتأخر منهما؛ أي: أن يكون في اللفظ ما يدل على التقدم والتأخر، فيكون الناسخ هو المتأخر؛ كما قال الحافظ ابن حجر في نُكَته على النزهة: "وإن عُورِض بمثله فإن أمكن الجمع فمختلف الحديث، أو لا وثبت المتأخر فهو الناسخ والآخر المنسوخ"[21].
مثاله: قوله تعالى: ﴿ أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المجادلة: 13]، وذلك بعد قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾ [المجادلة: 12].
ومن الأمثلة قوله صلى الله عليه وسلم: ((كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها؛ فإنها تذكِّر الآخرة))؛ (مسلم: 977).
2 - الإجماع: أي أن ينعقدَ إجماع الأمَّة في عصر من العصور على تعيين المتقدم من المتأخر منهما، مثاله: قتل شارب الخمر في المرة الرابعة، فإنه منسوخ، عُرِف نسخه بالإجماع، كما ذكر الإمام النووي في شرح مسلم.
3 - أن يرِدَ من طرق صحيحة عن أحد من الصحابة ما يفيد تعيينَ أحد النصَّين المتعارضين للسبق عن الآخر، أو التراخي عنه.
قال الحافظ ابن حجر: "ومنها - أي من طرق معرفة النَّسخ - ما يجزم الصحابيُّ بأنه متأخر؛ كقول جابر رضي الله عنه: "كان آخرَ الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسم تركُ الوضوء مما مست النار".
• وهذا الحديث رواه أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح.
4 - التاريخ: أي: معرفة تاريخ النصَّين، فينسخ المتأخر المتقدم، وهذا الطريق كثير، كما ذكر الحافظ في نُكَته على النزهة.
مثاله: حديث شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم))، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم، بين الشافعي: أن الثاني ناسخ للأول، من حيث إنه رُوي في حديث شداد: أنه كان مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم زمانَ الفتح، فرأى رجلاً يحتجم في شهر رمضان فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم))، وروي في حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرِم صائم، فبان بذلك: أن الأول كان زمن الفتح في سنة ثمان، والثاني في حجة الوداع في سنة عشر[22].
المطلب الثاني: الطرق المختلف فيها لمعرفة النَّسخ:
1 - قول الصحابي: هذا ناسخ وذلك منسوخ، فقد اختلف فيه، فمن أهل العلم من قال: إن ذلك لا ينهض دليلاً على النَّسخ؛ لجواز أن يكون قول الصحابي صادرًا في ذلك عن اجتهاد أخطأ فيه فلم يُصِبْ فيه عين السابق ولا عين اللاحق.
ومن أهل العلم من اعتبر ذلك طريقًا من طرق معرفة النَّسخ: لأن الصحابي لا يمكن أن يجتهد في أمر جلل كهذا؛ فالصحابة من أورع الناس وأتقاهم لله تعالى، فكيف يستسيغ الواحد منهم أن يجتهد لرفع حُكم شرعي؟!
قال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى: "وخصَّص أهل الأصول ثبوت النَّسخ بقوله - أي الصحابي - فيما إذا أخبر بأن هذا متأخر، فإن قال: هذا ناسخ، لم يثبت به النَّسخ، قالوا: لجواز أن يقوله عن اجتهاده، بِناءً على أن قولَه ليس بحجة، وما قاله أهل الحديث أوضحُ وأشهر، والنَّسخ لا يصار إليه بالاجتهاد والرأي، وإنما يصار إليه عند معرفة التاريخ، والصحابة أورع من أن يحكُم أحد منهم على حُكم شرعي بنسخ من غير أن يعرف تأخر الناسخ عنه، وفي كلام الشافعي موافقة لأهل الحديث؛ فقد قال - فيما رواه البيهقي في المدخل -: ولا يستدل على الناسخ والمنسوخ إلا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بوقف يدل على أن أحدهما بعد الآخر، أو بقول مَن سمع الحديث، يعني من الصحابة أو العامة، فقوله: مَن سمع الحديث، أراد به قول الصحابي مطلقًا..."[23].
2 - كون أحد النصين المتعارضين مثبتًا في المصحف بعد النص الآخر؛ فإن البعض يرى أن المتأخر في الإثبات ناسخ للمتقدم، وجمهور العلماء لا يرون ذلك؛ لأن ترتيب الآيات في المصحف ليس على ترتيب النزول.
3 - أن يكون أحد الراويَيْنِ من أحداث الصحابة دون الراوي للنص الآخر، فلا يحكم بتأخر حديث الصغير عن حديث الكبير؛ لجواز أن يكون الصغير قد روى المنسوخ عمن تقدمت صحبتُه، ولجواز أن يسمعَ الكبيرُ الناسخَ من الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن يسمع الصغير منه المنسوخ، إما إحالة على زمن مضى، وإما لتأخر تشريع الناسخ والمنسوخ كليهما.
4 - أن يكون أحد الراويَيْنِ أسلم قبل الآخر، فلا يحكم بأن ما رواه سابق الإسلام منسوخ وما رواه المتأخر عنه ناسخ؛ لجواز أن يكون الواقعُ عكس ذلك.
قال الحافظ ابن حجر: "وليس منها - أي من طرق معرفة النَّسخ - ما يرويه الصحابي المتأخر الإسلام معارضًا للمتقدم عليه؛ لاحتمال أن يكون سمعه من صحابيٍّ آخرَ أقدمَ من المتقدِّم المذكور أو مثله فأرسَله"[24].
5 - أن يكون أحد النصَّين موافقًا للبراءة الأصلية دون الآخر، فربما يتوهم أن الموافق لها هو السابق، والمتأخر عنها هو اللاحق، مع أن ذلك غير لازمٍ؛ لأنه لا مانع من تقدم ما خالف البراءةَ الأصلية على ما وافقها، مثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا وضوءَ مما مست النار)) فإنه لا يلزم أن يكون سابقًا على الخبر الوارد بإيجاب الوضوء مما مست النار، ولا يخلو وقوع هذا من حكمة عظيمة، هي تخفيف الله عن عباده بعد أن ابتلاهم بالتشديد[25].


[2] البرهان: 2/28.
[3] الإتقان: 2/55.
[4] مناهل العرفان: 2/174.
[5] معجم مقاييس اللغة: 5/424 - 425.
[6] المفردات: 490.
[7] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: 5/288.
[8] المفردات: 1/490.
[9] مختار الصحاح: 688.
[10] الإحكام للآمدي: 3/112.
[11] الإحكام للآمدي: 3/115.
[12] إرشاد الفحول: 2/51.
[13] إرشاد الفحول: 2/52.
[14] أصول الفقه الميسر: 2/230.
[15] الأصول من علم الأصول: 54.
[16] الإحكام للآمدي: 3/126.
[17] الأصول من علم الأصول: 53.
[18] إرشاد الفحول: 2/55.
[19] نقلاً من الإتقان: 2/47.
[20] الإحكام لابن حزم: 4/484.
[21] النكت على النزهة: 105.
[22] مقدمة ابن الصلاح: النوع الرابع والثلاثون.
[23] فتح المغيث شرح ألفية الحديث: 324.
[24] النكت على النزهة: 106.
[25] مناهل العرفان: 2/210 بتصرف.

الحرام: تعريفه وبعض مسائله(مقالة - آفاق الشريعة)
لغة التعريف وتعريف اللغة (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
مخطوطة الناسخ والمنسوخ(مخطوط - مكتبة الألوكة)