حمل المصحف

حمل المصحف

تحميلات برامج المصاحف والقرآن الكريم


تحميلات : برنامج الذاكرالقرآن مع الترجمةبرنامج القرآن مع التفسيربرنامج القرآن مع التلاوةبرنامج المكتبة الالكترونية
و.حمل Quran_winxp.rar

Translate

الثلاثاء، 21 مارس 2017

معجم القواعد العربية باب الهَمْزَة

باب الهَمْزَة
* آ: من حُرُوفِ النِّداءِ يُنَادى به البَعِيدُ وتسْرِي عليه أحكامُ النِّداء وهو مَسْموعٌ، ولم يَذْكُرُهُ سيبويه (= النداء ).
* آض: تَعْمل أحْيَاناً عَمَلَ "كَانَ وأَخَواتها" لأنَّها قد تأتِي بمعنى صَارَ، ولا مصْدَر لها تقول "آضَ البَعِيدُ قَريباً".
* آه: كلمةُ تَوجُّع، أي: وجَعي عظيمٌ. وهي اسمُ فِعلٍ مُضَارع بمعنى أَتَوَجَّع.
* الأَبَد: الدَّهرُ مُطلقاً، وقيل: الدهرُ الطويلُ الذي ليس بمَحْدُودٍ، وجمعُهُ آبَادٌ، وأُبُود، وقيل: آبادٌ مُوَلَّد. وقال الراغب: الأَبَدُ: عِبارةٌ عن مَدِّ الزمانِ المُمتد الذي لا يَتَجَزَّأ كما يَتَجزأُ الزَّمان، وذلِكَ أنه يُقَالُ: زمانَ كذا، ولا يقال: أبَدَ كذا.
ويقال: "أَبَدَ الآبِدين" وقد يُضافُ المفردُ إلى جَمْعِه.
ويقال: "أَبَدَ الدَّهر" و "أَبيدَ الأَبيد" وكلُّ هذه التعابير لتأكيد دَوَامِ الأَمْر. وهو منصُوبٌ دَائماً، ويُسْتَعمل مُنَوَّناً ومُضَافاً، ويُستَعمل مع النَّفي ومع الإِثْبَات، أمَّا النفي فنحو قوله تعالى: {إنَّا لَنْ نَدْخلهَا أَبداً ما دَامُوا فيها}. (الآية "24" من المائدة "5" ).
وأمَّا الإثبات فنحو قوله تعالى: {فإنَّ لهُ نارَ جَهنمَ خَالِدين فيها أبَداً}. (الآية "23" من سورة الجن "72").
ولا يدخُلُ على الماضي إلا إذا كان المَاضِي مُمْتَداً إلى المستقبل نحو قوله تعالى: {وَبَدَا بَيْنَنَا وبَيْنَكُم العَدَاوَةُ وَالبَغْضَاءُ أَبَدَاً حَتى تُؤمنوا بالله}. (الآية "4" من سورة الممتحنة "60").
* أبْتَع: كلمةٌ يُؤكَّد بها، يُقال: "جَاء القومُ أجْمَعُونَ أكْتَعُون أبْصًعُون أبْتَعُون". ولا تَأْتي قبلَ "أَجْمَعين". (= في أحرفها)
* الإبْدال:
-1 تعريفُه: هو جَعْلُ مُطْلَقِ حَرفٍ مكانَ حَرْفٍ من غير إدْغَامٍ وَلا قَلْب (انظر الإدغام والقلب كل في حرفه)
-2 أقسام الإبْدال.
الإبدالُ قِسْمان:
"الأول" أن يُبدَل إبْدالاً نادراً وهو سَبْعَةُ أحْرُفٍ مَجْمُوعَةٍ في أوائل قَوْلِكَ: "قَدْ خَابَ ذُو ظُلْمٍ ضَاعَ حِلْمُه غَيَّاً" أي القاف، والخاء، والذال، والظاء والضاد، والحاء والغين، وذلك كقولهم "لَحْمٌ خَراذِل "بالذال المعجمة: "في خَرادِل" (كذا في الخضري وفي القاموس: خراديل ومعناه مقطع) بالمهملة - أي مُقَطَّع وقَرأ الأَعْمَشُ " فَشَرِّذْ بهم" بالمعجمة بدل المُهْمَلة، وفي قولهم "وُقْنَةٌ" بدل "وُكْنَة" (بيت القطا) وفي "عَطَر" بدل "خَطَر".
"الإبدال الثاني": وهو ما يُبْدَلُ إبْدالاً شائعاً وهو قسمان:
(1) غيرُ ضروريٍّ في التَّصْريفِ وهو اثنانِ وعِشْرون حَرْفاً، يَجْمَعُها قولك: "لِجِدٍّ صُرِف شَكْسٌ آمِنٌ طَيَّ ثَوْبِ عِزَّتِه". (المراد من هذه الجملة حروفها فقط على أن معناها كما قال المُحشيِّ: لجد صرف شكس موصوف بأنه آمن طي ثوب عزته لأجل الجد وهو كناية عن تغير حاله)
(2) الإبدالُ الشَّائعُ الضَّروري في التصريف وهو تسعة أحرف جمعها ابن مالك بقوله "هَدأْتَ مُوطِياً" (المراد من هذه الجملة ما اشتملت عليه من حروف ومعنى هدأت: سكنت ومُوطياً: اسم فاعل من أوطأت الرَحْل إذا جعلته وطيئاً لكنه خفف همزته). وأما غيرُ هذه الحروفِ فإبْدَالُها من غيرها شاذٌّ، وذلك كقولهم في "اضْطَجَعَ" "الْطَجعَ" بإبْدَالِ اللاَّمِ مِنَ الضَّادِ. وقولهم في "أُصَيْلال" "أُصَيْلان" كقول النابغة:
وَقَفْتُ فيها أُصَيْلاناً أُسَائِلها *  أَعْيَتْ جَواباً وَمَا في الرَّبع من أَحَدِ
هذا وقد رتب الإبدال هنا على حسب الحروف. إبْدال التَّاءِ مِنْ الوَاوِ واليَاء: إذا كَانتِ الواوُ والياءُ فاءً لوزن "الافتِعال" وما تَصرَّفَ منه، مثالُه في "الواو "اتِّصال" و "اتّصَل" و "يتَّصِل" و "اتّصِلْ" و "مُتَّصِلِ" و "مُتَّصِلٌ به".
والأصل فيهن: إوتصال، أوتصل، يوتصل، أوتصل، موتصل، موتصل به. قلبت الواو وهي فاء الافتعال - تاء وأدغِمَتْ بالتاء. ومثاله في الياء "اتَّسَارٌ " و" اتَّسَرَ" و "يتَّسِرُ" و "اتَّسِرْ" و "متَّسِرٌ" "مُتَّسَرٌ". والأصل فيهن: "ايتسَار" "إيتَسِرْ" "يَتْيَسِر" "مُيْتَسِر" "مُيْتَسَر" لأنه من اليُسر، قُبلت الياء - وهي فاء الافتِعال - تاءً وأُدغمَتْ بالتاء، قال الأَعْشَى يُهدَّدُ عَلْقمةَ ابن عُلاثَة:
فإنْ تَتَّعدْني أَتَّعدْكَ بمثلِها *  وسَوفَ أَزيدُ الباقياتِ القَوارِضَا
اتعدته: أوعدته بالشر. القوارض: جمع قارض وهي الكلمة المؤذية.
ومثل اتَّعدَ ويَتَّعِدُ اتَّلَجَ ويَتَّلِجُ قال طَرَفَةُ بن العبد:
فإنَّ القَوافي يَتَّلِجْنَ مَوَالجاً *  تَضَايقُ عنها أن تَوَلَّجها الإِبر
اتَّلج: من الولوج، الموالج: جمع مولج، موضع الوُلوج وهو الدخول.
أصل يتَّلجْن: يَوْتَلِجْن من الوُلوج، أُبْدلت الواوُ تاءً، وأُدغمتْ في التاء.
وتقول في "افْتَعَلَ" من الإِزَارِ "إيْتَزَرَ" (أصلها: إئتزر فسهلت الهمزة إلى ياء).
فلا يَجُوزُ إبدالُ الياءِ تاءً وإدْغَامُها في التَّاء، لأنَّ هذه الياءَ بَدَلٌ من هَمزة، وليست أصْليةً وشذَّ قولهم في افتَعَلَ من الأكل: "اتَّكَلَ".
إبْدَال الدَّال من تَاءِ الافتِعال:
إذا كانَتْ فاءُ "الافْتِعال" "دَالاً مُهْمَلَةً" أو "ذالاً"، أو "زَايَاً" أبْدِلت تاؤُه دالاً مُهْمَلةً، فتقول من "دَان" على افْتَعل "ادَّانَ" بالإِبدال والإِدغام لِوُجُودِ المِثلين. ومن "زَجَر" على افْتعَل أيضاً "ازْدَجَرَ".
وأصْلُها " ازْتَجَرَ " ومِن " ذَكَرَ " " اذْدَكَرَ " ولك فيه الأوْجهُ الثَّلاثَةُ في "اظْطَلم" (انظر إبدال الطاء من تاء الافتعال). فتقولُ "اذْدَكَرَ" و "ادَّكَر" و "اذَّكَرَ" وقُرِئَ شَاذاً "فهَل من مُذَّكِر" بالذال المعجمية المشدَّدة.
إبْدال الطَّاء من تَاءِ الافتِعال:
تُبدَلُ وُجُوباً الطَّاءُ من تَاءِ "الافْتِعَال" إذا كانت فاؤه "صَاداً أو ضَاداً، أو طَاءً أو ظَاءً" وتُسمَّى أحرفَ الإطباق (سميت حروف الإطباق لانطباق اللسان معها على الفك الأعلى) في جميع التَّصَاريف، فتقول في "افْتَعَل" من "صَبَر: اصْطَبر" وأصلُها: اصْتَبَرَ على وَزْن افْتَعَلَ. ومن "ضَرَبَ: اضْطَرَبَ" وأصْلُها: اضْتَرَبَ.
ومن "ظَلَمَ: اظْطَلَم: وأصلها: "اظْتَلَم" ومن "طَهُر: اطَّهَّر" وأصْلُها: "اطْتَهَّرَ" وبَجِبُ في "اطَّهَّر" الإدغام لاجْتِماعِ المِثْلين وسكونِ أوَّلِهِما.
ولكَ في "اظْطَلَم" ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ: "اظْطَلَم" وهو الأصْل، وإبدالِ الظاءِ المُعْجمة طاءً مُهمَلةً مع الإدْغَام، فتقول: "اطَّلمَ" وإبدال الطاء المُهمَلة ظاءً مع الإدغام فبقولك "اظَّلَمَ" وقد رُوي بالأوجه الثلاثة قولُ زُهير يمدح هَرم بنَ سِنان:
هُوَ الجَوادُ الذي يُعطِيك نَائِلَهُ *  عَفْواً وَيُظْلَمُ أحْياناً فَيَظَّلمُ
أوْ فَيَطَّلمُ أوْ فَيظْطَلمُ.
إبْدَالُ المَدِّ مِنَ الهَمْزَة:
إذا اجْتَمَعَ فِي كَلٍِمة واحِدةٍ هَمْزتان وَجَب التخفيف إنْ لم يَكونَا في مَوْضِع العَيْن، ثم إنْ تَحرَّكَتْ أَولاَهُمَا، وَسَكَنَتْ ثَانِيهُما، وَخَبَ إبْدَالُ الثانِية مَدَّةً تُجَانِسُ حَرَكةَ الأُولَى. فإنْ كَانَتْ حَرَكَتُها فَتْحَةً أُبْدِلتِ الثانيةُ ألِفاً نحو "آمَنْتُ" وإن كانت حرَكَةُ الأُولَى ضَمَّةً أَبدِلَت وَاواً نحو: "أُوثرتُ" وإن كانت كَسْرةً أُبْدِلَتْ يَاءً نحو "إيمَان".
وإنْ تَحَرَّكَتْ ثَانيتُهما فإنْ كانَتْ حركتُها فتحةً وحَرَكةُ ما قَبْلَهَا فَتْحضةً أو ضَمَّةً قُلِبَتْ وَاواَ، فالفتحة نحو "أَوَادِم" (أصل الجمع "أاَجم" بهمزتين فألف التكسير أبدلت الهمزة الثانية واواً لفتحها إثْرَ فَتْح) جمع "آدَم" والضمةُ نحو "أُوَيمْر" تصغِير "أَمْر".
وإنْ كَانَتْ حركةُ مَا قَبْلَهَا كَسْرةً قُلبت ياءً نحو "إيَمّ" من "أَمَّ" أي صَارَ إمَاماً، أو بمعنى قَصَد، وأصله "إئْمَمْ" فنُقِلتْ حركةُ المِيمِ الأولَى إلى الهَمْزة التي قَبلها وأُدغِمتِ الميمُ في المِيم فصار "إئَمَّ". ثم انقلبت الهمزةُ الثانيةُ ياءً فصار إيَمّ.
إبْدَالُ الميمِ مِنَ الواوِ وَالميم:
تُبْدَلُ الميمُ مِنَ الوَاوِ وُجُوباً في "فَمْ" وأصْلهُ "فُوه" بدليل تَكْسِيره على أفْوَاهٍ فَحَذَفُوا الهاءَ تَخْفِيفاً ثم أبْدَلُوا الميمَ مِنَ الوَاوِ.
فإذا أُضِيفَ إلى ظاهِرٍ أو مُضْمَر يُرْجَع به إلى الأصل فَيُقَال: "فُوعَمَّار". و "فوكَ" وبُبَّما بَقِي الإبْدالُ مع الإِضَافَة نحو قوله صلى اللّه عليه وسلم:
"لَخَلُوفُ (الخلوف: طيب الرائحة) فَمِ الصَّائِم أطْيَبُ عندَ اللهِ من رِيحِ المِسْك" ونحو قولِ رُؤْبة:
كالحُوتِ لا يُلْهيهِ شَيْءٌ يَلْقَمُهْ *  يُصْبحُ ظَمآناً وفي البحر فَمُهْ
وتُبَدل الميمُ مِنَ النون بِشَرْطَيْن: سكُونِها، وَوُقُوعها قَبلَ الباءِ، سواءٌ أكانَتَا في كلمةٍ نحو: {انْبَعَث أَشْقَاهَا} (الآية "12" من سورة الشمس "91") أو كَلِمَتَيْن نحو: {مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا} (الآية "52" من سورة يس "36" ).
ويُسمِّي مثلَ هَذا عُلَماءُ التَّجويدِ: إقْلاباً.
إبدالُ الهاءِ من التاءِ:
تُبْدَلُ الهاءُ من التاء اطِّراداً في الوقوف على نحو "نِعمة" و "رَحْة" وهي تاءُ التأنيث التي تَلْحَق الأسْمَاءَ وَبَعْضَ الحرُوف.
وإبدالُهَا من غَير التاءِ مسموحٌ في الألف تقول: "هَرَقْتُ الماءَ" والأصْلُ: أَرَقْتُ الماءَ. وفي " هِيَّاكَ" وأصْلُها: إيَّاك و "لهَنَّكَ" وأصْلها: لِأَنَّك. و "هَرَدْتُ الخير" أصلها: أَرَدْت. و "هَرَحْتُ الدَّابَّةَ" أصلُها: أَرَحْتُ.
إبدالُ الهَمزَة من ثَانِي حَرْفَين لَيِّنَيْنِ بينهما مَدَّةٌ:
تُبْدَلُ الهَمْزةُ من ثَاني حَرْفَين لَيِّنَين بينهما مَدَّةُ "مَفَاعِل" كـ "نَيَّف" جَمعْتَه جَمْعَ تكسير على "نَيَائِف" وأصلُها "نَيَايِفُ" ألِفٌ بَيْن ياءَين، فَقُلِبَتْ وُجُوباً الياءُ الثانيةُ بعد الألف هَمَزةً، ومِثْل "أَوَائِل" مُفْردُه أوَّل. أصلُه "أوَاوِل" فقُلِبَتِ الواوُ الثانِيةُ بعدَ الأَلِفِ هَمْزَةً.
فلو تَوَسَّط بينهما مَدَّة "مَفَاعِيل" امتنع قلبُ الثانِي منها همزةً، كـ "طَوَاوِيس" ولذلك قُيِّد بِمَدِّ "مفاعل".
تَتِمَّةٌ لهاتَيْن المسألتين: إذا اعْتَلَّتْ لامُ أحَدِ هَذَيْنِ النوعين بياءٍ أوْ وَاوٍ فإنهُ يُخَفَّفُ بإبْدَالِ كَسرِ الهمزةِ فَتْحةً، ثُمَّ إبدالها ياءً فمثال الأول "قَضِيَّة وَقَضَايَا"، وأصله "قَضَائي" بإبدال مَدَّةِ الواحِدِ همزة كما في "صَحيفة، وصحائف".
فأبْدَلُوا كَسْرَةَ الهَمزةِ فَتْحةً، فَتَحركَتِ الياءُ وانفتح ما قَبْلَها فانْقَلَبَتْ أَلِفاً فَصَارَتْ "قَضَاءَا" فأُبْدِلت الهمزةُ ياءً فصارتْ: "قَضَايَا".
ومِثالُ الثاني: "زَاوِيَةٌ وَزَوَايا" وأصْلُه "زَوَائِي" بإبْدَال الوَاوِ الوَاقِعَةِ بعدَ أَلَفِ الجمعِ همزة كـ "نَيَّف ونيائف" فقَلَبوا كسرةَ الهمزةِ فَتْحةً فقُلبَتِ الياءُ أَلَفاً لِتُحَرِّكُها وانْفِتَاحِ ما قَبْلها فصارَ "زَوَاءَا" ثم قَلَبُوا الهمزةَ يَاءً، فصارَ "زَوَايَا".
وأمَّا لفظة "هَرَاوَة وهَرَوَى" فأصْلُ الجَمْعِ "هَرَائِو" كَصَحَئف فَقُلِبَتْ كَسْرةُ الهمزةِ فَتْحةً، وقُلِبتِ الواوُ أَلِفاً لِتُحرِّكها وانْفِتَاحِ ما قبْلَها فصَارَتْ "هَراءَا" ثم قَلَبُوا الهمزةَ وَاواً فصارت "هَرَاوَى".
إبْدَالُ الهمزةِ من كلِّ وَاوٍ أو ياءِ:
تبدل الهمزةُ من كل "واو" أو "ياء" إذا وقَعتْ إحْدَاهُما طَرَفاً بعد ألفٍ زائدة نحو "دُعَاء" و "بِنَاء" والأصلُ "دَعاو" و "بِنَاي" من "دَعَوْتُ" و "بنيت".
فلو كانت الألفُ التي قبلَ الياءِ أو الواوِ غيرَ زائدة لم تُبْدَل نحو "آيَة" و "رَايَة"، وكذلك إذا لم تَتَطَرَّف الياء أو الواو كـ "تَبَايُنٍ" و "تَعَوُنٍ" وكذلك لَو تَطَرَّفت لا بَعدَ أَلِفٍ كـ "دَلْوٍ" و "ظَبْي". وكُلُّ ما كان على وَزْنِ "فاعِل" وَكَانَتْ عينُه حَرْفَ عِلَّةٍ تُبْدل الهمزة من الوَاوِ و الياءِ نحو "قائلٍ" و "بائع" وأصلهما: "قاوِل" و "بايع" من القول و البيع. فإن لم تُعَلَّ العينُ في الفعل صَحَّتْ في اسمِ الفاعل نحو "عَوِرَ فهو عَاوِر" و "عيِن (عَيِنَ: أي اتّسعَ سوادُ عَيْنه) فهو عَايِن".
إبْدالُ الهَمْزةِ مِمَّا وَليَ ألِفَ الجَمْعِ:
تُبدَل الهَمْزَةُ أيْضاً مما يَلي ألِفَ الجمعِ الذي على مِثالِ "مَفاعل" إنْ كانَتْ مَدَّةً مَزِيدَةً في الوَاحِد نحو: "قِلاَدَة وقَلائدِ" و "صحِيفَة وصَحَائف" و "عجُوز وعَجَائز".
فلو كانت غيرَ مَدَّة لم تبدل نحو "قَسْوَرة"(قَسْوَرَة: اسمٌ للأسد)، وكذلكَ إنْ كَانَتْ مَدَّةً غيرَ زَائِدةٍ نحو "مَفَازَة ومَفَاوِز" و "معِيشةٍ ومَعَايِش" إلاَّ فِيما سُمِع فلا يُقاس عَلَيْهِ نحو "مُصِيبة ومَصَائِب".
إِبْدَالُ الهَمْزَةِ من الواو:
وذلكَ إذا اجْتَمَعَ وَاوَان بأوَّلِ كَلِمةٍ ووَجَبَ إبْدَالُ الهَمْزةِ من الواوِ نحو قولك: "واصِلَةٌ" وجمعها "أَوَصِلُ" وأَصْلُ الجَمع "وَوَاصِلُ" بوَاوِيْن الأُولَى فاءُ الكَلِمة والثانيةُ بَدَلٌ من ألف "فَاعِلة".
فإن كانتِ الثانيةُ بَدَلاً من ألِف "فاعل" لم يَجِب الإِبْدَال نحو "وُوفِيَ" و "وورِيَ" أصله: وافَى وَوَارَى، فلما بُنِي للمفعُول احْتِيجَ إلى ضَمِّ مَا قَبْلَ الألِفِ، فأُبدِلتِ الأَلِفُ وَاوَاً.
* أَبْصَع: كَلمةٌ يُؤَكَّدُ بِهَا، وهي تابِعَةٌ لأجْمَع لا تُقدَّمُ عَلَيها، تقول: "أخَذتُ حَقّي أَجْمَعَ أَبْصَعَ" و "جاءَ القَومُ أجْمَعُونَ أَبْصَعُونَ" و "رأيتُ النِسْوَةَ جُمُعَ بُصَعَ".
ويقول أبو الهيثم الرَّازِي: " العَرَبُ تؤكِّدُ الكلمةَ بأرْبَعةِ بَوَاكِيد فتقول: "مَرَرْتُ بالقومِ أجمَعِين أكْتعِين أبْصَعِينَ أبْتَعِينَ".
(= في أبوابها).
* ابْن: أصله "بَنَو" بفتحَتين، لأنه يُجمع على "بَنِين" وهو جمعُ سَلامَةٍ، وجمعُ السَّلامةِ لا تَغْيِير فيه، وجَمعُ القلةِ "أبناء" وقيل: أصله "بِنْو" بكسرِ الباء بدليل قولهم: "بِنْت". وهذا القولُ يقل فيه التغيير، وقِلَّةُ التَّغْيير تَشْهدُ بالأَصَالَةِ، وهو ابْنُ بَيِّنُ البُنُوَّةِ.
وَأَمَّا ما لاَ يَعْقِل نحو "ابنُ مَخَاضٍ" و "ابنُ لَبُونٍ" فيُجمَعُ بألفٍ وتَاءٍ، تَقُول في "ابنِ عُرْسٍ": "بَناتُ عُرْسٍ" وفي "ابنِ نَعْشٍ" "بَنَاتُ نَعْشٍ" وكذا "ابنُ مَخَاضٍ" و "ابنُ لَبُون". وقد يُضافُ "ابنٌ" إلى ما يُخًِّصُه لِمُلاَبَسَةٍ بينَهُما نحو "بنْنِ السبيل" أي المارِّ في الطريق مُسَافراً، وهو "اتنُ الحَرْب" أي كافِيها وقائمٌ بِحِمايَتِها، و "ابْنُ الدُّنْيا" أي صاحبُ ثَروة.
وإليكَ في "ابن" قَاعِدَتان:
-1 يَجوزُ بالعَلَم المُنَادَى المَوْصُوف بـ "ابْنٍ" الضَمُّ والفَتحُ والمختارُ الفتح نحو "يا خالدَ بَنَ الوَليد".
-2 همزةُ "ابْن" همزةُ وصْلٍ تُحذَفَ في الوصل وتبْقى في الخَط، وقد تُحذَفُ لَفْظاً وخَطّاً، وذلك: إذا جاء عَلَمٌ بَعْدَه "ابنٌ" صفةٌ له ومَضافٌ لعَلَمٍ هو أبٌ له، نحو " محمد بنُ عبد الله بنِ عبد المطلب" إلاّ إذَا وَقَعَ في أو السطر فتَثْبُتُ الهمزةُ خَطّاً لا لفظاً.
* الابْنُمُ: هي الابْنُ، و الميم زائدةٌ للمُبَالَغة، يقُول حسَّان بنُ ثابت:
"فأكْرِمْ بِنَا خَالاً وأكرِمْ بِنَا ابْنَمَا".
وتَتْبَعُ النُّونُ حَركَةَ المِيمِ، وعلى ذلك قال الكوفيون: هو مُعْرَبٌ من مَكَانَين، و همزتُه للوَصْل، وَقَدْ يُثنَّى نحو قولِ الكُميت:
ومِنَّا لَقِطٌ واتْنَمَاهُ وحَاجِبٌ *  مُؤَرِّثُ نِيرانِ المكارِم لا المُخْبِي (المُخْبي: من خبتِ النارُ و الحربُ، تخبو خَبْواً: سكَنَتْ وطُفِئتْ وخَمَد لهيبها).
ابنة وبنت - مؤنَّثةُ الابن على لَفْظِه وفي لعةٍ "بِنْت" و الجمع "بَنَات" وهو جمعُ مؤنَّاٍ سالم، قال ابنُ الأعرابي: وسأَلتُ الكِسائَي: كيْفَ تَقِفُ على بنت؟ فقال: بالتاء اتباعاً للكتاب، و الأصلُ بالهاء، لأنَّ فيها مَعْنى التَّأنيث. وإذا اختَلَطَ ذكورُ الأَنَاسِيّ بإناثِهم غُلِّب التَّذكِيرُ وقيل: " بَنُو فلان" حتى قالوا: "امرأةٌ من بني تميم" ولم يقولوا من بَنَاتِ تَمِيم.
وهمزة "ابنة" كهمزة "ابن" همزة وصل.
"أَبْنِية الاسم = الاسم".
" أَبْنِيَة المَصَادرِِ = المَصدر وأَبْنِيَته وإعْمَاله 2 و 3 ".
"أَبْنِيَةَ اسم الفاعل = اسم الفاعل 2 و 3 و 4".
* اتَّخَذَ: من الاتِّخّاذِ، افْتِعَال من الأَخْذِ و الأصلُ: إئْتَخِذُوا، ثم لَيَّنوا الهمزة، وأدْغَمُوا فقالوا: اتَّخَذُوا، فلما كَثُر اسْتِعْمَالُه تَوَهَّمُوا أصَالَةَ التاء فَبنَوا مِنه وقالوا: "تَخِذْتُ زَيْداً صَدِيقاً" من باب تَعِب، والمصدرُ تَخَذاً.
واتَّخَذَ: بمعنى جَعَلَ التي للتَّحْويل ينْصِبُ مَفْعولين أصلُهما المبتدأ و الخَبَرَ تحو "اتَّخَذْتُ اللهَ وَكِيلاً".
{ واتَّخَذَ اللَّهُ إبراهيمَ خَلِيلاً} (الآية 125 من سورة النساء "4" ).
(= المتعدي إلى مفعولين).
الاثْنَان: من أسماء العدد - اسم للتَّثْنِيَةِ حُذِفَتْ لامُه - وهي ياء - وتَقْدِيرُ الواحِد: ثَنَى، وِزَان بَبَب ثم عُوِّضَ همزةَ وَصْلٍ فقيل: اثْنان، وللمؤنثة: اثنتان. وفي لغة تميم "ثِنْتَان" بغير همزة وصل. ولا واحدَ له من لَفْظِه، ومن غير لفظة "واحد" ويُعرب إعرابَ المُلْحَق بالمُثَنى.
ويقال: هو ثَانِي اثْنَيْن، أي أَحَدُهُمَا، ويكون مُضَافاً لا غَير.
الاثْنَتَان = الاثنان.
* الاثْنَيْن: سُمِّي يوم الاثْنَين بالاثنين المتقدِّمة التي هي ضِعْفُ الواحِدِ، والاثْنَيْن بالمعنيتين لا يُثَنَّى ولا يُجمَع، فإن أردْتَ جمعَه قَدَّرتَ انَّه مُفَرد، وجَمَعْتَه على "أثانِين" قال أبو على الفارسي: وقالوا: في جمع الاثْنَين "أثْنَاء" وكأنه جمعُ المفرد تقديراً، مثل سَبَب وأسْبَاب والحَقُّ أنه لم يَثْبت الجَمْعان لأنه على صفِة المُثنَّى.
فإذا أردْنا جمعَه أو تَثْنيته قلنا: "أيامُ الاثنين" و "يومَا الإِثْنَين". وإذا عادَ عليه ضميرٌ جازَ فِيه وَجْهَان أوْضَحُهُما وأصَحُّهُما الإِفراد على معنى اليوم، يقال: "مَضَى يومُ الاثْنَيْن بما فيه" والتَّاني اعتبارُ اللفظ فيقال: "مَضَى يومُ الاثنين بما فيهما".
* أجِدَّك: بِكَسْر الجيم وفتحِها، والكَسرُ أفْصحُ ولذلك اقْتُصِرَ عليه، تقول: "أجِدَّكَ لا تَفْعل" معناه: أجِدّاً منك وهو مَصْدَرٌ من فعلٍ مُضْمَر. وقال سيبويهِ: ومثلُ ذلك - أي المَصَادِر المؤكِّدة - في الاستفهام: "أجِدَّك لا تَفْعَلْ كذا وكذَا"؛ كأنه قال: أحَقّاً لا تَفْعلْ كذا وكذا، وأصْلُه من الجِد، كأنه قال: أجِدّاً، ولكنه لا يتصرف، ولا يُفارقُه الإِضافة، ولا يستعمل إلاّ مع النفي أو النهي، ومثله: "أجِدّكُمَا" وفي حديث قُس:
أجِدَّكُما لا تَقْضِيان كَرَاكُمَا.
وقال الأصمعي: أجِدَّك، معناه: أَبجدٍّ هذا منك، ونَصْبُها بِطَرْحِ البَاءِ وقال أبو حيان: وههنا نكتة، وهي الاسمُ المضاف إليه "جِد" حَقُّه أَنْ يُنَاسِبَ فاعِلَ الفِعْل الذي بَعْدَه في التَّكلُّم والخِطابِ والغَيْبَة.
تقول: " أَجِدِّي لأُكْرِمَنَّك" و "أجِدَّك لا تَفْعل" و "أجِدَّه لا يَزُورُنَا" و "أجِدَّكُما لا تَقْضيان" - كما مر في شكر البيت - وعِلَّة ذلك أنَّه مَصْدَرٌ يُؤَكِّدُ الجُمْلَةَ التي بعدَه، فَلَوْ أَضَفْتَه لِغَيْرِ فاعِله اخْتَلَّ التوكيد.
* أجَلْ: حرفُ جَوَابٍ، مثلُ "نَعَمْ". فَيكونُ تَصْديقاً للمُخْبِرِ،
ولا يُضَافُ، ولا يَدْخُلُ عليه الجَارُّ، وليس منه قولُهم: "جاء القومُ بأجْمُعِهِم". بضم الميم بعد الجيم الساكنه، فإنه جَمْع "جَمْع" كـ "أعْبُد" جمع عَبْد، بِخِلاَفِ غيرهِ من أَلْفاظِ التوكيد كـ "كُلِّ والنفسِ والعينِ" فإنَّها تَأْتي توكِيداً وغَيرَه من مُبْتدأ وفاعِلٍ وَمَفْعُولٍ، ويُجْمَع "أَجْمع" على "أَجْمَعِين" وبحالةِ الرَّفع "أجْمَعُون". وقد يُثَنَّى فَتَقُول: "رَأيتُ الفَرِيقَيْن أجْمَعَيْن"، ومُؤَنْث أجْمَعَ "جَمْعَاءُ" وجمعُ "جَمْعَاءَ" "جُمَع" وهو معرفةٌ غيرُ مَصْروفٍ بالصِّفَةِ وَوَزْنِ "فُعَل" كعُمَرَ وأُخَرَ.
* الأجوف :
-1 تَعْريفُه:
هو مَا كَانَتْ عَيْنُه حرفَ عَلَّةٍ كـ "قام" و "باع".
-2 حُكْمُه:
تُحْذَفُ عَيْنُ الأَجْوفِ إذا سُكِّنَ آخِرهُ للجَزْمِ أو لِبنَاءِ الأَمْرِ نحو "لمْ يَقُمْ" و "لمْ يَبِعْ" و "لم يَخَفْ" وأصْلُهَا: يَقُوم، ويَبِيعُ، ويَخَافُ، و "قمْ" و "بعْ" و "خفْ".
وكذلِكَ تُحذَفُ إذا سُكِّنَ لاتِّصالِه بضَمِير رَفْعٍ مُتَحرِّك كـ "قُمْتُ" و "خفْنَا" و "بعْتُم" و "يقُمْنَ" و "يبِعْنَ" و "خفْن" وتُحَرَّك فاؤه بحَرَكةٍ تُخَانِسُ العَيْنَ نحو "قُلْتُ" و "بعتُ". إلاَّ في نحو "خَاف" (من كل واويٍّ مكسور العَيْن، وأصلُ خَافِ: خَوِفَ تحركت الواوُ وانْفتَح ما قبلَخت فقُلبتْ ألِفاً وهذا مَعْنى الإعْلالِ بالقلب الآتي ذِكره).
فَتُحرِّكُ بالكَسْر مِنْ جِنْسِ حَرَكةِ العَيْن نحو "خِفْتُ" و "نمْتُ" هذا في المُجَرَّدِ، والمَزِيدُ مِثْلُه في حَذْفِ عَينه إنْ سَكنَتْ لامُه وأُعِلَّتْ عَيْنه بالقَلب: كـ "أطلْتَ" و "استَقَمْتُ" و "اخْتَرْتِ" و "انْقَدْتُ" (ظاهرٌ أن أصْلَهنّ: أطَالَ، اسْتَقَامَ، اخْتَارَ، وانْقَادَ).
وإن لم تُعَلَّ العينُ لم تُحذَفْ كـ "قَوَمْتُ" و "قوَّمْتُ" (وفيهما لم تُقْلب ألِفاً لعَدَمِ وُجُودِ سببٍ لذلك كما تقدم).
* الأحَد: بمعنى الواحِد وهو أوَّل العدد تقول: أحدٌ واثْنَانِ، وأَحَدَ عشر.
وقولهم: "ما في الدَّار أحَدٌ" هو اسمٌ لمن يَعْقِل يَسْتوي فيه الواحدُ والجَمْعُ والمؤنث قال تعالى: {اَسْتُنَّ كأحدٍ من النساءِ}. (الآية "32" من سورة الأحزاب "33" ).
والأحَدُ اسمُ عَلَمٍ على يَومٍ مِنْ أيَّامِ الأسْبُوع وجمعُه للقِلةِ "آحَادٌ" و "أُحْدَانُ" تقول ثلاثةُ آحادٍ وأصلُه: وَحَد، فاستَثْقَلوا الواو، فأبْدَلُوا منها الهَمْزَة، وجمعُه لِلكَثْرة "أُحُود". وقيل: ليس لهُ جمع.
* أحَد: يقولُ سيبويه: ولا يَجوزُ لـ "أحَد" أنْ تَضَعَه في مَوْضعٍ واجبٍ، لو قلت: "كان أحَدٌ من آلِ فُلانٍ لم يَجُز" أقول: لأِنَّهُ لا يُفِيد شيئاً، إلاَّ إذا وَضَعْتَهُ مَوْضِعَ واحِدٍ في العدد اسْتُعْمِلَ في موضِعِ الواجِبِ والمَنْفِي، نحو قولِه تعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ونحو: "أَحدٌ وعِشْرون". وفي غيرِ العَدَد لا؟؟ يَجوز أن يُوضَعَ مَوْضِع الوَاجِبِ، ويُمْكن أنْ يُوضَع مَوْضِع النَّفي نحو قوله تعالى: {ولم يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ}. وكذلك إذا قلتَ: "مَا أَتَاك أحدٌ "صار نفياً عاماً.
أَحْرُفُ الجَوَاب هي: لاَ، نَعَمْ، بَلكى، إي، أَجَلْ، جَلَلْ، جَيْر، إنَّ.
(وانظرها في أحرفها).
* أحَقَّا: وذلك قولك: أَحَقّاً أنَّك ذاهب، وَالْحَقَّ أَنَّكَ ذَاهِبٌ؟ وكذلِكَ إنْ أخْبَرْتَ فقلت: حَقّاً أَنَّكَ ذَاهِبٌ، والحَقَّ أَنَّكَ ذاهِبٌ، وكذلك أَأَكْبَرُ ظَنِّكَ أنَّك ذاهِبٌ، وأجْهَدَ رَأيِكَ أَنَّكَ ذَاهِبٌ.
وكُلُّهَا تُنْصَبُ على الظرفية، والتقدير: أَفِي حقٍّ أنَّك ذَاهِبٌ
وقال سيبويه: وسألتُ الخليلَ فقلتُ: مَا مَنَعَهم أن يقولوا: أَحَقّاً إِنَّكَ ذاهب على القلب - أي بكسر همزة إن - كأنك قلت: إنَّك ذاهبٌ حَقّاً، وإنَّكَ ذَاهِبٌ الحقَّ، وأإنَّكَ ذَاهِبٌ حَقّاَ؟ فقالَ: ليس هذا مِن مواضِعِ إنَّ لأن "إن" لا يُبْتَدَأَ بِها في كلِّ مَوضعٍ، ولو جازَ هذا لجاز: يومَ الجمعة إنَّك ذاهبٌ تريد إنَّك ذاهبٌ يومَ الجُمُعة، ولقلتَ أيضاً: لا مَحَالَةَ إنَّك ذاهب، تريد إنَّك لا مَحَالَةَ ذاهب، فلما لم يجز ذلك خَمَلُوه على: أفِي أكبر ظنِّك أنك ذَاهب، وصارت أَنَّ مَبْنِيَةً عليه والدليل على ذلك إنشادُ العرب هذا البيت كما أخبرتك.
زعم يونس أنه سمع العرب يقولون في بيت الأسود بن يَعْفُر:
أحَقّاً بين أبْنَاءِ سَلْمَى بْنِ جَنْدلٍ *  تَهدُّدُكُم إيَّايَ وَسْطَ المَجَالِسِ
* أَخْبَرَ: تَنْصب ثلاثةَ مفاعيل، زادَه العرائُ نحو: "أَخْبَرْتُ المُعَلِّمَ عَمْراً غَائِباً".
ونحو قولِ الشاعر:
وما عَليكِ إذا أُخْبِرْتني دَنِفاً *  وغابً بَعْلُك يَوْماً أنْ تعودِيني
* الاخْتِصَاص:
-1 تعريفه:
هو اسم ظاهرٌ معمولٌ للفظ "أَخُصُّ" أو "أَعْنِي" واجب الحَذْف، ويَجرِي على ما جَرَى عليه النِّداءُ ولم يُجْروها على أحْرف النِّداء.
والباعثُ عليه: إمَّا فَخْرٌ كـ "عَلَيَّ - أيها الكريمُ - يُعْتَمَدُ" أو تَوَاضُعٌ نحو: "إني - أيُّها الضعيف - فَقيرٌ إلى عَفْوِ ربي" أو بيانُ المقصود بالضمير كـ "نحنُ - العَرَبَ - أَقْرى الناسِ للضَّيْفِ".
-2 أنواع المخصوص:
المخصوصُ: وهو الاسمُ الظاهِرُ الوَاقِعُ بعدَ ضميرٍ يَخُصُّه أو يُشارِكُه فيه، على أربعة أنواع:
-1 "أيُّها" أو "أيَّتُها" ويُضَمَّان لَفظاً كما في المُنَادَى، ويُنصَبانِ مَحَلاً، ويُوصَفَان باسم فيه "أل" مَرْفوعٍ نحو: اللهم اغفر لنا - أَيَّبُها العِصَابَةُ - " و "أنا أفعل كذا - أيُّها الرجلُ".
-2 المعرَّفُ بـ "أل" نحو نحنُ - العربَ - أشْجَعُ الناسِ". أي أخصُّ وأعنِي.
-3 المعرَّفُ بالإِضافة كالحديث: "نحن، معَاشر الأنبياء، لا نُورَث ما تَرَكْنَاه صَدَقة".
أي: أَعْنِي مَعَاشِرَ وأَخُصُّ.
ونحو قَوْلِ عَمْرِو بن الأهتم:
أنَّا بني مِنْقَرٍ قَوْمٌ ذَوُو حَسَبٍ *  فِينا سَرَاةُ بَنِي سَعْدٍ وَنَادِيها
-4 العَلمَ، وهو قليل، ومنه قولُ رُؤبة: "بِنَا - تمِيماً - يُكسَفُ الضَّبَابُ".
والاختصاص هنا للفخر.
ويقول الخليلُ - كما في سيبويه - : إنَّ قولَهم: " بِكَ اللهَ نَرْجُو الفَضْلَ" و "سبْحَانكَ اللهَ العَظيمَ" نَصَبه على الاخْتِصَاَِ، وفيه مَعْنى التعظيم.
ويقولُ سيبويه: واعلَمْ أنَّه لا يَجوزُ لك أَنْ تُبْهِم في هذا الباب - أي أنْ تَسْتَعمِل اسْمَ الإِشارَةِ - فتقول: إني هَذَا أفْعلُ كذا، ولكن تقول: " إنِّي زَيْداً أفْعلُ" ولو جازَ بالمُبْهَمِ لَجازَ بالنكِرَةِ.
ثم يقول: وأكْثرُ الأسْماءِ دُخُولاً في هذا الباب: بَنُو فُلانٍ، وَمَعْشرُ، مُضَافَةً. وأَهْلُ البيت، وآلُ فلان.
-3 يُفَارِقُ الاخْتِصاصُ المُنَادَى لفظاً في الأحكام:
-1 أنه ليسَ معه خَرْفُ نِداء، لا لَفْظاً ولا تَقديراً، .
-2 أنَّه لا يَقَعُ في أوَّلِ الكلام، بل في أثنائه، كالواقع بعد "نحن" كما في الحديث المتَقَدم "نحن - معاشَر الأنبياء - "، أو بعدَ تمامِ الكَلاَمِ كما في مثال: "اللهم اغْفِرْ لنا - أيَّتُهَا العصابةُ - ".
-3 أنَّه يُشْتَرط فيه أن يكونَ المقدَّمُ عليه اسْماً بمعناه، والغالبُ كونُه ضميرَ تكلُّم، وقد يكون ضميرَ خطابٍ كقولِ بعضهم:
"ربك الله نرجو الفضل" كما تقدم.
-4 أنه يقِلُّ كَوْنُه علماً، .
-5 أنَّهَ يَنْتَصِب مع كونِه مُفْرَداً.
-6 أنْ يكونَ بـ "أل" قِياساً كقولهم: "نَحْنُ العربَ أقْرَى الناسِ للضيفِ".
ويُفارِقُ الاختصاصُ المنادى" مَعْنىً في أنَّ الكلامَ مع الاخْتِصَاص "خَبرٌ" ومع النِّداءِ "إنشاء"، وأنَّ الغَرَضَ منه تخصِيصُ مَدْلُوله مِن بَيْنِ أَمْثالِهِ بِما نُسِبَ إليه "زادَ عليه بعضُ النُّحاة: أنَّه لا يكونُ نكرة، ولا اسمَ إشارة ولا مَوْصولا ولا ضميراً، وأنه لا يُستغاث به ولا يُندب و لا يُرخَّم، وأن العاملَ المحذوفُ هنا فِعْلُ الاختصاص وفي النداء فِعلُ الدُّعاء، وأنه لا يُعوَّضُ عنه شيءٌ هُنا ويُعوَّض عنه في النداء حَرْفه.
* أَخَذَ: كلمةٌ تَدُل على معنَى الشروع في خَبَرِها، وهي من النواسِخ، تَعملُ عَمَلَ "كان"، إلاّ أنَّ خبرَها يحبُ أن يكُنَ جُمْلَةً فِعليةً من مُضارعٍ فَاعلُه يَعُودُ على الاسمِ ومُجَرَّدٍ من "أنْ" المَصْدَرِيَّة، ولا تعملُ إلاَّ في حالةِ المُضيّ يحو "أَخَذَ المعلِّمُ يُعِدُّ دَرْسَه". أي أَنْشأ وشَرَعَ، وفي "يُعدُّ" ضميرُ الفاعل وهو يعود على المعلم وهو اسم "أخذ".
* اخْلَوْلَقَ: كلمةٌ وُضِعتْ للدَّلالةِ على رَجَاءِ الخَبَر، وهي من النَّواسخ، تَعْملُ عملَ "كان" إلاّ أنَّ خَبَرَهَا يَحبُ أن يكونَ جُملَةً فعْلية، مُشتَمِلَةً على مُضارع، مُقْتَرِنٍ بـ "أَنْ" المصدَرِيّة وُجُوباً وفاعلُه يعُود على اسْمِها. نحو: "اخْلَوْلَقَ الشَّجَرُ أنْ يُثْمِرَ" ففي "يُثْمِر" ضَميرٌ يَعودُ إلى "الشَّجَر" وهو اسم اخلَوْلَقَ وهي مُلاَزِمَةٌ للماضي.
وتختَصُّ "اخْلَولَق وعَسَى وأوْشك" بجواز إسْنادِهن إلى "أنْ يفعل" ولا تَحتاَجُ إلى خَبَرٍ مَنْصوبٍ، وتكون تامَّةً نحو: "اخْلَوْلَق أنْ تَبَعَلَّمَ". ويَنْبَني على هذا حُكمان.
(انظر التفصيل في: أفعال المقاربة).
* أَخْوَلَ أَخْوَلَ: يقال: "تَسَاقَطُوا أَخْولَ أَخْولَ". أي شَيْئاً بعدَ شَيْء، أو مُتَفَرِّقِين، وهمما اسمانِ مُرَكَبان مبنيان على الفتح في محلِّ نصبٍ على الحال. قال ضابئ البُرجُمِي يصف الكلاب والثور:
يُسَاقِطُ عنه رَوْقَه ضَارِياتُها *  سِقاطَ حَدِيد القَيْن أَخْوَلَ أَخْولاَ
وهذه المركباتُ لا تَأْتي إلاّ في الحال أو الظرف، وسيأتي في غُضُون الكِتَاب بعْضُها.
* الإدغام:
-1 تعريفه:
هو إدْخالُ أولِ المُتَجانِسين في الآخِر، ويُسمَّى الأَوَّلُ مُدْغِماً والثَّاني مُدْغَماً فيه.
-2 أقسامه:
ثلاثة أَقْسام: واجبٌ، وجائزٌ، ومُمْتَنِع.
الإِدْغامُ الواجبُ:
يجبُ الإِدْغَامُ إذا تَحَرَّكَ المِثْلاَنِ مَعاً وذلكَ بأَحَدَ عَشَرَ شَرْطاً.
(الأول): أنْ يَكُونا في كلمةٍ كـ "مَدَّ" أَصلُها "مَدَد" بالفتح و "ملَّ" أصلها: مَلِل بالكَسْرِ. و "حبَّ" أصلها: حَبُبَ بالضم.
(الثاني) أَلاَّ يَتَصَدَّر أَحَدُهُما ، فإذا تَصَدَّرَ لَمْ يُدْغَما، نحو: "دَدَن". (الدَّدَن: اللهو).
(الثالث): ألاَّ يَتَّصِلَ أَوَّلُهما يمُدْغَم كـ "جُسَّسٍ" جمع جَاسّ. (اسمُ الفاعل من جَسَّ الشيء إذا لَمَسَه).
(الرابع): ألاَّ يكونَا في وَزْنِ مُلْحَقٍ، سواء أكان المُلْحَقُ أَحَدَ المِثْلَيْن كـ "قَرْدَدْ" (ما ارتفع من الأرض) أو زَائِداً قَبْل المِثْلَيْن كـ "هَيْلَل" (الهيلل والهيللة: قول لا إله إلاّ الله). فإن الياءَ مزيدةٌ لإِلحاق بـ "دَحْرَجَ" أو بزيادَةِ أَحَدِ المِثْلَيْن وغيرهِ نحو "اقْعَنْسَسَ"(اقعنسس: تأخر ورجع إلى الخلف). فإنَّهُ مُلْحَقٌ بـ "احْرَنْجَم" (احرنجم: أراد الأمر قم رجع عنه). والإِلْحَاقُ حَصَل فيه بالسين الثانية وبالهمزةِ والنونِ.
(الخامس والسادِسُ والسَّابعُ والثَّامنُ): ألاَّ يكونا - أي المِثْلان - في اسم على "فَعَل" كـ "طَلَلٍ" و "مدَدٍ" أو "فعُل" كـ "ذُلُلٍ" و "جدُدٍ" جمع ذَلُول وجَدِيد أو "فِعَل" كـ " لِمَمٍ"(جمع لِمَّة وهو ما يُلِم بالمَنْكِب من الشَّعَر). أو "فُعَل" كـ "دُرَرٍ" و "جدَدٍ" جمع جُدَّة (وهي الطريقة في الجبل)، وفي هذه السبعة الأخيرة يمتنع الإِدغام.
(التاسع): ألاَّ تكونَ حركةُ ثانِيهما عَارِضةً نحو "اخْصُصَ ابى" الأصل: اخصصْ بالسكون فَنُقِلت حركةُ الهمزةِ إلى السّاكِن قبلَها ، فلَمْ يُعْتَدَّ بِعُرُوضِها وبَقي وُجُوبُ الفَكِّ.
(العاشر): ألاَّ يكون المِثْلانِ يَاءَيْن لازمٌ تَحْريكُ ثانِيهما نحو "حيِيَ" و "عيِيَ".
ولا تاءَين في "افْتَعَل" كـ "اسْتَتَر" و "اقْتَتَل" وفي هذه الصُّوَر الثّلاث يجوزُ الإِدغامَ والفَكُّ ، قال تعالى {وَيَحيَى من حَيَّ عَنْ بَيِّنَة} (الآية "42" من سورة الأنفال "8" ).
قرئ "حَيَّ" بالإِدغام والفَكِّ، وتقول في "اسْتَتَر" كـ "اقْتَتَل " بالفكِّ، وإذا أردْتَ الإِدْغام قلت: "سَتَّر"(نقلت حركة التاء الأولى إلى السين أو القاف وأسقطت همزة الوصل للاستغناء عنها بحركة ما بعدها ثم أدغمت التاء في التاء). و "قتَّل "و "يسَتِّر" و "يقَتِّل".
ب- الإِدغام الجائز:
يجوز الإدغامُ في ثَلاثِ مَسائل:
(الأولى): إذا كان الفعلُ المَاضي قد افْتُتِحَ بتَاءَين نحو "تَتَبَّع" و "تتَابَعَ" جاز بهما أيضاً الإدغامُ وجَلَبُ همزةِ الوصل، فيقال: "اتَّبَعَ" و "اتَّابَعَ".
(الثانية والثالثة): أنْ تكونَ الكلمة فِعْلاً مُضَارعاً مَجْزوماً بالسكون أو فِعْلَ أمْرٍ مَبْنَيَّاً على السُّكُونِ فإنَّه يجوزُ فيه الفَكُّ والإدغام، قال تعالى {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دينه}(الآية "217" من سورة البقرة "2" ). فيقرأ بالفك وهو لغةُ الحجاز والإدغام وهو لغةُ تميم، وقال تعالى {واغضُضْ من صَوتِك}(الآية "19" من سورة لقمان "31" ).
وقال جرير:
فَغُضَّ الطَّرفَ إنَّكَ من نمُيَرٍ *  فَلا كَعْباً بَلَغْتَ ولا كِلاَباً
وإذا اتَّصل بالمُدغَم فيه "وَاو "جمْعٍ أو "ياءُ" مُخَاطَبةٍ أو "نونُ "التوكيد نحو "رُدُّوا " و "رُدِّي" و "ردَّنَّ" أَدْغَمَ الحجازيون وغيرهم من العرب.
ج - الإدغامُ المُمتنع:
يَمْتنعُ الإدغام إذا تَحَرَّكَ أولُ المِثْلَين وسَكَنَ الثاني نحو "ظَلِلْتُ " أو كَانَا بالعكس.
أو كان الأولُ هَاءَ سَكْتٍ لأنّ الوَقف عليها مَنْويُّ الثبوت نحو: {مَالِيَهْ، هلك عَنِّي سُلْطَانِيه}(الآية "28، 29" من سورة الحاقة "69"). أو مَدَّةً في الآخر نحو "يُعْطَي يَاسِرُ" و "يدْعُو وائِل" لِئَلا يَذهبَ المدُّ المقصود بسبب الإِدغام ، أو همزة منفصِلَة عن الفاء نحو "لم يَقْرأ أحدٌ" فلو كانت متصلة وجب الإدغام نحو "سَال".
* إذْ: تأتي ظَرْفيةً ، وفجائيةً ، وتَعْلِيليّةً.
-1 الظَّرْفيَّة: ولها أربعة أحْوال:
[1] أن تكونَ ظَرْفاً للزَّمَنِ الماضِي وهو أغْلبُ أحوالِها ويجبُ إضَافَتُها إلى الجمل (وقد يحذف المضاف إليه وهو الجملة أو الجمل ويعوض عنه التنوين. وهذا التنوين ما يسمى تنوين العوض مثل {حتى إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون} فالتنوين في حينئذ تنوين عوض). فعليةٍ أو اسميةٍ.
قال سيبويه: "وَيَحْسُن ابتداء الاسم بَعْدَها" فتقول: "جِئْتُ إِذْ عبدُ الله قَائمٌ" و "جئْتُ إِذْ عَبدُ اللهِ يقومُ" إلاّ أنها في "فَعَل" قبيحةٌ نحو قولِك "جئتُ إذْ عَبدُ الله قامَ" أي إنَّ الماضِيَ يَقْبحُ إن وَقَعَ خَبَراً في جُمْلةٍ اسْمِيَّةٍ مُضافَةً لـ "إِذْ" وكلُّ ما كان من أَسمَاءِ الزَّمان في معنى "إذْ" فهو مضافٌ إلى ما يُضاف إليه "إذْ" من الجملةِ الاسميةِ والفعليَّةِ.
[2] أن تكونَ مفعولاً به نحو {واذْكُروا إذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} (الآية "86" من سورة الأعراف "7" ). والغالبُ على "إذْ" المذكورة في أوائل القَصَص في - القرآن الكريم - أن تكون مفعولاً به بتقدير: واذكرُ.
[3] أن تكونَ بَدَلاً من المفعول نحو: {واذْكُرْ في الكتابِ مريم إذِ انْتَبَذَتْ} (الآية "16" من سورة مريم "19" ).
فـ "إذْ" بدلُ اشتِمالٍ من مريم.
[4] أنْ يكُونَ مُضَافاً إليها اسمُ زمانٍ صالحٍ للاستغناء عنه نحو: "يَوْمَئِذٍ وحِينَئذٍ" أو غير صالحٍ للاستغناء عنه نحو قوله تعالى: {بَعدَ إذْ هَدَيْتَنَا} (الآية "8" من سورة آل عمران "3" ). وعند جُمْهورِ النحاةِ لا تَقَع "إذْ" هذه إلاّ ظَرْفاً أو مضافاً إليها.
-2 الفُجَائِية: وهي التي تكون بعد "بَيْنا" أو "بيْنَمَا" كقول بعض بني عُذرة:
استَقْدِرِ اللَّهَ خَيْراً وارْضَيَنَّ به *  فَبينَمَا العُسْرُ إذْ دَارَتْ مَيَاسِيرُ
أو بعدَ غيرِ "بَيْنَا وبَينما" ويَحْسُن كما يقولُ سيبويه: ابتداءُ الاسمِ بعْدَها تقول: "جئتُ إذْ عبدُ الله قائمٌ" و "جئتُ إذْ عبدُ الله يَقومُ" إلاَّ أنها في فَعَل قَبيحةٌ نحو قولك "جئتُ إذْ عبدُ الله قَامَ" و "أذْ" الفجائية هذه إنما تَقعُ في الكلام الواجب ، فاجْتمَع فيها هذا ، وأنَّك تَبْتَدِئ الاسْمَ بعْدَها فحسُن الرَّفعُ.
-3 التَّعليلية: وكأنَّها بمعنى "لأنَّ" نحو قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إذْ لمْ أكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً} (الآية "72" من سورة النساء "4" ). و{لن يَنْفَعَكُم اليَوْمَ إذْ ظَلمْتُمْ أنَّكُمْ في العَذَابِ مُشْتَرِكُون} (الآية "39" من سورة الزخرف "43").
وهل "إذْ" هُنَا بِمَنْزِلَةِ لامِ العِلَّةِ أو ظَرْفٌ والتعليلُ مُسْتَفادٌ من مَعْنَى الكَلامِ؟، الجُمهُورُ لا يُثْبِتُونَ التَّعْلِيلية ولا يَقُولُون إلاَّ بظَرْفِيَّتِها.
* إذا: تكونُ تَفْسيريَّة، وظَرْفيَّة، وفُجَائِيَّة.
إذَا التَّفْسِيريّة: تأتي في موضع "أيْ" التفسيرية في الجُمل، وَتختلفُ عنها في أنَّ الفِعل بعد "إذا" للمخاطَب تقول: "اسْتَكْتَمتُه الحديثَ: إذا سألتَه كتمانه".
إذا الظّرفيّة: هي ظَرْفٌ للمُستَقبل مُضَمَّنٌ مَعْنَى الشَّرط، فَهيَ لِذلك مُحْتَاجَةٌ إلى فِعْلِ شَرْطٍ يُضَافُ إلَيها وجَوابٍ للشَّرط، وتَخْتَصُّ بالدُّخول على الجُمْلَةِ الفِعليّة، ويكونُ الفعلُ بعْدَها مَاضِياً كَثيْراً، ومُضَارِعاً دُون ذلك وقد اجتمعا في قول أبي ذؤيب:
والنَّفْسُ رَاغِبةٌ إذا رَغَّبْتَها *  وإذا تُرَدُّ إلى قَلِيلٍ تَقْنَعِ
وإنْ دَخَلتْ "إذَا" الظّرْفِية في الظاهر على الاسْمِ في نحو {إذا السَّماءُ انشقَّت} (الآية "1" من سورة الانشقاق "84"). فإنَّما دَخَلَتْ حَقِيقَةً على الفِعلِ لأنَّ السَّماءَ فاعِلٌ لفعلٍ مَحذُوفٍ يُفَسِرهُ ما بَعْدَهُ. ولا تَعْمَلُ "إذا" الجَزْمَ إلاَّ في الشّعر للضَّرورةِ كقول عبدِ القيْس بن خفاف:
استَغْنِ ما أغْنَاكَ رَبُّك بالغِنَى *  وإذا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلِ
"الخصاصة: الحاجة"
وإنَّما مُنِعَتْ من الجَزْمِ لأنها مُؤَقَّتَةٌ، وحروفُ الجزمِ مُبْهَمَة، وتُفِيد "إذَا" تُحَقّق الوُقوع فَإذا قال تعالى: {إذَا السَّماءُ انْشَقَّت} فانْشِقَاقُها وَاقِعٌ لا مَحَالَة بِخِلافِ "إن" فَإِنَّهَا تُفيد الظَّن والتَّوقَّعَ.
إذا الفُجَائِيَة: تَخْتَصُّ بالجُمَل الاسميَّةِ ولا تَحْتَاجُ إلى جَوَاب، ولا تَقَعُ في ابتداء الكَلام، وَمَعْنَاهَا الحَال، والأرْجَحُ أَنَّهَا حَرْفٌ، نَحْوَ قوله تعالى: {فَأَلْقَاهَا فإذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} (الآية "20" من سورة طه "20" ).
وَتَكُونُ جَواباً للجزاءِ كالفاءِ قَال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَإنْ تُصِبْهُم سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيْهِم إذا هُمْ يَقْنَطُون} (الآية "36" من سورة الروم "30" ). وَتسُدُّ مَسَدَّ الخبرَ، والاسم بَعْدَها مبتدأ، تقول: "جِئْتُكَ فإذا أَخوكَ". التقدير: "جِئْتُكَ فَفَاجَأَني أَخُوك". وتقول أيضاً: "دَخلْتُ الدار فإذَا بصديقي حَاضِر" بِصديقي: مبتدأ والباء: حَرْفُ جَرِّ زائد، وحاضرٌ: خبر.
* إذَاً: حَرْفُ جَوَابٍ وَجَزَاءِ، والصحيحُ أنها بَسيطَةٌ غيرُ مُرَكَّبة مِن إذْ وأنْ وهي بِنَفْسِها النَّاصِبَةُ للمضارع بشُرُوطٍ:
[1] تَصْدِيرُها.
[2] واسْتِقْبَالُ المضارع.
[3] واتِّصَالُها به، أو انْفِصَالُهَا بِالقَسَمِ أوْ بِلا النافية، يقال: آتيك، فتقول: "إذاً أُكرِمَكَ" فلو قلتَ: "أَنا إذَاً" لقلت "أكْرِمُك" بالرفع لفَوَاتِ التَّصْدِير.
يقولُ المبرّدُ: واعْلمْ أَنَّها إذَا وَقَعَتْ بعدَ واوٍ أو فاءٍ صَلَح الإِعمالُ فيها و الإِلْغاءُ. وذلكَ قَوْلُكَ: "إنْ تَأَتِني آتِكَ وإذاً أُكرِمْك". إنْ شِئْتَ نَصبْت، وإن شئْتَ رَفَعْتَ، وإن شِئْتَ جَزَمْت، أمَّا الجَزْم فَعَلَى العَطْفِ على آتِك وإلْغَاءِ "إذاً". و النصبُ على إعمالِ "إذاً" والرفَّعُ على قَولِكَ: أَنا أكرمُك - "أي بإلْغَاءِ إذاً. أمَّا كتَابَتُها و الوقوفُ عليها فالجُمْهور يَكْتُبُونها بالألِف ويقِفُون عَلَيْها بالألِف، وهناك من (المازني و المبرد) يَرى كتابَتها بالنُون و الوقفَ عليها بالنّون.
ويرى البعضُ (الفراء وتبعه ابن خروف) أنَّها إن عَمِلَت كُتِبَتْ بالألف و إلاّ كُتِبَت بالنون، أقول: وهذا تَفْريق جَيِّدٌ.
وقد تقعُ "إذَنْ" لَغْواً وذلكَ إذا افْتَقَرَ مَا قَبْلَها إلى ما وَقَعَ بَعْدَها وذلكَ كقول الشاعر:
وما أنَا بالسَّاعِي إلى أُمِّ عَاصمٍ *  لأَضْربَها إنِّي إذَنْ لجهولُ
* إذْمَا: أَدَاةُ شَرْطٍ تَجزِمُ فِعْلَيْن، وأصْلُها: "إذْ" دَخَلَتْ عليها "ما" فَمَنَعَتْها من الإضافة فَعَمِلَتْ في الجَزاء ولا تَعْمل بغير ما نحو "إذْ ما تَلْقَني تُكْرِمْني". قال العباس بن مرداس:
إذْ ما أَتَيْتَ على الرّسُولِ فقُلْ لَهْ *  حَقّاً عَلَيكَ إذا اطْمَأَنَّ المَجْلِسُ
وهي حَرْفٌ عند أكثر النحاة وعند بعضِهم: ظرفٌ، وعَمَلها في الجزم قليل.
* أَرَى: أصلُها رأى المُتَعدِّيةُ إلى مَفعُولَين فَلمَّا دَخَلتْ عليها همزةُ التَّعدية عدَّتْها إلى ثلاثةِ مَفَاعِيل نحو قوله تعالى: {كذلكَ يُرِيهِمُ اللهُ أعْمَالَهم حَسَراتٍ عليهم} (الآية "167" من سورة البقرة "2" ) وقوله تعالى: {إذْ يُريكَهُمُ اللهُ في مَنَامِكَ قَلِيلاً ولو أَرَاكَهُم كَثِيراً لَفَشِلْتُم} (الآية "43" من سورة الأنفال "8" ).
وإذا كانتْ أَرَى مَنْقُولَةً من "رَأى البَصرية" المُتَعدِّية لواحد فإنها تَتَعدَّى لاثْنَيْن فقط بهمزة التعدية نحو "أرَيْتُ رَفيقي الهلالَ". أي أَبْصَرْتُه إياه، قال الله تعالى: {وعَصَيْتُم مِن بعدِ ما أَرَاكم ما تُحِبُّون} (الآية "152" من سورة آل عمران "3" ).
وحُكْمُ "أَرَى" البَصَرية حكمُ مَفْعُولَيْ كَسَا ومَنَح في حذفِ مفعولَيْها أو أحدِهما لِدَليل.
(= المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل).
* أُرَى: فعلٌ مُلازِمٌ للبناءِ للْمَجْهُولِ، ومعناه أظُن، وبِذَلِكَ يَنْصِبُ مَفْعُوليْن، أصْلُهما المُبْتدأُ والخَبَر نحو "أُرَاكَ داهِيةً".
* الأربَعَاء: اسمٌ لليومِ الرابِع من الأسبوع يُؤَنَّثُ على اللفظ فيُقال: "أرْبَعةُ أرْبَعَاوَاتٍ" ويُذَكَّر على اليوم، فيُقال "أرْبَعُ أرْبَعَاوَاتٍ" وتجمع أيضا على: "أرْبِعَاوى".
* ارْتَدَّ - "تَعْمَل عَملَ كان" نحو ارتَدَّ الثوبُ جَديداً".
(= كان وأخواتها 2 تعليق).
أَرَضُون - "مُلحثٌ يجمع المذكَّر السالم".
(= جمع لمذكر السالم (8)).
الاسْتِثْنَاء = المُستَثْنى.
اسْتَحال " تَعْمَلُ عمل كان" لأنَّها بمعنى صار نحو: "اسْتَحَالتِ الأرضُ المُشَجَّرةُ بِناءً".
(= كان وأخواتها 2 تعليق).
* الاسْتِغَاثَة:
-1 تعريف المُسْتغَاث:
هو ما طُلِبَ إقبَالُه لِيُخلَّص من شِدَّة أو يُعينَ على مشَقَّة.
-2 ما يَتَعَلق به من أحكام: يتعلَّقُ بالمُسْتغاثِ أحْكامٌ هي:
-1 اختصَاصُه بـ "يَا" من بينِ أدوات النِّداءِ، مَذْكُورةً وجوباً.
-2 غَلَبَةَ جَرِّه بـ "لامٍ" مفتوحةٍ في أوَّلِه، وإنْ اقتَرَن بـ "أَلْ"، وهي لام الجَرّ، فُتِحتْ للفَرق بينها وبينَ لام "المُسْتَغاق مِنْ أجْلِه" في نحو "يَا للهِ لَعَليٍّ".
-3 ذكر مُسْتَغَاثٍ من أَجْلِهِ بعدَه جَوَازاً إمَّا مَجْرورٍ باللامِ المكْسورَةِ، سَواء أكانَ مُنْتَصَراً عليه، نحو "يا لَعَلِيٍّ لظَالِمٍ لا يخافُ الله" أمْ مُنْتصِراً له يحو "يا لَعُمَر لِلْمِسْكين".
وإما مجرورٍ بـ "من" نحو:
يَا لَلْرِّجَالِ ذَوِي الأَلْبَابِ مِن نَفَر *  لاَ يَبْرَحُ السفَهُ المُرْدِي لهم دِينا
-4 أنه إذا عُطِفَ على المُستغَاث، فإن أُعِيدَتْ "يا" معه فُتحَتْ لامُه نحو:
"يا لَقَومي ويَا لَأَمْثَالِ قَوْمي *  لأُناسٍ عُتُوُّهُم في ازْدِياد"
وإن لم تُعِد "يا" معه كسرت لامه نحو:
قول الشاعر:
يَبكيكَ نَاءٍ بَعيدُ الدّار مُغتَرِبٌ *  يَا لَلْكهُولِ وللشِبانِ لِلعجَبِ
-5 ويَجوزُ أن لا يُبتدأ المُسْتَعاثُ باللام فالأكثر حِينَئذٍ أن يُحتَمَ بالألف عوضاً عن اللام، ولا يجتمعان كقوله:
يَا يَزِيدَا لِآمِلٍ نَيْلَ عِزَّ *  وغِنىَ بَعْدَ فاقَةٍ وَهَوَانٍ( فـ "يزيدا" مُسْتغاث والألف فيه عِوضٌ من اللام و "لآملٍ" مُسْتغاث له وهو اسمُ فاعل و "نيلَ" مفعولٌ به)
قد يخلو المُسْتغاثُ من اللام و الألف فيُعْطَى ما يستحقُّه لو كان مُنادة غيرَ مُستغاثٍ كقولِ الشاعر:
أَلاَ يَا قَومِ لِلعَحَبظِ العَجيبِ *  وَلِلغَفَلاتِ تَعْرِضُ للأرِيب ("يا قوم" مُستَغاث مضاف لياءِ المتكلم المَحذُوفةِ اجْتِزَاء بالكسرة. والأريب: العالم بالأمور.
أمَّا مع اللام، فهو مُعَرب مجرورٌ باللام، ومع الألف فهو مبني على الضم المقدر لمناسبة الألف في محل نصب.
-3 المُتعَّجبُ منه:
هو المستغاثُ بعَيْنه أُشرِب مَعْنى التَّعَجُّب من ذاتِه أو صفتِه نحو: "يَا لَلْحَرِّ" تَعَجُباً من شِدَّتِهِ و "يَا لَلدَّوَاهي" عند استِعْظامِها.
-4 هاء السَّكْت:
وفي حَالِ وَصْلِهِ بالأَلِفِ إذا وُقِف على كلٍّ مِنْهُمَا يجُوز أن تَلْحَقَه "هاء السَّكْت" نحو "يَا زَيْداهُ" و "يا دَوَاهِيَاهُ".
-5 حُطْم صِفَةِ المُسْتَغَاثَ جَرَرْتَ صفته، نحو "يَا لإِبْرَاهيمَ الشُّجاعِ للمَظلوم".
-6 قد يكون المستغاث مستغاثاً من أَجْلِهِ كأن تقول: "يا لَلْقاسِم لِلْقَاسِم"، أي أجعوك لتُنْصِفَ مِن نَفْسِك.
-7 حَذْفُ المستغاث:
قد يُحَّف المستغاثُ فيلي "يا" المستغاثُ مِنْ أجْلِهِ كقوله:
يَا لِأُنَاسٍ أبَوْا إلاَّ مُثابَرَةً *  عَلى التَّوَغُّلِ فِي بَعْيٍ وعُدْوَانِ
أي يا لَقَومِي لأناس.
الاسْتِفْهَام:
-1 تَعْريفه:
هُو طَلبٌ الفَهم بالأدَواتِ المخصُوصةِ.
-2 حَرفا الاستِفهام:
للاسْتِفْهامِ حَرْفان: "هَلْ" و "الهَمزة". (= فيحرفيهما).
-3 أسماء الاسْتِفهام:
تسعة وهي: "مَا، ومَن، وأيّ، وكَمْ وكَيْف، وأيْنَ، وأَنَّى، ومَتَى، وأَيَّان".
(= في أحرفها).
-4 أدوات الاستفهام من حيث التَّصَور والتَّصديق.
جميعُ أَسْماءِ الاستِفهام لِطَلَبْ التَّصَوُّر (التصور: طلب إدراك المفرد فقولك "كيف أنتَ" استفهام عن مفردٍ وهو "أنت"). لا غير. إلاّ "هل" فإنَّها لِطَلبِ التصديق (التصديق: طلب إدْراك النسبة فقولك: "هل زيدٌ قادم" تستفهم عن قدومِ زيد هذه هي النسبة، لا عن زيد وحدَه) لا غير، والهمزة مشترِكةٌ بينهما.
-5 يَقْبُح في حُروف الاستِفهام أَنْ يصيرَ بعدها الاسمُ وبَعده فعلٌ:
وصُورةُ ذلك أن يَأْتيَ بعدَ أسماءِ الاستفهام وحروفِه: "هل" اسمٌ وبعد الاسْم فِعْلٌ.
فلو قلتَ: "هلْ زيدٌ قامَ" و "أيْنَ زَيدٌ ضَرَبْتَه" لم يَجُز إلاّ في الشعر، فإذا جاءَ في الشعر نَصَبْتَه فتقول مثلاً: "أينَ زيداً ضَرْبتَهُ؟".
فإنْ جِئتَ في سائرِ أسماءِ الاستفهامِ وحرفِه "هَلْ" - باسم وبَعْد ذلك الاسم اسْمٌ مِنْ فِعْلٍ - أي اسمٌ مُشْتَقٌّ - نحو "ضَارِب" جاز في الكلام، ولا يجوزُ فيه النَّصْبُ إلاّ في الشِّعر، فلو قلت: "هل زَيدٌ أنا ضاربُه". لكان جَيِّداً في الكلام، لأنَّ ضَارِباً اسمٌ في مَعْنَى الفِعْل، ويجوز النصبُ في الشعر.
أمَّا هَمْزةُ الاستِفْهَامِ فتختلف عن هذه الأحكام لأنها الأصْلُ.
(= همزة الاستفهام).
-6 إعرابُ أسماءِ الاستِفهام:
إنْ دَخَلَ على هذه الأسماءِ جَارٌّ، أو مُضافٌ فَمحلٌّها الجَرُّ نحو {عَمَّ يَتَساءلُون؟}(الآية "1" من سورة النبأ "28" ) ونحو: "صبيحَة أيِّ يَوْم سَفَرُك؟" و "غلامُ مَنْ جَاءَك؟" وإلاّ فإنْ وَقَعَتْ على زمانٍ نحو {أَيَّان يُبْعَثُون؟} (الآية "21" من سورة النحل "16" ) أو مَكَانٍ نحو {فأْينَ تَذْهَبُون؟} (الآية "26" من سورة التكوير "81"). فهي مَنْصُوبةٌ مفعولاً فيه. أو حَدَثٍ نحو {أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبون} (الآية "227" من سورة الشعراء "26" ). فهي مَنْصُوبةٌ مفعولاً مُطْلَقاً، وإلاَّ فإن وَقع بعدَها اسْمٌ نَكِرَةٌ نحو "مَنْ أبٌ لك: فهي مُبْتَدأةٌ، أو اسمٌ مَعْرِفة نحو "مَنْ زَيدٌ" فهي خبر، وعند سيبويه مبتدأ وبعدها خَبَر، وإلاَّ فإنْ وقَعَ بعدَها فِعلٌ قَاصِرٌ فهي مبتدأةٌ نحو "مَنْ قام" وإن وقعَ بعدها فعلُ متَعدٍّ فإن كان واقعاً عليها فَهْيَ مَفْعولٌ به، نحو: {فأيَّ آياتِ اللّه تُنكِرُون} (الآية "81" من سورة غافر "40" ) ونحو: {أيَّاماً تَدْعُوا} (الآية "110" من سورة الإسراء "17" ) ونحو "مَنْ يُؤَنِّبُ المعَلِّمُ؟". وإن كان واقعاً على ضَميرها نحو " مَنْ رَأيْتَه" أو متعلَّقِها نحو "مَنْ رأيتُ أَخَاه؟" فهي مُبْتدأة أو منصُوبةٌ بمحذوفٍ مُقدَّر بعدها يُفَسِّره المذكور.
* الاسم واشتقاقه:
وفي اشْتِقاق الاسمِ قَوْلان:
الأول: أَنَّه مُشتَقٌّ من السُّمُو - وهو رَأي البَصْريين - والثاني من السِّمةِ - وهي العَلاَمة - وهو رأي الكوفيين، والصحيحُ الأول، وهو السُّموُ بدليل جَمْعِه على "أسْماء" وتَصْغِيره على "سُمَيّ".
ويقال: سَمَا يسمو سُمُوّاً إذا عَلاَ، وكأنه قيل: اسمٌ أي ما عَلاَ وظَهَر فَصَارَ عَلَماً، وكلُّ ما يَصِح أن يُذكر فَلَهُ اسمٌ في الجُمْلة.
والاسْمُ: كلمةٌ تَدُلُّ على المُسَمَّى دَلاَلَةَ الإشَارَةِ دونَ الإفادَة ، وذلك أنَّكَ إذا قلت: زيدٌ، فكأنَّكَ قلتَ: ذاك، والإفادةُ أن يكون الاسمُ في جملةٍ مُفيدة، والفعلُ المُتَصَرِّفُ من الاسم قولُك: "أَسْمَيْتُ" و "سمَّيت" مُتَعَدٍّ لمفعولين نحو: "سَمَّيتُه بزيد".
والاسمُ قِسمان: اسمُ ذاتٍ، واسمُ مَعْنىً، فاسم الذات: ما وُضِع لمعنىً قائمٍ بغيره كالسَّوادِ والبياضِ والأخْذ والعَطاء وأمثالِ ذلك.
* أبنية الأسماء: الأسماءُ التي لا زيادَةَ فيها تكونُ على ثلاثةِ أَجْنَاسٍ: تَكُونُ على ثَلاَثَةِ أَحرُفٍ، وعلى أرْبَعةٍ، وعلى خَمْسةٍ، لا زِيادَةَ في شَيءٍ من ذلك، ولا يكونُ اسمٌ غيرُ محذُوفٍ على أَقَلَّ من ذلك.
فأول ذَلِكَ ما كَانَ على "فَعْلٍ" وهو يكُونُ اسْماً أو نَعْتاً؛ فالاسْمُ نحو: "بَكْرٌ، وكَعْبٌ، وصَقْرٌ" والنَّعتُ قولك: "ضَخْم، وجَزْل، وَصَعْب".
ويكون - الاسمُ - على "فِعْلٍ" فيهما.
فالاسمُ: "جِذْع، وعٍجْل". والنَّعت: "نِقْضٌ (النَّقْضُ: المَهزُول من السَّير، ناقةً أو جملاً ومثله: النِّضو) ونِضْوٌ، وحِلْفٌ".
ويكون على "فَعَلٍ" فيهما، فالاسم: "خُرْج، وقُفْل، وقُرط" والنَّعتْ: "مُرٌّ، وحُلْو".
ويكون على "فَعِلٍ" فيهما؛ فالاسمُ: "فَجِذٌ، وكَتِفٌ، وكَبِد". والنَّعْت: "فَرِحٌ، وحَذِر، ووَجِع". ويكون على "فَعُلٍ" فيهما، فالاسمُ: "رَجُلٌ وعَضُدٌ، وسَبُع" والنَّعْتُ: "نَدُسٌ (النَّدُس: الفَهِم)، حَذُر، وحّدُث".
ويَكونُ على "فُعُلٍ" فيهما؛ فالاسمُ نحو: "طُنُبٍ، وعُنُقٍ، وأُذُنٍ" والنَّعْت: "جُنُبٌ، وشُلُل، وبُكُر".
ويكون على "فِعَل" فيهما، فالاسم: "ضِلَع، وعِنَب، وعِوَض" والنَّعتُ: "عِدىً، وقِيَم". ويقول سيبويه: ولا نعلَمُهُ جاء صِفَةً إلاّ في حَرْفٍ معتلٍّ وهو قَوْلُهم: "قَوْمٌ عِدىً".
ويكون على "فِعِل" في الاسم، ولم يثبت إلا في حَرْفَين: وهما إِبِل، وإِطِل (وفي الاقتضاب: وإما "إِطِل" فزيادة غير مرضية لأن المعروف "إطْل" بالسكون ولم يسمع محركاً إلاّ في الشعر).
ويقول سيبويه: ويكون "فِعِلٌ" في الاسم نحو "إِبِلٌ" وهو قليل لا نعلم في الأسماء والصفات غيرَه، ويكون على "فُعَل" اسْماً، ونعتاً فالاسم: "صُرَد، ونُغَر" (صُرَد ونُغَر: طائران) والنَّعت: "حُطَم، وَلُبَد، وكُنَع، وخُضَع" - وهو الذي يَقهر أقْرانَه - قال الحُطَم:
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَم *  ليس براعي إبل ولا غنم
وقال اللّه عز وجل: {أهْلكْتُ مالاً لُبداً} (الآية "6" من سورة البلد "90").
ولا يكون في الكلام شيءٌ على "فِعُل" في اسم، ولا فعل.
ولا يكون في الأسماء شيءٌ على "فُعِل".
* اسمُ الآلَة:
-1 تعريفه:
هو لفظٌ مُشْتَقٌ دَالٌّ على أدَاةٍ تُعِين الفَاعلَ في تَحْصِيل الفِعل، ولا تُصاغُ إلاَّ مِنَ الثلاثي المبني للمعلوم المُتَعدِّي.
-2 أوْزَانُه:
أوْزَانُه ثَلاثَةٌ:
-1 "مِفْعَال" كـ "مِفْتاح، ومِنْشَار".
-2 "مِفْعَل" كـ "مِبْرَد، ومِقْوَد، ومِقَصّ" أصله مقْصص و "مشْرَط".
-3 "مِفْعَلة" كـ "مِكْنَسَة، مِسْطَرة، ومِصْفَاة".
-3 ما شَذَّ عن الثلاثة:
شَذَّ أَلْفاظٌ منها: "مُسْعُط" و "منْخُل" و "مدْهُن" و "منصُل" و "مكْحُلَة" بضم الأُول والثالث في الجميع.
و التَّحقيق أنها لَيْستْ من هذا الباب، بل هي أسماءُ أوْعِية مَخْصُوصةٍ، وقدْ أَتى جِامِداً على أوْزَانٍ شتَّى لا ضَابِطَ لها:
كـ "الفَأْس" و "القَدُوم" و "السِّكِّين" و "السَّاطُور" وغير ذلك.
اسم الإشَارة:
-1 تعريفه:
هو ما وُضِعَ لمُشَارٍ إليه. وهو من المَعَارِف السِّت.
-2 أسماءُ الإِشَارَة:
هي: "ذَا" للمُفْرِد المُذَكّر، و "ذي، تِي، ذِهِ، تِهِ (بإشباع الكسرة فيهما)، ذهِ، تِهِ (بغير إشباع فيهما)، ذِهْ، تِهْ (بسكون الهاء فيهما)، ذاتُ، تا" وهذه العَشْرة للمفرد المؤنث. و "ذانِ" للمُثَنَّى المُذَكَّر رَفعاً.
و "تانِ" للمُثَنَّى المُؤَنَّث رَفْعاً، و "ذيْن وتَيْن" لتَثْنِيَةِ المُذَكَّر والمؤنث نصباً وجِرّاً و "أوْلاَءِ" (وهو ممدود عند الحجازيين، ومقصور عند تميم، وقيس وربيعة وأسد) لجمعِ العاقِلِ مُذَكَّراً أو مثؤنَّثاً، وَيَقِلُ مجِيئُه لِغَيرِ العاقل وذلك كقولِ جرير:
ذُمَّ المَنَازِلَ بَعدَ مَنْزِلِة اللَّوى *  والعَيْشَ بَعدَ أولئكَ الأيَّامِ
وتَلْحَق اسمَ الإشارةِ "كافُ الخِطاب" و "لامُ البعد" (=كافَ الخطاب ولامَ البعدِ كلَّاً في حَرْفهِ).
-3 ما يُشَارُ به إلى المكانِ القريب والبعيد:
يُشَارُ إلى المكانِ القريبِ بـ "هُنا" من غير "هَا" أو "هَهُنا" مَقْرُونةً بـ "ها" نحو {إنَّا ههُنا قَاعِدُون} (الآية "24" من سورة المائدة "5" ).
ويُشارُ لِلبَعيدِ بِـ "هُنَاكَ" من غير "ها" أو "ههُنَاكَ" مَقْرُونَةً بـ "ها". أو هُنَالِكَ أو "هَنَّا" أو "هِنَّا" (وكسر الهاء أردأ من فتحها) أو "هَنَّتْ" (أصلها "هَنَّا" زيدت عليها التاء الساكنة فحذفت الألف لالتقاء الساكنين). أو "ثَمَّ" نحو {وأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخرِين} (الآية "64" من سورة الشعراء "26" ) "= في أحرفها".
* اسمُ التّفْضِيل وعَمَلُه:
هو اسمٌ مَصُوغٌ للدَّلالَةِ على أنَّ شَيْئَينِ اشْتَرَكا في صِفَةٍ، وزَادَ أحَدُهُما على الآخَر فيها، فإذا قلت: "خالدٌ أشْجعُ من عمروٍ" فإنَّما جَعَلتَ غاية تفضيله عمراً.
-2 قياسهُ:
قِياسُه: "أَفْعَل" للمذكَّر، نحو: "أَفْضَل" و "أكْبَرَ" وهو ممنوعٌ من الصرف للوصفيَّة ووزن الفعل، و "فعْلى" للمؤنَّث نحو: "فُضْلى" و "كبْرى" يقال: "عليٌّ أكبرُ مِنْ أخِيه". و "هندٌ فُضْلَى أَخَواتِهَا".
وقد حُذِفت همزةُ "أَفْعل" من ثَلاثَةِ أَلْفاظٍ هي: "خَيْر وشَرّ وحَبّ" لكثرة الاستعمال نحو "هو خَيْر منه" و "الظالم شَرُّ الناس".
مَنَعْتَ شَيْئاً فأكثرتَ الوَلُوعَ به *  وحَبُّ شَيْء إلى الإنْسانِ ما مُنِعَا
وقد جاءت "خَيْرٌ وشَرّ" على الأصل، فقيل: "أَخْيَر وأَشَر" قال رؤبة: "بِلالُ خيرُ الناسِ وابنُ الأخْيَرِ". وقرأ أبو قُلاَبة: {سَيَعْلَمُونَ غَداً من الكَذَّابُ الأَشَرُّ} (الآية "26" من سورة القمر "54") وفي الحديث "أَحَبُّ الأعمالِ إلى اللَّه أَدْوَمُها وإنْ قَل".
-3 صِياغَته:
لا يُصَاغُ اسمُ التَّفْضِيل إلاَّ مِن فِعْلٍ استَوْفى شروط فِعْلَي التَّعَجُّب (انظرها في التعجب). فلا يُبْنَى من فِعل غَيرِ الثُّلاثي، وشَذَّ قولهُم: "هو أَعْطَى مِنْك" ولا مِنَ المَجْهُول، وشذَّ قولهُم في المَثَلِ "العَوْدُ أَحْمد" و "هذا الكتاب أَخصَرُ من ذاك" مشتق من "يُحْمَدُ" و "يخْتَصَرَ" مع كونِ الثاني غَيْرَ ثُلاَثي، ولا مِنَ الجَامد نحو "عَسَى" و "ليْس" ولا مما لا يَقْبَل التَّفاوتَ مثل "مَات" و "فنِي" و "طلَعَتِ الشَّمسُ" أو "غَربت الشَّمسُ" فلا يُقال: "هذا أموتُ من ذاك" ولا "أفنى منه". ولا "الشمسُ اليومَ أَطْلعُ أو أغْربُ من أمْسِ" ولا مِنَ النَّاقِص مثل "كانَ وأخواتها: ولا من المَنْفى، ولو كان النفيُ لازِماً نحو "ما ضَرب" و "ما عِجْتُ بالدواء عَيْجاً" أي لم أنْتَفِعْ به، ولا مِمَّا الوَصْفُ منه على "أَفْعَل" الذي مُؤَنّثهُ "فَعْلاَء" وذلكَ فيما دَلَّ على "لَوْنٍ أو عَيْبٍ أو حِلْيَةٍ" لأنَّ الصِّفَة المشبهةَ تُبْنَى من هذه الأفعال على وزن "أَفْعَل"، فلو بُنيَ التَّفضِيلُ منها لالْتَبَس بها، وشذَّ قولهُم: "هو أسْودُ مِنْ مُقلةِ الظَّبيْ" ويُتَوصَّل إلى تفضيل ما فَقدَ الشروطَ بـ "أَشَدَّ" أو "أكْثَرَ" أو مثلِ ذلك، كما هو الحال في فِعْلَي التَّعَجُّب، غير أنَّ المصدرَ بعدَ التَّفْضِيل بأَشدّ يُنصَبُ على التَّمْييز نحو "خالدٌ أشدُّ اسْتِنباطاً للفوائد" و "هوَ أكثرُ حُمرَةً من غَيْره".
-4 لاِسمِ التَّفْضِيل باعتبار مَعْناه ثلاثة استِعْمَالات:
(أحَدُها) ما تَقدَّم في تعريفه وهو الأصل والأكثر نحو "خالدٌ أحبُّ إليَّ مِن عمرٍو".
(ثانِيها) أنْ يُرادَ به أنَّ شَيئاً زادَ في صِفةِ نَفْسِه على شَيءٍ آخَرَ في صِفَتِه قال في الكشاف: فمن وجيز كلامهم: "الصَّيْفُ أَحرُّ مِنَ الشِّتاءِ" و "العَسَلُ أَحْلى من الخل". أي إنَّ الصَّيفَ أبْلَغُ في حَرِّه من الشتاءِ في بَرْده والعَسَلُ في حَلاَوَتِهِ زائدٌ عَلى الخَلِّ في حُمُوضَتِهِ. وحينئٍّ لا يكون بينهما وَصْفٌ مُشْتَرَك.
(ثَالِثُها) أن يُرادَ به ثُبوتُ الوَصْفِ لِمَحَلَّه مِنْ غيرِ نَظَرٍ إلى تَفْضيلٍ كقولهم: "النَّاقِصُ والاشَجُّ أعْدَلاَ بني مروان" (الناقص: يزيد بن عبد الملك بن مروان، سمَّي بذلك لنقصة أرزاق الجند والأشج: عمر بن عبد العزيز). أي عادلاهم، وقوله:
قُبِّحْتُمُ يا آلَ زيدٍ نَفَراً *  أَلامَ قومٍ أصغراً وأكبرا
أي صَغِيراً وكبيراً، ومنه قولهم: "نُصيَبٌ أَشْعَرُ الحَبَشَةِ". أي شَاعِرُهُم. إذْ لا شاعِرَ غَيْرُهُ فيهم، وفي هذه الحالةِ تَجِبُ المطابقة، ومن هذا النوعِ قولُ أبي نُواس:
كأَنَّ صُغْرَى وكُبْرَى مِنْ فَقَاقِعِها *  حَصْبَاءُ دُرٍ عَلَى أرْضٍ من الذَّهَبِ (ولقد لحَّن بعضُهم أبا نواس بقوله "صُغْرى وكُبْرى" وكان حقه أن يقول: أصغرَ وأكبرَ بالتذكير إن أراد التفضيل. ودافع عنه بعضهُم بأنه ما أراد التفضيل وإنما أراد الصغيرة والكبيرة كما أوْرَدناه).
ومنه قولُه: تعالى: {وهُو أَهْونُ عَليه} (الآية "27" من سورة الروم "30" ). و{رَبُّكمُ أَعْلَمُ بِكُمْ} (الآية "54" من سورة الإسراء "17" ).
-5 لاسمِ التَّفْضِيلِ من جِهَةِ لَفْظِه ثلاثُ حَالاَتٍ:
-1 أن يكونَ مُجَرَداً من "ألْ" و "الإضافَة".
-2 أن يكونَ فيه "ألْ".
-3 أن يكونَ مضافاً.
فأمَّا المُجَرَّدُ مِن "أَلْ والإضَافة". يجب فيه أمران:
(أحدهما) أنْ يكونَ مُفْرداً مذكَّراً دائِماً نحو {لَيُوسُفُ وأَخُوه أَحبُّ إلى أَبِينَا مِنَّا} (الآية "8" من سورة يوسف "12" ).
(ثانيهما) أن يُؤتَى بعدَه بـ "مِنْ" (مِنْ: لابتداء الغاية). جارَّةٍ للمَفْضولِ كالآية المارَّةِ، وقد تُحذف "مِن"، نحو {والآخِرَةُ خَيْرٌ وأَبْقَى} ( الآية "17" من سورة الأعلى "87").
وقد جاء إثباتُ "مِنْ" وحذفُها في قوله تعالى: {أَنا أكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً} (الآية "35 من سورة الكهف "18" ) أي منك،
وأكْثَر ما تُحذَف "مِن" مع مجرورها إذا كان أفعلُ خَبراً كآية {والآخرة خيرٌ}، ويَقل إذا كانَ حالاً كقوله:
دَنَوْتَ وقد خِلْنَاكَ كالبَدْرِ أَجْمَلا *  فَظَلَّ فُؤادِي في هَوَاكَ مُضَلّلاً
أي دَنَوتَ أجملَ من البَدْرِ، أو صفةً كقولِ أُحَيْحَةَ بنِ الجُلاح:
تَرَوَّحِي أَجْدَرَ أن تَقِيلي *  غَداً بِحَنْبيْ بارِدٍ ظَلِيلِ (الخطاب: لصغار النخل وهو الفسيل، وتروح النبت: طال).
أي تروَّحي وخُذِي مكاناً أْدَرَ من غيره بأنْ تَقِيلي فيه.
ويجبُ تقديمُ "مِن" ومجرورِها عليه إن كان المجرورُ بمن استفهاما، نحو: : أَنْتَ مِمَّنْ أفْضَلُ؟". أو مًضافاً إلى الاستِفهام نحو "أنتَ مِن غلامِ مَنْ أَفْضَلُ؟".
وقد تَتَقَدَّم في غير ذلك للضرورة كقول جرير:
إذا سَايَرَتْ أسْماءُ يَوْماَ ظَعِينَةً *  فأسْمَاءُ من تلكَ الظَّعِينَةِ أمْلحُ
وأمَّا ما فيه "ألْ" من اسمِ التَفْضِيل فيجب فيه أمران:
(أحدهما) أن يكونَ مطابِقاً لموصوفه نحو: "محمد الأفْضَلُ" و "هنْد الفُضْلى". و "المُحَمَّجان الأفْضَلان" و "المُحَمَّدُون الأفْضَلون" و "الهِنْدَاتُ الفُضْلَيَاتُ أو الفُضَّل".
(ثانيهما) ألا يُؤْتى معه بـ "مِنْ".
وأما قولُ الأعشى يخاطب عَلْقمة:
ولستَ بالأكثرِ منهُم حَصىً *  وإنَّما العزةُ للكاثِرِ (حصَى: عدداً، والكاثر: الغالب في الكثرة، حرَّجه ابن حني من الخصائص على أنّ "مِنْ" فيه مثلُها في قولك: "أنت من الناسِ حُرٌّ" فكأنه قال: لست من بينهم الكثير الحصى).
فخرِّج على زيادة "ألْ".
"وأمَّا المُضَافُ" إلى نَكِرةٍ من اسم التفضيل فَيَلْزمُه أمْران: التذكيرُ، والإفْراد، كما يَلْزَمَانِ المجرد من أل والإضافة لاسْتِوَائِهما في التَّنكير، ولكونهما على معنى: مِنْ، ويلزمُ في المضاف إليه أن يطابق المَوصُوف نحو "محمدٌ أفْضَلُ رَجُلٍ" و "المُحَمَّدانِ أَفْضَلُ رَجُلَين" و "المُحَمَّدون أَفْضَلُ رِجالٍ" و "هنْدٌ أفْضَلُ امْرأةٍ" و "الهندانِ أفْضَلُ امْرَأَتَين" و "الهنداتُ أفضلُ نِساءٍ" إذا قَصَدتَ ثُبُوتَ المزيَّةِ للأوَّل على جنس المضاف إليه، فأما قولُه تعالى: {ولا تكونوا أوَّلَ كَافِرٍ به} (الآية "41" من سورة البقرة "2" وعلى القاعدة بغير القرآن يقال: ولا تكونوا أول كافرين به). فالتقدير على حذف الموصوف، أي أوَّلَ فَريقٍ كافِرٍ به.
وإنْ كَانَت الإضَافَةُ إلى مَعْرِفةِ، فإنْ أُوِّلَ بما لاَ تَفْضيلَ فيه، أو قُصِدَ به زِيَادةُ مُطْلَقَةٌ وجَبَتِ المُطَابَقَةُ لِلموصُوفِ، كقولهم: "الناقِصُ والأشَجُّ أعْدَلاَ بني مروان" أي عادلاهم. وإنْ كان أفعَلَ على أصلِه مِنْ إفادةِ المُفَاضلة على ما أضيف إليه جازت المُطَابَقة كقولِه تَعالَى: {أَكابِرَ مُجْرِميها} (الآية "123" من سورة الأنعام "6" )، {هُمْ أَرَاذِلُنا} (الآية "27" من سورة هود "11" ). وترك المطابقة هو الشَّائِع في الاستعمال، قال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَيَاةِ} (الآية "96" من سورة البقرة "2" ).
وقد اجتَمع الاسْتِعمالان في الحديث: "ألا أُخْبِركُم بأحبِّكُم إليَّ وأقرَبِكم مني مَنازِلَ يوم القيامةِ أَحَاسِنُكُم أَخلاَقاً المُوطَّؤون أكْنَافاً الذينَ يألَفُون ويُؤلَفُون".
-6 عمل اسمِ التَّفْضيل:
يَرفَعُ اسمُ التفضيل الضميرَ المستَتِر بكَثْرةٍ نحو "أبُو بكر أَفْضَلُ" ويرفع الاسْمَ الظَّاهِرَ، أو الضَّمير المُنفصل في لُغَةٍ قَلِيلة نحو "نَزَلْتُ بِرَجُلٍ أكْرَمَ مِنْهُ أبُوهُ" أو "أكرَمَ منه (قِلَّةُ هذه اللغة على أساسِ إعراب "أكرم" صفةً لرجل ممنوعةً من الصرف وبرفع "الأب" و "أنت" على الفاعلية بأكرم وأكثر العرب يُوجبُ رفعَ "أكرَم" في هَذَيْن المثالين على أنه خبر مقدم و "أبوه" أوْ "أنْتَ" مُبتدأ مُؤَخر، وفاعلُ أكرم ضمير عائد على المبتدأ والجملة من المبتدأ والخبر صفة لرَجلِ) أنتَ" ويَطَّردُ أنْ يَرْفَعَ "اَفْعلُ التفضيل" الاسمَ الظاهرَ إذا جازَ أنْ يَقَعَ موقِعَهُ الفعلُ الذي بُنيَ منه مُفيداً فائِدتَه، وسَبَقه "نَفيٌ أو شِبْهُهُ"، وكان مَرْفوعُه أجْنَبياً مُفَضَّلاً على نَفْسِه باعْتِبارَيْن نحو: "مَا رَأَيتُ رَجُلاً أحْسَنَ في عَيْنِه الكُحْل مِنْهُ في عينِ زيد" (معنى المثال: أنّ الكُحْلَ - باعتبار كونه في عين زيد - أَحْسَنُ مِنْ نَفْسِه باعتبارِ كَونِه في عين غيره مِنَ الرجال، وهذان هما الاعتباران). و "لمْ أَلْقَ إنْسَاناً أسْرَعَ في يدهِ القَلَمُ مِنْه في يَدِ عَلِيٍّ". و "لا يكُنْ غيرُك أحبَّ إليه الخَيرُ مِنْه إليك". و "هلْ في الناسِ رَجُلٌ أَحقُّ به الحمدُ منه بمُحْسِنٍ لا يَمُنّ".
وأما النَّصبُ به: فيمتنع منه مطلقاً المفعولُ به والمفعُولُ مَعَه، والمفعولُ المُطْلَق، ويمتنعُ التمييز، إذا لَمْ يكُنْ فاعِلاً في المَعْنى فلفظ "حيث" في قوله تعالى: {اللَّه أَعْلَمُ حَيْثُ يَجعلُ رِسالته} (الآية "124" من سورة الأنعام "6" ). في موضعِ نَصْبٍ مَفْعُولاً به بفعلٍ مُقَدَّر يدل عليه أعْلَمُ؛ أي يَعْلَمُ الموضعَ و الشَّخْص الذي يَصْلُح للرِّسَالة، ومنه قوله:
"وأضرَبُ منا بالسيوفِ القَوانِسا" (القوانس: جمعُ قَوْنَس، وهو أعلى البيضة "الخوذة").
وأجاز بعضهُم: أن يكونَ "أفْعل" هو العاملَ لتجرُّدِه عن مَعنى التفضيل.
أمّا عَمَلهُ الجرَّ بالإضَافة، فيجوز إن كان المخفوضُ كُلاًّ، و "أفعلُ" بعْضَه، وذَلِكَ إذا أُضيفَ إلى معرفة، نحو "الشَّافعي أعْلمُ الفقهاءِ". وعَكْسُهُ إذا أُضيفَ لنكرة نحو "أفضلُ رجُلَيْن أَبُو بكرٍ وعُمرُ". وأمَّا عَملُه بالحَرْفِ فإن كانَ "أفْعلُ" مَصُوغاً من مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ ودَلَّ على حُبٍ أو بُغض عُدِّي بـ "إلى" إلى ما هُو فَاعِلٌ في المَعْنى، نحو "المُؤْمنُ أحبُّ لِلَّهِ مِنْ نَفْسِه، وهو أَحَبُّ إلى اللَّهِ مِنْ غَيره" أي يُحبُّ اللَّهَ أكثَر مِنْ حُبِّه لنفسه، ويُحبُّه اللَّهُ أكثَر من حبِّه لغيره، ونحو "الصَّالِحُ أَبْغَضُ للشَّرِّ من الفَاسِق، وهو أبغضُ إليه من غيره". أي يُبْغِض الشر أكثرَ من بُغْضِه للفاسق، ويُبْغِضُهُ الفاسقُ أكثر من بغضِه لغيره.
وإن كانَ مِنْ مُتَعدٍّ لنَفْسه دَالٍّ على عِلْم عُدِّي بالباء نحو " محمدٌ أعْرَفُ بي، وأنا أعْلَمُ به". وإنْ كانَ غَيْرَ ذلك عُدِّي باللاَّمِ نحو "هُو أَطْلَبُ للثَّأْرِ وأنفعُ للجار" وإنْ كان من مُتَعدٍّ بحرفِ جَرّ عُدَّيَ به لا بغيره نحو "هو أزْهَدُ في الدنيا، وأسْرَعُ إلى الخير" و "أبعدُ من الذنب" و "أحرصُ على المَدْح" و "أجْدَرُ بالحِلْم" و "أحيدُ عن الخَنَى" (الخنى: الفحش) ولِفِعْلِ التَّعَجُّب من هذا الاستعمال، ما لأَفْعل التفضيل نحو "ما أحبَّ المُؤمِنَ للَّه وما أَحبَّه إلى اللَّهِ" إلى آخر الأمثلة.
* اسمُ الجَمع: هوَ مَا لَيسَ لَه واحِدٌ من لَفْظِه، وليسَ على وَزْنٍ خَاصٍّ بالجُموع أو غَالب فيها كـ "قوْم" و "رهْط" و "نفَر" و "بشَر" و "أبِل" أَوْ لَه واحدٌ لكنه مُخَالِفٌ لأَوْزَانِ الجُمُوع كـ "رَكْب" بالنسبة لـ "راكب" و "صحْب" بالنسبة لـ "صاحب" أَوْ لَه واحدٌ مُوافقٌ لأوزان الجُموع لكنَّه مُساوٍ للواحد في التذكير كـ "غَزِيّ" (أما غُزَّى: فهو جمع غازٍ) اسمُ جمع "غَازٍ" أو مُسَاوٍ للوَاحِدِ في النَّسَبِ نحو "رِكاب" اسم جمع "رَكُوبَة" وقالوا: "رَكابيّ" (يقولون: زيت ركابي: منسوب إلى الركاب أي الإبل لأنه يُحملُ من الشام عليها) في النسب.
واسمُ الجَمْع مُفْدَدُ اللَّفْظ مَجْمُوعُ المَعْنَى، بدليل جَوازِ تَصْغيره على صِيغَته، واسمُ الجَمْعِ لِغَير الآدَميين لم يَكْن إلاَّ مُؤَنَّثاً كـ "إبِل" و "غنَم" تقول: "هذه إبِلي" و "راحَتْ غَنَمي".
وَيَختَلِفُ اسْمُ الجَمْع بـ "هذا" إعادةُ ضَميرِ المفرد إليه.
أن يكو خَبَرَاً عَنْ هو.
أن يُصغَّر بنَفْسه، ولا يُرَدَّ إلى مفرَد.
عدمُ استمرارِ البُنْية في جمع التكسير.
* اسمُ الجِنْس: اسمٌ وُضِعَ للمَاهِيَّةِ بلا قَيْدٍ أصْلاً من حُضُورٍ وغيرِه، وإنْ لَزِمَهُ الحُضُورُ الذّهْني فلِتَعذُّر الوَضْعِ للمَجْهول ولكنه لم يُقصَد فيه.
والفَرْقُ بَيْن اسمِ الجِنْس وعَلَمِ الجنس (انظر علم الجنس) وَعَلَم الشخص (انظر العلم) أنَّ عَلَم الجِنْس للمَاهِيَّةِ بقيد الحُضُور، لا بِقَيْد الصِّدق على كثيرين. تقول: أُسَامَة أقْوى من ثُعَالَة، فأسَامَة: عَلَمٌ على الأسد والمعنى: ماهية الأسد أقوى من ماهية الثعلب واسمُ الجنس بالعكس. هذا نوعُ الأُسود، وثعالة علم على نوعه من الثعالب واسم الجِنْس بعكس ذلك.
وعَلَم الشخْص: للماهِيَّة المشخَّصة ذِهْناً وخَارِجاً، فالتَّشخُّص الذِّهني يَجْمع عَلَمَ الجِنْس وعَلَمَ الشَّخص، ويُخْرِجُ اسْمَ الجِنْس، والتشخُّص الخَارِجي، يُفَرِّق بَيْن العَلَمين.
وكعَلَم الجِنس: العرف بلام الحقيقة (لام الحقيقة كقولك "الفَرَس خيرٌ من البرْذَون" والمعنى حقيقة الفرَس أو ماهيَّتُها خيرٌ من حقيقَة البِرْذُون أو ماهيته).
وكعَلَم الشخص المعرَّفِ بلام العَهْد، إلاَّ أنَّ العلمَ يَدُلُّ على التعيُّن بجوهرِه وذا اللام بقرينتها.
* اسمَ الجِنس الإفْرادي: هو ما يَصْدُقُ على القَلِيلِ أو الكثير نحو "لَبَنٌ وَمَاءٌ وَعَسَلٌ".
* اسمُ الجِنْس الجَمْعي: هو الذي يُفرَّق بينَه وبَيْنَ وَاحِده بالتَّاء غالِباً، وذلك بأن يكونَ الواحدُ بالتّاء، واللفظُ الدال على الجمعِ بغير تاء، مثل "كَلِم، كَلِمة، وشَجَر، شَجَرَة" وقد يُفَرَّق بينه وبينَ واحده بالياء نحو "رُوم - رُومي" و "زنج - زَنجي" ويطلق على القليل والكثير كالإفرادي ويُستثنى "الكلم" (=الكلم).
ويجوز في صفةِ هذا الجَمْعِ التَّذكيرُ و التَّأنيثُ نحو {إعْجَازُ نَخْلٍ خَاويةٍ} (الآية "7" من سورة الحاقة "69") و{أعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِر} (الآية "40" من سورة القمر "54") و الأغْلَبُ على أهلِ الحِجازِ التَّأنِيث، وعلى أهلِ نَجْدٍ التَّذكير. وقيل التذكيرُ باعتبارِ اللفظ و التأنيثُ باعتبار المعنى.
* اسمُ الفاعل: وأَبْنِيَتُه - وعَمَلُهُ:
-1 تعريف اسمِ الفاعل:
هو ما دَلَّ على الحَدَث و الحُدُوث وفاعِله كـ "ذاهبٍ" و "مكْرِم" و "مسَافِرٍ" وسمُ العاهِل حَقِيقةٌ في الحال، مَجَازٌ في الاستِقْبَال والمَاضِي.
-2 أبْنِيَةُ اسمِ الفَاعل:
أبْنِيَةُ اسمِ الفَاعل إمّا أنْ تأتيَ من الفعلِ الثلاثِّي المُجَرَّد، أو تأتيَ من غير الثلاثي.
أمَّا بِناءُ اسْمِ الفاعِلِ مِنَ الثلاثيِّ المُجَرَّد: فإنْ كان الفِعل ثلاثياً مجرَّداً فاسمُ الفاعلِ منه على وَزْن "فاعِل" بكثرةٍ في "فَعَل" مفتوح العين، مُتعدِّياً كأن كـ "ضَرَبه" فهو "ضَارِب" و "نصَرَه" فهو "نَاصِر" أو لازماً كـ "ذَهَبَ" فهو "ذَاهِبٌ" و "غذَا" بمعنى سَال فهو "غاذٍ" .
وفي "فَعِل" بالكسر، متعدياً كـ "أَمِنَه فهو آمِن" و "شربه فهو شَارِب" ويقل في اللازم كـ "سَلِم فهو سَالِم" وف "فَعُل" كـ "فَرُهَ فهو فَارِه".
واسمُ الفاعل ن نحو "قَال" و "باعَ" مِمّا كان مُعْتَلَّ الوَسَط: "قَائِل" و "بائِع" بقلب حَرفِ المَدِّ هَمْزةً.
وما كان على وَزْن "جَاءَ" و "شاءَ" مما هو مُعْاَّل الوَسَط فهو مَهْمُوزُ الآخر؛ فوزنُ الفاعل مِنْه على "جَاءٍ" و "شاءٍ" وإنْ شِئتَ قلت "جَائِيٌ" و "شائِيٌ" وكِلا القَوْلَيْن حَسَنٌ جميل على تعبير سيبويه.
وما كانَ من الثُّلاثيِّ مُعتَلُّ الآخِر نحو "غَزَوْتُ" و "زمَيْتُ" و "حشِيْتُ". فاسمُ الفاعل منه "غَازٍ" و "رامٍ" و "خاشٍ".
وأمَّا قولهم: "عَاوِرٌ" و "حاوِلٌ" و "صيِد" من عَوِر وحَوِل وصَيِد. فإنما جَاءُوا بِهِهَّ على الأصل.
"وَبَعِيرٌ صَيد" لَوَى عُنُقَه من عِلَّةٍ به. ويُقَالُ للمُتَكَبِّرُ: أصْيَد.
أمَّا في "فَعِلَ" اللازِم فقِياسُ اِسمِ الفاعلِ فيه "فَعِلٌ" في الأعْراض كـ "فَرِحٍ" و "أشِرٍ".
و "أفْعَل" في الألوان والخِلَق كـ "أَخْضَرَ وأَسْوَدَ وأَكْحَلَ". و "أعْمَى وَأَعْوَرَ" و "فعْلاَن". فيما دَلَّ على الامْتِلاءِ، وحَرارَةِ البَاطِن كـ "شَبْعَانَ وَرَيَّانَ" و "عطْشَانَ".
وقياسُ الوَصْف مَن "فَعُلَ" في الماضي والاستقبال - بالضم - "فَعِيل" كـ "ظَرِيف وشَرِيف". وَدُونَه "فَعْل" كـ "شَهْم وضَخْم" ودُونَهما "أَفْعَلَ" كـ "أخْطَب" إذا كان أحْمَرَ إلى الكُدْرَةِ و "فعَلٍ" كـ "بَطَل وحسنَ" و "فعَال" كـ "جَبَان" و "فعال" كـ "شُجَاع" وفُعُل" كـ "جُنُب" و "فعْل" كـ "عِفْر" أي شجاع مَاكِر، وهذه الصِّفات كلُّها إنْ قُصِد بها الثُّبوتُ والدَّوامُ، إلا وَزْن "فاعل" (والفرق بين "فاعل" وغيره من تلك الصفات أن الأصل في فاعل قصدً الحُدوث، وقصدُ الثُبوت طارئٌ، أمَّا غيرُ "فاعل" فمُشْتَركٌ في الأصل بين الحُدُوث والثبوت). فإنه اسمُ فاعل إلاّ إذا أُضِيف إلى مرفُوعِه ودَلَّ على الثبوت كـ "طَاهرِ القلبِ" و "شاحِطِ الدَّار".
وأمَّا بِناءُ اسمِ الفاعِل من غير الثُّلاثيّ: فتكون بلفظِ مُضارِعِهِ بإبدالِ حرف المُضَارعةِ ميماً مَضمومةً، وكسر ما قبل أخرِه، سَواءٌ أكان مَكسُوراً في المضارع كـ "مُنْطَلِق" و "مسْتَخْرِج" أو مفتوحاً كـ "مُتعَلِّم" و "متَدَحْرِج".
-3 عمل اسمُ الفاعل:
يَعملُ اسمُ الفاعل عملَ الفِعل المُضَارع في التَّعْدِّي واللُّزوم.
وهو قسمان:
-1 ما فيه "ألْ" ("أل" في اسم الفاعل والمفعول العاملين: اسم موصول) الموصولة.
-2 والمجرَّدُ من "ألْ".
وهاك التفصيل:
ما فيه أل من اسم الفاعل:
أمَّا ما كان فيه "أل" الموصولةُ من أسماء الفاعل فَيَعْمَلُ مُطْلقاً، ماضياً كانَ أو غيرَه، معتمداً (أي معتنداً على نفي أو استفهام إلخ . كما سيأتي قريباً) أو غيرَ مُعْتَمد، لأنه حالٌّ محلَّ الفِعل، والفِعلُ يَعْملُ في جميع الأحوالِ نحو "حضَر المُكرِمُ أخَاكَ أمسِ أو الآنَ أو غداً" فصار معناه: حضَر الذي أكْرمَ أخاك، ومثله قوله تعالى: {والمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ والمُؤْتُون الزَّكَاةَ} (الآية "162" من سورة النساء "4" ) وقال تَميمُ بن أبي مُقْبِل:
يا عَيْنُ بََكَّي حُنَيفاً رأْسِ حَيِّهم *  الكَاسِرِين القَنَا في عَوْرَةِ الدُّبُرِ
وقد يُضافَ اسمُ الفاعل مع وُجُودِ أل الموصولة، وقد قال قومٌ تُرْضَى عَرَبِيَّتُهم: "هذا الضاربُ الرجُلِ". شَبَّهُوه بالحَسَن الوَجْهِ، وإنْ كان لَيسَ مثْلَه في المَعْنى. قال المَرَّار الأَسَدَي:
أنا ابنُ التَّارِكِ البَكْريِّ بِشْرٍ *  عَلَيْه الطَّيْرُ تَرْقُبهُ وُقُوعَاً
فالبَكْريُّ: مفعولٌ لِلتّاَرِك، فأضيف إليه تخفيفاً، ومن ذلك إنشاد بعضِ العَرب قولَ الأعشى:
الواهبُ المِائةِ الهِجَانِ وعَبْدِها *  عُوذاً تُزَجِّي بينها أطفالَها
اسمُ الفاعِلِ المجرَّدِ من أل.
وأمَّا المجرَّدُ من "أل" فيعملُ بثلاثة شروط:
(أحدُها) كونُه للحال أو الاستقبال لا للماضي (خلاف للكسائي، ولا حجة له في قوله تعالى: {وكلبهم باسِطٌ ذراعَيْه بالوصيد} لأنه على إرادة حكاية الحال الماضية، والمعنى: يبسط ذراعيه بدليل؛ ونقلبهم ولم يقل وقلبناهم).
(الثاني) اعْتِمَادُه على استِفهامٍ، أو نفيٍ أو مُخْبَرٍ عنه، أو موصوفٍ، ومنه الحال.
فمثال الاستفهام "أعارفٌ أنتَ قَدرَ الإنصاف" ومنه قول الشاعر:
"أَمُنجِرٌ أنتُمُ وَعْداً وثِقتُ به"
ومثال النفي: " ما طالِبٌ أخواكَ ضُرَّ غيرِهما".
ومثالُ المُخْبَر عنه ما قاله امرؤ القيس:
إني بِحَبْلك واصِلٌ حَبلِي *  وبِريشِ نَبْلِك رائِشٌ نَبْلِي
وقال الأخْوَصُ الرياحي:
مَشائِيمُ لَيْسُوا مُصْلِحين عَشِيرةً *  وَلا نَاعِباً إلا بِبَينٍ غُرَابُها
ومثال النعت: "ارْكُن إلى عِلْمٍ زائِنٍ أَثَرُه من تَعَلَّمه". ومثال الحال: "أَقْبَلَ أَخوك مُسْتَبْشِراً وَجْهُه".
والاعتِمادُ على المقدَّر منها كالاعتماد على الملفوظِ به نحو " مُعِطٍ خالدٌ ضَيْفَهُ أمْ مَانِعهُ" أيْ أَمُعْطٍ (بدليل وجود "أم" المتصلة فإنها لا تأتي إلا بسياق النفي). ونحو قول الأعشى:
كَناطِحٍ صَخْرةً يوماً لِيُوهِنُهَا *  فَلمْ يَضرهَا وَأَوهَى قَرْنَه الوَعِلُ
أَي كَوَعْلٍ نَاطِحٍ.
وَيَجب أنْ يُذْكرَ هنا أنَّ شَرْطَ الاعتماد، وعَدَمَ المضي، إنما هو لِعَمَلِ النَّصبِ، ولِرَفْعِ الفاعِلِ في الظاهر، أمَّا رَفْعُ الضَّمير المستتر فجائزٌ بلا شَرْط.
(الثالث) من شروط إعمالِ اسمِ الفاعل المجرَّد من "أل" ألاَّ يكون مُصَغَّرَاً ولا مَوصُوفاً لأنَّهما يخْتَصان بالاسم فَيُبْعِدانِ الوصفَ عن الشَبَهِ بِالفِعْليَّة. وقيل: المصغَّر إن لم يُحْفَظْ له مكبَّرٌ جاز كما في قوله:
"تَرَقرَقُ في الأيْدي كُميتٌ عصيرُها". فقد رُفع "عصيرها" بكُمَيْت فاعلاً له، وقيل يجوز في الموصوف إعمالُه قبل الصفة، نحو "هذا ضاربٌ زيداً متسلط" فَمُتَسَلِّط صفةٌ لضارب تأخر عن مَعْمُولِ اسم الفاعل وهو زيد.
(عمل مبالغة اسم الفاعل = مبالغة اسم الفاعل)
-4 عَمَلُ تثنية اسم الفاعل وجمعِه:
لتثنيةِ اسمِ الفاعل وجمعِهِ ما لمُفْرَدِه من العَمل والشُّروط، قال الله تعالى: {والذَّاكِرينَ اللَّهَ كَثِيراً} (الآية "35" من الأحزاب "33" ) {هَلْ هُنَّ كاشِفَات ضُرّه} (الآية "38" من الزمر "39" وهذه قراءة الحسن وعاصم. ورواية حفص: "كاشِفَات ضُرِّه" على الإضافة. ) {خُشَّعاً أبْصَارُهَم} (الآية "7" من سورة القمر "54").
ومثالُ التثنية قول عنترة العبسي:
الشَّاتَمِيْ عِرْضي ولم أشتمْهُما *  والنَّاذِرَيْن إذا لَم الْقَهُما دَمي
ومِمَّا يَجْري مُجْرَى "فاعِلَة" حيثُ جَمعُوه وكسَّروه على فَواعِل، من ذلك قولهُم: "هُمْ حَوَاجُّ بَيْتَ اللَّه".
ومنه قولُ أبي كَبِير الهُذَلي:
مِمَّن حَمَلْنَ به وهُنَّ عَوَاقِدٌ *  حُبُكَ النِّطاقِ فَشَبَّ غيرَ مُهَبَّلِ
( الحُبُكَ: واحده: حَبِيك: الطرائق. النِّطاق: ما تشدُه المرأة في حَقوها. المُهَبَّل: المَعْتُوه الذي لا يَتَماسك).
وقد جَعَل بعضهُم "فُعَّالاً" بمنزلةِ فَواعِل فقالوا: "قُطَّانُ مكَّةَ" و "سُكَّانُ البَلَدَ الحَرام".
-5 حكمُ تابع معمولِ اسم الفاعل:
يجوزُ في تَابِع مَعْمولِ اسمِ الفاعلِ المَجْرُورِ بالإِضافة: الجرَّ مُرَاعاةً لِلَّفْظ، والنصبُ مُرَاعاةً لِلمحلّ، أو بإضْمارِ وصْفٍ مُنَوَّن، أو فِعل نحو "العَاقِل مُبْتَغي دينٍ ودُنْيا" أي ومُبْتَغٍ دنيا، أو يَبْتَغي دنيا، ومنه قوله:
هَلْ أَنْتَ بَاعِثُ دِينَارٍ لِحَاجَتِنا *  أو عبِدَ رَبٍّ أَخَا عَوْنِ بنِ مِخراق
(دينار وعون بن مخراق كلها أعلام والمعنى: هل أنت باعثٌ لحاجَتِنا دينَاراً أو عبد رب الذي هو أخو عون بن مخراق).
نصب عبدَ عطفاً على محل دينار، ولو جر "عبد رب" لجاز، بَلْ هو الأرجح، فإن كان الوصفُ غيرَ عَامِلٍ تَعَيَّن إضمارُ فعْلٍ للمنصوبِ نحو قولِه تَعَالى: {جَاعِلِ الملائِكةِ رُسُلاً} (الآية "1" من سورة فاطر "36" )
(إنما لم يعمل "جاعل" في الآية وهو اسمُ فاعل لأنه بمعنى الماضي و "رسُلاً" مفعول لجمل مقدرة).
-6 تقديمُ مَعْمُولِ اسم الفاعلِ عليه:
يجوزُ تقديمُ مَعْمُولِ اسمِ الفاعلِ عَلَيه نحو "الكتابَ أَنَا قارئٌ" إلاَّ إذا كان اسمُ الفاعل مقتَرناً بـ " ألْ" أو مَجْروراً بإضَافةٍ أو بحرفِ جرٍّ غير زائد فلا يجوزُ فيه تقديم المعمول نحو "قَدِمَ المؤلفُ الكِتَابَ" و "هَذا كِتَابُ مُعَلِّمِ الأَدَبِ" و "ذَهَبَ أخي بمؤدِّبِ ابْني".
فإنْ كان حرفُ الجرِّ زائِداً جازَ التَّقَديمُ نحو "ليسَ محمدٌ خليلاً بمكرِم". والأصل "ليسَ محمدٌ بمكرِم خليلاً".
-7 إضافةُ معمولِ اسم الفاعل:
يَقُولُ سيبويه: واعْلَم أنَّ العَرَبَ يَستَخِفُّون فيحذِفُون التَنْوِين - أي من اسْمِ الفاعل المفرد، للإضافة والنون أي من المُثَنَّى والجَمْع للإضَافَةِ - ولا يَتَغَيَّر مِنَ المَعْنَى شيءٌ، ويَنْجَرُّ المفعُول (وخص المفعول ليخرج الفاعل والحال والتمييز فإنها لا تضاف). لكفِّ التنوين من الاسم، فصار عمله فيه الجر - أي يَصير المفعولُ مُضَافاً إليه ومعناه المفعول ودخل الاسمُ مُعَاقِباً للتنوين.
ويقول: وليس يُغَيِّر كفُّ التَّنوين، إذا حَذَفْتَه مُستَخِفّاً، شيئاً من المعنى، ولا يَجْعَلُهُ مَعْرِفةً فمن ذلك قولُه عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ} (الآية "158" من سورة آل عمران "3" ) و{إنَّا مُرسِلُو الناقةِ} (الآية "27" من سورة القمر "54"). {ولَوْ تَرَى إذِ المُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤوسِهم} (الآية "12" من سورة السجدة) و{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} (الآية "1" من سورة المائدة "5" ) وأقول: ولو أتَيْنا بالتَّنْوين وأعْمَلْناها ظَاهِراً لقلنا في عير القرآن: ذَائِقَةٌ الموتُ، ومُرْسِلُونَ النَّاقَةَ، ونَاكِسون رؤوسَهم، ومُحِلِّينَ الصَّيدَ والمَعْنَى واحد، ولكنَّ حذفَ التَّنْوين والنُّونِ أَخَفُّ، وأَتَى على الأَصْلِ قولُه تعالى: {وَلا آمِّينَ البَيْتَ الحَرام} (الآية "2" من سورة المائدة "5" ) ومما جاء في الشعر غيرُ مُنوَّنٍ قول النابغة:
احْكُمْ كَحُكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ إذْ نَظَرتْ *  إلى حَمَامٍ شِرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ
(شراع: واردة للماء، الثمد: الماء القليل. ويقول الشاعر للنعمان بن المنذر مصيباً للحق والعدل كما أصابت فتاة الحي وهي زرقاء اليمامة حين حَزَرَت الحمام فأصابت.
وَصَف به النكرةَ - وهي حَمام - لأنَّ هذه الإضافَةَ لا تُفِيدُ تَعْريفاً كما تَقَدَّمَ.
وقال المَرَّار الأسدي:
سَلِّ الهُمُومَ بِكلِّ مُعْطِي رَأْسِه *  ناجٍ مُخَالِطِ صُهْبَةٍ مُتَعَيِّسِ
(مُعْطى رأسِه: ذلول، ناجٍ: سريع، الصهبة: بياض يضرب إلى حمرة. مُتَعيِّس: الأبيض تخالطه شُقْرة.
-8 صِيغةُ فَاعِل بمعنى مَفْعُول: وقد تَأْتِي صِيغُة "فاعلٍ مُرَاداً بها اسمُ المفعول بقِلَّةٍ وجاءَ من ذلك قولُه تعالى: {فهو في عِيشَةٍ راضِية} (الآية "21" من سورة الحاقة "69") أي مَرْضيَّة. ومنه قول الحُطَيئة يَهْجُو الزِّبْرِقَان: دَعِ المَكَارِمَ لا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها واقْعُدْ فإنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي أي المَطْعُوم المكْسي وقد يجيءُ "فاعل" مَقْصوداً به النَسَب كـ "لابِنٍ" أي صاحب لبن. و "تَامِرٍ" صاحبِ تمر (= النسب).
* اسم الفِعْل:
-1 تعريفِه:
هو مَا نَابَ عنِ الفعلِ في العَمَل ولم يَتَأَثَّر بالعَوَامِل كـ "شَتَّانَ" و "صَة" و "أوَّه" وهو نوعان:
مُرْتَجَلٌ وَمَنْقُولٌ، ومِنْها المُتَعَدِّي واللازم.
-2 اسمُ الفِعلِ المُرْتَجَل:
هو مَا وُضِعَ مِنْ أوِّلِ الأَمْر كذلك كـ "هَيْهَاتَ" بمعنى بَعُد، و "أوَّه" بمعنى أَتَوَجَّعُ و "أفٍّ" بمَعْنَى أتَضَجَّر. و "ويْ" بمعنى أَعْجَب قال تعالى: {وَيْكأنَّه لا يُفلِحُ الكافِرون} (الآية "82" من سورة القصص "28" ). أي أعْجَب لعَدَمِ فلاحِ الكافِرين، ومثلها "وَاهاً" و "وَا" قال أبو النجم:
وَاهاً لسَلمى ثُمَّ وَاهاً وَاها *  هي المُنى لو أننَّا نِلْنَاهَا
وقال الرَّاجِزُ من بَعْضِ بني تميم:
وَا بِأَبِي أَنْتِ وَفُوكِ الأَشْنَبُ *  كأنَّما ذُرَّ عليه الزَّرْنَبُ
(الزَّرْنب: كـ "جعفر" نبات طيب الرائحة. الشنب: ماء وَرِقَّة يجري على الثغر).
و "وا" هذه اسم فعل لـ "أعجب"، و "صهْ" بمعنى اسْكُتْ، و "مهْ" بمعنى انكَفِفِ، و "هلُمَّ" بمعنى أَقْبِل، و "هيْت" و "هيَّا" بمعنى أَسْرِع، و "أيه" بمعنى امْضِ في حديثك "وانظُرها جميعاً في حُروفها". ووُرُودُ اسْمِ الفعل بِمَعْنَى الأَمْرِ كَثيرٌ، وبِمَعْنَى الماضِي والمُضَارِع قَليل. ولا تتصلُ باسمِ الفِعل المرتجَل علامة للمُضمَر المرتفع بها فهي للمُفرد المذكر وغيرهِ بِصيغَةٍ واحدة.
وفائدةُ قصدُ المُبالغة فكأنَّ قائل "هيهاتَ" أو "أفّ" أو "صه" يقول: بَعُد كثيراً، وأتَضَجَّرُ كثيراً، واسكتْ اسكتْ.
-3 اسم الفعل المنقول:
هُوَ ما نُقِلَ عَنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ:
(أ) إمَّا مَنْقُولٌ عن: "ظَرْف" نحو "وَرَاءَك" بمعنى تأخَّرْ، و "أمَامَكْ" بِمَعْنَى تَقَدَّمَ، و "دونَكَ" بِمَعْنَى خُذْ، "مَكَانَكْ" بِمَعْنَى اثْبُتُ.
(بـ) وإما منقولٌ عن "جارٍّ ومجرُور" نحو "عَلَيْكَ" بمعنى الزَمْ، ومنه: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (الآية "105" من سورة المائدة "5" ) و "ألَيْكَ" بمعنى تَنَحَّ، ولا يُقاسُ على هذه الظروفِ غيرُها. ولا تُسْتَعْمَل إلاّ مُتَّصِلةً بِضَمير المُخَاطَب، لا الغائبِ، ولا غير الضمير، وموضعُ الضمير حَرٌّ بالإضافة مع الظروف، وجرُّ بالحرف مع المنقول من الحروف، وإذا قلت: "عَلَيْكُمْ كُـِلُّكمُ أنفسَكُمْ" جاز رفعُ "كُل" توكيداً للضمير المستكِنّ، ودرُّه توكيداً للمجرور.
(جـ) وإمَّا مَنقولٌ عن مَصدرٍ وهو على قسمين:
(الأول) مصدرٌ استعمل فِعلُه، نحو "رُوَيْدَ بَكْراً" أن أمْهِلْه، فإنهم قالوا: "أَرْوَدَه إرْوَاداً" بمعنى أمْهَلَهُ إمْهالاً، ثم صَغَّروا المَصْدَرَ بعد حذف زَوائده، وأقامُوهُ مُقام فِعْله، واستَعْملُوه تَارَةً مُضَافاً إلى مَفعوله، فقالوا: "رُوَيْدَ محمدٍ" وتارةً منوناً ناصباً للمفعول، فقالوا: "رُوَيْداً علياً" ("رويد" في المثالين: مصدرٌ نائب عن أرْود وفاعله مُستتر وجوباً و "محمد" في الأول مفعول به مدرور بإضافة المصدر إلى مفعوله و "علياً" في الثاني مفعول به منصوب).
(الثاني) مصدرٌ أُهمِل فِعْلهُ نحو "بَلْهَ" فإنه في الأصل مصدرُ فعلٍ مُهْمَل مُرَادفٍ لـ "دَعْ" و "اتْرُك" يقال "بَلهَ عليٍّ" بنصب المفعول، وبناء "بَلْهَ" على الفتح على أنَّه أسم فعل. وتستعمل "بَلْه" بمعنى "كَيْف" فتكونُ خَبَراً مُقَدَّماً، وما بَعْدها مبتدأ مؤخَّرٌ. وقد رُوي بالأوجُه الثلاثةِ (الإضافة والنصب على أنه مفعول به و الرفع على أنه مبتدأ مؤخر) قولُ كعبِ بنِ مالك في وَقْعَةِ الأحزاب:
تَذَرُ الجَمَاجِمَ ضَاحِياً هَامَاتُها بَلْهَ الأكُفِّ كأَنَّها لم تُخلقِ (فاعل "تذر" يعود على السيوف في البيت قبله وهو قوله:
نصل السوف إذا قصرنا بخطونا *  قدماً ونلحقها إذا لم تلحق
والجماجم جمع جُمْجُمة: وهو عَظْم الرأس، وضاحياً من ضحا يضحى: إذا ظَهَر وبَرَز، والهامةُ: وسَط الرأسِ ومُعْظَمهُ).
-4 المُنَّون وغير المُنَّون من أسماء الأفعال:
ما نُوِّنَ من أَسْماءِ الأفْعَال كان "نكرَةً" وما لم يُنَوَّن كان "مَعرفةً"، وقد الْتُزِم التنكيرُ في "وَاهاً" والتُزِم التعريف في "نَزَالِ" و "تراكِ" وبابِهما.
-5 القياسُ في أسماءِ الأفعال
لا ينقاسُ؟؟ من أسماءِ الأفعال إلاّ مُوَازِن "فَعَالِ" أمْراً من الثلاثيِّ التام المتصرف كـ "نَزَالِ" و "أكَالِ" بمعنى انزِلْ وكُلْ، وما عَدَا ذلك فالمعوَّلُ فيه السماعُ.
-6 عملُ اسمُ الفعلِ:
يَعمل اسمُ الفعلِ عَمَلَ مُسمَّاه في التَّعَديّ واللزوم غالباً، فإنْ كان مسمَّاه لازماً كان اسمُ فِعله كَذلِك، تقول: "هَيْهاتَ نجدٌ" كما تقول: بَعُدَت نجدٌ
قال جرير:
فَهَيْهاتَ هَيْهَاتَ العَقيقُ ومَن به *  وَهَيهَاتَ خِلٌّ بالعَقِيقِ نُواصِلُه
وكذا إنْ كان مُتَعَدِّاً تقول "تراكِ الفَاِسَق" كما تقول "اتْرُكِ الفَاسِقَ" و "حيْهَلا الثَّرِيدَ" بمعنى إِيتِهِ، أو عَلى الثَّريد بمعنى أَقْبِلْ عليه، أو "بالثَّرد" بمَعْنى عَجِّلْ به ، ومنه "إذا ذُكِرَ الصالحونَ فحَيْهَلا بِعُمر" أن أسْرِعوا بذكره، ومن غير الغالب "آمِين" بمعنى: استَجِبْ، فإنَّه لازمٌ وفعلُه متعدٍّ.
-7 لا يَتَقَدَّم مَعْمُولُ اسْمِ الفِعل عليه: فلا يُقال عَلِيّاً رويدَ.
وأما قوله تعالى: {كتابَ اللَّهِ عَلَيْكُم} (الآية "24" من سورة النساء "4" ).
وقول جاريةٍ من بني مازن:
يا أيُّها المائح دَلْوي دُونَكَا *  إني رَأَيتُ النَّاسَ يَحْمدَونكَا
فـ "كتاب" منصوب بـ "كَتَب" محذوفة، و "دلوي" منصوب بدُونَك محذوفاً، وليس مَعمولاً لما تعده، هذا مَا عَلَيه أَكثرُ النُّحَاةِ (أقول: وفي هذا تكلف، وذهب الكوفيون إلى أن "عليك وعندك ودونك" يجوز تقديم معمولاتها كما في الآية والبيت).
اسمُ الفِعل المُرْتَجَل = اسم الفعل 2 .
اسمُ الفِعل المَنْقُول = اسم الفعل 3 .
* اسمُ المَّرة:
هو اسمٌ مَصُوغٌ مِنْ فِعْلٍ تامٍّ مُتَصرِّفٍ غَيْرِ قلبيٍّ، ليس دَالاًّ على صِفَةٍ مُلازِمَةٍ كأفْعَال السَّجايا وذلك للدَّلالة على حُصُولِ الفعل مَرَّةً واحدة.
ولا يُصاغُ من نحو "كادَ" و "عسَى" و "علِم" و "ظرُف" لأنَّ الأولَ ناقصُ التَّصرُّفْ، والثاني جامدٌ، والثالثُ قَلْبي، والرابع من أفعال السَّجَايا وهُو مِنَ الثُّلاثي على وزنِ "فَعْلَة" بفتح الفاء كـ "جَلَسَ جَلْسَةً" و "أكَلَ أَكْلَةً" إلاَّ إذا كانَ بِناءُ المصدَرِ على "فَعْلة" كـ "رَحْمة" و "دعْوة" و "نشْدة" فالمرَّة من هذهِ بِوصْفها بـ "الوَاحِدَة" وشِبْهِهَا كـ "دَعْوَةٍ وَاحِدَةٍ". أمَّا مِن غَيْرِ الثُّلاثي فاسمُ المرَّة مِنه بِزيادَةِ "تاءٍ" على مصدره القِياسِيّ كـ "انْطِلاقَةٍ" و "اسْتِخْراجَةٍ" ما لم يكُن المَصدرُ القياسي بالتاءِ أيضاً كـ "إِقَامةٍ" فيُدلُّ عَلَيه بِالوَصفِ أيضاً، فيقال "إقَامةٌ واحِدةٌ" أو ما يَدُلُّ على المَرَّة.
* اسمُ المَصْدر:
-1 تَعريفُه:
"هو ما سَاوَى الَمْصدَر في الدَّلالةِ عَلى مَعناه، وخالفَه بِخُلُوِّه - لفظاً وتقديراً دون عِوَض - مِنْ بَعْضِ ما في فِعلِه" فخرج نحو "قِتَال" فإنَّه خَلا من ألف قَاتلَ لفْظاً لا تقديراً، ولذلك نُطِق بها في بعضِ المَواضِع، نحو "قَاتَل قِيتَالاً" لكنَّها انْقَلَبَتْ يَاءً لانْكِسَارِ ما قَبْلَها، وخَرَج نحو "عِدَة" فإنَّه خَلا من واو "وَعد" لفظاً وتقديراً ولكن عُوِّض منها التاءَ، فهذان مَصْدَران لا اسْمَا مَصْدر.
أمَّا مِثْلُ "الوُضُوءِ، والكَلامِ" من قولك: تَوَضَّأ وُضُوءاً، وَتَكَلَّمَ كَلامَاً، فإنَّهما اسْما مَصدرٍ، لا مَصدران، لخُلوِّهِما لفظاً وتقديراً من بعضِ ما في فِعْلَيهما، وحَقُّ المصدَرِ أن يَتَضمّن حُرُوفَ فِعله بمساواة نحو "تَوَضَّأ تَوَضُّأ" أو بزيادة نحو "أعْلَم إعلاماً".
-2 مَا يَعْمَلُ مِنْ أَنْواع اسمِ المَصْدَرِ:
اسم المَصْدرِ على ثلاثِة أنْواع:
(1) عَلَم نحو "يَسارِ" عَلَمٌ لليُسْر مُقَابل العُسر، و "فجَارِ" علمٌ للفُجُور، و "برَّة" علمٌ للبِرِّ، وهذا لا يَعْمَل اتِّفَاقاً.
(2) وذي ميمٍ مَزِيدة لِغَير مُفَاعَلَةٍ (لغير مُفَاعَلَةٍ: احترازاً من نحو مُضَاربَة فإنَّها مصدر).
وهو المصدَرُ الميمي كالمَضرِب والمَحْمَدَة وهُو عند كثير من النحاة مَصْدر.
(3) وغَيرُ هَذَين من أسْماءِ المَصَادِر اختُلِفَ فيه فَمَنَعهُ البصريون، وأجازه الكوفيون والبَغْداديون، والشواهد كثيرة بإعماله، ومن ذلك قولُ القُطامي:
أكُفْراً بعد رَدِّ المَوتِ عني *  وبعد عَطَائِكَ المائةَ الرِّتَاعَا
("عطائِك" اسم مصدر وفاعله المضاف إليه والمائة مفعولة و "الرتاع" جمع راتعة وهي الإبل التي ترتع).
وقولُ الشاعر:
بِعِشْرَتِكَ الكِرامَ تُعَدُّ مَنْهم *  فلا تَرَيَنْ لغيرِهم الوفاءَ
(الشاهد في "بعشرتك الكرام" حيث عمل "العِشرة" فيصب المفعول: وهو الكرام وهو اسمُ مصدر بمعنى المُعَاشَرة).
وقوله:
قالوا كَلامُكَ هِنداً وهِي مُصْغِيةٌ *  يَشْفِيكَ قُلتُ صَحيحٌ ذَاك لو كَانا
(الشاهدة في " كلامك هِنداً" حيث عمل "كلامك" فنصب المفعول وهو هنداً وهو اسمُ مصدر بمعنى التكلم).
ومن ذلك قولُ عائشة (رض) "مِن قُبلةِ الرجلِ زَوجتَه الوضوءُ".
فالقُبلة اسمُ مَصدرٍ بمعنى التقبيل وعمل في نصب مفعوله وهو "زَوجَتُه".
ومَهْمَا يكُن من أمْرٍ فإعمالُ اسمِ المصدرِ قليلٌ، وإن كان قياسياً وقد مرَّ بك التفصيل.
* اسمُ المَفْعُول : وأبنيته - وعَمَلُه:
-1 تعريف اسم المفعول:
هوَ ما دَلَّ على حَدَثٍ ومَفْعولِه كـ "مَنْصُور" و "مكْرَم".
-2 بناءُ اسم المفعول:
اسمُ المفعول: إمَّا أن يَأتي من الثُّلاثي المُجرَّد، وإمَّا أن يأتي مِن غيره، أمَّا مِن الثُّلاثي: فيأتي على زِنِة مَفْعول كـ "مَضْروب" و "مقْصود" و "ممْرور بِه" فإن بَنيتَ "مَفْعولاً" من الياءِ أو الواو، قلتَ في ذَواتِ الوَاوِ: "كَلاَمٌ مَقُول" و "خاتَم مَصُوغٌ" وفي ذواتِ الياءِ: "ثوبٌ مَبِيع" (أصل "مبيع" مبيوع على وزن: مفعول نقلت حركة الياء إلى الساكن قبلها ثم قلبت الضمة كسرةً لِتَسلَم الياء ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين وأصل مقول: مَقوُول بواوين نقلت حركة الواو الأولى إلى الساكن قبلها، ثم حذفت الواو الثانية لالتقاء الساكنين). و "طعَامٌ مَكِيل" وكأنَّ الأصلَ مَكْيُول، ومَقْوُول وإذا اضطُّرَّ شاعرٌ جازَ له أنْ يَرُدَّ مَبيعاً وجميعَ بابه، إلى الأصل، فيقول: مَبيُع كما قال عَلْقمةُ من عَبَدة:
حتى تَذَكَّر بَيْضاتٍ وهَيَّجَه *  يومُ الرَّذاذ عليه الدَّجْنُ مَغْيُومُ
وأنشدَ أبو عمرو بن العَلاء:
"وكَأَنَّها تُفَّاحَةٌ مَطيُوبَةٌ"
وعند المبرِّد: تصحِيحُ مثلِ هذا للضَّرُورة، أمَّا عند سيبويه: فَلُغَةٌ عِنْدَ بَعضِ العَرب؛ يقول سيبويه: وبَعضُ العَرت يُخرِجه على الأصل فيقول: مَخْيُوط، وَمَبِيُوع (وكذا فال المازني في تصريفه)، ومن غير الثلاثي: يأتي من مُضارعِه المبني للمجهول بإبدال حرف المضارعة ميماً مضمُومة نحو "مُسْتَخْرَج" و "منْطَلقٌ به" وقد يَنُوبُ "فَعِيل" عن "مفعول" كـ "دَهِين" و "كحيل" و "جرِيح" و "طرِيح". ومَرجِعُ ذلك إلى السماع، وقيل: يَنْقاسُ فيما لَيس له "فَعيل" بمعنى "فَاعِل" كـ "قَدَرَ ورَحِمَ" لقولهم "قدِير ورَحيم".
-3 عَمَلُ اسمِ المفعول:
يَعمَلُ اسمُ المَفْعُول عَمَلَ فِعلَهِ، وشُروطُه كشُروطِ اسمِ الفاعل، وخُلاصَتُها: أنَّه إن كان بـ "أل" عَمل مُطلقاً (أن سواءً أكان للماضي أم للحاضر أم للمستقبل، معتمداً على نفي وغيره أم غير معتمد. كما ذكر في شروط اسم الفاعل). وإن كانَ مجرَّداً منها عَمِلَ بشرط كونه للحال أو الاستقبال وبشرط الاعتمادِ كما مر في اسم الفاعل (أي على النفي أو الاستفهام أو مخبر عنه أو صفة ومنها الحال). تقول: "عَامِرٌ مُعْطَى أَبُوه حقَّه الآن أو غَداً". كما تقول: "عَامِرُ يُعْطى أبوه حقَّه". وتقول: "المُعْطَى كَفَافاً يَكْتَفي". فـ "المُعطى" مبتدأ، ونائب فاعله عائد إلى "أل" و "كفافاً" مفعولٌ ثان، و "يكتَفي" الجملةُ جبر.
* أسْماءُ الزَّمانِ والمكان:
-1 تَعْريف اسمي الزَّمانِ والمكَان:
هُما اسْمانِ مَصُوغَانِ لزَمانِ وقُوعِ الفِعلِ أو مكانِه.
-2 صِيَغُهما من الثُّلاثي:
هما من الثُّلاثي على وزْن "مَفْعَل" إذا كان المضارع مَضمُومَ العَين أو مَفْتوحَها، أو مُعْتلَّ اللام مُطْلقاً، نحو "مَكْتَب" و "ملْعَب" و "مرْمَى" و "مسْعَى" و "مقَام" من قام. وإن كان المضارع مَكسورَ العين أو مِثالاً (المثال: ما كانت فاؤه حرف علة كـ "وعد" = المثال) مُطلقاً، غيرَ معتل اللام: فعلى وزن "مَفْعِل" نحو "مَجْلِس" و "مبِيع" و "موعِد" و "ميْسِر". ويُستثنى من مَضْمُوم العَين أحَدَ عَشَرَ لفظاً جاءت بالكَسر، وهي:
"المَنْسِكُ، المَطْلِعُ، والمَشْرِقُ، والمَغْرِبُ، والمَرْفِقُ، والمَفْرِق، والمَجْزِر، والمَنْبِت، والمَسْقِط، والمَسْكِن، والمَسْجِد". لاسمي الزمان والمكان.
-3 صِيَغُهما من غير الثلاثي:
تكون صيغةُ اسمِ الزَّمان والمَكانِ مِنْ غَير الثُّلاثي على زِنَة اسم المَفْعول كـ "مُدْخَلٍ" و "مخْرَجٍ" و "منْطَلَقٍ" و "مستَودَعٍ".
وبهذا بُعلم أنَّ صِيغَةَ الزَّمان والمكانِ، والمصدر الميميِّ واحدةٌ في غير الثلاثي وفي بعض أوزان الثُّلاثي، والتمييز حِينَئذٍ بَيْنهما يكون بالقَرائِن، فإن لم تتضح فالصِّيغة صَالِحَةٌ لكلٍّ مِنْها .
-4 صيغتهما من الاسمِ الجامِد:
يُصاغُ بكثرة من الاسم الجامد اسمُ مكانٍ على وَزْن "مَفْعَلَة" بفتحٍ فسكون، ففتح، للدَّلالة على كثرة ذلك الشيء في ذلك المكان، كـ "مَأْسَدَة " و "مسْبَعَة" و "مقْثَأَةٍ" أيْ الموضِع الذي تَكْثُر فيه الأُسُود والسِّباع والقِثَّاء وهُوَ مع كَثْرَةِ وُرُودِه لَيس له قياسٌ مُطَّرِد فلا يُقالُ: "مَضْبَعَة" للموضِع الكَثيرِ الضِّباع، ولا يُقال: "مَقْرَدَة" لكثرة القِردة في مَوْضع. وقد تَلْحَق اسمَي الزَّمان والمَكان التاءُ نحو: "مَقْبَرَةُ" و "مطْبَعَة" ومَدْرَسَة" وذلك أيضاً سماعيّ لا قِياسيّ.
* اسْمُ الهَيْئَةِ:
هُو اسمٌ مَصُوغٌ بشروط اسمِ المرَّة نَفْسها (=اسم المَرَّة). للدَّلالةِ على الحَالَةِ التي يكونُ عَلَيها الفَاعلُ عند الفِعل. وزِنَتُه على "فِعْلَة" بِكَسْر الفَاءِ كـ "الجِلْسة" و "القِتْلة"، إلاَّ إذَا كَان المَصْدر بالتاءِ فَيَدلُّ على " الهَيْئَة" بالوَصفِ أو الإضَافة نحو "نَشَدَ الضَّالَة نِشْدَةً عَظيمَة" أو "نِشْدَةَ المَلْهُوفِ".
أمَّا بِناؤُه مِنْ غَير الثُّلاثي فشاذُّ كـ "خِمْرة" من اخْتَمَرت المرأةُ (اختمرت المرأة: غطت رأسها بخمار). و "نقْبَة" مَنْ "انْتَقَبَتِ" (انتقبت: غطت وجهها بالنقاب). و "قمْصَة" من تَقَمَّص أي غطَّى جِسْمَه بالقَميصِ.
أسْماء الاستفهام = الاستِفْهام.
* أسماء الأصوات:
-1 أسماء الأصوات نَوعَان:
النوع الأول: ما خُوطِب به ما لا يَعقل أو ما فِي حُكْمِه من صغَارِ الآدَميّين.
مما يُشْبه اسْمَ الفِعل، وذلك: إمَّا زَجرٌ نحو "هَلاً" لزَجْرِ الخَيْل عن البُطء، ومنه قولُ لَيْلَى الأخيلية للنابغة الجَعُدي:
تُعَيِّرُنا دَاءً بأمِّك مِثْلُهُ *  وأيُّ جَوادٍ لا يُقَال له "هلا"
و "عدَس" لزَجْرِ البَغْل عن الإبطاء ومنه قوله:
عَدَسْ ما لِعَبَّادٍ عَلَيكِ إمارةٌ *  نَجَوتِ وهَذَا تَحملينَ طَليقُ
و "كخْ" لزجرِ الطِّفل، وفي الحديث "كِخْ كِخْ فإنَّها مِن الصَّدقة" و "هيْدَ" و "هادِ" و "دهْ" و "جهْ" و "عاهِ" و "عيهِ" للإبل و "عاجِ" وهَيجِ" و "أسْ" و "هسْ" للغَنَمِ و "هجا" و "هجْ" للكلبِ و "سع" للضَأْنِ و "وحْ" للبقرِ و "عزِ" و "عيْزِ" للعنزِ و "حرِّ" للحِمار.
وإمَّا دُعاءٌ - أي طلبك  "أو"  للفرس و "دوهِ" للفصيل و "عوهِ" للجَحْش، و "بسّ" للغنم و "جوت" و "حي" للإبل والمَورودة و "تؤْ" و "تأ" للتيس المنزى و "نخ" للبعير المُنَاخ و "هدَع" لصغارِ الإبل المُرادُ تَسْكينُها من نِفارِها، و "سأ" و "تشُوء" للحِمار المورود، و "دحْ" للدَّجاج و "قوس" للكلب.
النوع الثاني: ما حُكِيَ به صَوت، نحو "غَاقَ" لِحكَايةِ الغُراب، و "شيب" لشرب الإِبل، و "طيخ" للضَّحك، و "طقْ" لوقع الحجر على الحجر و "قبْ" لوقع السيف.
-2 أسماء الأصوات لا ضمير فيها وهي مبنية:
أسماءُ الأصوات مَبْنِيَّةٌ لمشابَهَتِها الحروف المهملة، فهي أسماءٌ لا ضمير فيها.
* أسْماءُ الجهات:
أسماءُ الجِهات هي: "خَلْف، وأَمَام، وقُدَّام، ووَرَاء، وفَوْق، وتَحْت". (=في حروفها).
ولها كُلَّها أحوال "قبل وبعد" (=قبل وبعد) تقول: "وَفَدَ النَّاسُ وصَديقُكَ خلْفُ أو أمَامُ". تريد: خَلْفَهم أو أمَامَهُم. قال رجل من تميم:
لعنَ الإِلهُ تَعِلَّةَ بنَ مُسَافِرٍ *  لَعْناً يُشَنُّ عليه مِنْ قُدَّامُ
وقال مَعنُ بنُ أوس المُزنَي:
لَعَمْرُك ما أدْرِي وإِنِّي لأوجَلُ *  على أيِّنا تَعْدُو المَنية أوَّلُ
وحَكَى أبو علي الفرسي: "إبدَأ بِذا من أولَُِ" بالضم على نية معنى المضافِ إليه، وبالخفض على نيةِ لَفْظه وبالفتح على نية تركها، ومنعه من الصرف لوزن أفْعَل والوَصْف.
الأسماء الخمسة = الأسماء الستة.
* الأسماء الستة:
-1 هي "ذُو" بِمعنى صَاحِب و "فوكَ" وهو الفَمُ، و" أَبُوكَ" و "أخُوكَ" و "حمُوكَ" و "هنُوكَ".
-2 إعرابها :
تُرفع بالواو، وتُنصَب بالأَلف، وتُجرُّ بالياءِ بشروط، هي أن تكون:
(1) مُفْرَدَةً لا مُثَناةً ولا مَجْموعةً.
(2) مُكَبَّرة لا مُصغَّرة.
(3) مُضَافَةً لا مَقْطُوعةً عن الإضَافَة.
(4) إضَافَتُها لغيرِ ياء المُتكلم، من اسم ظاهر، أو ضمِير، فإن كانت مثناةً أُعرِبت كالمثنى نحو "أبَوان" رفعاً أو "أبَوَين" نصباً وجراً، وإن كانت مجموعَةً جَمْعَ تكسير أُعربت بالحَركاتِ نحو "آبَاءِ الحَسَنِ" و "أذْواءِ اليَمَنَ" أو جمعَ مذكَّرٍ سالماً أعْرِبَت بالحُرُوفِ أي بالواوِ والنُّون رفعاً وبالياء والنُّونِ نصباً وجَرَّاً نحو "أَبَوُون، أبَوِين" و" ذُوو فضلٍ وذَوي فضلٍ". وإن صُغِّرت أُعرِبت بالحَرَكات نحو "أُبَيِّكَ، وأُخَيِّكَ". وإن قُطِعت عن الإضافة أُعْرِبت بالحَرَكات نحو {ولَهُ أَخٌ} و{إِنَّ له أَبَاً} و{بَنَات الأخِ} وإذا أُضيفَتْ إلى ياء المُتكلِّم أعْرِبَتْ بحركاتٍ مُقَدَّرةٍ على مَا قَبْلَ الياءِ نحو {وأخي هَرونَ} أمَّا "ذو" فلا حاجَة لاشْتراط الإضَافة فيها لأنَّها مُلازِمةٌ للإضافةِ، ولكنَّها لا تُضافُ إلى الضمير، ومثلها "فُو" فهي ملازمة للإضِافة. أما "الفَمْ" فتعرب بالحركات.
-3 الأفصح في لفظ " الهَن":
الأفصح في "الهَنِ" (الهن بتخفيف النون وبشديدها: كناية عن الشيء لا تذكره باسمه. ا. هـ. نهاية). إذا استُعْمِل مُضافاً النَّقصُ أي حَذْفُ الوَاوِ منه، وبذلك يُعْرَب بالحركاتِ الثلاثِ على النون ومن هذا الحديث: "من تَعَزَّى بعَزَاءِ الجَاهِليَّةِ فأعِضُّوه بهَنِ أبيه ولا تَكْنُوا".
-4 النَقصُ في الأب والأخ والحَم:
يجوزُ النقصُ بضعْفٍ في هذه الثلاثة وهو حَذْفُ حَرْفِ العِلَّة منها وإعْرَابها بالحركات ومِن هذا قولُ رؤبة يمدَحُ عديَّ بن حاتم:
بأبه اقْتَدَى عَدِيٌّ في الكَرَم *  ومن يُشَابِهْ أَبَه فَمَا ظلَم
وقد تكونُ الضَّرورة في الوَزْن اضْطَّرت الشاعر أن يحذِفَ الياء في الأول والألف في الثاني.
-5 خُلاصة إعرابِ الأسماء الستة:
الأسماء الستة على ثلاثة أقسام:
(أولاً) ما فيه لغةٌ واحدة، وهي الإعراب بالحروف، وهما "ذُو" بمعنى صاحب و "فو" بمعنى الفم.
(ثانياً) ما فيه لُغتان، وهو "الهَنُ" فإنَّ فيه النقصَ وهو حذفُ حرفِ العِلة، وإعرابُه بالحركات وهو الأفصح، والإتمام وهو إعرابهُ بالحروف. وهو الأَقلّ.
(ثالثاً) ما فِيه ثلاثُ لُغَات وهو:
"الأبُ، والأخُ، والحمُ" فإن فيهن "الإِتمامَ" وهو الإعراب بالحروفِ، وهذا هو الأَشْهر والأفصح، و "القصر" وهو أن تُلزمها الألفَ في جميع أحوالها كالاسمِ المقْصُور، وهذا دون الأول "والنقص" وهو حذفُ حرفِ عِلَّتها وإعرابُها بالحَرَكَات، وهذا نادر.
أسْماء الشرط = جَوزِم المُضارِع (7)
أسمَاء المَوصُول = المَوْصُول الاسمِي.
الإشِارة = اسم الإشارة.
* الاشْتغال:
-1 حَقِيقَةُ الاشْتِغال:
أنْ يَتَقدَّم اسمٌ وَيَتَأخَّرَ عنْه عاملٌ (المراد بالعامل هنا: فعلٌ متصرف أو اسمُ فاعل أو اسم مَفْعول فقط).
مُشتَغِلٌ عن الاسم المتقدِّم بعمله في ضَميرِه، أو في سَبَبِ (سبب ضميره: هو الاسمُ الظاهرُ المضافُ إلى ضميرِ الاسمِ السابق نحو "علي أكْرمْتَ ابنَه" و "ابنه" هو السبب). ضمِيره، بواسطةٍ أو بِغيْرِهَا، ويكونُ العاملُ بحيث لو سُلِّطَ على الاسم المتَقَدِّم لنصَبَه لَفظاً أو مَحَلاً نحو "محمداً كلمتُه" و "هذا علَّمْتُه" أي كلمتُ محمداً كلمته وعَلَّمتُ هذا عَلَّمته، وحينَئذٍ فيُضمَرُ للإِسمِ السَّابِق إذا نُصِب عَامِلٌ مُنَاسِب للعَامِل الظاهر، ومناسبتُه له: إمَّا بكونِه مِثْلَه كما مرّ، أو مُرادِفَه نحو "هَاشِماً مَرُرْتُ به" تقديره جاوزتُ هاشماً، أو لازمَه نحو "عليّاً ضربتُ عَدُوَّه" فيقدر "أَكْرَمْتُ عليّاً أو سررتُ عليّاً" لأنَّه اللازمُ لضَرْب العَدُوّ.
-2 شرْطُ الاسمِ المتقدم، وشَرْط العاملِ:
شرطُ الاسمِ المُتَدِّمِ أن يكونَ قابلاً للإضمارِ، فلا يقعُ الاشتغالُ عن حالٍ ولا تَمْييزٍ. وشَرْط العاملِ المَشْغُولِ أن يَصْلُح للعنل فيما قَبْله، فلا يكونُ صِفةً مٌشَبَّهَةً، ولا مَصْدَراً، ولا اسمَ فِعلٍ، ولا فِعْلاً جَامِداً كَفِعْلي التَّعَجُّب، وألاَّ يُفْصَلَ بينه وبين الاسم السابق بأجْنبي.
-3 حكمُ الاسمِ السابق:
الأصلُ أنَّ ذلك الاسم يَجوزُ فيه وَجْهان:
(أحدهما) رَاجحٌ وهو الرفعُ بالابتداءِ لِسَلامَته من التقدير.
(الثاني) مَرْجُوحٌ وهو النَّصْبُ لاحتياجه إلى تقدير فعلٍ موافقٍ للمذكور، أو مُرادِفٍ له، أو لازمٍ مَحْذُوفٍ وجوباً، فما بعده لا محل له لأنه مُفَسِّر.
وقد يَعرِضُ له ما يُوجِبُ نَصْبَه، أو رَفعَه، أو يٌرجِّحُ أحَدَهما، أو يُسوِّي بينهما فله حينئذٍ خمسُ أحوال:
(أحدهما) وُجُوبُ النَّصْب:
يجبُ نصبُ الاسمِ المتقدّم إذا وفعَ بعد "أَدَاةٍ تَخْتَصُّ بالفعل كأدوات التَحْضيض" نحو "هَلاّ أحاكَ أكرمتَه" و "أدَواتِ الاستِفهام" غير الهمزة نحو "هل المدينةَ رَأيتَها" و "متى عَمْراً لقيتَه" و "أدوات الشَّرط" نحو "حَيْثُما عَلياً تَلْقَهُ فأكرِمْه" إلاَّ أنَّ الاشتغالَ لا يقعُ بعد أدوات الشَّرط والاستِفهامِ إلاَّ في الشعر إلاّ إذا كانت أداةُ الشرطِ "إذا" مطلقاً أو "إن" والفعلُ ماضياً فيقع في النثرِ والنظمِ نحو "إذا السائلَ لَقِيتَه أو تَلْقاه فتصَّدق عليه" و "أنِ المِسكينَ وجدتَه فارفقْ بحاله".
(الثاني) وجوبُ الرفع:
يجب رفعُ الاسمِ المتقدِّم في مَوْضِعين (أ) أنْ يَقَع الاسمُ بعدَ أداةٍ تختص بالدخُول على المبتدأ كـ "إذا الفُجَائِية" نحو "خَرجتُ فإذا الجَوُّ مَلأَهُ الغُبار" و "ليتَ" المقرونة بـ "مَا" نحو "ليْتَما خالدٌ زُرْتَهُ" لأنَّ "إذا" المفاجأة و "ليْتَ" المكفوفة لا يَليهما فِعلٌ، ولو نَصَبت مَا تَعدهُما كان على تقدير الفعل، ولا يتأتَّى ذلك. (ب) أن يقعَ بعدَ الاسمِ المُشتَغَل عنه أدَاةٌ لا يَعملُ ما بعدها فيما قبلها نحو "خالِدٌ إن عَلَّمتَه يكافَئك" و "مدارسُ العِلم هَلاَّ زُرْتَها".
(الثاني) رُجحانُ النَّصْب:
يَرْجَحُ نصبُ الاسمَ المتقدم في خمسةِ مواضِع:
(أ) أن يَقعَ قبلَ فعلٍ طَلَبيّ وهو "الأمرُ والدعاءُ" ولو بصيغةِ الخَبَر، والفعل المقرون بأداة الطلب، نحو "خليلاً أرشدْه" و "محمداً رحمَه اللَّهُ" و "خالداً ليُكرمْه صديقهُ" و "محموداً لا تُهْمِله".
وإنما وجب الرفعُ في نحو "محمدٌ أكْرِم به". لأن الضمير في "به" محلُّه الرفع لأنه في حقيقته فاعل.
(ب) أن يقعَ الاسمُ بعد أداةِ يَغلبُ دخولُها على الأفعال كـ "همزة الاستفهام" نحو{أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُه} (الآية "24" من سورة القمر "54").
فإن فصَلْتَ الهمزةَ فالمختار الرفع نحو "أأنتَ محمدٌ تُكَلِّمُه" إلا في الفصل بالظرف نحو "أكلَّ يومٍ ولدَك تَزْجُرُه" لأنَّ الفصلَ به لا تُعتَدُّ به ومثلُ الهمزة النفيُ بـ "ما" أو "لا" أو "أن" نحو "ما عَدُوَّك كلَّمتُه" أو "لا أخَاك رأيتُه" أو "أنْ زيداً رَأَيْتَه" ومنها: "حَيْثُ" نحو "حيْثَ زَيْداً تَلْقاه فأكْرِمْه" لأنَّها تُشْبِه أدَوَات الشرط فلا يَليها في الغالِب إلا فِعْل. فإن اقترنت بـ "ما" صَارت أداة شَرط واختَصَّتْ بالفعل.
(ج) أن يقع الاسمُ بعدَ عاطفٍ مسبوق بجملةٍ فعليةٍ، وهو غَيرُ مفصُول بـ  "أما"  نحو "لقيتُ زيداً ومحمداً كلمتُه". ليَكونَ منعَطفِ الفعلِ على مثله، وهو أنسبُ، بخلاف "أصْلَحتُ الأَرضَ وأَمَّا الشجرُ فسقَيْتُه" لأَنَّ  "أما"  تَقْطَعُ ما تعدَها عما قبلها فيُختار الرَّفعُ، و "حتَّى ولَكن وبَل" كالعاطف نحو "حدَّثْتُ أهلَ المَحْفِلِ حتى الرئيسَ حَدَّثته" و "ما رأيتُ محمداً ولكن خَالِداً رأيت أَخَاه".
(د) أن يُجاتَ به اسْتِفْهامٌ عن منصوب نحو "خالداً اسْتشَرتُه" جواباً لمن سأَلك "من اسْتَشَرت؟".
(هـ) أن يكون النصبُ لا الرفعُ نصّاً في المقصود نحو{إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (الآية "49" من سورة القمر "54"). إذ لو رفع "كل" لأَوهم أن جملةَ خَلَقناه صفةٌ لشيْءٍ، و "بقَدَر" خَبَرٌ عن كل (فيهم أن الذي يقدر هو الشيء الموصوف بخلق الله، وأن هناك شيئاً ليس مخلوقاً له، وهو خلاف الواقع، وإنما لم يتوهم ذلك في النصب لأن "خَلَقناه" يتعين أن يكون مفسِّراً للعامل المحذوف لا صفة لشيء لأن الوصفَ لا يعملُ فيما قبله، فلا يُفَسِّر عاملاً). ومن ثَمَّ وَجَبَ الرفعُ في قوله تعالى: {وكلُّ شَيْءٍ فَعَلوه في الزُّبُر} (الآية "52" من سورة القمر "54"). وأن الفعل صفَة.
(الرابع) استواء الرَّفعِ والنَّصب:
يَستَوي الرفعً والنَّصب في الاسمِ المُتَقدم إذا وَقَع الاسمُ بعد عاطف تَقَدَّمتهُ جُملةٌ ذاتُ وجْهين (الجملة ذات الوجهين : هي جملة صدرها اسم وعجزها فعل كالأمثلة الواردة) بشرط أن يكون في الجملة المُفسَّرة ضميرُ المبتَدأ، أو تكون معطوفة بالفاء نحو "عَليٌّ سافَرَ وحَسَناُ أكْرمْتُه في داره" (الهاء في داره تعود على المبتدأ وهو علي) أو "فحَسناً أكرمتُه" أو "حسَنٌ" بالنصب والرفعُ فيهما لحُصولِ المُشاكلة في كِلا الوَجهين.
(الخامس) رُجحانُ الرفع على النَّصب:
يَتَرَجَّح الرفعُ على النَّصبِ في غير المَواضِعِ المُتَقَدِّمة.
-4 المشتَغِلُ يَكونُ فعلاً أو اسماً:
كل ما مَرَّ مِنَ الاشْتِغَال يَتَعلَّقُ بالأفعال المشتغِلةِ فيما بَعدَها عما قَبْلها، أما الاسم فقد يَشْتَغِلُ بشروط ثلاثة:
(1) أن يكُونَ وَصْفاً .
(2) عَامِلاً .
(3) صَالِحَاً للعمل فيما قَبْلَه نحو "الكتابَ أنا قَارِئُه الآنَ أو غَداً" فيخرجُ بالشرط الأول اسمُ الفعلُ والمصدرُ نحو "محمدٌ عَلَيْكه وأخوك إحتراماً إياه". وبالشَّرط الثاني: الوَصْفُ للمُضِيّ لأنَّه لا تَعملُ نحو "البابُ أَنا مُصْلِحُه أمسِ".
وبالثالث: الصفةُ المشبَّهة نحو "وجهُ الأب محمدٌ حسنُه" (و "وجهُ" واجب رفعهُ بالابتداء، وجملة "محمد حسنُه" خبره، ولا يجوز نصبهما لأن الصفةَ وهو "حَسن" لا تعمل فيما قبلها، وهذا التركيب وإن مثل به عُلماء النحو فهو بعيد عن فصاحة العربية وأصل التركيب محمد حسنٌ وجهُ الأب، فجرَّب النحاة أن يقدموا معمول الحَسَن ويُعيدوا عليه ضميرهُ ليرُوا هَل لا يَزال يَعمل فيه لفظ الحسن فقرروا أن الصفة المشبهة لا تعنل فيما قبلها فيتعين أن الاسمَ المتقدم هو مبتدأ ومن هنا جاء هذا التركيب).
-5 رابطةُ الاشتغال:
لا بُدَّ في صِحةِ الاشْتِغَال من رَابِطةٍ بين العامل والاسمِ السَّابق، وتحصل "الرابطة" بضمِيرِه المتصلِ بالعاملِ، نحو "تَكراً أكرمته".
أو بضَمِيره المنفصل من العامل بحرف جَر نحو "عليّاً مررتُ به". أو باسمِ مضافٍ للضميرِ نحو "محمداً كلمتُ أخاه". أو باسمِ أَجْنَبِيٍّ أُتْبعَ بِتَابع مُشتَمِلٍ على ضمِير الاسم، بشرطِ أن يَكُونَ التابعُ نعتاً له نحو "خالداً استشرتُ رجلاً يُحبُّه" أو عطفاً بالواو نحو "محمداً علمتُه عَمْراً وأَخَاه". أو عطفَ بيان نحو "خالداً كلَّمت علياً صديقه" لا بَدَلاً، لأنَّه في نية تَكرار العاملِ، فتخلو الجملة الأولى من الرابط.
* الاشْتِقاق:
-1 تعرِيفُه:
هو أَخذُ كَلِمَةٍ من أُخرى بنوعِ تَغْيير مع التَّناسُب في المعنى، والتَّغيير: إمَّا في الهَيْئَة فقط كـ "نَصَر" من "النَّصر" أو في الهَيْئَة والحروف بالزيادة أو النقص كالأمر من النَّصر "انْصُر" والأمر من الوَعد "عِد" والاشتِقاقُ من أصْلِ خواصِّ كلامِ العَرب، فإنَّهم أَطْبَقُوا على أنَّ التَّفرِقَة بين اللفظ العَربيّ والعَجميّ بصحَّةِ الاشتقاق.
-2 أركانُ الاشتقاق:
أركانه أربعة:
(1) المشتَقّ.
(2) المُشْتَقُ منه.
(3) المُشارَكَةُ بينَهما في المعنى والحروف.
(4) التَّغيير.
فإنْ فَقَدْنا التَّغْييرَ لَفظاً حَكَمْنا بالتَّغيير تقديراً.
-3 المشتقات:
المشتقاتُ عَشْرة: "الماضِي، والمضارعُ، والأمْر، واسمُ الفاعل، واسمُ المفعُول، والصفةُ المُشَبَّهة، واسمُ التَّفَضيل، واسمُ الزَّمان، واسمُ المكان، واسم الآلة" (=بحروفها).
-4 أقسام الاشتقاق:
(1) الاشتقاق الصَّغير وهو ما اتَّحدَتْ الكَلِمَتان فيه حروفاً وترتيباً كـ "عَلَم" من "العِلْم" وهو كل ما سَبَق، وهو المقصودُ عند الصَّرفيين.
(2)الاشتقاقً الكبير وهو ما اتَّحدَتْ فيه الكَلِمتان حُروفاً لا تَرْتيباً كـ "اضْمَحَّل الشيءُ" و "امْضَحلَّ" و "طمَس الطريقُ" و "طسَم" انطمس ودَرس.
(3)الاشتقاقً الكبير وهو ما اتَّحدَتُ الكَلِمتانِ فيه، في أكثر الحروف مع تَنَاسب في الباقي كـ "الفَلْق والفَلْج" وهما الشقُّ. و "ألِهَ ودَلِهَ" بمعنى تحيرَّ.
-5 أَصلُ المُشْتَقّات:
أصلُ جميع المشتَقات "المَصْدَر، لأنَّ معناهُ بَسيط، ومعنى غَيْره مُرَكَّب وقال الكوفيون: أصل المُشتقَّات: الفِعل، لأنَّ المصدر تابعٌ له في الإعلال "أقَامَ إقامةً". والتَصْريُّون أنفُسُهم يُعبِّرون في كَلامِهِم عن رَأي الكُوفيين إذْ يَقُولون: إذا كان الفعلُ كَذَا فَمَصْدَرُه كذا يَجْعَلُونَ بالتَّطبِيق الأصالةَ للفِعل.
-6 لا يَدْخلُ الاشتِقاقُ في أَشْياء:
لا يدخُلُ الاشتقَاق في خَمسةِ أَشْياء:
(1) الأسماءِ الأَعْجَمِّية كـ "إسماعيلَ".
(2)أسماءِ الأصوَات كـ "غَاقِ".
(3)الأسماء الواغلة في الإبهَام كـ "مَنْ" و "ما".
(4)اللغاتِ المتضادَّة كـ "الجَوْن" للأبْيِض والأَسْود.
(5)الأسماءِ الخُماسيَّة كـ "سَفَرْجَل".
ويجوزُ أنْ يَدخُل الاشتِقاقُ في بعضِ الحروف وقد قالوا "أَنْعَمَ لَه بكذا" أيْ قال له: نَعَمْ، و "سوَّفْتُ الرجلَ". أي قُلتُ له: شَوْفَ أَفْعَلُ، و "شأَلْتُك الحَاجَةَ فَلَوْ لَيْت" أي قلت لي: لَوْلاَ. و "لاَلَيْتَ" وهو كلمةٌ واحدةٌ: أي قلتَ لي: لاَ، لاَ وأشباه ذلك.
* أصْبَحَ:
(1) - تأتي ناقصةً من أخَواتِ "كان" وهي تامةُ التصرُّفِ وتُستَعمل ماضياً، ومُضَارِعاً، وأمْراً، ومَصْدَراً، نحو "أصْبَحَ مُحَمَّدٌ كَرِيمَ الخُلُق"، ولها مع "كان" أحكام أخرى (=كان وأخواتها).
(2)وتأتي تامَّةً فَتَكْتَفِي بمَرْفُوعها، ويكون فاعِلاً لها، وذلك حين يكون معنى "أصبحَ" دخل في الصباح نحو قوله تعالى: {فسُبْحَانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِين تُصْبِحُون} (الآية "17" من سورة الروم "30" ).
* الإضَافَة:
-1 ضَمُّ كلمةٍ إلى أُخْرَى بتَنْزِيلِ الثانية منزلةَ التنوين من الأولى، والقَصْدُ منها: تعريفُ السَّابِقِ باللاَّحِقِ، أو تَخْصِيصُه به، أو تخفيفه نحو "كتابُ الأستاذ" و "ضوءُ شَمْعةٍ" و "هو مُدَرِّسُ الدَّرْسِ". أي الدرس المعهود، وأَصْلُهَا: هو مُدَرِّسٌ الدَّرْسَ.
-2 ما يُحذَفُ بالإضافة:
يُحذَفُ - بالإضافة - من الاسم الأول: التنوينُ، ونونُ مُثَنَّى أو جَمعِ مُذكرِ سالمٍ، وما أُلْحِقَ بهما، نحو "دارُ الخلافَةِ" {تَبَّت يَدا أبي لَهَبٍ} (الآية الأولى من سورة المسد "111") و "سافر قَاصِدُو الحَجِّ" و{أُولُو الأَرْحَامِ} (الآية "75" من سورة الأنفال "8" ). ولا تُحذَفُ النُّونُ التي تَظْهَرُ عليها علامةُ الإعراب - وهي النونُ الأصلية - نحو "بَسَاتينُ عليٍّ" و "شياطِينُ الإنس".
-3 عاملُ المضافِ إليه:
يُجرُّ المُضافُ إليه بالمُضَافِ لا بالحرف المَنْوِي.
-4 الإضَافَةُ بمعنى "اللام" أو "مِن" أو "في":
الغالبُ في الإضافةِ أن تَكونَ بمعنى "اللاَّمَ" ودُونَها أن تكونَ بمعنى "مِن" ويَقلُّ أن تكون بمعنى "في" (الإضافة بمعنى "في" لم تثبت عند جمهور النحاة). وضابط التي بمعنى "في" أن يكونَ المضافُ إليه ظرفاً للمضاف نحو {مَكْرُ اللَّيلِ} (الآية "33" من سورة سبأ "34" ).
و{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} (الآية "41" من سورة يوسف "12" ).
وضابطُ التي بمعنى "مِن" أن يَكون المضافُ بعضَ المضافِ إليه، مع صِحةِ إطلاقِ اسمِهِ عليه نحو "خَاتَمُ ذَهَبٍ" و "قمِيصُ صُوفٍ" فتقديره: خَاتَمٌ مِن ذَهَب، وَقَمِيصٌ مِن صُوف وظاهرٌ: أن الخَاتَمَ بَعضُ الذَّهب. والقَمِيصَ بعضُ الصوف، ويقال: "هذا الخاتم ذهبٌ" و "هذا القميصٌ صوفٌ". فإذا انْتَفَى الشَّرطانِ معاً نحو "كِتَابُ أحمدَ" و "مصباحُ المَسْجِد" أو الأوْل فقط كـ "يَومِ الجمعة" أو الثاني فقط كـ "يَدِ الصَّانِعِ" فالإضافة بمعنى "لامِ المِلك أو الاخْتِصَاص".
طولُ اللَّيالي أسْرَعَتْ في نَفْضِي *  نَقَضْنَ كُلِّي ونَقَضْنَ بَعْضِي
ولا يجور "قامَت غُلامُ هِنْدٍ" الإنتفاء الشرط المذكور، وهو إمكانُ الاسْتِغْنَاءِ بالمضافِ إليه عن المُضَاف.
ومن الثاني وهو تَذْكِيرُه لِتَذْكِيرِ المُضَافِ إليه قولُه:
إنَارَةُ العَقْلِ مَكْسُوفٌ بِطوعِ هَوىً *  وَعَقْلُ عَاصِي الهَوَى يزداد تَنْوِيراً
قال: مَكْسوفٌ، ولم يَقل مكسوفة ولا يجوز "قامَ امْرأةُ خالدٍ" لعدم صلاحِيَّةِ المُضَافِ للاسْتِغْنَاء عَنْه بالمُضافِ إليه.
(الرَّابع) التَّخْفِيف كقوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ} (الآية "95" من سورة المائدة "3" ).
وقوله: {ثَانِيَ عِطْفِه} (الآية "9 - 10" من سورة الحج "22" ). (= التفصيل في اسم الفاعل وأبنيته وعمله 7).
(الخامس) الظَّرفية نحو {تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ} (الآية "24" من سورة إبراهيم "14" ) وقول الراجز:
"أنَا أبُو المِنْهَالِ بَعْضَ الأحْيانْ".
(السادس) المَصْدرية نحو: {وَسَيَعْلمُ الذين ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون} (الآية "227" من سورة الشعراء "26" ) فـ "أيَّ" مفعولٌ مُطلَق ناصِبُه ينقلبُون.
(السَّابع) وجُوبُ التّصدِير ولهذا وجَبَ تقديمُ المُبْتدأ في نحو: "غُلامُ مَنْ عِنْدَك" وتقديمُ الخَبَرِ في نحو "صَبِيحةَ أيّ يومٍ سَفَرُكَ".
(الثامِن) البناءُ، وذلك في ثلاثة أبواب:
(أ) أنْ يكونَ المضافُ مُبْهماً كـ "غَيْر ومِثْل ودُون" فمثلُ "غَيْر" قولُ أبي قيسِ بيِ الأَسْلَت:
لم يَمْنَعِ الشَّرْبَ فيها غسْرَ أَنْ نَطَقَتْ *  حَمَامَةٌ فِي غُصُونٍ ذاتِ أوْ قَالِ
و "غيَرَ" فاعل بـ "لَم يَمْنَع" وقد بُنِيتْ على الفتح. ومِثَال "مِثْل" قَوْلُه تعالى: {إنَّه لَحَقٌّ مثلَ مَا أَنَّكم تَنْطِقُون} (الآية "33" من سورة الذاريات "51"). الأكثَر على فَتْح "مِثْلَ" وهي صفة لِـ "لَحقٌّ" مبنية على الفتح، ومِثال "بينَ" قوله سبحانه: {لقَدْ تَقَطَّع بيْنَكُمْ} (الآية "94" من سورة الأنعام "6" ). فيمن فتح "بيتاً" ويؤيده قراءة الرفع.
(ب) أن يكونَ المضافُ زماناً مُبْهماً، والمضاف إليه "إذْ" يحو {ومِنْ خِزْي يَوْمِئذٍ} (الآية "66" من سورة هود "11" ) يقرآن بِجَرِّ يومٍ وفتحه.
(جـ) أن يكونَ زماناً مُبْهماً والمضاف إليه فِعلٌ مبنيٌّ بِنَاءً أصْلِيّاً أو بِنَاءً عَارِضاً، أمَّا الأصليُ كقول النابغة:
عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ المَشِيب على الصِّبَا *  وقُلْتُ ألَمَّا أَصْحُ والشَّيْبُ وازِعُ
وأمَّا العَارِض فكقَوْل الشاعر:
لأَجْتَذِبَنْ مِنْهُنَّ قَلْبي تَحلُّما *  على حينَ يَسْتَصْبِيبنَ كلَّ حَلِيم
فإن كانَ المضافُ إليه فِعلاً مُعَرباً،
أو جملةً اسميةً وَجَبَ الإعراب عند البَصْريين، ولكنَّ قراءَةَ نافِعٍ في قوله تعالى: {هذا يومَ يَنْفعُ الصَّادِقِين} (الآية "119" من سورة المائدة "5" ) بفتح "يومَ" وقراءة {يومَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لنَفْسٍ شَيْئاً} (الآية "19" من سورة الانفطار "82") بفتح "يوم" تجعلان جَوازَ البناء صحيحاً.
-9 الإضافةُ إلى المُرَادِفِ، وإلى الصِّفَةِ وإلى المَوْصُوف:
ولا يُضافُ اسمٌ إلى مُرادِفه كـ "قمْحِ بُرٍّ" ولا مَوْصُوفٌ إلى صفتِه كـ "رجلِ عالمٍ" ولا صفةٌ إلى موصوفها كـ "عالِم رجلٍ". فإنْ سُمِعَ ما يُوهِم شَيْئاً مِن ذلك يُؤوَّل، فمن الأول المرادفِ قولهم: "سعيدُ كُرْزٍ" (الكرز: خرج الراعي، ويطلق على اللئيم والحاذق) وتأويله: إن يُرادَ بالأوَّل المسمّى، وبالثاني: الاسم. أي: سعيدٌ المُسمَّى كُرْزاً.
ومن الثاني - وهو إضافةُ المَوصُوفِ إلى صِفَتِهِ - قولهم: "حَبَّةُ الحَمْقاء" و "صلاةُ الأُولَى" و "مسْجِدُ الجَامِع".
وتأويلُه: أن يُقدَّر موصُوف، أي حَبَّةَ البَقْلَةِ الحَمْقاء، وَصَلاةُ السَّاعةِ الأُولَى، ومَسْجِدُ المكانِ الجَامع، ومن الثالث - وهو إضافةَ الصِّفةِ إلى موصُوفها - قولُهم: "جَرْدُ قَطيفةٍ" (الجرد: الخَلَق، والقطيفة: كساء له خَمَل) و "سحْقُ عِمامةٍ" (السُّحق: البالي). وتأويله: أن يُقَدَّر إضافَةُ الصِّفةِ إلى جِنْسِها، أي: شيءٌ جَرْدٌ من جِنْس القَطِيفَة. وشيءٌ سُحْقٌ مِن جِنْس العِمَامَة.
-10 الأسْماءُ بالنَّسْبة للإضَافَة: الأسماءُ بالنسبة لصَلاحِيَّتِها للإضَافةِ أو امْتِنَاعِهَا أو وُجُوبِهَا ثلاثَةُ أقْسامٍ:
(أ)أن تكونُ صالحةً للإضافة والإفراد وذلك هو الغالب كـ "ورق وقلم، وعَمل وأرض وغير ذلك كثير".
(ب)أن تمتنع إضافَتُها "كالمُضْمَرات". و "أسماءِ الإشارة" و "المَوْصُولات" - سوى "أيّ" - و "الإعْلاَم" و "أسماء الشَّرْط" و "أسْماءُ الاسْتِفْهام" - عدا "أيّ" منهما - فالأربعة الأولى مَعارف والبواقي شَبيهاٌ بالحرف.
(جـ)أنْ تجبَ إضافَتُها، وذلك على نَوْعين:
(1)ما يجبُ إضافتُه إلى المفرد (المراد بالمفرد هنا: ما يقابل الجملة).
(2)ما يجبُ إضافتُه إلى الجُمَل.
فالأولُ: قِسمان: قِسمُ يَجُوزُ لَفْظاً قَطْعُه عَنِ الإضَافَةِ وهو "أيّ" و "بعْض" و "كلَ" (انظر كُلاً في حرفه) بشرطِ ألاَّ يَكونَ "كلّ" نعتاً لا توكيداً نحو: { كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُون} (الآية "33" من سورة الأنبياء "21"). {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعضٍ} (الآية "253" من سورة البقرة "2" ).
والقِسْمُ الآخَرُ يَلزَمُ الإضافةَ لفظاً وهو ثلاثةُ أنْوَاع:
(1)ما يُضَافُ إلى الظاهِرِ مَرَّةً، وإلى المُضْمَر أُخْرَى، وهو "كِلاَ وكِلْتا" و "عنْد وَلَدَى" (=في حروفها).
و "قصَارى الأمْرِ وحُمَادَاه" (أي الجهد والغاية). و "سوَى" (=في أحرفها)
(2)مَا يَخْتَصُّ بالظَّاهر، وهو "أُولُو أُولاَتُ، وذُو، وذات" وفروعُهما. قال تعالى: {نَحْنُ أولُو قُوَّةٍ} (الآية "33" من سورة النمل "27" ). {وأولاتُ الأحْمَالِ} (الآية "4" من سورة الطلاق "65")، {وَذَا النُّونِ} (الآية "87" من سورة الأنبياء "21") و{ذاتَ بَهْجَة} (الآية "60" من سورة النمل "27" ).
(3)ما يَخْتَصُّ بالمُضمَر، إمَّا مُطلَقاً وهو "وحْدَه" نحو {إذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ} (الآية "12" من سورة غافر "40" ).
وإمَّا لخُصُوصِ ضَميرِ المخاطَب، وهو مَصادِرُ مُنثَنَّاةٌ لَفْظاً، ومَعْناها: التكثير، وهو: "لَبَّيْكَ" و "سعْدَيكَ" و "حنَانَيْكَ" و "دوَالَيْكَ" و "هذَا ذَيْكَ". (=جميعَها في أحرفها).
وأمَّا النَّوْعُ الذي يجبُ إضافَتُه إلى الجمل فهو قِسمان:
(أ)ما يضاف إلى الجمل مُطلقاً وهو "إذْ" و "حيْث" نحو {واذْكُرُوا إذْ أَنْتُمْ قَلِيل} (الآية "26" من سورة الأنفال "8" ) و{اذْكُرُوا إذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} (الآية "86" من سورة الأعراف "7" )، "اجْلِسْ حيث جَلَسَ صاحبُك" أو "حَيْثُ صَدِيقُك جالِسٌ" (="إذ وحيث" في حرفيهما).
(ب) ما يَخْتَصُّ بالجملِ الفِعْلِيَّة، وهو "لمَّا" الحِينيةُ عِنْد من جَعَلها اسماً نحو "لَمَّا جَاءَني عليٌّ أكْرَمْتُهُ" و "إذَا" وتُضافُ إلى الجُملةِ المَاضَوِيَّة غَالِباً، وَقَلَّ أنْ تضافَ إلى الجُمْلَةِ المُضارِعيَّة، (=في حرفيهما).
وأمَّا قَوْلُ الفَرَزْدق:
إذا بَاهِلِيٌّ عِنْدَهُ حَنْظَلِيَّة *  لَهُ ولدٌ مِنْها فَذَاك المُذَرَّعُ
(المُذَرَّع: الذي أنُّه أشرف من أبيه، وحَنْظَلة: أكرم قبيلة في تميم).
فعلى تأويلِ إضمار "كان" إي إذا كان "باهليٌّ".
-11 إضافةُ أسْماءِ الزَّمَانِ المُبْهَمة: كلُّ ما كانَ مِنْ أسْماءِ الزَّمَان بمنزلة "إذْ" أو "إذا" في كوْنِه اسْمَ زَمَانٍ مُبْهَم لِمَا مَضَى أو لِمَا يَأْتي، فإنه بمَنْزِلَتِهما فيما يُضافَانِ إليه.
فَلِذَلِكَ تَقول" "جِئْتُكَ زَمَنَ الثَّمرُ ناضِجٌ" أو "زمَنَ كانَ الثَّمرُ نَاضِجاً". لأنَّه بِمَنْزِلَةِ "إذْ" وتقول: "أزُورُكَ زَمَنَ يَهْطِلُ المَطرُ" ويَمْتَنِعُ "وضمنَ هُطُولِ المطَر" لأنه بمنزلة "إذا" ومثل "زَمَن" في الإبهام "حِينَ، ووقتَ، ويومَ".

وأمَّا قولُه تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلى النَّارِ يُفْتَنُون} (الآية "13" من سورة الذاريات "51"). وقولُ شَوادِ بنِ قارِب:
فَكُنْ لي شَفِيعاً يومَ لا ذُو شَفاعَةٍ *  بمُغنٍ فَتِيلاً عن سَوادش بن قَارب
(الفتيل: ما يكون في شق نواة التمر وهو كناية عن الشيء القليل).
فمِمّا نُزِّلَ المستقبلُ فيه منزلةَ الماضي لتحقُّق وقُوعه.
ويجُوزُ في هذا النوعِ: الإعرابُ على الأصلِ، والبناءُ حَمْلاً عليهما فإنْ كان ما وَلِيَه فِعْلاً مَبْنِياً، فالبناءُ أرجَحُ للتَّناسُب، وقد تقدَّم في الإضافة.
وإنْ كانَ فِعْلاً معَرباً، أو جُمْلةً اسْمِيَّة، فالإعرابُ أرْجَحُ، فَمِن الإعراب {هذا يومُ يَنْفَعُ الصَّادقينَ صِدقُهُم} (الآية "119" من سورة المائدة "5" ). وقولِ بشْر بنِ هُذَيل:
ألم تَعْلَمي يا عَمْرَكِ اللَّهُ أنني *  كَرِيمٌ على حِينِ الكِرَامُ قَليلُ
(يا عمرك: يا حرف نداء، والمنادى محذوف تقديره: يا فلانة عمرك الله "عمرك" منصوب على المصدرية؛ وفعله "عمر" عاش طويلاً، عمرك الله).
-12 حَذْفُ المضافِ أو المضاف إليه: يَجُوزُ حَذْفُ ما عُلِمَ مِن المضاف أو المُضَافِ إليه، فإنْ كانَ المحذوفُ "المضافَ" فالغالبُ أن يَخْلُفَه في إعْرابِهِ المُضَافُ إليه نحو {وَجَاءَ رَبُّكَ} (الآية "22" من سورة الفجر "89") أي أمرُ ربك ونحو {واسْألِ القَرْيَة} (الآية "82" من سورة يوسف "12" ) أي أهل القرية.
وقد يَبْقى على جَرِّه، وشرطُ ذلك في الغالِب أن يكونَ المحذوفُ معطوفاً على مضافٍ بمعناه كقولهم: "ما مثلُ عبد الله ولا أخيه يقولان ذلك". أي ولا مِثلُ أخِيه.
ومثلُه قولُ حَارِهَة؟؟ بنِ الحجَّاج:
أكلَّ امْرِئٍ تَحسَبِينَ امْرَءاً *  ونَارٍ تَوَقَّد بالليل نارَا
أي: وكلَّ نار.
ومن غير الغالب قراءةُ اني؟؟ جَمَّاز: {تُرِيدُونَ عَرَض الدُّنيا واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرةِ} (الآية "67" من سورة الأنفال "8" ). أي عمل الآخرةِ.
وإن كان المحذوفُ "المضاف إليه" فهو على ثلاثة أقسام:
(1)أَنْ يُزالَ من المُضَافِ مَا يَسْتَحِقُّه من إعْرابٍ وتَنْوِين، ويُبْنَى على الضم نحوك "أَخَذْت عَشَرةً ليسَ غيرُ" ومثلُها "من قَبْلُ" و "من بعدُ" (=ليس غير، قبل، وبعد).
(2)أن يَبْقَى إعْرَابُه، ولا يُنَوَّن، ولا تُرَّد إليه النون إنْ كان مُثَنَّى أَوْ مَجْمُوعاً كما كان في الإضافة، وشرطُ ذلك في الغالب أن يُعطف عليه اسمٌ عامِلٌ في مِثْل المُضَافِ إليه المحذوف، وهذا العامل، إما مضاف كقولهم: "خُذْ ربعَ ونِصْفَ ما حَصل" والأصل خُذْ رُبْعَ ما حصل ونِصفَ ما حصل، فحذفوا "ما حصل" وم؟؟ الأول لِدَلالةِ الثاني عليه.
ومِثلُه قَوْلُ الفَرَزْدَق:
يا مَنْ رَأى عَارِضاً أُسَرُّ به *  بين ذِرَاعيْ وجَبْهةِ الأسَدِ
أي بَيْنَ ذِرَاعَيْ الأَسَدِ، وَجَبْهةِ الأَسَدِ. ومثلُ هَذا لا يَجُوز إلاَّ في الشعر.
وإمَّا غَيرَ مُضَافٍ وهو عامِلٌ في مِثْل المَحْذُوف كقوله:
عَلَّقْتُ آمَالِي فَعمَّتِ النِعَم *  بِمِثْلِ أو أنْفَعَ مِنْ وَبْل الدِّيَمْ
(الوبل: المطر الشديد، الديم: جمع ديمة: وهو المطر ليس فيه رعد ولابرق).
فمثلُ مُضَافٌ إلى مَحذُوفٍ دلَّ عليهِ المذكُور، والأصلُ: بمثلِ وَبْلِ الدِّيَم أو أنفعَ من وَيْلِ الدِّيَم.
ومن غير الغالب "ابْدَأْ بِذَا مِنْ أولِ" بالخفض من غير تنوين.
-13 الفصل بين المضاف والمضاف إليه:
عند أكثَرِ النحويين لا يُفْصَل بين المُتَضَايِفَيْن إلاّ في الشعر، وعند الكوفيين مسائل الفصل سبعٌ: ثلاث جائزة في السعة وهي:
(1)أن يكونَ المضافُ مصدراً، والمضافُ إليه فاعلُه، والفاصل: إمَّا مفعوله، وإمَّا ظَرْفه فالأول كقراءة ابن عامر: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ من المُشْرِكينَ قَتْلَ أوْلاَدَهُمْ شُرَكائِهِم} (الآية "137" من سورة الأنعام "6" . وقراءة الأكثرين: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ من المُشْرِكينَ قَتْلَ أوْلاَدِهِمُ شُركاؤهم} وشركاؤهم فاعل زَيَّن).
التقدير على هذه القراءة: قتلَ شُرَكَائِهم أوْلاَدَهُم، فَصَلَ بَيْن المُضَافِ والمُضَافِ إليه: بأولادهم ومثلُه قولُ الشَّاعر:
عَتَوْا إذْ أحَبْنَاهُم إلى السِّلْمِ رَأفَةً *  فَسُقْنَاهُمُ سَوْقَ البُغَاثَ الأَجادلَ
(البغاثَ: من الطيور الضعيفة ومن المثل: "إن البغاث بأرضنا يَسْتَنْسِر" والأجادل: جمع أجْدَل: وهو الصقر).
التقدير: سَوْقَ الإجادِلِ البُغاثَ.
والثاني: كقول بعضهم: "تَرْكُ يوماً نَفسِكَ وهَواهَا، سَعْيٌ لَها فِي رَدَاها".
(2)أن يكون المضافُ وصفاً والمضافُ إليه إما مفعولَه الأولَ والفاصلُ مفعولُه الثاني، كقراءة بعضهم {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّه مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ} (الآية "47" من سورة إبراهيم "14" . والقراءة المشهورة {فَلا تَحْسَبنَّ اللَّهَ مُخلِفَ وَعدِهِ رُسُلَهُ}).

وقول الشاعر:
ما زَالَ يُوقِنُ مَنْ يَؤُمُّكَ بالغِنى *  وسِوَاكَ مانعُ فَضْلَه المُحتاجِ
أو ظَرفَه كقوله عليه السلام "هَلْ أَنْتُمْ تارِكُو لي صَاحبي" وقول الشاعر:
فَرِشْني بخيرٍ لا أكونَنْ ومِدْحَتي *  كنَاحِتِ يَوْماً صَخْرةٍ بعَسِيلِ
(قوله: فَرِشْني: أمر ن رِشْتُ السهم إذا أَلزقْتَ عليه الريش، والمعنى: أصْلِح حالي بخيرٍ، والعَسِيل: مِكْنَسةُ العَطَّار التي يجمعُ بها العِطْر، وهذا كناية عن أنَّ سَعْيه مما لا فائدةَ فيه مع التَّعب والكد).
(3) أن يَكُونُ الفَاصِلُ قَسَماً (كما حكاه الكسائي) نحو: "هذا غُلامُ واللَّهِ زيدٍ" وحَكَى أبو عبيدة: "'نَّ الشاةَ لَتَجْترُّ صوتَ - واللَّهِ - ربِّها" (أي صاحبها" زاد في الكَافية الفصل بـ  "أما"  كقول تأبط شراً:
هما خُطَّتا إمّا إسَارٌٍ وَمِنَّةٌٍ *  وإمَّا دَمٌٍ والقَتْلُ بالحُرِّ أجْدَرُ
(هذا على رواية كسر إسار على أنه مضاف إليه وحذف النون على هذا للإضافة والرواية الأخرى بالضم وعليه فحذف النون استطالة للاسم وإسَارٌ بدَل من خطتا).
والمسائل الأربعةُ الباقِية تختص بالشعر:
(إحداها) الفصلُ بالأجْنَبي، ونعني بِه مَعْمُولَ غيرِ المُضَاف، فاعلاً كان كقول الأعشى:
أنْجَبَ أيَّامَ والِداه به *  إذ نجلاهُ فنِعم مَا نجَلا
فاعل أنجب: والداه وأيام: متعلق بأنجب وهو مضاف و "أذْ" مضاف إليه، فقد فصل بـ "والداه" بين المضاف والمضاف إليه).
أي أَنْجب والِداه به أيَّامَ إذ نجلاه، أو مفعولاً كقول جرير:
تَسْقِي امْتِياحاً نَدَى المِسْواكَ رِيقَتِها *  كما تَضَمَّن ماءَ المزنة الرَصَفُ
(الامتياح هنا: الاسْتِيَاك وأصله: أخذ الماء من البئر وهو حال والنَّدى: البَلَلَ، والمُزنَة: السَّحاب، والرَّصْف: جَمع رَصْفَة وهي حجَارَةٌ مَرْصُوف بعضُها إلى بَعض، وماءُ الرَّصف أصْفى وأرَق).
أي تَسقِي نَدَى رِيقَتِها المِسوَاكَ، أو ظَرفاً كقول أبي حَيَّةَ النميري:
كما خُطَّ الكتابُ بكفِّ يوماً *  يَهُوديٍّ يُقارِبُ أو يُزيل
(الشاهد فيه: بكف يوماً يهودي، وظاهر أن الأصل: بكف يهودي يوماً).
(الثانية) الفَصْل بفاعل المُضافِ كقوله:
ما إن وَجَدْنا للهَوَى من طِبَّ *  ولا عَدِمنا قَهْرَ وجدٌ صَبِّ
(أضاف "قَهْرَ" إلى مفعوله وهو "صبّ" وفصلَ بينهما بفاعلِ المصدر وهو وَجَدَ، والأصل ما وجدنا للْهَوى طِبَّا، ولا عدمنا قَهرَ صَبٍّ وَجَدَ والصب: العاشق).
(الثالثة) الفصل بنعت المضاف كقول الشاعر:
نَجَوْتُ وَقَدْ بَلَّ المُرَادِيُّ سَيفَه *  مِنْ ابنِ أبي شَيخِ الأَبَاطِحِ طَالِبِ
(الأباطح: جمع أبطح: وهو مسيل الماء، والمراد به مكة. والمرادي: هو عبد الرحمن بن مُلْجَم قاتلُ عليّ رضي اللّه عنه).
أي من ابن أبي طالب شيخ الأباطح.
(الرابعة) الفَصل بالنداء كقوله:
كأنَّ بِرْذَوْنَ أبا عصام *  زيدٍ حمارٌ دُقَّ باللّجام
أي كأنَّ برذَونَ زَيدٍ حمارٌ يا أبا عِصام ففَصَلَ بينَ المضافِ والمضافِ إليه بالنِّداء.
كل هذا رأيٌ للكُوفيين، واستشهادهم ضعيف وعندَ البَصْريين لا يُفْصَل بين المضاف والمضاف إليه إلا في الشعر.
* الإضافَةُ اللَّفْظِيَّة:
-1 ماهيتها:
هماك نَوعٌ من الإِضَافة لا يُفيدُ تَعْريفاً ولا تَخْصِيصاً وهو "الإِضَافَةُ اللَّفْظِيَّةُ" أو "غَيرُ المَحْضَة" وضَابِطُها: أن يكونَ المُضافُ صَفةً تُشبه المضارعَ في كَوْنها مُرَاداً بِها الحالُ أو الاسْتِقْبالُ وهذه الصِّفة واحدةٌ من ثَلاث: اسمُ فاعل، نحو "مُكرمُنا" واسمُ مفعول نحو "مزكومِ الأَنْفِ" والصفة المشبهة، نحو "شَديدِ البَطْشِ" والدَّليل على أنَّ هذه الإِضَافَة لا تُفِيدُ المُضَافَ تَعريفاً: وصفُ النكرةِ به في قولِه تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَة} ووقوعهُ حالاً في نحو:
{ثَانيَ عِطْفِهِ} (الآية "9" من سورة الحج "22" ). فإنها حالٌ من فاعل يُجادِلُ في الآية قبلَه ومثله قولُ أبي كبير الهُذلي يمدَح تأبَّط شرّاً:
فأتَتْ به حُوشَ الفُؤَادِ مُبَطَّناً *  سُهُداً إذا ما نَام ليلُ الهَوْجل
("حوش" الفؤاد حديده "مبطناً" ضامر البطن "سُهُداً" قليل النوم "الهوجل" الأحمق)
فـ "حُوشَ الفُؤَاد" حال من الضمير في "به" والحَالُ لا تكونُ إلاَّ نَكِرَةً، أو مُؤَولةً بالنكرةِ، ودخول "رُبَّ" عليه ورُبَّ لا تَدْخُل إلاَّ على النكرات، من ذلك قول جرير:
يا رُبَّ غَابِطِنَا لَو كَانَ يَطْلُبُكُم *  لاَقَى مُبَاعَدَةً منكُم وحِرمَانَا
والدَّليل على أنها لا تفيد تخصيصاً: أنَّ أصل قولِك: "هو مساعدُ أَخِيه". "هو مُسَاعدٌ أخاه" فالاختصاصُ بالمَعْمُول مَوْجُودٌ قبلَ الإضَافة.
ولا تُفيد هذِه الإضافة إلاَّ التَّخْفِيفَ بحَذْفِ التنوين في نحو "مساعِد أحمدَ" أو حذفِ نون التثنية أو الجمع في نحو "مُكرِمَا خَالدٍ" أو "مُكرمُو خالدٍ" أو تُفيدُ رَفْعَ القُبْح نحو: "أَعْزَزْتُ الرَّجُلَ الشَّريفَ النَّسَبِ" فإنَّ في رفعِ "النَّسب" (على أنها فاعل للصفة المشبهة وهو الشريف)، قُبْحَ خُلُوِّ الصفة من ضَمِيرٍ يَعُود على الموصوف، وفي نصبه (على أنه مفعول للصفة المشبهة): قُبْحَ إِجْرَاءِ وَصْفِ اللاَّزِم مُجرَى وَصفِ المُتعدي، وفي الجرّ تَخَلُّصٌ منهما.
وتُسَمَّى هذه الإِضافَةُ في هذا التنوع "لَفْظِيةً" لأنَّها أفادَت أمْراً لَفْظياً وهو حَذْفُ التَّنوين والنونِ، و "غيرَ مَحْضةٍ" لأَنَّها في تَقْدير الانْفِصال.
-2 دُخول "ألْ" على المُضاف:
الأصْلُ ألاَّ تَدْخلَ "ألْ" على المُضافِ لما يَلزَمُ عَليه من وجودِ مُعرِّفَيْن ولكنْ بالإِضافةِ اللفظية جائز ذلك في خمس مسائل:
(أ) أنْ يَكونَ المضافُ إليه أيضاً مَقْروناً بـ "أل" كقول الفرزدق"
أَبَأْنَا بها قَتْلَى وَمَا في دِمَائها *  شِفَاءٌ، وهُنَّ الشَّافِياتُ الحَوائِمِ
(أبَأْنا: قتلنا، والضمير في "بها" و "هن" للسيوف "الحوائم" العِطَاش التي تحوم حول الماء جمع حَائِمة)
(ب) أن يكون المضافُ إليه مضافاً لما فيه "أل" كقوله:
لقد ظَفِرَ الزُّوَّارُ أقْفِية العِدَا *  بما جَاوَزَ الآمَالَ مِلأَسْرِ والقتلِ
( ملأسر: أصلهُ من الأسر، حذفت النون على لغة خثعم وزَبِيد)
(جـ) أن يكون المضافُ إليه مضافاً لضمير ما فيه "ألْ" كقوله:
أَلْوُدُّ أَنْتِ المُسْتَحِقَّةُ صَفْوِهِ *  مِنّي وإنْ لمْ أَرْجُ مِنْكِ نَوَالا
(المستحقة: اسم فاعل فيه "أل" أضيف إلى "صفوه" وفي "صَفْوِه" ضمير يعود إلى ما فيه "أل" وهو "الود")
(د) أن يكون الوَصْف المضافُ مثنَّى كقوله:
إنْ يَغْنَيا عَني المُسْتَوْطِنا عَدَنٍ *  فإنني لِسْتُ يَوْماً عَنْهما بِغَنِي
( يَغْنيا: مضارع غَنِي بمعنى يَسْتغنيا، والألف ليست فاعلاً، وإنما هي علامة التثنية والفاعل: المُستَوْطِنا)
(هـ) أن يَكونَ الوصفُ جمعَ مذكَّر سالماً، كقوله:
ليسَ الأَخِلاَّءُ بالمُصْغِي مَسَامِعِهم *  إلى الوُشَاةِ ولَوْ كانُوا ذَوِي رَحِم
(بالمُصغي: اسم فاعل وهو جمع مذكر سالمٌ وهو مضاف وفيه "ال" وهو الشاهد)
* أضْحَى:
(1) تأتي ناقصةً من أَخَوات "كانَ" وهي تَامةُ التصرُّف، وتُستَعمل ماضياً ومُضَارِعاً، وأمراً، ومَصْدرَاً نحو قول ابن زيدون:
"أضْحَى التَّنَائي بَدِيلاً مِنْ تَدَانِينَا".
ولها مع "كَانَ" أحكامٌ أُخْرَى.
(=كان وأخواتِهَا).
(2) وتَأْتِي تامَّةً، فتكتَفِي بمرفُوعِها. ويكونُ فاعِلاً لها، وذلك حينَ يكونُ مَعْنَى "أضْحَى" دَخَل في الضُّحى نحو "أَضْحَيْتُ وأنَا في بَلَدِي".
* الإعْرَاب:
-1 تعريفه:
هو اخْتِلافُ آخِرِ الكَلِمةِ باخْتِلاَفِ العَوامِلِ، لَفْظاً وتَقْدِيراً. وهو أصل في الأسماء، فَرْعٌ في الأفْعال، فاختلافُ آخِرِ الكلمة هو الحَرَكةُ، والحَذْفُ، والسُّكُون، والحَرْفُ.
فالحركة كحَركَةِ لفظِ "أرْضٍ" في قولك "هذه أَرْضٌ خِصْبَةٌ" و "زرَعْتُ أرضاً جَيِّدةً" والحذف كقولك "لم يَرَ" والسكون نحو "لم يَرْجِعْ" والحَرْف: كالإِعراب بواوِ الجماعَة أو ألِفِ الاثنين.
هذا في اللفظ، أمَّا التَّقدير:
فهو ما لا يَظْهر إعْرابُه، كلفظ "الفَتَى" و "النَّوَى" في قولك: "جَدَّ الفَتَى". و "ما أَصْعَبَ النَّوى".
-2 المعربات:
(1) حقُّ الأسماءِ أن تُعرب جميعاً وتُصْرَف.
فَما امتَنَعَ منها مِنَ الصَّرْفِ فَلِمُضَارَعتِه الأَفْعَالَ لأن الصَّرْف إنما هو التنوين والأَفْعَالَ لا تَنْوين فيها، ولا خَفْضَ، وما أشْبَه الحَرْفَ فمبنيٌّ. والمَبْنِياتُ من الأسماء مُسْتَقْصَاةٌ في = البناء.
(2) الفعل المضارع الخالي عن مُبَاشَرةِ نونِ الإِنَاثِ ونُونِ التوكيد ثقيلةٍ أو خفيفة، وإنما أعْرِب المضارعُ لمشابهتهِ الاسمَ في إبْهامِهِ وتخصيصِه فإنه يَصلحُ للحالِ والاستقبال ويَتخلَّصُ لأحدهِما بحروفٍ، كذلك الاسم يكون مُبْهماً بالتنكير ويتخصَّصُ بالتعريف.
-3 علامات الإِعراب الأصلية:
علاماتُ الإِعراب الأصلِيّة: الضمةُ للرفع والفتحةُ للنصبِ، والكسرة للجر، وحذفُ الحركة للجزم.
ويشتركُ في الرفع والنصب الاسمُ والفعلُ، مثل قولك "العاقلُ يَصونُ شَرَفه" و "أن العَجُولَ لن يتقِنَ عَملاً". ويَخْتَصُّ الجرُّ بالاسم مثل: "في ساحةِ العلمِ الخلودُ" ويَخْتَصُّ الجزمُ بالفعل، مثل "لم يَنَلِ الخَيْرَ مَلُولٌ".
-4 تَقْدير الحركاتِ الثلاثِ في المَقْصُور والحركَتَين في المنقوص:
تَقَدَّرُ الحركاتُ الثلاثُ في الاسمِ المعرَبِ الذي آخرهُ ألفٌ لازمةٌ لتعذُّر ظهورِها كـ "الهُدَى" و "المصطفى". ويسمى معتلاًّ مقصوراً. وتُقَدَّرُ الضَّمةُ والكسرةُ فقط في الاسمِ المعربِ الذي آخره ياءٌ لازمةٌ مكسورٌ ما قبلَها، كـ "الدَّاعِي والمُنَادِي". ويُسمى مُعتَلاًّ مَنْقُوصاً، أَمَّا الفتحةُ فَتَظْهرُ في المَنْقُوص لِخِفَّتِهَا.
-5 علاماتُ الإِعراب الفَرْعيَّة:
قَد يَنُوبُ عن الضمةِ غيرُ الرفع، وعن الفتحةِ غير النَّصْبِ، وعن الكسرةِ غيرُ الجرِّ، وعن الجزمِ غيرُ السكون وذلك في سبعةِ أبوابٍ: الأسماءِ السِّتَة، المثنى، جمعِ المذكَّر السَّالم، الجمعِ بألفٍ وتاء، المَمْنُوعِ من الصَّرْف، الأفعال الخمسة، المضارعِ المعتل الآخر.
(=في أبوابها).
إعراب أسماء الاستفهام =الاستفهام (5).
إعرابُ أسماءِ الشّرط =جَوازِم المضارع (8).
* إعرابُ المُضَارِع:
تقدَّم إعرابُ المضارع، ونتحدث هنا عن أنواع إعرابه، وهي:
"رَفعٌ، ونَصْبٌ، وجَزْم". (=رفعَ المضارعِ، نصبَ المضَارعِ، جَزْمَ المُضَارِعِ).
* أعْطَى وأخَوَاتها:
-1 هي "أَعْطَى، سَأَلَ، مَنَحَ، مَنَعَ، كَسَا، أَلْبَس".
-2 حكمها:
تَنْصب مَفْعُولين ليسَ أصلهُما المبتدأ والخبر، وأحدُهما فاعلٌ في المعنى، فإذا قلتَ "كَسَوْتُ الفَقِيرَ قَمِيصاً" فـ "الفقير" مفعولٌ أوَّلُ وهو فاعلٌ في المعنى لأنَّ الكساءَ قامَ به و "قمِيصاً" مَفْعُولٌ ثانٍ.
وظاهرٌ أن المفعولَيْن ليس أصلُهُما المبتدأ والخبر، لأنَّه لا يُقال: الفقيرُ قميص".
-3 أحْوالُ مفعوليها في التَّقديم والتَّأْخير:
الأَصْلُ في هذه المَفَاعيلِ تقديمُ ما كان فاعلاً في المَعْنى، تقول: "أَلْبَسْتُ عليّاً مِعْطَفاً". كما تقول: "الكتابَ أعْطَيْتُكَهُ". وقد يكونُ تَقْدِيمُهُ واجباً أو مُمْتَنِعاً. فالوَاجِبُ في ثَلاثَةِ مَوَاضع:
(أحدهما) عِندَ حُصُول اللَّبْس، نحو "أعطيتُ محمّداً خالداً".
(الثاني) أن يَكونَ المفعولُ الثاني مَحْصُوراً فيه نحو "ما أعطيتُ خالِداً إِلاَّ دِرهماً".
(الثالث) أنْ يكونَ الثاني اسماً ظاهراً والأول ضميراً متصلاً نحو {إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكوثَرَ} (الآية الأولى من سورة الكوثر "108").
والمُمْتَنِعُ في ثلاثَةِ مَوَاضِع:
(الأول" أن يكونَ الفاعلُ في المعنى محْصوراً فيه نحو "ما أَعْطَيْتُ الدِّرْهَمَ إِلاَّ سَعيداً".
(الثاني) أن يكونَ الأولُ ظاهراً، والثاني ضميراً متصلاً نحو "الدِّرْهَم أَعْطَيْتُه سَعيداً".
(الثالِث) أن يَكونَ مُشْتَمِلاً على ضمير يَعودُ على الثاني نحو "أعْطَيْتُ القوسَ بَارِيَها".
* الإِعْلال:
هو تغييْرُ حرفِ العِلَّةِ للتَّخْفِيف بالقَلْب، أو التَّسْكين، أو الحَذْفِ.
فالأوَّل: كقَلْب حرفِ العِلَّة همزة في الجَمْع كـ "قِلادَة" وجمعها "قَلائِدُ" و "صحِيفَةٌ" وجَمْعُها "صَحَائِفُ".
والثاني: كَتَسكين العين في "يَقوم" أصْلُها: يَقْوُم، نُقِلَتْ حَرَكةُ الواوِ إلى القاف فصارت يقوم، ومِثْلُها: يَبِيع. و "يبْيِع" واللام في نحو "يَدْعو ويَرْمي".
والثالث: كحذف فاء "المثال" في نحو "يَزِن" و "يعدِ".
* أعْلَمَ:
أصْلُها عَلِمَ التي تَنْصِب مَفْعُولَين، فَلمَّا أُدْخِلَتْ عليها الهمزةُ عَدَّتْها إلى ثَلاثةِ مَفَاعِيل تقول: "أعلمتُ عَمْراً خَالِداً شُجَاعاً". و "أعلمتُه إياه فاضِلاً".
وإذا كانتْ أَعْلَمَ مَنْقُولَةً من عَلِمَ بمعنى عَرَف المُتَعَدِّيةِ لِوَاحدٍ فإنَّها تَتَعدَّى لاثْنَيْن فَقط بَهَمْزَةِ التَّعْدية نحو "أَعْلَمْتُ خَالِداً خَبَرَاً يَسُرُّهُ". وحكمُ "أعلم" بمعنى عَرَفَ حُكْمُ أعْطَى ومَنَح في حذف المَفْعُولين أو أَحَدِهِما. لِدليل (=المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل).
* أَعْنِي التَّفْسِيرية:
الفرقُ بين "أعني" التَّفسيرية و "أيْ" أن "أيْ" يُفَسَّر بها للإِيضاح والبيان و "أعْني" لدفع السُّؤال، وإزالة الإِبهام. وإِعْرَابُ "أَعْنِي" إعرابُ المُضَارِع المُجَرَّدِ والياءُ مفعولٌ به.
* الإِغْرَاء:
-1 تعْرِيفُه:
هو تَنْبِيهُ الاسْمِ فيه حُكْمُ التَّحْذير (انظر "التحذير") الذي لم يُذكَرْ فيه "إيَّا" فلا يَلْزَمُ حذفُ عَامِله إلاَّ في عَطْفٍ أو تَكْرارٍ كقولك: "العلمَ والخُلُقَ". بتَقْدِيرِ الزَمْ، وقول مِسكينِ الدارمي:
أخَاكَ أخَاكَ إنَّ مَنْ لا أخا له *  كسَاعٍ إلى الهَيْجا بغَيْرِ سِلاحِ
ويقال "الصلاةَ جامعةً" فتنصب الصلاةَ بتقدير "احضرُوا" أو أقيموا و "جامعةً" على الحال، ولو صُرِّح بالعامل لجاز.
أفْعَال التّصْيير =ظَنَّ وأخواتها (9).
الأفْعَال الصَّحيحة =الصحيحُ مِنَ الأَفْعَال.
أفْعَالُ القُلوب =ظَنَّ وأَخَواتُها (2).
الأفْعَالُ المُعْتَلَّة =المُعْتَلُّ مِنَ الأفعال.
* أُفٍّ:
الأُفُّ لُغةً: الوسَخُ الذي حَوْلَ الظُّفر. وقيل: وَسَخُ الأُذُن، يُقالُ ذَلك عَندَ اسْتِقْذَار الشَّيْء، ثم اسْتُعْمِلَ ذَلك عِندَ كلِّ شَيْءٍ يُضْجَرُ مِنْهُ، ويُتَأَذَّى بِه، والأَفَفُ: الضجرُ؛ وهي اسْمُ فِعْل مُضَارِعٍ بمعنى أتَضَجَّر، وهي من النوع المُرْتَجل.
وفيها عَشْرُ لُغاتٍ: أُفَّ لَه، وأُفِّ، وأُفُّ، وأُفَّا، وأُفٍّ وأُفٌّ، وفي التنزيل: {ولاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (الآية "23" من سورة الإسراء "17" ) وأُفٍّي، وأُفَّى، وأُفَّةٌ، وأُفْ خفيفة، وقد جَمَعَها ابنُ مالكٍ في بَيْتٍ واحِدٍ:
فَأُفَّ ثَلِّثْ ونَوِّو، إنْ أردْتَ وقُلْ *  أُفَّى وأُفِّى وأُفْ وأُفَّةَ تُصِبِ
وهِيَ للمُفْرَدِ المُذَكَّرِ وغيرِهِ بصِيغَةٍ واحِدَة، وفَائِدةُ ذلك وضْعُها قصدَ المبالغة، فقائلُ "أفٍّ" كأنه يقول: أتضجر كثيراً، والتنوين فيها للتنكير أي أتضجَّر من كل شيء (=اسم الفعل).
* الأفْعال الخمسة:
-1 تعريفها:
هِيَ كلُّ فعلٍ مُضارِعٍ اتصلَ به ألِفُ اثْنَين مثل "يَفعلان تَفعَلان" أو واوُ جَمْعٍ مثل "يَفْعَلُونَ تَفْعَلُونَ" أو يَاءُ المُخَاطَبَةِ مِثل: "تَفْعَلِينَ".
-2 إعرابها:
تُرْفَعُ الأفْعالُ الخمسةُ بِثُبُوتِ النُّون نحو "العُلَماءُ يَتَرَفَّعون عن الدَّنَايَا".
وتُنْصَب وتُجْزَمُ بِحَذْفِها نحو قوله تعالى: {فَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (الآية "24" من سورة البقرة "2" ) فالأول جَازِمٌ ومَجْزُوم، والثاني نَاصِبٌ ومَنْصُوبٌ.
-3 كلمة "يَعْفُونَ":
كلمةُ "يَعْفُون" من قوله تعالى: {إلاَّ أنْ يَعْفُونَ} (الآية "237" من سورة البقرة "2" ) الواوُ فيها ليستْ ضميرَ الجَماعة، وإنَّما هي لاَمُ الكَلِمَة، والنونُ ضمِيرُ النِّسوة، والفعل المضارع مبني على السكون مثل "يَتَرَبَّصْنَ" بخلافِ قَوْلِكَ "الرِّجَالُ يَعْفُون" فالواوُ ضميرُ المذَكَّرِين، والنُّونُ عَلامَةُ الرَّفعِ. فَتُحْذَفُ للنَّاصِب والجَازِمِ نحو {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ للتَّقْوى} (الآية "227" من سورة البقرة "2" ).
* أفْعَالُ المُقَاربة:
مَعْنى قَولِهِم أفْعَالُ المُقَارَبَة إفَادَةُ مُقَاربةِ الفِعْل الكائِيِ في أخْبَارِها.
-1 أقسامها:
أفعالُ هذا الباب ثلاثةُ أنواع:
(أَحَدُها) وُضِعَ للدَّلالَةِ على قُرْبِ الخَبَر وهي ثلاثةٌ "كادَ، كَرَب، أَوْشَك".
(الثاني) ما وُضِعَ للدَّلالة على رَجَاء الخَبَر في الاستقبال وهي ثَلاثةٌ أَيْضاً "عَسَى، حَرَى، اخْلَوْلَق".
(الثالث) ما وضع للدَّلالة على الشروع فيه، وهُوَ كثير، منه "أَنْشَأ، طَفِق، جَعَل، هَبَّ، عَلَقَ، هَلْهَلَ، أَخَذَ، بَدَأ" (=الثلاثة مفصلة في حروفها).
وجميعُ أفْعَالِ هَذَا الباب تَعمَلُ عَمَلَ كَانَ إلاّ أنَّ خَبَرَهُنَّ يَجِبُ كَوْنُه جُمْلَةً، وشَذَّ مَجِيئه مُفْرَداً وخصوصاً بعدَ كَادَ وعَسَى. (=كاد وعسى واخلولق).
-2 حكم خاصٌّ بعَسَى واخْلَوْلَقَ وأوْشَكَ:
تَخْتَصُّ "عَسَى واخْلَوْلَقَ وأوْشَكَ" بجواز إسْنَادِهنَّ إلى "أَنْ يفعلَ" ولا تَحتَاجُ إلى خَبرٍ مَنْصُوب، فتكونُ تامَّةً، نحو {وَعَسَى أنْ تَكْرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (الآية "216" من سورة البقرة "2" ) ويَنْبَني على هذا فَرْعان:
(أحدهما) أَنَّهُ إذا تَقَدَّم على إحداهُنَّ اسمٌ وهُوَ الفَاعِلُ في المَعنَى، وتأخر عنها "أنْ والفِعْل" نحو "عَمْرُوٌ عَسَى أنْ يَنْتَصِرَ" جَازَ تَقدِيرُ عسى خَالِيةً من ضَمير ذَلِكَ الاسْمِ المتقدم عليها، فَتَكُونُ رَافِعَةً للمَصْدر المُقَدَّرِ من أنْ والفِعْلِ مُسْتَغْنىً به عن الخَبَر وهي حِينَئِذٍ تامَّةٌ، وهي لغة الحجاز. وجاز تقديرُها رَافِعَةً للضَمير العَائِدِ إلى الاسْمِ المُتَقَدِّمِ، فيكونُ الضَّميرُ اسْمَها، وتكونُ "أنْ والفعل" في موضع نصب على الخبر، فتكون ناقصة، وهي لغة بني تميم.
ويَظْهَرُ أَثَرُ التَّقديرين في حالِ التَّأْنيث والتثنية والجمع، المذكر والمؤنث، فتقولُ على تقدير الإِضمار في عَسَى - وهو أنها ناقصةٌ عاملة - "هندُ عَسَتْ أنْ تُفْلِح". "العَمْران عَسَيَا أن يَنْجَحا".
و "الزَّيدُون عَسَوا أَنْ يُفْلِحُوا" و "الفاطِماتُ عَسَيْنَ أن يُفْلِحْنَ" وتقول على تقدير الخُلُو من الضمر - وهو استغناؤها بالفاعل عن الخبر في الأمثة - جميعها من غير أن تتصل بعَسَى أداة تأنيث أو تثنية أو جمع وهو الأفصح، تقول: "هِنْدٌ عَسَى أن تفلحَ" و "الخالدان عسى أن يأتِيا" وهكذا في الباقي وبه جاء التنزيل قال تعالى: {لا يَسْخَر قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أن يَكُونُوا خَيْراً مِنهم، ولاَ نِسَاءٌ مِنْ نِساءٍ عَسَى أن يَكُنَّ خيراً منهنَّ} (الآية "11" من سورة الحجرات "49").
(الفرع الثاني) أنه إذا ولِيَ أحدُ هذه الأفعال الثَّلاثةِ "أن والفعل" وتَأَخَّرَ" عَنْها اسمٌ هو الفاعلُ في المعنى، نحو "عسَى أنْ يجاهدَ عليٌّ" جَازَ الوجهانِ السَّابقانن: أن يكونَ الاسمُ وهو "عليَّ" في ذلكَ الفِعْل المَقْرُونِ بأن خَالياً من الضَّمير العائِدِ إلى الاسمِ المتأخر، فيكونُ الفعْلُ مُسْنَداً إلى ذلكَ الاسمِ المُتَأَخِّرِ، وهو يجاهد وتكون عَسَى مُسْندةً إلى أن والفعل مُسْتَغْنىً بهما عن الخبر فتكون تامَّة.
والثاني: أنَّه يجوزُ أنْ يُقدَّرَ ذلكَ الفعلُ مُتَحمِّلاً لضميرِ ذلك الاسمِ المتأخَّرِ (وعندئذ يعود الضمير على متأخر لفظاً لا رُتبةً وهذا جائز)، فيكون الاسمُ المتأخِّر مَرْفوعاً بِعَسَى وتكون أنْ والفعلُ في مَوْضِعِ نَصْبٍ على الخَبَريَّةِ لِعَسَى مقدماً على الاسم، فتكون ناقصة.
ويَظْهَرُ أَثَرُ الاحْتِمَالَين أيْضاً في التأنيث والتَّثنية والجمع المُذَكَّر والمُؤَنَّث، فنقول على الثاني - وهو أن يكونَ الاسمُ المُتَأَخِّر اسْماً لـ "عَسَى" - "عَسَى أنْ يقُومَا أَخَواك" و "عسَى أنْ يَقوُموا إخْوتُك" و "عسَى أن تقمْنَ نِسوتُك" و "عسَى أن تَطْلُع الشَّمْسُ" لا غير.
وعلى الوجْهِ الأوَّل - وهو" أن يكونَ الاسمُ المتأخَّرُ فاعِلاً للفعل المُقْتَرِنِ بِأَنْ - لا نحْتَاجُ إلى إلْحَاقِ ضميرِ مَا فِي الفِعل المُقْتَرَنِ بـ "أنْ" بل نُوَحِّدُه في الجميع فنقول: "يقوم" ونُؤَنِّث "تطْلُع" أو نُذَكِّره ومثل عسى في هذا اخلَولَقَ، وأَوْشَكَ.
* أَكْتَع: كلمةٌ يؤكَّدُ بها، وهي تابعةٌ "لأجْمَع" ولا تُقَدَّم عليها، تقول: "جاءَ القَوْمُ أجْمَعُون أبصَعُون أبْتَعُون"
(=في أبوابها).
* ألْ التَّعْرِيفية: تأتي" جِنْسِيَّةً، وزائِدةً، وعَهْديَّةً، وهذه الثلاثةُ تَصلُحُ أن تكونَ علامةً للاسم - ومَوْصُولة وهاكَ بيانَها:
* أَلْ الجِنْسِية:
ثَلاثَةُ أَنْوَاع:
(أ) الَّتي لِبَيان الحَقِيقَةِ والمَاهِيَّةِ وهِيَ التي لا تخلُفُها "كُل" نحو: {وَجَعَلْنا من الماء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (الآية "30" من سورة الأنبياء "21")، ونحو: "الكَلِمَةُ قَوْلٌ مُفْرد".
(ب) الَّتِي لاسْتِغْراقِ الجِنْس حَقِيقةً، فَهِي لشُمُولِ أفْرادِ الجِنْس نحو: {وخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً} (الآية "27" من سورة النساء "4" ) وعلامَتُها أن تخلُفها "كُل" فلو قيل: وخُلِقَ كلُّ إنسَانٍ ضَعِيفاً لكان صحيحاً.
(جـ) التي لاسْتِغْرَاقِ الجِنْس مَجَازاً لِشُمُول صِفاتِ الجنسِ مُبَالَغَةً نحو "أَنْتَ الرجلُ عِلْماً وأَدَباً" أي أنتَ جامعٌ لِخَصَائِصِ جَميعِ الرِّجال وكمالاَتِهم.
* أَلْ الزَّائِدة: نَوعان: لازِمَةٌ، وَغَيْرُ لاَزِمَةٍ، فاللاَّزِمَة: ثلاثةُ أنوَاع:
(أ) التي في عَلَمٍ قَارَنَتْ وضعَه في النَّقل كـ "اللاَّت والعُزَّى" أو في الارْتجَال كـ "السَّمَوْأَل".
(ب) كالتي في اسمٍ للزَّمَن الحاضِر وهو "الآنَ".
(جـ) كالتي في الأسْماءِ المَوْصُولةِ مثل "الَّذي والتي وفروعِهمَا" من التثنية والجمعِ وكانَتْ زائدةً في الثلاثة لأنَّه لا يَجْتَمِعُ على الكَلِمةِ الوَاحِدَةِ تَعْريفان.
وغيرُ اللازِمةِ - وهي العارضةُ - نوعان:
(1) واقِعةٌ في الشِّعر للضَّرورةِ، وفي النَّثْر شُذُوذاً، فالأُولَى كقول الرَّمَّح بن مَيَّادة:
رأيتُ الوليدَ بن اليَزيدِ مُبارَكاً *  شَدِيداً بأعْبَاءِ الخلافِ كاهِلُهْ
("أل" في الوليد زائدة لِلَمْحِ الأصل، والشاهد في "اليزيد" فـ "أل" فيه للضرورة، لأنه لم يسمع دخولُ أل على يزيد ويَشْكُر، سَهَّل هذه الضرورة تقدُّمُ ذكرِ الوليدِ في البيت)
وقول اليشكري:
رأيتُك لما أنْ عَرَفْت وُجُوهَنا *  صَدرْتَ وطِبتَ النفسَ يا قيسُ عن عَمْرُو
(النفس: تَمْييز ولا يقبلُ التعريف لذلك كانت زائدة)
أما شذوذها في النثر فهي الواقعة في قولك: "ادْخُلوا الأوَّلَ فالأَوَّلَ" وقولهم: "جَاؤوا الجماءَ الغفير" (أي جاؤول بجماعتهم وانظرها بـ(الجماء الغفير)).
(2) مَجوَّزَة لِلَمْحِ الأَصْلِ لأنَّ العَلَمَ المنقولَ مما يقبَلُ "أل" قد يلاحَظُ أصْلُه فتخلُ عليه "أل" وأكْثَرُ وُقُوعِ ذلكَ في المَنْقُول عن صفةٍ كـ "حَارِثٍ، وقَاسِمٍ" (من أسماء الفاعلين). و "حسَنِ وحُسَين". وقد تَقعُ في المنقول عن مَصْدَرٍ كـ "فَضْل" أو عَن اسم عَيْن كـ "نُعْمان" فإنه في الأصل اسمٌ للدم، والعُمْدَة في البابِ على السَّمَاع فلا يجوزُ في نحو "محمدٍ ومَعرُوف".
ولم يُسْمَع دُخولُ "أل" في نحو "يزيد ويشكر". علمين لأن أصلَهما الفعلُ وهو لا يقبل "أل".
* أَلْ العَهْدِيّة:
ثلاثة أنواع:
(1) لِلعَهْد الذِّكْرِي: وهي التي يتقدم لمَصْحوبها ذكر نحو {كما أَرْسَلْنَا إلى فِرْعَونَ رَسُولاً، فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} (الآية "15 - 16" من سورة المزمل "73").
(2) للعَهْد العِلمي، ويقال له: العَهْدُ الذِّهْني، وهو أنْ يَتَقَدَّم، لِمَصْحوبِها عِلْمٌ نحو: {إنَّكَ بالوَادِ المُقَدَّسِ طُوَى} (الآية "12" من سورة طه "20" ) و{إذْ هُمَا في الغَارِ} (الآية "41" من سورة التوبة "9" ) لأنَّ ذلك مَعْلُومٌ عندهم.
(3) للعَهْدِ الحُضُورِي: وهو أنْ يكونَ مَصْحُوبُها حَاضِراً نحو {اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ} (الآية "3" من سورة المائدة "5" ) أي اليَوْمَ الحَاضِرَ وهُوَ يومُ عَرَفَةَ ونحو "افْتَحِ البابَ للدَّاخِلِ".
ومنه صِفَةٌ اسْمٍ الإِشارَةِ نحو "إنَّ هَذا الرجلَ نبيلٌ" وصفةٌ "أيّ" في النِّداءِ نحو "يا أَيُّهَا الإِنْسَانُ".
* أَلْ المَوْصُولة:
هي اسْمٌ في صُورةِ حَرْفٍ، وهي التي بِمَعْنى الذي وفُرُوعِه، وتدخُلُ على أسماءِ الفَاعِلِييين والمَفْعُولِين، ولا تَدخُلُ على الصِّفاتِ المُشَبَّهَة، لأنَّ الصفَةَ المُشَبَّهَةَ للثُّبُوتِ فلا تُؤُوَّل بالفِعلِ. وَصِلَةُ "أَلْ" المَوْصُولةِ هي الوصْفُ بَعْدَها، وشذَّ دُخُولُها على الفِعْل المضارع كقول الشاعر:
"ما أَنْتَ بالحَكَم التُرضَى حُكُومَتُه"
وقد تَقَدَّم بعَلامات الاسم.
* أَلْ ونِيابتُها عن الإِضافة:
عد تكونُ "أَلْ" بَدَلاً مِنَ الإِضافة لأنهما جَمِيعاً دَليلان من دَلائِلِ الأسماءِ قال الله عزَّ وجلَّ: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى} (الآية "41" من سورة النازعات "79") معناه عن هَوَاهَا، فأقَامَ الألِفَ واللامَ مُقامَ الإِضافةِ وقال: {يُصْهَرُ به ما في بُطُونِهِم والجَلُودُ} (الآية "20" من سورة الحج "22" ). أراد: وجُلُدهم.
قال النابغة:
لَهُم شِيَمٌ لم يُعْطِهَا اللَّهُ غَيْرَهم *  مِنَ النَّاسِ والأحلامُ غير عَوَازِبِ
ومعناه: وأحْلامُهُم.
* ألْ التَّعرِيف وكِتَابَتُها إذا دَخَلَتْ على ما أوله لام:
كُلُّ اسْمٍ كانَ أَوَّلُه لاماً، وأُدْخِلتْ عليه لامُ التعريف، فإنَّه يُكْتَبُ بِلامَيْن نحو "اللَّحْم واللَّبَن" و "اللُّجَين واللِّجام" إلا "الذي والتي" لِكَثْرةِ الاسْتِعْمَالِ. وإذا ثَنَّيْت "الذي" تكتُبُه بلامَيْن نحو "اللَّذَيْن" وإذَا جَمَعْتَه فَبِلامٍ واحِدَةٍ نحو "الذين".
وأما "التَّان والاي والاّئي" فكلُّهُ يُكتَب بِلاَمٍ وَاحِدَةٍ.
أَلا الاستفتاحِيّة =أَلاَ التَّنْبِيهِيَّة.
* أَلاَ: للتَّوبِيخِ والإِنْكَارِ، ويكون الفعلُ بعدها مَرْفوعاً لا غَيْر، تَقولُ: "أَلاَ تَنْدَمُ على فِعَالِكَ". و "ألاَ تَسْتَحِي من جِيْرَانك" وقد يأتي بعدَها اسْمٌ مُبْتَدَأٌ ومنه قول الشاعر:
أَلاَ ارْعِواءٌ لِمَنْ وَلَّت شَبِيبتُه *  وآذَنَتْ بمشِيبٍ بعدَهُ هَرَمُ
أَلاَ: - للاستفهام عن النفي كقول الشاعر:
أَلاَ اصْطِبارٌ لسَلْمَى أمْ لها جَلدٌ؟ *  إذَا أُلاقِي الذي لاَقَاهُ أمْثالي
* أَلا التّنْبِيهيّة:
تَرِدُ "ألا" للتَّنبيه وفي الاسْتِفْتَاحِيَّة فتدخلُ على الجُمْلَتَيْن الاسْميَّةِ والفِعْلِيَّة ولا تَعْمَلُ شَيْئاً، فالاسمية نحو {أَلاَ إنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمُ} (الآية "62" من سورة يونس "10" ) والفعلية نحو {أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهمْ ليس مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} (الآية "8" من سورة هود "11" ).
وتُفِيدُ التَّحْقِيق لِتَركُّبِها مِنَ الهَمْزَةِ، وهَمْزةُ الاسْتِفْهَام إذا دَخَلَتْ على النَّفْي أفَادَتْ التَّحْقِيق. ويَتَعَيَّن كسرُ "إن" بعد "أَلاَ".
* أَلاَ للعَرْض والتَّحْضيض:
تأتي "أَلا" للعرض والتَّحْضيضِ ("العَرض" الطلبُ برفق، و "التحضيض" الطَلَب بشدَّة) فَتَخْتَصُّ بالجملةِ الفعليَّةِ، مِثالُ العَرْضِ {أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لكُمْ} (الآية "22" من سورة النور "24" ) ومِثَال التَّحْضِيض {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكثُوا أيْمَانَهُمْ} (الآية "13" من سورة التوبة "9" ).
* أَلاَّ: بالفتح والتشديد.
حَرْفُ تَحْضِيضٍ مختَصٍّ بالجملة الفعليةِ الخبريّة.
ويجوز فيه الفعلُ مضمراً ومظهراً، مُقَدَّماً ومُؤَخَّراً، ولا يَسْتَقِيم أن تبتدئ بعدَه الأسْمَاءُ، تقول "أَلاَّ زَيْداً ضَرَبْتَ" ولو قلت "أَلاَّ زيداً" على إضْمَارِ الفِعلِ، ولا تَذْكُرُ جَازَ.
* إلاَّ الاسْتِثْنَائِيّة:
حرْفٌ دونَ غيرها من أدَواتِ الاستثْناءِ (=المستثنى). ولها ثلاثُ أحوال:
(1) وُجُوبُ نصب المُسْتَثْنَى بَعْدَها.
(2) إتْبَاعُه على البَدَليَّة.
(3) إعْرَابُ ما بَعدَهَا حَسْبَ العَوامِل وَهُو المُفَرَّغُ وهاكَ التفصيل:
(أ) وجُوبُ نصبِ ما بَعْدَها: له أحوالٌ ثلاثٌ:
الأُولَى: أنْ يكونَ المُسْتَثْنى مُتَّصلاً (المتصل: ما كانَ المُسْتَثْنى من جنس المستثنى منه، والمنقطع بخلافه). مُؤخَّراً. والكلامُ تامّاً (التَّام: ما ذُكِر فيه المُسْتَثْنى منه) مُوْجبَاً (المُوجِب: غير المنفي). نحو {فَشَربُوا مِنْهُ إِلاَّ قَليلاً مِنْهُمْ} (الآية "249" من سورة البقرة "2" ).
فقليلاً مستثنى من واو الجماعة في "وشربوا"، وخلا من النفيّ.
الثانية: أن يكون المستثنى منقطعاً والمنقطع ما لا يَكونُ المُسْتَثْنى مِنْ جِنْس المُسْتَثْنَى منه - سَوَاءٌ أَكَانَ مُوجباً نحو "اِشْتَغَلَ عُمّالُكَ إِلاَّ عُمَّالَ خَالِد". أوْ مَنْفِيّاً نحو قولِه تعالى: {مَا لَكُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتّبَاعَ الظَّنِّ} (الآية "156" من سورة النساء "4" ) فاتِّباعُ الظنِّ لَيْسَ مِنْ جنس العِلْم، سَوَاءٌ أمْكَنَ تَسَلُّط العامِل عليه كهذه الآية فإن الأصل: مالَكُمْ إلاَّ اتِّبَاعَ الظَّن، أَمْ لَمْ يُمْكِنْ تسلُّطُ العامِل عليه، نحو "ما نَفَع الأَحْمق إلاّ مَا ضَرَّ" إذ لا يُقَالُ: نَفَعَ الضُّرُّ.
الثالثة: أنْ يَتَقَدَّمَ المُسْتَثْنى على المستثنى مِنْه سَوَاءٌ أكانُ الكَلامُ مَنْفِيّاً كقول الكُمَيْت:
وَمَالِيَ إِلاَّ آلَ أحْمَدَ شِيعَةٌ *  وَمَالِيَ إلاَّ مَذْهَبَ الحقِّ مَذهَبُ
أم مُوجبَاً نحو "يَنْقُصُ - إلاَّ العلمَ - كلُّ شيءٍ بالإنْفَاقِ".
(ب) التَّبَعِيَّةُ على البَدَليَّة وذلكَ إذا كانَ الكَلامُ تامَّاً مَنْفِيّاً مُتَّصلاً، مُقَدَّماً فيه المُسْتَثْنَى منه (أي على الأصل). على أنه بدلُ بعضٍ نحو {مَا فَعَلُوهُ إلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ} (الآية "66" من سورة النساء "4" ). و{وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إلاَّ امْرَأَتُك} (الآية "81" من سورة هود "11" ) و "ما جَنَيْتُ الثَّمَرَ إلاَّ تُفَاحَةً".
ويجوزُ النَّصبُ في هذا على الاسْتِثْناءِ وسُمِعَ من العَربِ المَوْثُوقِ بعَرَبيَّته يقول: "مَا مَرَرْتُ بأحَدٍ إلاَّ زيداً" وقُرِئ به الآيتين (وقراءة الفتح في الآية الثانية أجود وأشهر) وإذا تَعَذَّرَ البدلُ على اللفظِ لِمَانِعٍ أُبْدِلَ على المَوْضِع، نحو "لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ" برفع لفظ الجَلاَلَةِ فلفْظُ الجلالة بَدَلُ من محلّ "لا" مع اسمها (وعند أبي حيان: لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف العائد على اسم "لا" المقدر بـ "موجود") لا على اللفظ، لأنَّ "لا" الجِنْسِيَّةَ لا تعملُ في مَعرِفةٍ لأن البدلَ في نِيّةِ تَسلُّطِ عَامِلِ المُبْدَلِ منه عليه. ولا في موجبه ونحو "ما فيها من أحدٍ إلاَّ خالدٌ" بالرفع، فـ "خالد" بدل على المحل من أحَد، لأن "مِنْ" زَائدة في سياق النفي وهي لا تزاد في الإِيجاب.
(جـ) الاسْتِثْنَاء المُفرَّغُ: وهو الذي لا يُذْكَر فيه المُسْتَثْنى مِنْه، وحِينَئذٍ يكونُ المُسْتَثْنى على حَسَب ما يَقْضِيه العَامِلُ الذي قبله في التَّرْكيب، كما لو كانت "إلاَّ" غير موجودة، نحو "لا يَقَعُ في السُّوءِ إلاَّ فاعِلُه" "لا أَتَّبِعُ إلاَّ الحقَّ" و{لاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّءُ إلاَّ بِأَهْلِهِ} (الآية "43" من سورة فاطر "35" ). وشرطُهُ كَوْنُ الكَلامِ مَنْفِيّاً كَما مُثِّل، أَوْ وَاقِعاً بعْدَ نَهْي نَحْو: {وَلاَ تَقُولُوا على اللَّهِ إلاَّ الحَقَّ} (الآية "171" من سورة النساء "4" ) أَوْ الاسْتِفْهَام الإِنْكَارِي نحو: {فَهَلْ يُهْلَكَ إلاَّ القَوْمُ الفَاسِقُون} (الآية "35" من سورة الأحقاف "46").
(د) تَكَرُّرُ الاسْتِثْنَاء المُفرَّغِ: إذا تكرَّر المُسْتَثْنى المُفَرَّغ، وَجَبَ النَّصْبُ في الثَّاني، وذلكَ قولُكَ: "مَا أَتَاني إلاَّ زيدٌ إلا عمراً" فلا يجوز الرفع في عمروٍ، إن شئت قلتَ: "ما أَتَانِي إِلاَّ زَيْداً إِلاَّ عَمْروٌ" فتجعل الإِتْيَانَ لِعَمْروٍ، ويكونُ زَيْدٌ مُنْتَصِباً، فأنت في ذا بالخيار إنْ شِئتَ نَصبتَ الأَوَّلَ ورفَعْتَ الآخِرَ وإنْ شئتَ نصبتَ الآخِرَ ورفعتَ الأوَّلَ.
(هـ) حكم "إلاَّ" إذا تكررت:
إذا تَكَرَّرَتْ "إلاَّ" فهيَ على قسمين، إمّا مؤكَّدةٌ وإمَّ مؤسِّسَةٌ (المؤسسة: التي لها معنى أصلي). فالأولى حكمُها الإِلْغَاءُ عن العَمَل. وذلك إذا كان ما بَعْدَ "إلاَّ" الثَّانِيَةِ تَابِعاً لما بعدَ "إلاَّ" قَبْلَها وتُعْرَبُ: بَدَلاً، أو عطفَ بيان، أو نسَق "جاءَ الحُجَّجُ إلاَّ مُحَمَّداً إلاَّ أبَا عَبْد الله" فـ "أَبَا عبدِ اللَّهِ" بَدَلُ كلٍّ من محمدٍ و "ألاَّ" الثانية زائِدةٌ، لمُجَّردِ التَّأكِيد لأنَّ أبَا عبدِ الله هو محمَّدٌ ونحو "حضَرَ القومُ إلاَّ سعداً وإلاَّ سَعِيداً". فـ "سَعِيداً عطفٌ على سعدٍ، و "ألاَّ" الثانية لَغْوٌ، ومِن هذا قولُ أبي ذؤيب الهذلي:
هل الدَّهرُ إلاَّ لَيْلَةٌ ونَهَارُها *  وإلاَّ طُلُوعُ الشَّمسِ ثُمَّ غِيارُها
(غيارها: من غارت الشمس إذا غربت)
ونحو "ما قَرَأَ إلاَّ محمَّدٌ إلاَّ أُسْتَاذُكَ" و "ما أصْلَحْتُ إلاَّ البيتَ إلاَّ سَقْفَه" "ما أَعْجَبَني إِلاَّ خَالِدٌ إلاَّ عِلْمُه" وقد اجْتَمَعَ العَطْفُ والبَدَلُ في قول الراجز:
مَالَكَ مِن شَيخِكَ إلاَّ عَمَلُهُ *  إلاَّ رَسِيمهُ وإلاَّ رَمَلُهْ
(الرَّسيم: نوعٌ من السَّيْر سريعٌ مُؤثِّر في الأرض، والرَّمَلُ: سَيْرٌ فوق المَشْي، ودُونَ العَدْوِ، فالرسيم والرمَل: تَفْسِيران لـ "عمله")
والثَّانية وهي المُؤسِّسةَ أي لقَصْد اسْتِثْنَاءٍ بعدَ اسْتِثْنَاء، فإنْ كان العاملُ الذي قبلَ "إلاَّ" مُفرَّغاً شَغَلْتَ العامِلَ بِوَاحدٍ من المُسْتَثْنَيَات ونَصَبْتَ ما عَدَاه نحو "ما سَافَرَ إلاَّ عَلِيٌّ إلاَّ خَالِداً إلاَّ بَكْراً".
تَقَدُّم المُسْتَثْنى على المُسْتَثْنى منه:
كُلُّ ما تَقَدَّم من القَوَاعِدِ في المُستثنى في حال تأخُّرِه عن المُسْتَثْنى منه؛ أَمَّا إذا تَقَدَّمَ المُسْتَثْنى فإنه لا يكونُ إلاَّ مَنْصُوباً، ولو كان مَنْفياً، وذلك قولك: "ما فيها إلاَّ أَباكَ أحدٌ". و "مالي إلا أبَاكَ صَدِيقٌ" وقال كعبُ بنُ مالك:

والناسُ ألْبٌ علينا فِيكَ ليسَ لنا *  إلاَّ السُّيوفَ وأَطرافَ القَنَا وَزَرُ
فإذا قلت: "مالي إلاَّ زيداً صديقٌ وعمراً وعمروٌ" فأنْتَ بالخيار بَيْنَ النَّصب والرَّفع في المُسْتَثْنى الثَّانِي، ومِثْلُه "وَمَنْ لي إلاَّ أَبَاكَ صَدِيقٌ وزيداً وزيدٌ". أما النَّصْب فَعلى الكلامِ الأَول، وأمَّا الرفعُ فكأنه قال: وعمروٌ لي.
إلاَّ بِمَنْزِلَةِ مِثْل وَغَيْر ولا تكُونُ إلاَّ وصْفاً -: وَذَلِكَ قَوْلُك: "لَو كَانَ مَعَنَا رَجُلٌ إلاَّ زيدٌ لغُلِبْنا" والدَّليلُ على أنه وَصْفٌ أنَّكَ لو قلت: "لو كان مَعَنا إلاَّ زيدٌ لَهَلَكْنا" وأَنْت تُريد الاسْتثناء لكُنْتَ قد أَحَلْتَ - أي أَتَيْتَ مُحَالاً - ونظيرُ ذلكَ قولُه عزَّ وجل: {لَوْ كَانَ فيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (الآية "22" من سورة الأنبياء "21").
ونظير ذلك في الشعر قول ذي الرُّمَّة:
أُيِيخَتْ فأَلْقَتْ بَلْدةً فوق بَلْدةٍ *  قليلٍ بها الأَصْواتُ إلاَّ بُغَامُها
(البَلْدة الأولى: ما يقع على الأرض من صدرها إذا بركت، والثانية: الأرض. البُغام: أصلُه للظَّبي فاسْتَعَارَهُ للنَّاقَة)
كأنه قال : قَليلٌ بها الأَصْواتُ غيرُ بُغَامِهَا، - على أن إلاَّ صِفةٌ بمعنى غير - ومثل ذلك قولُه تعالى: {لاَ يَسْتَوي القاعدون من المؤمنين غَيْرُ أُولِي الضَّرَر" (الآية "95" من سورة النساء "21") فلو كان موضع غير: إلاَّ، لَمَا اخْتَلَفَ المَعْنَى.
فلا يجوزُ في "إلاَّ" في قوله تعالى: {لو كَانَ فِيهِما آلهة إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا} أنْ تَكُونَ للاستثناءِ من جِهَةِ المعنى إذ التقديرُ حينئذٍ: لو كانَ فيهما آلِهةٌ ليسَ فيهمُ اللَّهُ لَفَسَدَتَا، وذلك يَقْتَضِي: أنْ لوْ كانَ فيهما آلِهَةٌ فيهمُ اللَّهُ لم تَفْسُدَا ويَسْتَحيلُ أن يُرادَ ذلكَ البَتَّةَ، هذا مِنْ جِهَةِ المَعْنى.
وَلاَ يَجوزُ من جِهَةِ اللفظ، لأنَّ آلِهةً جمعٌ مُنَكَّرٌ في الإثبات فلا عمومَ له، ولا يَصِحُّ الاستثناءُ منه فلو قُلتَ "قامَ رِجالٌ إلاَّ زَيْداً" لم يصحَّ اتفاقاً.
ومثال المعرَّفِ الشَّبيهِ بالمُنكَّرِ قَوْلُ ذي الرُّمَّة وقد تقدم قبل قليل:
أُنِيخَتْ فَأَلْقَتْ بَلْدَةً فَوقَ بَلْدَةٍ *  قليلٍ بها الأصواتُ إلاَّ بُغَامُها
فإنَّ تَعْريفَ الأَصْواتِ تَعْرِيفُ الجِنْسِ ومِثالُ شِبهِ الجَمْع قولُ لَبيد:
لو كانَ غَيْرِي - سُلَيْمى - الدهرَ غَيَّرَهُ *  وَقْعُ الحَوَادِثِ إلاَّ الصَّارمُ الذَّكرُ
(وقبله:
فقلتُ ليسَ بياضُ الرَأْسِ عن كبَرٍ *  لو تَعْلَمين، وعندَ العَالِم الخَبَرُ)
فـ "إلاَّ الصَّارمُ" صفة لغيري.
ومثله قولُ الشاعر وهو حضرمي بن عامر أو عمرو بن معد يكرب:
وكلُّ أخٍ مُفَارِقُه أَخُوه *  لَعَمْرُ أبِيكَ إلا الفَرْقَدَانِ
كأنه قال غيرُ الفَرْقَدين.
* إلاَّ أَنْ:
متى دَخَلْت على ما يَقْبلُ التَّوقِيت تُجعَلُ غايةُ نحو {لا يَزال بُنْيَانُهُم الذي بَنَوا رِيْبةً في قُلوبِهِم إلاَّ أنْ تَقَطَّع قُلُوبُهُمْ} (الآية "110" من سورة التوبة "9" ) أي حتَّى، دلَّ عليهِ قِرَاءَةُ "إلى أَنْ تَقَطَّع". ومَتَى دَخَلَتْ على ما لا يَقْبَلُ التَّوقِيت - وهو أنْ يكونَ فِعْلاً لا يَمْتَدّ - نحو "لا أبرَحُ إلاَّ أنْ يَقدَمَ خَالِدٌ" تَجعلُ شَرْطاً بمَنزلَةِ "إن" لِما بينَ الغايةِ والشرطِ من المناسَبَةِ وهي أنَّ حُكْمَ ما بَعدَ كلٍّ مُنهما يُخَالِفُ حُكْمَ مَا قَبْله.
* أَلْبَسَ:
تَنصِبُ مَفْعولَيْن لَيس أصلهما المُبْتدأُ والخبرُ نحو "أَلْبَسْتُ عَليَّاً قَمِيصاً".
(=أَعْطَى وأخواتها).
* التقاءُ السَّاكِنَين:
إذَا التَقَى سَاكِنَانِ فإمَّا أن يكونَ أولهُما مَدَّةً أوْ لا. فإن كانَ أوَّلُهُما مَدَّةً وجَبَ حذفُها لَفْظاً وَخطَّاً سواءٌ أكانَ الساكنُ الثاني والأولُ من كلمةٍ أم كانَ الثاني كجزءٍ مِنَ الكَلمةِ، فالأول نحو "خَفْ" من خَافَ يخافُ و "قلْ" من قَال يقُول و "بعْ" من باع يَبِيع، والثاني نحو "تغزُونَ" أصلها تَغْزُوون (اجتمع بـ "تغزوون" واو الكلمةِ وواوُ الجمع، تحركت الواوُ الأولى وانفتح ما قبلها قُلِبَتْ ألفاً فصارَت تغْزوان، فحذِفتِ الألف لالتقاء الساكنين وحركت الزايُ بالضَّمة لمناسبة الواو، وهكذا غيرها) بواوِ الكلمة وواو الجَمْع و "ترْمِنَّ" أصلها: تَرْمِيينّ بياء الكلمة وياء المُخاطَبة.
و "تغْزُنَّ" يا رِجالُ و "ترْمُنَّ" أصْلُهُما: تَغزوونَنَّ وترمُونَنَّ ونحو "أنتِ تَرمِين وتَغْزِيَنَ". أصلهما تَرميينَ وتغْزَوِين و "لتَغْزِنَّ" يا هندُ، "ولَتَرْمِنَّ" وأصلُهما: لتغزوونَنَّ (اجتمعَ في "تغزوونَنَّن" وَاوَان: واوُ الكلمة، وواوُ الجَمْع، وثلاثة نونات، وإعْلالُها: تحركتِ الواوُ الأولى وانْفَتَحَ ما قَبْلها قُلبت ألفاً، ثم حُذِفَتْ لالتقاء الساكنين فبقى واوُ الجماعة وثلاثُ نونات، حُذِفَتْ نونُ الرفع لتوالي النونات، فالتقى ساكنان: واو الجماعة ونون التوكيد فحذفتْ واوُ الجماعة ورُمِزَ إليها بالضمةِ قبل نُونِ التوكيد فصارَتْ تغْزُنَّ وهكذا غيرها) ولَترِمييننَّ.
وتُحذَفُ لفظاً فقَطْ إذا كانَ الساكنانِ في كَلَمَتَين نحو "يَخْشَى الله" و "يغزو الجَيْشُ" و "يرْمِي الحاجّ" ومنه {وقالاَ الحمدُ لله} (الآية "15" من سورة النمل "27" )، {ومَا قدرُوا قَدْره} (الآية "91" من سورة الأنعام "6" ) {أولي الأَمْرِ مِنْكُم} ونحو (رَكْعَتَا الفَجْر خَيْرٌ مِنَ الدُّنيا ومَا فِيها).
والثاني ما لَيْسَ أولهُما مَدَّة:
إنْ لَمْ يَكُنْ أولُ السَّاكنين مَدَّةً وَجَبَ تحريكُه إلاَّ في مَوْضِعَين - وسنأتي على ذكر المَوْضِعَين بنهاية هذا البحث - وتحريكُهُ إمَّا بالكَسْرِ على أصلِ التَّخَلُّصِ مِن التِقاءِ الساكنين وإمَّا بالضم وإما بالفتح.
أما التَّحريكُ بالكَسْر فهو الأصلُ كما قدمنا، ويكونُ في كلِّ ما عَدَا مَوْضِعَي الضَّمِّ ومَواضِع الفَتح.
أَمَّا التَّحْرِيكُ بالضَّم فيجبُ في مَوْضِعَين:
(1) أمْرِ المُضَعَّف المتَّصلِ به هاءُ الغَائِبِ ومُضارعِ المضعَّفِ المجزومِ نحو "رُدُّه" و "لم يَرُدُّه" والكوفيون يُجيزون الفَتْحَ والكَسْرَ.
(2) الضَّمير المَضْموم نحو (لَهُمُ البُشْرى) {كُتِبَ عليكم الصِّيام} وَيَتَرجَّح الضمُّ على الكسرِ في واو الجَماعةِ المَفْتوحِ ما قَبْلَها نحو "اخْشَوُل اللَّهَ" لأَنَّ الضمةَ على الواوِ أَخَفُّ من الكَسْرَةِ، ويَسْتَوي الكسرُ والضَّم في مِيمِ الجَماعة المتَّصلة بالضمير المكسور نحو "بِهِمُ اليوم".
وأما التحريكُ بالفتح فيجبُ في ثلاثَةِ مواضع:
(1) لفظِ "مِنْ" داخلة على ما فيه "أل" نحو "مِنَ الله" و "منَ الكتاب" فراراً من تَوَالِي كَسْرتين، بخلافِها من ساكِنٍ غير "ألْ" فالكَسْرُ أَكثرُ من الفَتْح، نحو "أخذتهُ مِنِ ابْنِكَ".
(2 و 3) أَمرُ المُضَاعَفِ مَضْمومِ العَيْن، ومُضَارِعُه المَجْزُومُ مع ضَميرِ الغَائِبة نحو "رُدَّها" و "لم يَرُدَّهَا".
ويُستثنى ممَّا تقدَّم مِمَّا يجبُ تحرِيكُه مَوْضِعان:
(أحدهما) نونُ التَّوكيد الخفيفة، فإنَّها تُحذَف إذا وليَها سَاكِنٌ نحو قولِ الأضْبَطِ بن قُرَيْع:
لا تُهِينَ الفَقيرَ عَلَّكَ أَنْ *  تَرْكَعَ يَوْمَاً والدهرُ قَدْ رَفَعه
أصلها: لا تُهِينَن.
(ثانيهما): تَنْوِينُ العَلَمِ المَوْصُوفِ بـ "ابن" مُضَافاً إلى عَلَم نحو "عَلِيُّ بنُ عبد الله" بترك تنوين عَلِيٍّ.
-3 يُغْتفر التقاءُ السَّاكِنَين في ثلاثةِ مواضع:
(الأول) إذا كان أوَّلُ الساكنين حَرْفَ لين، وثَانِيهما مُدْغماً في مِثْلِه - أي مُشَدَّداً في كلمة واحدة - نحو "وَلاَ الضَّالِّين" و "خوِيْصَّة" (تصغير خاصة) و "تمُودَّ الحَبْل" (مجهول فعل تَمَادَّ).
(الثاني) الكَلِمَاتُ التي قُصِدَ سَرْدُها، كَسَرْدِ الأَعْداد نحو "قَافْ مِيم وَاوْ" ونحو: "واحدْ، اثْنانْ، ثلاثْ" وهكذا.
وإنَّما ساغَ ذلك فيهما لأن كلَّ كَلِمةِ مُنْقَطِعَةٌ عمَّا بعدَها في المعنى وإن اتَّصَلَتْ في اللفظ.
(الثالث) الكَلِماتُ الموقوفُ عليها وَقَبْلَها سَاكِنٌ نحو "بَكْر" و "قال" و "ثوْب" و "عمْرو" إلاَّ أنَّ التقاءَ الساكِنَين فيما قبل آخِرِه حرْفٌ صَحِيحٌ كَبَكْرٍ، وَعَمْروٍ ظاهِريٌّ فقط، والحقيقة أنَّ الصحيح الذي قَبْلَ الآخرِ محرَّكٌ بكسرة مُختلسَةٍ خَفِيفَةٍ جِدّاً - وأمَّا ما قَبْلَه حَرْفُ لِين كـ "نُور" و "نار" فالتقاءُ الساكنين فيه حَقيقيّ.
وأَخَفُّ اللين في الوقف: "الأَلِف" كـ "قَال" ثم الواو والياء مَدَّيْن كـ "سُور" و "بير" ثم الليِّنَانِ بلا مَدٍّ كـ "ثَوْب" و "ضيْر".
* الإلْحَاق:
هو أنْ يُزادَ في كَلِمَةٍ حَرْفٌ أَوْ أكثرُ لتَصِيرَ على مِثالِ كَلِمةٍ أُخْرَى في عَدَدِ حُرُوفِها وسَكَنَاتِها، وحِينَئِذٍ يُعامَلُ في الوَزْنِ والتَّصْرِيفِ مُعَامَلَةَ بِنَاءٍ آخَرَ، مشهورٍ في الاستِعمال كـ "الواو" في "كَوْثَر" فقد زيدَتْ للإِلْحاق "بِجَعْفَر" (=الملحقات في المَزِيد على الفِعل). وهناك فَرْقٌ آخرُ بَيْن المُلْحق والمَزيد، فالزيادةُ في المُلْحق لا تُفيد شَيئاً في المعنى الأصلي (وإنما تفيد المبالغة لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى) كـ "مَهْدَد" في مهدٍ فإنَّه مُلْحَقٌ بـ "جَعْفَرٍ" وهُما بِمَعْنىً وَاحِدٍ، بل وقد تُنْقَل الكَلِمةُ مِنْ مَعناها الأصلي إلى معنىً آخر كما في "عَشَر" و "عثْير" (فمعنى "عثر عليه" وجده، ومعنى "عِثير" التراب). وقد تأتي الزِّيادةُ بمعنىً والمُجَرَّدُ بغير معنى كـ "زَيْنَب" و "كوْكَب" ولا مَعْنَى لَهُما بِغير الياءِ في زَينب والواو في كَوْكَب.
وهذا بِخلافِ الزِّيادَة في المَزِيد فإنَّها تُفِيدُ زِيَادَةً في المَعْنَى الأَصْلي هَذَا والإِلحاقُ سَمَاعي، ولا يَجْري على الملحق إدْغَام ولا إعْلالٌ وتزادُ حُروفه من أحرف "سألتمونيها".
(=حروف الزيادة)
* إلى: حَرْفُ جر، تجرُّ الظَّاهرَ والمضمر، نحو {إلى الله مرجعكم} (الآية "4" من سورة هود "11" ) و{إليه مرجِعُكُم} (الآية "4" من سورة يونس "10" ) ولها مَعَانٍ كَثِيرة منها:
أنَّها تَأْتِي لانْتِهاءِ الغَاية مَكَانِيَّةً نحو: {مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إلى المَسْجِدِ الأَقْصَى} (الآية "1" من سورة الإسراء "17" ) أو زَمَانِيَّة نحو {ثُمَّ أَتمُّوا الصِّيَامَ إلى اللَّيْلِ} (الآية "187" من سورة البقرة "2" ) وإنْ دَلَّتْ قرينَةٌ على دُخُولِ ما بعدها فيما قبلها نحو "قَرأتُ القرآنَ من أَوَّلِه إلى آخِرِهِ" ونحو قولِه تَعَالى: {وأيْدِيَكُم إلى المَرَافِق} (الآية "6" من سورة المائدة "5" )، وإلاَّ فلا يَدْخل ما بَعْدَها فيما قَبْلها في الصحيح نحو {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلى اللَّيْلِ} (الآية "187" من سورة البقرة "2" ).
وتأتي للمَعِيَّة، من ذلك قَوْلُهُمْ في المَثَلِ: "الذَّوْدُ إلى الذَّوْدِ إِبِلٌ" (معناه: إن القليل مع القليل كثير والذود من ثلاثة إلى عشرة من الإبل).
ومنه قولُه تَعَالَى: {ولا تَأْكُلُوا أمْوالَهم إلى أَمْوالِكُم} (الآية "2" من سورة النساء "4" ) ومنها: أنْ تأتيَ بمعنى اللام نحو: {وَالأمْرُ إلَيْكِ} (الآية "32" من سورة النمل "27" ).
وتأتي للتَّبيين وهي المُبَيِّنَةُ لِفاعِليَّة مَجْرُورِهَا بعدَ ما يُفِيدُ حُبّاً أو بغضاً من فِعلِ تَعَجُّب أو اسْمِ تَفْضيلٍ نحو {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إليَّ} (الآية "33" من سورة يوسف "12" ).
وتأتي لِمُوافَقةِ "في" نحو قوله تعالى: {لَيَجْمَعنَّكُم إلى يومِ القِيَامَةِ} (الآية "87" من سورة النساء "4" ) أي في يَوْمِ القيامة. وكقول النابغة:
فَلا تَتْرُكَنِّي بالوَعِيدِ كَأَنَّتِي *  إلى النَّاسِ مَطْلِيٌّ به القَرُ أجْرَبُ
(الوعيد: التهديد، والقار هنا: القطران وهو نائب فاعل لمطلي، ويرى ابن عصفور أن "إلى" هنا على أصلها لأن قوله "مطلي إلخ" معناه: مكروه مبغّض وهو يتعدى بإلى)
* أَلِفُ التَّأْنِيث المَقْصورة:
أَلِفُ التّأنِيثِ هذه تختصُّ بالأسماء وهيَ:
ألِفٌ مُفْرَدَةٌ لازِمَةٌ قَبْلَهَا فَتْحة نحو: "لَيْلَى" و "سعْدى" ولها أَوْزَانٌ نَادِرَةٌ لا نَتَعَرَّضُ لها، وأَوْزَانٌ مَشْهُورَةٌ وهِي هذه:
(1) "فُعَلَى" بِضَمٍّ فَفَتْحٍ كـ "أُرَبَى" للدَّاهِية، و "رحَبَى، وجُنَفَى، وشُعَبَى" لمواضع، و "جعَبَى" لِكِبارِ النَّمل.
(2) "فُعْلَى" بضم فسكون، اسماً كـ "بُهْمَى" لِنَبْتٍ، أو صِفَةً كـ "حُبْلَى" و "فضْلَى"، أو مصدراً كـ "رُجْعَى" و "بشْرى".
(3) "فَعَلَى" بفَتَحَاتٍ، اسْماً كان كـ "بَرَدَى" لِنَهر دمشقَ، أو مَصْدراً كـ "مَرَطَى وَبَشَكَى وجَمَزَى" (هذه الألفاظ الثلاثة: أنواع من السَّيْر يقال: مَرَطَتِ الناقة مَرْطَى، وبَشَكَتْ بشَكَى وجَمَزَتْ جَمَزَى: إذا أَسْرَعَتْ). أو صفةً كـ "حَيَدَى" (حَمَار حَيَدى: أي يحيدُ عن ظِلِّهِ لِنَشَاطِه، قال الجَوْهَري: ولم يجئ في نُعُوت المذكَّر فَعَلَى غيره).
(4) "فَعْلَى" بِفَتْح فَسُكون بشرطِ أنْ يكونَ إمَّا جَمْعاً كـ "قَتْلى وجَرْحَى" أو مَصْدراً كـ "دَعْوَى ونَجْوَى" أو صِفَةً كـ "سَكْرى وكَسْلى وسَيْفَى" مُؤَنَّثَات، و "سكْران وكَسْرن وسَيْفان" (سيفان: أي طويل).
فإن كان اسْماً كـ "أَرْطَى" (أرطى: شجر يدبغ به) و "علْقَى" (علقى: نَبت) فهو صالحٌ لأنْ تكونَ أَلِفُه للتأنيث أو للإِلْحاقِ، فَمَنْ نَوَّنَ اعتبرها للإِلْحاق، ومن لم يُنَوِّن جَعَلَها للتَّأْنِيث.
(5) "فُعَالَى" بِضَمِّ أَوَّلِهِ، سَواءٌ أكان اسْماً كـ "حُبَارى، وسُمانَى" لطَائِرَين أم جَمْعاً كـ "سُكَارى" أو صِفَةً كـ "عُلاَدَى" للشَّدِيد مِن الإِبل.
(6) "فُعْلَى" بضم الفاء وتشديد العَيْن مفتوحةً كـ "سُمَّهَى" اسم للباطل.
(7) "فِعَلَّى" بِكَسْر أوَّلِه وفَتْحِ ثَانِيه، وتَشْدِيدِ ثَالِثِهِ مَفْتُوحاً كـ "سِبَطْرَى" و "دفَقَّى" وهي الناقة السريعة الكريمة.
(8) "فِعْلى" بكسر فسُكُون إما مَصْدراً كـ "ذِكْرَى" أو جَمْعاً كـ "حِجْلى" جمع حَجَل وهو اسْمٌ لطائر، و "ظرْبَى" جمْعاً لظَرِبَان اسمٌ لدُويَّبَة كالهِرَة رَائِحَتُها كرِيهةٌ، ولا ثالثَ لهما في الجُمُوع، وإذا لمْ يَكُنْ جَمْعاً ولا مَصْدراً فَأَلِفُه إمَّا أن تكونَ للتَّأْنيث، وذلك إذا لم يُنَوَّن نحو {قِسْمَةٌ ضِيزَى} (الآية "22" من سورة النجم "53") أي جائِرَة أو للإِلْحَاقِ إذا نُوِّن نحو "عِزْهىً" اسمٌ لمن لا يَلْهُو.
(9) "فعِّيلَى" بكسر أوله وثانيه مشدداً ولم يَجِئْ إلاَّ مَصْدراً نحو "حِثِّيثَى" و "خلِّيفَى" و "خصِّيصَى" و "فخِّيْرَى" وهي أسماءُ لِلْحَثِّ والخِلافَةِ والاخْتِصَاصِ والفَخْر.
(10) "فُعُلَّى" بضَمِّ أَوَّلِهِ وثَانِيه وَتَشْدِيدِ ثالثِه نحو "كُفُرَّى" لِوِعَاءِ الطَّلْعِ و "حذُرَّى" من الحَذَرِ و "بذُرَّى" من التبذير.
(11) "فُعَّيْلى" بضمِّ أوَّلِهِ، وفتح ثانيه مُشَدَّداً كـ "خُلَّيْطَى" للاختلاط، و "لغَّيْزَى" للّغزِ، و "قبَّيْطَى" لنوعٍ من الحَلْوَى يُسْمَّى بالنَّاطِف.
(12) "فُعَّالَى" بضَمِّ أولِه و تَشْديد ثانيه نحو "شُقَّارى" وهي اسمٌ لشَقْائِق النُّعمان، و "خبَّازَى" لنَبْت مَعْروف، و "خبَّارَى" لنبت أيضاً.
* أَلِفُ التَّأنِيثِ المَمْدُودة:
مَشْهُورُ أَوْزَانِ ألِفِ التّأنيثِ الممدودة سَبعَةَ عَشَرَ وزناً:
(1) "فَعْلاَء" بفَتْح فَسُكُون اسْماً كـ "صَحْراء" أو مَصْدراً كـ "رَغْباء" أو صِفَة كـ "حَسْناء" و "ديمَةٌ هَطْلاَء".
(2 و 3 و 4) "أَفْعُلاء" بفتح الهمزة وتثليث العين كـ "يوم الأرْبِـُـَعاء" سُمِع فيه الأوزانُ الثَّلاثة.
(5) "فَعْلَلاَء" بفَتْحَتَيْن بينهما سكون كـ "عَقْرَباء" لأنثى العَقَارب ولموضع.
(6) "فِعَالاَء" بكَسْرِ الفاء كـ "قِصَاصَاء" للقِصَاص.
(7) "فُعْلُلاَء" بضمَّتين بينهما سكون كـ "قُرْفُصَاء".
(8) "فَاعُولاَء" كتَاسُوعَاء وعَاشورَاء.
(9) "فَاعِلاَء" كـ "قَاصِعاء" و "نافِقاء" لبَابَيْ جُحْرِ اليَرْبُوع.
(10) "فِعْلِيَاء" كـ "كِبْرِياء".
(11) "مَفْعُولاَء" كـ "مَشْيُوخاء" جمع شَيْخ.
(12 و 13 و 14) "فَعَالاء" بفتح أوله وتَثْلِيثِ ثَانِيه كـ "بَرَاسَاء" بمعنى النَّاس يُقال: ما أَدْري أيُّ "البَرَاسَاء" هو، و "دبُوقَاء" وهو غِرَاءٌ يُصَاد به الطَّيْر، و "قرِيثاءُ" اسمٌ لأَطْيَبِ الثَّمر.
(15 و 16 و 17) "فِعَلاَء" مثلث الفاء ومفتوح العين كـ "جَنَفَاء" لِمَوضِع و "سيرَاء" لثَوْبِ خَزٍّ مُخَطَّطٍ، و "خيَلاَء" للتكبُّر.
* الأَلْفُ:
اسْمُ عَلَمٍ لِكَمَال العَدَد بكَمَال ثَالِثِ رُتْبَةٍ، مُذَكَّرٌ، ولا يَجوزُ تَأْنِيثُه بدليل {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ} (الآية "125" من سورة آل عمران "3" ). وقولهم: هذه ألْفُ دِرهم لمعنى الدراهم.
* أَلْفَى:
مُرَادِفَة لَوَجَد (=وجد) تتعدى إلى اثنين، ومِنْ أَفْعَالِ القُلوب، وتُفِيدُ في الخبر يَقيناً، نحو {إنَّهُمْ أَلْفَوا آباءَهُمْ ضَالِّين} (الآية "69" من سورة الصافات "37" ).
ومثله قولُ الشاعر:
قَدْ جَرَّبُوه فَأَلْفَوْه المُغِيثَ إذا *  ما الرَّوُع عَمَّ فلا يُلْوَى على أحدِ
واحْترزَ من ألفى التي بمعنى أصاب، فإنها تتعدى لواحد نحو "ألْفَيْتُ الشيْء: وجَدْتُهُ". وتَشْتَركُ مع المُتَعدي لمفعولين بأحكامٍ. (=المتعدي لمفعولين).
* الأَلِفَات:
ويُقال في كثيرٍ مِنها الهمزاتُ، مِنها: "ألِف الوَصْل وأَلِفُ القَطْع".
(=همزةَ الوصلِ وهَمزَةَ القَطْع).
و "ألف الاستفهام" (=همزة الاستفهام).
وأَلِفُ الأمر كهمزةِ اكتب، و "ألف الاستفهام" (=همزة الاستفهام).
و "ألفُ التَّعْدِيَّة" و "ألِفُ الحَيْنُونَة".
كما يقال: "أحْصَدَ الزَّرْعُ" أي حان أن يُحصَد، و "أرْكَبَ المُهرُ" أيْ حان أنْ يُرْكَبَ و "ألِفُ" الوجدان كقوله "أجبَنْتُه" أي وَجَدْتُهُ جَبَانا، و "أكْذَبْتُه" أي وَجَدْتُهُ كَذَّاباً وفي القرآن الكريم: {فإنَّهُم لا يُكْذِبُونَك} أي لا يَجدُونَكَ كذَّاباً وأصل الأَلِف بعرف المتأخرين: هي اللينة التي لا تَقْبَل حركةً ما كألف "قال" وما عدا ذلك فهو همزة والأقدمون يعبّرون عنها بالألف كما تقدم. وكذا عبَّر عنها سيبويه.
* إلَيْك:
اسم فعلِ أمر بمعنى "تَبَاعَدْ" وهذا أشَدُّ تَمَكُّناً من غيره، وذلك أنَّك تقولُ: للرجل - إذا أردتَ تَبَاعُدَه - "إليكَ" فيقول: "إليَّ" كأنَّكَ قلت: تَبَاعَدْ فقال: أَتَبَاعَدُ. والعربُ تَقُول: "إِلَيْكَ عَنِّي" أي أمْسِكْ وكُفَّ. وتَقُول "إليكَ كَذَا" أي خُذْ (وقد أخطأ صاحبُ كتاب أقْرب الموارد إذ قال "وما يستعملُه الناسُ من أن "إليك" بمعنى خذ ليس من العربية").
ويقول الخليل في معنى قولك: "أَحْمَدُ الله إليك" قال مَعْنَاه: أَحْمَدُ مَعَك وفي حديث عُمَر أنَّه قال لابن عبَّاس رضي الله عنهما "إني قائلٌ قولاً وهو إليك". قال ابن الأثير: في الكلام إضمار: أي هو سرٌّ أفْضَيْتُ به إليك.
وإلَيْكَ مَنْقُولٌ عن جارٍّ ومَجْرُور، ولا يُسْتَعْمَلُ إلاَّ مُتَّصِلاً بضميرِ المُخَاطَب لا الغائب ولا غير الضمير، وموضع الكاف في محل جَرٍّ بـ "إلى" ولا يُوجَدُ في كتاب سيبويه إلاّ معنى تَباعَدْ. ولكن يوجد في القاموس واللسان: معنى خُذْ.
(=اسم الفاعل).
* آمِينَ وأَمِين:
كَلِمةٌ تُقال في إثْر الدُّعاء ومعناها: اللهم اسْتَجِبْ لي، وفيها لُغَتَان: آمِين وأَمِين بالمَدِّ والقَصْر، والمَدُّ أَكْثَرُ وأَشْهَرُ، قال عمر بن أبي ربيعة في لغة المدّ:
يَا رَبِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أبَداً *  وَيَرْحَمُ اللَّهُ عَبْداً قال آمِينا
وأنشد ابنُ بِّرى في القصر:
أمِينَ ورَدَّ اللَّهُ رَكباً إليهمُ *  بِخَيرٍ ووقَّاهُمْ حِمَمَ المَقَادِرِ
وإعرابها: اسمُ فعلِ أمر أو دُعَاء بمعنى استجب، وكان حقُّها من الإِعراب الوَقْفَ وهو السكون لأنها بمنزلةِ الأصواتِ وإنما بُنِيَتْ على الفتحِ هنا لالتقاءِ الساكنين.
* أم المتصلة:
لا يكونُ الكَلامُ بها إلاَّ استِفْهاماً وَيَقَعُ الكلامُ بها في الاسْتفهامِ على مَعنى: "أَيُّها وأيُّهُمْ". وعلى أن يكونَ الاسْتِفْهَامُ الآخِر مُنْقطعاً من الأول، وذلك قولُك: "أَزَيدٌ عِنْدَك أم عَمْروٌ" و "أزَيْداً لَقِيتَ أمْ عَمْراً" فأنتَ بهذا مدَّعٍ أنَّ عندَه أحَدَهُما لأَنَّك إذا قُلْتَ: أيُّهما عِنْدَكَ، وأيَّهُما لَقِيتَ فإنَّ المسؤول قَد لَقِيَ أحَدَهُمَا، أو أنَّ عندَه أحَدَهُما، إلاَّ أنَّ عِلْمَك قد اسْتَوَى فيهما، لا تَدْرِي أيُّهما هو. وإذا أرَدْتَ هَذا المَعْنى فَتَقْدِيمُ الاسْمِ أحسنُ كالأمثلة السابقة، لأنك إنما تَسأل عن أحَدِ الاسْمَيْن، ولا تَسألُ عما فَعَلا، ولو قلت: "أَلَقِيتَ زيداً أم عمراً". كان جائزاً أو قلت: "أعِنْدَكَ زَيدٌ أم عمروٌ" كان جَائِزاً كذلك. ومن هذا الباب قولُه: "ما أدْرِي أخالداً لَقِيتَ أَمْ بَكْراً" و "سوَاء عَلَيَّ أَبِشْراً كَلَّمْتَ أمْ عَمْراً" كما تقول: ما أُبَالي أيَّهما لَقِيت. ومثلُ ذلك: "ما أدْرِي أَزيْدٌ ثَمَّ أَمْ عمْروٌ" و "ليْتَ شِعْري أزَيْدٌ ثَمَّ أمْ عامِرٌ". وتقول: "أضَرَبْتَ زيداً أمْ قَتَلْتَه" فالبَدْء هَهنا بالفعل أحسَنُ لأنك إنما تَسْأل عن الضَّرب والقَتْلِ ومِثْلُه: {سَواءٌ عَلَيْهم أَأَنْذَرْتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهُم لا يُؤْمِنُون} (الآية "6" من سورة البقرة "2" ).
* أمْ المُنْقَطِعَةُ:
هي بِمَعْنَى "بَلْ" ولَمْ يُرِيدُوا بذلكَ أنَّ مَا بَعْد "أمْ" مُحَقَّقٌ، كَمَا يَكُون مَا بَعْدَ "بَلْ" مُحَقَّقاً، وإنما أرَادُوا أَنَّ أمْ المُنْقَطِعَة استِفْهَامٌ مُسْتَأَنَفٌ بَعْدَ كَلامٍ يَتَقَدَّمُهَا، تقول: "أحَسَنٌ عِنْدَكَ أمْ عِنْدَكَ حُسَينٌ". وتقع أم المُنْقَطِعة بين جملتين مُسْتَقِلَّتَيْن يقولُ الرجل: "إنَّها لإِبِلٌ أمْ شَاْءٌ يا قوم" أي أمْ هِيَ شَاءٌ، وبِمَنْزِلَةِ أمْ هَهَنا قولُهُ تعالى: {آلم تَنْزِيلُ الكِتَابِ لا رَيْبَ فيه مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ أمْ يَقُولُونَ افْتَراه} (الآية "1 - 2" من سورة السجدة "32" ) أي بل يَقولون افْتَراه. ومثل ذلك: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهَذِه الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أفَلا تُبْصرُون، أَمْ أَنَا خَيرٌ مِنْ هذا الَّذِي هُو مَهِينٌ} (الآية "51 - 52" من سورة الزخرف "43"). كأنَّ فِرْعَون يقول: أفلا تُبْصِرُون أم أنتُم بُصُراء.
ومن ذلك أيضاً: "أعنْدَكَ عبدُ اللَّهِ أمْ لا". ومِثْلُ ذلِكَ قَوْلُ الأَخْطَل:
كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأيتَ بواسطٍ *  غَلَسَ الظَّلام مِنَ الرَّبابِ خَيَالاً
(كذبت عينك: خيل إليك، ثم رجع فقال: أم رأيت بواسط خيالاً وواسط: مكان بين البصرة والكوفة)
ويَجوزُ في الشعر أنْ يُريدَ بكَذَبَتْك الاسْتِفْهَامَ ويحْذِفُ الألِفَ والدليل على ذلكَ وجودُ أم.
* أَمَا الاستفتاحيّة:
بفتح ما، وهي التي تكْثُرُ قَبْلَ القَسَم، وهي كلمةٌ واحِدٌ، كقول أبي صَخْر الهُذَلي:
أَمَا والذي أَبْكَى وأَضْحَك والذي *  أمَاتَ وأحْيَا والذي أَمْرُه الأمْرُ
* أَمَا بمعنى حقاً:
هما كَلِمَتَانِ: الهَمْزَةُ للاستفهام، و "ما" بمعنى شيءٍ، وذلك الشيء "حَقّ"، فمعنى  "أما" : "أَحقّاً" و  "أما"  هذه تُفتح "أنَّ" بعدها، كما تُفْتَح بعد حقّاً وإعرابُها: الهمزةُ للاستفهام، وموضعُ "مَا" النصب على الظرفية كما انتصب "حقّاً".
(=حَقَّاً).
* امْرُؤ:
فيه لُغَتَان: "امْرُؤٌ" و "مرْؤٌ" وهمزةُ الأوَّل للوَصْل ولا تدخلُ الأَلِف واللام إِلاَّ على الثاني وهو "المَرْء".
وأمَّا "امْرُؤ فَتَتْبَع الراءُ فيها الهمزةَ بحركاتِها رفعاً ونَصْباً وجَرّاً، تقول: هذا امْرُؤٌ، ورأيتُ امْرَأً، ومَرَرْتُ بامْرِئٍ.
* امْرَأَة:
فيها أيْضاً لُغَتَان: امْرَأةٌ ومَرْأةٌ. وفي الأولى همزةٌ الوَصْلِ، فإذا أدخلوا الأَلِفَ واللاَّمَ أدخلوها على الثانية خَاصَّة دونَ الأولى فقالوا: "المَرْأة".
* أمَّا:
-1 مَاهِيَّتُها:
هيَ حَرْفٌ فيه مَعْنى الشَّرطِ والتَّوكيد دائماً، والتفصيلِ غالباً، يَدُلّ على الأَوَّل: لزومُ الفاءِ بعدها نحو {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُون أنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ. وأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذا أَرَادَ اللَّهُ بِهذا مثلاً} (الآية "26" من سورة البقرة "2" ) وهي نَائِبَةٌ عَنْ أَدَاةِ الشَّرطِ وجُمْلَتِهِ، ولهذا تُؤَوَّلُ بـ "مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيء".
ويدل على الثاني: أَنَّك إذا قصدْتَ توكيد "زيدٌ ذاهبٌ". قلتَ: "أَمَّا زيدٌ فَذَاهِبٌ" أيْ لا محالة ذاهبٌ. ويَدُلُّ على التَّفْصِيلِ استقراءُ مواقعِها نحو: {أَمَّا السَّفينَةُ فَكَانَتْ لِمساكينَ يَعْمَلُونَ في البحْر وأَمَّا الغُلامُ وأَمَّا الجِدَارُ} (الآية "78 و 79 و 80" من سورة الكهف "18" ) الآيات ونحو: {فَأَمَّا اليَتِيمَ فلا تَقْهَر، وأَمَّا السَّائِل فلا تَنْهَرْ} (الآية "9 - 10" من سورة الضحى "93").
وَقَدْ يُتْرَكُ تَكْرَارُهَا اسْتِغْنَاءً بذكرِ أحَدِ القِسْمَيْن عنِ الآخَرِ، أو بِكَلاَمٍ يُذْكَرُ بَعْدَها. فالأوَّلُ: كقولِه تَعَالى: {فأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالله واعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ في رَحْمَةٍ مِنْهُ وفَضْلٍ} (الآية "175" من سورة النساء "4" ). والثاني: نحو: {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنه ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ} (الآية "7" من سورة آل عمران "3" ) أيْ وأَمَّا غيرُهُمْ فيُؤمِنُونَ بِهِ ويَكِلُون مَعْنَاهُ إلى رَبِّهِمْ. وقد يَتَخلَّفُ التَّفصيل كقولك: "أَمَّا عليٌّ فمُنْطَلِقٌ". كما تَقدَّم.
-2 وُجُوبُ وُجُودِ الفاءِ بعدَها وقد يجبُ حَذفُها.
لا بُدَّ من "فَاءٍ" تَالِيَةٍ لِتالي  "أما"  لِمَا فيها مِنْ مَعْنى الشَّرْط، ولا تُحذَفُ إلاَّ إذا دَخَلَتْ عَلى "قَوْلٍ" قد طُرح استِغْنَاءً عنه بالمَنْقُول، فيَجِبُ حذفُها معه نحو: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم} (الآية "106" من سورة آل عمران "3" ) أي فَيُقَالُ لهم: أَكَفَرْتُمْ. ولا تُحْذَفُ في غير ذلك إلاَّ في ضَرورةٍ كقول الشاعر يَهْجُو بَني أسَد:
فَأَمَّا القِتَالُ لا قِتَالَ لَدَيْكُمُ *  وَلَكِنَّ سَيْراً فِي عِرَاضِ المَوَاكِبِ
( لا قتال: خبر، والرابط إعادة المبتدأ بلفظه. وخبر لكن محذوف التقدير: لديكم)
-3 دخولُ  "أما"  على أَدَاة الشَّرْط:
إذا اجْتَمَعَ شَرْطَان "أَمَّا وإنْ الشَّرْطية" كان الجوابُ للسَّابق مِنْهُما فَأَغْنَى عن جَوَابِ الشَّرْطِ الثاني، وذلكَ إذا كانَ فِعْلُ الشَّرْطِ ماضِيَ اللَّفْظ نحو قوله تعالى: {وأمَّا إنْ كانَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمين فَسَلامٌ لكَ مِنْ أصْحَابِ اليَمين} (الآية "90 - 91" من سورة الواقعة "56"). الفاءُ في جواب  "أما"  والفاءُ وما بَعْدَها يسُدَّان مَسَدَّ جَوَاتِ "إن" .
-4 ما يُفْصَلُ بَيْنَ "الفاءِ" و  "أما" :
يُفْصَلُ بَيْنَ "الفَاءِ" و  "أما"  بالمبتدأ نحو: "أَمَّا مُحَمَّدٌ فَمُسَافِرٌ" أو بالخَبَر نحو: "أَمَّا في الدَّارِ فإبراهيمُ" أو بِجُمْلَةِ الشَّرْط نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا إنْ كَانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} (الآية "88 - 89" من سورة الواقعة "56"). أو باسمٍ مَنْصُوبٍ بالجوابِ نحو {فَأَمَّا اليَتيمَ فَلا تَقْهَرْ} (الآية "9" من سورة الضحى "93"). أو باسمٍ مَعْمُولٍ لمَحْذُوفٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَ الفاء، نحو: "أَمَّا مَن قَصَدَكَ فأغِثْه" أو بظرْفٍ مَعْمُولٍ لـ  "أما"  نحو "أَمَّا اليَوْمَ فَإِنِّي ذَاهِبٌ". ويقول سيبويه: واعلم أن كُلَّ موضعٍ تقع فيه "أنَّ" تقع فيه "أنَّما" فمن ذلك قولُه تعالى: {قُلْ إنَّما أَنَا بَشَر مِثْلُكُمْ يُوحَى إلَيَّ أَنَّما إلهُكُمْ إلهٌ وَاحِدٌ} (الآية "110" من سورة الكهف "18" ).
وقال ابْنُ الأطْنَابة:
أبْلِغْ الحَارِثَ بنَ ظَالِمَ المَوْـــــــعِدَ والنَّاذِرَ النذورَ عَلَيّاً
إنما تَقْتُلُ النِّيامَ ولا *  تقْتُلُ يَقْظَانَ ذَا سِلاَحٍ كَمِيّاً
* إمّا الشّرطيّة:
هي غيرُ  "أما"  التي وُضِعَتْ لأَحَدِ الشَّيئينِ وإنما هِيَ عِبَارَةٌ عن "إن" الشَّرْطِيَّة و "ما" الزَّائِدة، نحو قوله تعالى: {فَإمَّا تَرَيِنَّ منَ البَشَرِ أَحَداً فَقُولي} (الآية "26" من سورة مريم "19" ) ففِعلُ الشَّرط "تَرَيِنَّ" وجوابه "فَقولي" والفاءُ رابطةٌ للجواب.
* إِمَّا:
إِمَّا في الخَبَر بمنزلة  "أو"  وهي لأَحَدِ الشَّيْئَين أوِ الأَشْيَاء، وَيَرَى الخليلُ وسيبويه: أنَّ  "أما"  هذه إنَّما هي "إن" ضُمَّتْ إليها "مَا" ولا يجوزُ حذفُ "ما" إلاّ أنْ يُضْطَّر الشاعر فيقول:
لقَد كَذَبَتْكَ نَفْسُك فاكْذِبَنْها *  فإنْ جَزَعاً وإنْ إجمالَ صَبْرِ
المعنى: فإمّا جزعاً . إلخ.
(=إن بمعنى إمّا).
والفَرْقُ بَيْنَ أوْ وإمّا - كما يقول المبرد - أَنَّكَ إذَا قلتَ: جاءني زَيدٌ أو عَمْروٌ وقَعَ الخَبر في زيدٍ يقيناً حتى ذكرت، أَوْ فَصارَ فِيهِ وَفي عَمْروٍ شَكٌّ. وإمّا تَبْتَدِئ بها شَاكّاً، وذلك قولك: جاءني إمَّا زيدٌ وإمّا عَمْروٌ، أَيْ أَحَدَهُما.
وَيَتَفَرَّع عن  "أما"  خَمْسَةُ مَعَانٍ:
(أحدُها) الشكُّ نحو "سيَقْدَمُ إمَّا زَيْدٌ وإمَّا أَحْمَدُ" وتبدأ بالشك.
(الثاني) الإِبهام نحو قوله تعالى: {وآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأمْرِ اللَّهِ إمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} (الآية "106" من سورة التوبة "9" ).
(الثالث) التَّخْيِيرُ نحو قوله تعالى: {إمَّا أنْ تُعَذِّبَ وإمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} (الآية "86" من سورة الكهف "18" ).
(الرابع) الإِبَاحَةُ نحو "إقْرأ إمَّا شِعْراً وإمّا قِصَّةً".
(الخامس) التَّفْصيل نحو {إمَّا شَاكِراً وإمَّا كَفُوراً} (الآية "3" من سورة الدهر "76").
و  "أما"  في هذه المعاني كـ  "أو"  إلاَّ أن  "أما"  يجب تكرارُها و  "أو"  لا تتكرَّر.
وقد يُسْتَغْنَى عن  "أما"  الثَّانِية بذكر ما يُغْني عنها نحو "إمَّا أن تَتَكَلَّمَ بخيرٍ وإلاَّ فَاسْكُتْ".
* أمَام:
منْ أسماءِ الجهاتِ وهيَ ظَرْفُ مَكانٍ، ولها أحكام. (=قبل).
* أَمَامَكَ:
اسمُ فعلِ أمْرٍ ومعناه: تَقَدَّمْ.
(=اسم الفعل 5).
أَمْثِلَةُ مُبَالَغَةِ اسمِ الفَاعِل.
(=مبالغَةُ اسمِ الفَاعلِ 2).
* الأمْر:
-1 تعريفُه:
مَا يُطْلَبُ به حُصُولُ شيءٍ نحو "اقرأ" "تعلَّمْ" "دَحْرِجْ" "انْطَلِقْط "اسْتَغْفِر".
-2 علامته:
أَنْ يَقْبَلَ نُونَ التَّوكيد مع دَلالَتِهِ على الأمْر (فإنْ قبِلتْ كلمةٌ نون التوكيد ولم تَدُلَّ على الأَمْر فهي فِعلٌ مُضارع نحو {لَيُسْجَنَنَّ وليَكُوناً} من الآية "32" من سورة يوسف. وإن دَلَّت على الأمر ولم تقبل النون فهي اسمُ فعل أمْر كـ "نَزَالِ" بمعنى انْزِل و "درَاكِ" بمعنى أدْرِك، و "أمين" بمعنى استجب).
-3 حُكْمه:
الأمرُ مَبْنِيُّ دَائِماً والأَصْلُ في بنائه السُّكُونُ وغيرُ السُّكُون عَارِضٌ لسبب.
وقيل:
(أ) يُبنى عَلى السُّكون إذا كانَ صحيحَ الآخِر نحو "اكْتُبْ تَعَلَّمْ" أو اتصلَ به نونُ النِّسْوَة نحو "اكتُبْنَ".
(ب) وقد يُبْنى على حَذْفِ حَرْفِ العِلَّة إن كانَ مُعْتَلَّ الآخر نحو "اسعَ اسمُ ارْتَقِ".
(جـ) وعلى حَذْفِ النونِ إذا اتَّصَلَ بِهِ أَلِفُ الاثْنَين أوْ واوُ الجَمَاعَةِ أو يَاءُ المُخَاطَبة نحو "اسْمَعَا اسْمَعُوا اسْمَعِي".
(د) ويُبْنى على الفَتْح إذا اتَّصَلَ به نونُ التَّوْكِيد نحو "اكْتُبَنَّ". وما قِيل بأنَّ الأمْرَ مُعْرَبٌ مَجْزُومٌ فَهْو قولُ الكُوفِيين ورَدَّه البَصْرِيُّون. والأصحُّ أن يُقال: يُبْنى على ما يُجْزَمُ به مُضارِعُه.
-4 أخْذُهُ مِن المضارع:
يُؤخَذُ الأمرُ مِنَ المضارعِ بِحَذْفِ حَرْفِ المُضارَعَةِ فقط كـ "تَشَارَكْ" فإن كانَ أوَّلُ الباقي بعدَ الحذفِ سَاكِناً جئتَ بهمزةِ الوَصْلِ مكسورةً كـ "اضرِبْ" و "اجْلِسْ" و "افْهَمْ" إلاَّ في الفِعْل الثلاثي المضمومِ العَيْنِ في المُضَارِع فتكون مضمُومةً كـ "انْصُرْ" و "اكْتُبْ" أَمَّا الأمرُ من "أكْرَمَ" فإنَّه يكونُ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وكَسْرِ ما قَبْلَ آخِرِه. وذلكَ لأنَّها هَمْزَةُ قَطْعٍ لا وَصْلٍ فتقول: "أَكْرِمْ". وتُحْذَفُ فاءُ المِثَالِ (المثال: ما كان فاؤه حرف علة) من الأمرِ حَمْلاً على حَذْفِها في المُضارع كـ "عِدْ" و "زنْ".
-5 الأَمْرُ مِنْ حَرْفٍ واحِدٍ:
قَدْ يُحذَفُ حَرْفُ العِلَّة من الأَمْرِ المُعْتَلّ فلا يَبْقَى مِنه إلاَّ حَرْفٌ واحد نحو: "إِ" أمْرٌ أي عِدْ من "الوَأْي" كـ "الوَعْد" لَفْظاً ومعنى. ونحو "قِ" أمْرٌ مِنَ "وَقَى يَقِي" و "ل" أمْرٌ مِنْ وَلِيَ الأمرَ يَلِيه، ونحو "شِ" أمْرٌ من "وَشَى الثَّوبَ يَشِيهِ" نَقَشَه، ومثلُه "دِ" أمْرٌ من "وَدَاهُ يَدِيه" دَفَعَ دِيّتَه، و "ر" أَمْرٌ من "رَآى يَرَى" من الرأي، و "ع" أمْرٌ مِنْ "وَعَى يَعِي" حَفِظَ وتَدَبَّر، و "ن" أمْر من "وَنَى ينى": فتر، "فِ" أمْرٌ من "وَفى بالعَهْدِ يَفِي" فهذهِ الأفْعَالُ كُلُّها بالكَسْرِ إلاَّ "رَ" بفَتْحِ عينِ مُضارعه، وكلُّها مُتَعدِّية إلاَّ "نِ" فلازِمٌ لأنه بمعنى تَأَنَّ.
والأَوْلَى في هذا الأمْرِ الحَرْفِي أنْ تُتْبِعَه بِهَاءِ السَّكْت، فتقول مثلاً: قِهْ، ورَهْ، وهكذا غيرها.
* أَمْسَى:
تأتي:
(1) نَاقِصَةً مِنْ أَخَواتِ "كان" وهي تَامَّةُ التّصرفِ، وتُسْتَعمَلُ مَاضياً، ومُضَارِعاً، وأَمْراً ومَصْدَراً نحو: "أَمْسَى خَالدٌ رَاضياً مَرْضياً". و "يمْسي الضَّيفُ مُكَرَّماً" ولها مَع كَانَ أحكامٌ أخرى.
(=كان وأخواتها).
(2) تَامَّة فَتَكْتَفي بمرفوعها ويكونُ فاعلاً لها، وذلك حِينَ يكونُ مَعْنَى "أَمْسَى" دَخَلَ في المَسَاءِ نحو قولِه تَعَالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حين تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ} (الآية "17" من سورة الروم "30" ).
* أَمْسِ:
اسمُ عَلَمٍ على اليوم الذي قبل يومِكَ، ويُستعمل فيما قَبْلَه مَجازاً وهو مبنيُّ على الكسر (وبنو تميم تُعربه إعْراب ما لا يتصرف فتقول: "ذهبَ أمسُ بما فيه" برفع "أمس")، إلاَّ أن يُنْكَّر بأن يُرادَ به يومٌ مَا فيُنَوَّن، أو يُكَسَّر (يكسر: أي يجمع جمع تكسير)، أو دَخَلتْهُ "ألْ" أَوْ أُضيفَ، أُعْرِب بإجْماع.
* أنْ: بمَعْنى "لِئِلا" كقَوْلِكَ "رَبْطتُ الفَرَس أنْ تَنْطَلِق" أي لِئَلا تَنْطَلِق.
قال الله تعالى: {يُبَيِّن اللَّهُ لكمْ أَنْ تَضِلُّوا} (الآية "176" من سورة النساء "4" ). مَعنَاه لِئَلا تَضلوا، وقال تعالى: {وَأَلْقَى في الأرضِ رَوَاسِيَ أنْ تَميدَ بكُم} (الآية "15" من سورة النحل "16" ). أي: لئلا تَمِيدَ بكم، وقال: {إنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمواتِ والأرضَ أنْ تَزُولاَ} (الآية "41" من سورة فاطر "35" ) معناه ألاَّ تَزولا.
وقال عمرو بن كلثوم:
نَزَلتُم مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّا *  فَعَجَّلْنَا القِرَى أنْ تَشْتِمُونا
والمعنى: لئلا تَشْتِمُونا.
والأَوْلى في مثلِ هذا أنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ فالمعنى في قولِكَ: "ربطتُ الفرَسَ أنْ تَنْطِلق" خَوْفَ أَنْ تَنْطلق، كذلك المَعْنى في الآية الأولى: يبيّن الله لكم خَشْيَةَ أَنْ تَضِلّوا، وكذلك: وَأَلْقَى في الأرْضِ رَوَاسِيَ خَشْيَةَ أنْ تَمِيدَ بكم، وكذَلِكَ في البيت: فَعَجَّلْنا القِرَى خَشْيَة أن تَشْتِمُونَا.
والمُضافُ المحذُوف: مفعولٌ لأجْلِه.
* إنْ بمعْنى إما:
قد تكونُ "إن" في بعْضِ حالاتِها بمعنى  "أما"  وعلى ذلك قول دُرَيد بن الصِّمَّة:
لقد كَذَبْتَكَ نَفْسُك فاكْذِبَنْها *  فإنْ جَزَعاً وإنْ إجْمَالَ صَبْر
قال سيبويه: فهذا مَحْمُولٌ على  "أما"  وليسَ على الجزاء، يريد أنَّ "إن" في هذا البيت يُرادُ بِها أحَدُ الشَّيْئين، فاضَّطُر الشاعرُ فحذفَ "ما" فَبَقِيَتْ "إن" والمَعْنى: فإمَّا. ومثلُه قَوْلُ النِّمر بن تولِب:
سَقَتْه الرَّواعدُ مِنْ صَيِّف *  وإنْ مِنْ خَرِيفٍ فَلَنْ يَعدَما
قال سيبويه: يريد: وإمَّا مِنْ خَرِيفٍ.
وقال الأصمعي: "إن" ههنا بمعنى الجَزَاء، أرَادَ: وإنْ سَقَتْه مِنْ خَرِيفٍ فَلَنْ يَعدَمَ الرَّيّ، وبهذا القَولِ أخَذَ المُبرِّد وقال:
لأَنَّ  "أما"  تكون مُكَرَّرَة، وهي ههنَا غير مكرَّرة، وهي ههنَا غير مكرَّرة، ويجبُ على قولِ الأصْمعي: أنَّه يَعْدَم الرَّيَّ، لأنه قال: وإن سَقَتْه من خَريفٍ فلن يعدَمَ الرَّي.
فكأَنَّه يعدَم الرَّي إن لم يَسقِه الخَريف.
كما قال الهَرَوِيُ، وليس هذا مراداً.
* أَنْ الزَّائِدَة:
هيَ التَّالِيةُ لـ "لَمَّا" الحينية نحو: {فَلَمَّا أنْ جَاءَ البَشِيرُ} (الآية "96" من سورة يوسف "12" ). ومثلُه قولُ لَيلى الأَخيلية:
ولَمَّا أنْ رَأَيْتُ الخَيْلَ قُبْلاً *  تُبَارِي بالخُدُودِ شَبَا العَوَالي
والواقِعَةُ بينَ الكَافِ ومجرورِها كقول كَعب بن أرْقَمَ اليَشْكري:
ويَوماً تُوافِينا بِوَجْهٍ مُقَسَّمٍ *  كأَنْ ظَبْيَةٍ تَعْطُة إلى وَارِقِ السَّلمَ
أو بَيْنَ فعلِ القَسَم وَلَوْ، كقولِ المسيَّبِ ابْنِ عَلَس:
فَأُقْسِمُ أَنْ لَوْ الْتَقَيْنَا وَأَنْتُمْ *  لكانَ لكُم يومٌ مِن الشَّرِّ مُظلِمُ
(الرواية الصحيحة "وأقسم لو أنا التقينا" ولا شاهد فيه)
* أَنْ المُخَفَّفَة مِنَ الثّقيلة:
هي الوَاقِعَةُ بَعْدَ عِلْمٍ نحو {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} (الآية "20" من سورة المزمل "73").
وأَجْرَى سيبويه والأخْفَشُ: "أَنْ" هذه بعد الخَوْف مُجراهَا بَعْدَ العِلْم، لتَيقُّنِ المَخُوف نحو "خفْتُ ألاَّ تَفْعلُ" و "خشِيْتُ أَنْ تَقُومُ" ومِثلُ ذلك أَنْ تَقَع بعد نحو "أكثرُ قَوْلي أنْ بَكْرٌ ظريفٌ" ومثله "أَوَّلُ مَا أَقُولُ أنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم".
ومثله: {وآخِرُ دَعْوَاهُم أنِ الحمدُ لله ربِّ العَالمين} (الآية "10" من سورة يونس "10" ).
أمَّا الواقعةُ بَعْدَ الظَّنِّ فالأَرْجَحُ أنْ تَكُونَ ناصِبَةً، لذلك أجْمَعَ القراءُ عليه في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أن يُتْرَكُوا} (الآية "2" من سورة العنكبوت "29" ). ويجوزُ اعْتِبَارُها مُخَفَّفةً كَقِراءَة: {وَحَسِبوا أَلاَّ تَكُونُ فِتْنَة} (الآية "71" من سورة المائدة "5" ).
وإذا خُفِّفَتْ "أَنْ" المَفْتُوحةُ يَبْقَى العَمَلُ وُجُوباً، ولكن يَجَبُ في اسمِها كونُهُ مُضْمَراً مَحْذُوفاً.
وأمَّا قولُ عمرة بنت ابن العَجْلان:
بأَنْكَ ربيعٌ وغَيْثٌ مَرِيعٌ *  وأَنْكَ هناكَ تكونُ الثِّمَالاَ
فضرورة ويجبُ في خَبَرِها أنْ يَكُونَ جُملةً، فإنْ كَانَتْ اسْمِيَّة، أو فِعْليَّةً فِعْلُها جَامِدٌ، أو دُعاء، لم تحتج إلى فاصل نحو: {وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للَّهِ رَبِّ العَالَمِينِ} (الآية "10" من سورة يونس "10" ). {وَأَنْ لَيْسَ للإِنْسَانِ إِلاَّ ما سَعَى} (الآية "39" من سورة النجم "53"). {والخَامِسَةَ أَنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْها}(الآية "9" من سورة النور "24" ). والقِراءةُ المشهورَةُ: {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا}. بتشديد نون أنَّ. ويَجِبُ الفَصْلُ في غَيْرِهِنَّ بـ "قَدْ" نحو {وَنَعْلَم أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} (الآية "113" من سورة المائدة "5" ). أَوْ "تَنْفَيس" نحو {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} (الآية "20" من سورة المزمل "73"). أَوْ "نَفْيٍ بِلاَ أَوْ لَنْ أَوْ لَمْ" نحو {وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُون فِتْنَة} (الآية "71" من سورة المائدة "5" )، على قراءة الرفع في تكونُ {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيهِ أَحَد} (الآية "5" من سورة البلد "90") {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَد} (الآية "7" من سورة البلد "90"). على جواز أن تأتي أن المخففة بعد الظَّن، أو "لو" نحو {أَنْ لَوْ نَشَاءُ أصَبْنَاهُمْ} (الآية "100" من سورة الأعراف "7" ). {وأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا} (الآية "16" من سورة الجن "72"). وَيَنْدُرُ تَرْكُ الفَصْلِ بواحِدٍ منها كقوله:
عَلِمُوا أَنْ يُؤَمَّلُون فَجَادُوا *  قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا بأعْظَمِ سُؤْل
* أن التَّفْسِيرية:
أنْ هذه بمنزِلةِ أَيْ، وذلك مثلُ قولِه عز وجل: {وانْطَلَقَ المَلأُ مِنْهُمْ أنِ امْشُوا واصْبِرُوا} (الآية "6" من سورة ص "38" ) لأنَّك إذا قلت: "انطَلَق بنو فلان أنِ امشوا، فأنْتَ لا تُرِيدُ أن تُخبر أنَّهم انْطَلَقُوا بالمَشْي ومثلُ ذلكَ: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إلاَّ ما أَمَرَتني بِهِ أنِ اعبُدُوا اللَّهَ} (الآية "117" من سورة المائدة "5" ) ومثل هذا في القرآن كثير.
وأمَّا قولُه: "كتبتُ إليه أنِ افْعَلْ" و "أمَرْتُهُ أنْ قُمْ" فيكون على وجهين:
على أنْ تكون "أنْ" التي تَنْصِبُ الأفعال وصَلْتَها بِفِعلِ الأَمْر. والوَجْهُ الآخَرُ أنْ تكونَ بِمَنْزِلَةِ "أيْ" كما كانت في الأول.
وأما قوله عز وجل: {وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للَّهِ رَبِّ العَالَمين} (الآية "10" من سورة يونس "10" ) فأنْ هُنَا مُخَفَّفَةٌ من الثّقِيلة.
والمُتَأَخِّرُون يَقُولُون في تعريف "أنْ" المفسِّرة هي التي يَسْبِقُها مَعْنَى القَولِ دُونَ حُروفِهِ، ويكون بَعْدَهَا جملةٌ.
* أَنْ المَصْدَرِيَّة:
هي أَحدُ نَواصِبِ المُضارع، وهي والفعلُ بمنزِلةِ المَصْدَر، وعلى هذا يجوز تَقْدِيمُها وتَأْخِيرُها، وتَقَعُ في كُلِّ مَوْضعٍ تَقَعُ فيه الأسْماء، إلاّ أنَّ المضارعَ بَعْدَهَا لِمَا لم يَقَع - أي للمُستَقبل نحو قولك: "أَنْ تَأْتِيَني خَيرٌ لك" وقَوْلِه تعالى: {وأْن تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (الآية "184" من سورة البقرة "2" ) و "يسُرني أنْ تَجلِسَ" وقوله تعالى: {والذي أطْمعُ أنْ يَغْفِرَ لي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين}.
وإن وَقَعَتْ على فِعلٍ ماضٍ كانتْ مَصْدَراً لِمَا مَضَى، تَقول: "سَرَّني أنْ قُمتَ" وقال الله عز وجل: {وامرأةً مُؤمِنَةً أنْ وَهَبتْ نَفْسَها للنبي} (الآية "50" من سورة الأحزاب "33" ) قراءة بِفَتْحِ أنْ، ونحو "سَاءَني أنْ كَلَّمَكَ زَيْدٌ وأَنْتَ غَضْبان" أي لهذه العِلَّةِ. وتقول "عَسَى زيدٌ أن يَقْرَأَ" أنْ مع الفعل بتأويل المصدر، ولكنْ لا يجوزُ أنْ تُظهِر المصدَرَ مع عَسَى، فتقولَ "عَسَى زيدٌ القيام" لأنَّ المصدَرَ يكونُ للماضِي والحَاضِرِ والمستقبل و "عسَى" إنما تُعدُّ لما يَقَعُ و "أنْ" النَّاصِبَةُ لا تَقَعُ ثابِتَةً، وإنَّما تَقَعُ مَطْلُوبةً أو مُتوَقِّعَة نحو "أرْجُو أنْ تَذهب" "وأتَوقَّع أنْ تأتي" أما الثَّابِتة التي لا تَقَعُ إلاّ بعدَ ثابتٍ فهي المُخَفَّفَةُ من الثقيلة، وإذا وَقَعتْ بعدَها الأفْعالُ المُسْتَقْبلة وكانَتْ بينَها وبينَها "لا" فإن عَمَلها على حالِه، تقول: "أُحِبُّ أَلاَّ تَذْهَب" و "أكْرَهُ ألاَّ تُكلِّم زَيداً" والمعنى: أكْرَه تَرْكك كلامَ زَيدٍ، ومنه قولُه تَعَالى: {إلاَّ أَنْ يَخَافَا أنْ لا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} (الآية "229" من سورة البقرة "2" ).
وَقَدْ يَشْتَرِكُ بالعَطْفِ بالوَاوِ، أو الفَاءِ، أوْ ثُمَّ أو فعلٌ آخرُ في "أَنْ" تقول: "أُرِيدُ أنْ تقومَ وتكرم زَيْداً" و "أرِيدُ أنْ تَأْتِيَني فَتُؤْنِسَني" و "أرِيدُ أن تَجلِسَ ثُمَّ نَتَحدَّثَ".
فإن كانَ الفِعْلُ الثاني خَارجاً عن مَعْنى الأَوّل كان مَقْطوعاً مُسْتَأْنَفاً أي لا يَتْبَعُ النَّصْب بأنْ نحو: "أُرِيدُ أن تَأْتِيَني، فتقْعُد عَني؟" و "أرِيدُ أنْ تُكْرِم بَكْراً، فتهينه؟" كما قال رُؤْبة أو الحُطَيئة:
والشِّعْرُ لا يَضْبِطُه من يَظْلِمُهْ *  إذا ارْتَقَى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ
زَلَّتْ بِهِ إلى الحَضيضِ قَدَمُهْ *  يُريدُ أن يُعرِبه فيُعجِمُهْ
والشاهِد "يُعْجمُه" إذْ رفَعَه وقَطَعَهُ ولم يَعْطِفه، والعَطْفُ خَطَأٌ بالمَعْنَى، والمعنى: فإذا هُو يُعْجِمُهُ، و "أنْ" أمْكنُ الحُرُوفِ في نَصْبِ الأفعال. لذلك تَنْصِبُ ظَاهِرةً ومُضْمَرةً، فالظاهِرَةُ كما تَقَدَّم.
وأَمَّا المضمرَةُ: فتُضْمَرُ وجوباً في خمسَةِ مواضع:
بعد "لامِ الجُحُود" بعد  "أو"  بمعنى "إلى" أو "إلاَّ"، بعد "حَتَّى"، بعد "فاء السَّببيَّة"، بعد "واو المعيَّة".
(=كُلاَّ في حرفه).
وتُضمرُ جوازاً بعد خمسة أيضاً:
(1) لام التعليل، إذا لَمْ يَسْبِقْها، كونٌ مَنْفِيٌّ، ولم يَقْتَرِن الفعل بـ "لا" الزائدة أو النافية، نحو {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العَالَمينَ} (الآية "71" من سورة الأنعام "60") و{وَأُمِرْتُ لأَنْ أكُونَ أَوَّلَ المُسْلِمين} (الآية "12" من سورة الزمر "39" ) فإن سُبِقت بالكون وجَبَ إضمار "أَنْ" وتكون اللامُ لامَ الجحود (انظرها في حرفها)، وإنْ قُرِن الفِعلُ بـ "لا" النافية، أوِ الزَّائِدة، وَجَبَ إظْهَارُها، فالأَوَّل: نحو {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} (الآية "150" من سورة البقرة "2" ) والثاني: {لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ} (الآية "29" من سورة الحديد "57") أي ليعْلَمَ.
والأربعةُ الباقِيةُ "الواوُ، الفاء، أَوْ، ثُمَّ". إذا كانَ العطفُ بها على اسمٍ صريحٍ.
فمِثالُ "الواو" قولُ مَيْسُون زَوجِ مُعاوِية:
وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْني *  أَحَبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوف
(وتقَر: وتُسر، الشُّفُوفِِ: واحِدُها شفْ وهي الثياب الرقيقة)
ومثالُ "الفاءِ" قَوْلُ الشاعر:
لَوْلاَ تَوَقُّعُ مُعْتَرٍّ فأُرْضِيَه *  ما كُنْتُ أُوثِرُ إتْراباً على تَرَب
(التوقع: الانتظار، المعتر: السائل، الإتراب: مصدر أترب إذا استغنى، والترب: مصدر ترب إذا افتقر)
ومثال  "أو"  قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أو يُرْسِلَ رَسُولاً} (الآية "51" من سورة الشورى "42" ) ومثال "ثُمَّ" قولُ أَنَس بن مُدْرِكة الخَثْعمي:
إِنِّي وَقَتْلِي سُلَيْكاً ثُمَّ أَعْقِلَهُ *  كالثَّورِ يُضرَبُ لمَّا عَافَتِ البَقَرُ
والنصب بـ "أَنْ" مُضْمَرة في غيْرِ مَا مَرَّ شَاذٌ كقولهم في المثل "تَسمعَ بالمُعَيْدي خَيْرٌ من أَنْ تَرَاه" (للمثل روايات منها هذه، ومنها: سَمَاعُك بالمُعَيْدي ومنها: أَنْ تَسمعَ بالمعيدي، ويضرب هذا المثل في الرجل تسمع عنه أكثر مما ترى فيه). وقول الآخر: "خُذِ اللِّصَّ قَبْلَ يَأخُذَكَ".
ولا يجوزُ - عند البَصْريين - النصبُ على إضمار "أَنْ" في غير ما تقدَّم وبعضهم يُجيزه واسْتَشْهد بقول طَرَفة:
أَلاَ أيُّهذا الزَّاجري أحضُرُ الوَعَى *  وأنْ أَشْهَدَ اللَّذاتِ هل أَنْتَ مُخْلِدِي
ويُنشِده سيبويه بضم الراء من أَحْضُرُ مع اعتِرافه أنَّ أصْلَها: أنْ أحْضُرَ.
وبعضهم: يرويها: أحْضُرَ بالنصب على تقدير أن، وحسن ذلك عنده قول الشاعر بعدها: وأنْ أشهد.
* إنْ الزَّائِدَة:
أَكْثَرُ ما تُزَادُ "إن" بعد "مَا" النَّافية إذا دَخَلَتْ على جُمْلةٍ فِعْليَّةٍ، نحو قَوْلِ النَّابغةِ الذُّبْيَاني:
ما إنْ أَتَيْتُ بِشَيْءٍ أَنْتَ تكرَهُهُ *  إذَنْ فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إليَّ يَدي
فإنْ هنا زائدة لتَوْكِيدِ النفي.
أو جملةٍ اسمية كقولِ فَرْوة بن مُسَيْك:
فما إنْ طِبُّنَا جُبْنٌ ولكنْ *  مَنَايَانَا ودُوْلَةُ آخَرِينا
(طِبُّنا: شأننا وعادتنا، والعلة والسبب)
وَفِي حَالَةِ دُخُولِهَا على الجُمْلَةِ الاسْمِيَّةِ تَكُفُّ عملَ "مَا" الحِجَازِيَّة وقج تَزْدَادُ بعد "مَا" المَوْصُولةِ الاسْمِية كقول جابِر بنِ رَأْلان:
يُرَجِّي المرءُ مَا إنْ لا يَراه *  وَتَعرِضُ دُونَ أَدْنَاهُ الخُطُوبُ
وبعد "ما" بمَعْنى حين، كقول جابر بن رَأْلانَ:
وَرَجِّ الفَتَى للخَيْرِ ما إنْ رَأَيْتَهُ *  على السِّنِّ خيراً لا يَزَالُ يَزيدُ
وبعد "ألا" الاسْتِفْتَاحِيَّة كقَول المَعْلُوطِ القُرَيْعي:
أَلا إنْ سَرَى لَيْلي فَبِتُّ كَئِيباً *  أُحَاذِرُ أَنْ تَنْأَى النَّوى بِغَضُوبا
* إنْ الشرطيّة:
هِيَ حرفٌ وَتَقَعَ على كُلِّ ما وَصَلتْها به زَماناً كانَ أو مَكاناً أو آدَمِيّاً أو غَيرَ ذلك.
تقول: "إنْ يأتِني زَيْدٌ آتِه" و "أنْ يَقُمْ في مَكانِ كَذَا أَقُمْ فِيه".
وهي أصْلُ أَدَواتِ الشَّرطِ لأَنَّه يُجَازَى بها في كلِّ نوع نحو: {وإنْ تَعُودُوا نَعُدْ} (الآية "19" من سورة الأنفال "8" ). و{إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ} (الآية "38" من سورة الأنفال "8" ) وهي و "أذْ مَا" (=إذ ما). حَرْفَانِ مِنْ أدَواتِ الشَّرط: وما عداهما أسماء، وتُفِيد "إن" الاسْتِقْبَال. وقدْ تَقْتَرِنُ بـ "لاَ" النَّافِيةِ نحو {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} (الآية "41" من سورة التوبة "9" )، {إلاَّ تَنْفِرُوا يُعذِّبْكُمْ} (الآية "40" من سورة التوبة "9" ).
وإنْ لَمْ تَجزِم فالفَصلُ بينها وبينَ مَا عَمِلَتْ فيه في الظاهر جائز كقوله تعالى: {وإنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكين اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} (الآية "6" من سورة التوبة "9" ).
وجَازَ هَذا لأَنَّها أَصلُ الجَزَاء، أَمَّا غَيرهَا مِنَ الأدواتِ فلا يَصِحُّ فيْها الفَصْلُ وكلمةُ "أحَدٌ"
في الآية فاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُفسِّره الفِعْلُ المَذْكُور التَّقدير: وإنْ اسْتَجَارَكَ أحَدٌ.
(=جوازم المضارع).
* إنْ المخَفّفَة مِنَ الثّقيلة:
وَتَدْخُلُ على الجُمْلَتَيْنِ: الفِعليَّةِ والاسميَّة فإنْ دَخَلتْ على الاسميَّةِ جَازَ إعْمالُها نحو {وَإنْ كُلاَّ لمَّا لَيُوَفَّيَنَّهُمْ} (الآية "111" من سورة التوبة "9" ).
ولا تَحْتَاجُ العَامِلَةُ إلى لامٍ، وإنْ وُجِدَتْ فهي لَلامُ التَّوكيد.
وَيَكْثُرُ إهْمالُها، وَتَلْزَمُ في حَالَةِ إهْمَالِها: "لاَمَ الابْتِدَاء" وتُسمَّى الفَارِقة، لأنها فَارِقَةٌ بَيْنَها وبينَ "إن" النافية، نحو { وَإنْ كُلُّ ذَلِكَ لما مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الآية "35" من سورة الزخرف "43").
{وَإِنْ كُلِّ لَمَا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُون} (الآية "32" من سورة يس "36" )، ومثل ذلك قول النابغة:
وإنْ مَالِكٌ لَلْمُرْتَجَى إنْ تَقَعْقَعَتْ *  رَحَى الحَرْبِ أو دَارَتْ عَليَّ خُطُوبُ
وقَدْ يُغْني عن اللَّام قَرِينَةٌ لَفْظِيَّة كـ "لا" نحو " إنِ الحَقُّ لاَ يَخْفَى على ذِي بَصِيرَة" فالقَرينَة هنا: لا النافية، لأنَّ لامَ الابْتداء لا تَدْخُلُ عَلى النَّفي.
وإنْ دَخَلتْ على الفِعْل أُهْمِلَتْ وُجُوباً. والأكْثَرُ كَوْنُ الفِعْلِ مَاضِياً نَاسِخاً نحو: {وَإِنْ كَانَتْ لكَبِيرةً إلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى الله} (الآية "143" من سورة البقرة "2" ) {وإنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك} (الآية "51" من سورة القلم "68").
ويُقاسُ على النَّوعَين اتفاقاً، ودون هذا أن يكونَ مَاضياً غيرَ ناسِخٍ نحو قولِ عاتِكَةَ بنتِ زيدٍ نَرثي زَوْجَها الزبيرَ بنَ العوَّامِ:
شَلَّتْ يَمينُكَ إنْ قَتَلْتَ لمُسلماً *  حَلَّتْ عَلَيْه عُقُوبَةُ المُتَعَمِّدِ
ودون هذا أن يكونَ مُضارعاً غير ناسِخٍ. نحوَ قولِ بعضِهم "إنْ يَزِينُك لَنَفْسُك". ولا يُقاسُ عليهِ إجْمَاعاً.
* إن النافية:
لَكَ فِيها ثلاثَةُ أوْجُه:
(أحدها) أنْ تقول: "إن زيدٌ قائمٌ" و "أنْ أقومُ مَعَك" تريد: ما زيدٌ قائم، وما أقُومُ مَعَك. قال الله تعالى: { قُلْ إنْ أدْرِي أقَرِيبٌ ما تُوعَدُون} (الآية "25" من سورة الجن "72") أي: ما أدْرِي. وقال تعالى: {إنْ عِنْدَكُمْ من سُلْطَانٍ بِهَذَا} (الآية "68" من سورة يونس "10" )، أي : ما عندكُم، وقال تعالى: { وَلَقد مَكنَّاهُمْ فِيما إنْ مَكَنَّاكُم فيهِ} (الآية "26" من سورة الأحقاف "46"). أي : في الذي لَمْ نُمَكِّنْكُمْ فيه. وقال تعالَى: {وَلَئِنْ زَالَتا إنْ أمْسَكَهُمَا مِنْ أحَدٍ مِنْ بَعْدِه} (الآية "41" من سورة فاطر "35" ). واجتمع في هذه الآية إنْ الشرطية والنافية) يُرِيدُ: مَا يُمسِكُهُما أحدٌ.
(الوجه الثاني) أنْ تَدخل إلاَّ في الخبر فتقول: "إنْ خالدٌ إلاَّ مُسَافِرٌ" وفي الفاعل" إن قَدِم إلاَّ عَمْرٌو" و "أنْ يَبْقَى إلاَّ مُحَمَّدٌ" تريدُ: ما خَالِدٌ إلّا مُسَافِرٌ، وما قَدِم إلّا عَمْروٌ، وما يَبْقَى إلاَّ مُحمَّدٌ.
قال الله تعالى: { إنِ الكافِرُون إلاَّ في غُرُور} (الآية "20" من سورة الملك "67") أي مَا الكَافِرُون. ومثلُه {إنْ أمهَّاتُهم إلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهم} (الآية "2" من سورة المجادلة "58")، {إنْ هُوَ إلاَّ نَذِيرٌ مُبِين} (الآية "184" من سورة الأعراف "7" ).
(الوجه الثالث) أنْ تدخُلَ "لَمَّا" بتَشْدِيد المِيم، موضعَ إلاَّ وتكونُ بمعناها كقولك: "إنْ عمروٌ لمَّا مُقبلٌ" تريد : ما عمروٌ إلاَّ مُقبلٌ. قال الله تعالى: {إنْ كلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حَافِظٌ} (الآية "4" من سورة الطارق "86"). {وإن كلٍّ لَمَّا جَميعٌ لَدَيَنْا مُحْضَرون} (الآية "32" من سورة يس "36" ) وكان سيبويه لا يَرَى فيها إلّا رفْعَ الخبر لأنها حرف نفي دخل على ابْتِداءٍ وخَبَر كما تَدخُل الِفُ الاستِفهام فلا تُغَيِّره، وأجاز الكسائي والمُبَرّدٌ والكُوفيُّون أن تَعْمَلَ "إن" النافية عَمَل ليسَ إذا دَخَلتْ على الجُمْلَةِ الاسْمِيَّة، واسْتَشْهدوا على ذلك بقول أهل العالية: "إنْ أحَدٌ خَيْراً مِنْ أحدٍ إلاَّ بالعافية" وقولُ الشاعر:
إنْ هُوَ مُسْتَولياً على أحدٍ *  إلاَّ أضْعَفٍ المَجَانِينٍ
وقَرَأَ سعيد بن جبير: {إنِ الذينَ تَدْعُونَ من دُونِ الله عِبَاداً أَمْثَالُكُم} (الآية "193" من سورة الأعراف "7" ) بِنُونٍ مُخَفَّفَةٍ مَكْسورَةٍ، ولا يُشْتَرَطُ في مَعْمُولَيْها أنْ يكُونا نكِرتين كما في "ما" الحجازية.
* إنَّ وأَخَواتُها:
هذه هي الأَحْرُفُ المُشَبَّهةُ بالأَفْعال وشُبِّهَت بها لأَنَّها تَعْملُ فيما بعدها كعَملِ الفعل فيما بعده وهُنَّ سبعةُ أحْرُفٍ: "إنَّ، أَنَّ، كَأَنَّ، لَيْتَ، لَعَلَّ، لَكِنَّ، ولا النافية للجنس"(=كلًّا في حرفه".
[1] حُكُمْ هذه الأحرف:
كلُّ هذه الأحرفِ تنصِبُ المبتدأ - غيرَ الملازم للتَّصدير - (كأسماء الاستفهام) ويُسَمَّى اسمَها وَتَرفَعُ خبرَهُ - غير الطلبي الإنشائي - (الطلبي: كالأمر والنهي والاستفهام والانشائي: كالعقود مثل بعت واشتريت. ويُسَمَّى خَبَرَها.
[2] تَقَدُّمُ خَبَرِهِنَّ عَلَيْهِن:
يمتنِعُ مُطلقاً خَبرِهنَّ عَلَيْهِنَّ وَلَوْ كانَ ظرفاً أو جارّاً ومَجْرُوراً.
[3] تَوَسُّطُ خَبَرِهِنَّ:
فيما عَدَا "لا" النَّافية للجِنْس، يَجوزُ تَوَسُّطُ الخَبَرِ بَيْنَها وَبَيْنَ أسْمَائِها إنْ كان الاسمُ مَعْرِفةً، والخبرُ ظَرْفاً أوجَارّاً ومَجْرُوراً نحو{ إنَّ إلَيْنَا إيابَهُمْ} (الآية "25" من سورة الغاشية "88"). وَيَجبُ إنْ كَان نَكِرةً نحو{إنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً{(الآية "12" من سورة المزمل "73") {إنَّ في ذلِكَ لَعِبْرَةً} (الآية "13" من سورة آل عمران "3" ) .
[4] مَعْمُولُ خَبَرِهِنَّ:
لا يَلِي هذِهِ الأَحْرُفَ مَعْمُولُ خَبَرِها إلّا إنْ كَانَ ظرفاً أو مَجْرُوراً، ويجوزُ تَوَسُّطُه بين الاسمِ والخبرِ مطلَقاً. نحو" إنَّ خَالِداً أخاهُ مُكْرِمُ" وتقول: "إنَّ بِكَ زَيْداً مَأْخُوذٌ" أي مأخوذ بك، و "أنَّ لك زَيْداً وَاقِفٌ" ومثلُ ذلِكَ "إنَّ فيكَ زَيْداً لَرَاغِبٌ" قال الشاعر:
فلا تَلْحُنِي فيها فإنَّ بِحُبِّها *  أخَاكَ مُصَابُ القَلْبِ جَمَّ بَلَابِلُه
والتَّقْدِير: فإن أَخَاكَ مُصابُ القلْبِ بِحُبِّها.
[5] أحْوَالُ هَمْزَة "إن" : لِـ "إن" من حَيْثُ حَرَكَةُ هَمْزتِها ثَلَاثَةُ أحْوالٍ: وُجُوبُ الفَتْح حَيْثُ يَسُدُّ المَصدرُ مَسَدَّها ومَسَدَّ مَعْمُوليها، ووجوبُ الكَسْرِ حيثُ لا يجُوزُ أَنْ يَسُدَّ المَصْدَرُ مَسَدَّها وَجَوازُ الوَجْهَيْنِ إن صَحَّ الاعْتِبَارَان.
[6] مَوَاضِعُ الفَتْح في همزةِ "إن" يَجِبُ فَتْحُ هَمْزةِ "أَنَّ" في ثمانية مَواضِعَ: (=أنَّ).
[7] مَوَاضِعُ كَسْر هَمْزة "إن" يَجِبُ كَسْرُ همزةِ "إن" في اثْنَي عَشَر مَوْضِعاً:
(1) أن تَقَق في الابْتِداء حَقيقةً نحو: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ} (الآية "1" من سورة القدر "97") أو حُكْماً نحو: {أَلَا إنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون} (الآية "62" من سورة يونس "10" ) {كَلَّا إنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى} (الآية "6" من سورة العلق "96").
(2) أن تَقَعَ تَالِيةً لـ "حَيْثُ" نحو: "جَلَسْتُ حَيْثُ إنَّ عَلِيَّاً جَالِسٌ".
(3) أنْ تَتْلُوَ "إذْ" كـ "زُرْتُكَ إذْ إنَّ خَالِداً أمِيرٌ".
(4) أن تَقَعَ تَالِيةً لمَوْصُولٍ اسْمِيٍّ أَوْ حَرْفيٍّ نحو قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِن الكُنُوزِ مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بالْعُصْبَةِ} (الآية "76" من سورة القصص "28" ) فـ "ما" : موصولُ اسميٌّ، وَوَجَبَ كَسْرُ همزة "إن" بعدَها لوُقُوعِها في صَدْر الصِّلة بِخِلاَفِ الوَاقعةِ في حَشْو الصِّلةِ نحو : "جاءَ الَّذِي عِنْدي أَنَّه فَاضِلٌ" ومثلُه قولهم" لا أفعَلُه مَا أنَّ حِرَاءَ مكانه"(حراء: جبل بمكة، وفيه الغار الذي كان يتعبد فيه النبي صلى الله عليه وسلم. فتُفْتَح "أنَّ" فيهما لوُقُوعِها في حَشْوِ الصِلة، إذ التقدير: لا أفعلُه ما ثَبتَ أنَّ حِرَاءَ مكانَه، فَلَيْستْ "أنَّ" في التقَّدير تاليةً للمَوْصُول الحَرْفي، لأنَّها فَاعلٌ بفعلٍ مَحْذُوف، والجُملةُ صِلَةٌ و "ما" المَوْصُول الحَرْفي.
(5) أَنْ تقعَ بعدَ "حَتَّى" تقول: "قد قالَه القومُ حَتَّى إنَّ زَيْداً يقولُه". وانطلَقَ القومُ حَتَّى إنَّ زَيْداً لَمُنْطَلِقٌ" فحتَّى هَهُنا لا تعملُ شَيئاً في" إنَّ" كما لا تَعْملُ "إذا" كَما يقولُ سيبويه: ولو أرَدْتَ أن تقولَ: حتَّى أنَّ، في ذا الوضع، أي حتى أن زيداً مُنْطلق كنت مُحِيلاً، لأَنَّ أنَّ وصِلَتَها بمنزلِة الانْطِلاق ولو قُلْتَ: انْطلق القومُ حتَّى الانْطِلاقِ كان محالاً.
(6) أَنْ تَقَعْ جَوَاباً لقَسم نحو: {حَم وَالكِتَاب المُبِين، إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَة} (الآية "2 - 3" من سورة الدخان "44")
(7) أنْ تكونَ مَحْكِيَّةً بالقَول(فإن وقعتْ بعد القول غير محكية فتحت نحو" أخصُّك بالقول أنك فاضل". ) نحو{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} (الآية "30" من سورة مريم "19" )
(8) أنْ تَقَعَ حَالاً نحو{ كَمَا أَخْرَجَك رَبُّك مِنْ بَيْتِك بالحَقِّ وَإنَّ فَرِيقاً مِنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُون} (الآية "5" من سورة الأنفال "8" . )
(9) أن تقعَ صِفَةً نحو "نظَرْتُ إلى خَالِدً إنَّهُ كَبِيرٌ".
(10) أنْ تَقَعَ بعدَ عَاملٍ عُلِّقَ بلام الابْتِدَاء التي يُسمُّونها المُزَحْلَقَة نحو: { واللِّه يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسُولُهُ} (الآية "1" من سورة المنافقين "63" أي أن اللام في "لرسوله" سببٌ في كسر همزة إنَّ لأنّ اللام المزحلقة لا تكون في خبر "إن" مفتوحةِ الهمزة.
(11) أن تَقَعَ خبراً عن اسم ذات نحو: "مَحمَّدٌ إنه رَسُول الله".
(12) في بابِ الحَصْرِ بالنَّفْي وإلاَّ، بمعنى الأمثلة الآتية تقُول: "ما قَدِم علينا أميرٌ إلاَّ إنَّه مُكْرِمٌ لَنَا". لأنه ليس هَهُنا شيءٌ يَعملُ فيإنَّ ولا يَجُوزُ أنْ تكونَ أنَّ، وإنَّمَا تٌرِيدُ أنْ تقول: ما قَدِم علينا أمِيرٌ إلّا هُو مُكرِمٌ لنا. وقال سبحانه: { وَمَا أرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلينَ إلّا إنَّهم لَيَأكُلُون الطَّعام} (الآية "20" من سورة الفرقان "25" ) ومثل ذلك كُثّيرٍّ:
ما أعْطَيَانِي ولا سَأَلْتُهُمَا *  إلاّ وإني لَحَاجِزِي كَرَمِي
وبغير معنى ما تقدَّم مِنَ الحَصْر تقول: " ما غَضِبتُ عَليكَ إلْا أنَّكَ فَاسِقٌ" وهذا بفتح همزة أن.
[8] مواضع جَوازِ كَسْر "إن" وفتحها: يَجُوزُ كَسْرُ هَمْزةِ "إن" وفَتْحُها في تِسْعِة مَواضِع:
(1) أَنْ تَقَعَ بعدَ فاءِ الجَزَاءِ نحو: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وأَصْلَحَ فإنَّهُ غَفُورٌ رحيم} (الآية "54" من سورة الأنعام "6" ) قُرئ بكسر "إن" وفتحها، فالكَسْرُ على مَعْنَى: فهُو غَفُورٌ رحيم، والفتحُ على تقدير أنها ومَعْمُولَيْها مُفْرَدٌ خَبرُهُ مَحْذُوفٌ، أيْ فالغُفران والرَّحْمة حَاصِلان.
(2) أن تقعَ بعدَ "إذا" الفُجائية كقول الشاعر وأنْشَدَه سِيبَويه:
وكُنْتُ أرى زَيْداً كَما قِيلَ سَيِّداً *  إذا أَنَّه عَبْدُ القَفَا واللِّهازمِ("أرى" بضم الهمزة: بمعنى أظن يتعدى إلى اثنين و "الهَّهازِم" جمعُ لِهْزمة بكسر اللام: طرفُ الحلْقوم فكسر "إن" على معنى" فإذا هو عبد القفا" والفتح على معنى "فإذا العبودية" أي حاصلةٌ.
(3) أنْ تَقَعَ في مَوْضِعِ التَّعليل، نحو: {إِِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْل نَدْعُوه أَءِنَّه (قرأ نافع والكسائي بفتحِ "أن" على تقدير لام العِلة، وقرأ الباقون بالكَسْر، على أنه تعليل مستأنف) هو البَرُّ الرَّحيم} (الآية "28" من سورة الطور "52") ومثله قوله تعالى: { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ِأَنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} (الآية "103" من سورة التوبة "9" ) ومثله "لَبَّيْكَ إِأَنَّ الحمدَ والنِّعْمَةَ لَكَ" بفتح "إن" وكسرها.
(4) أن تقَعَ بعد فَعْلِ قَسَم، ولا لامَ بعدَها كقول رُؤبة: أوْ تَحْلِفِي بَربِّكِ العَلِيّ *  إِأَنِّي أَبُو ذَيَّالِكِ الصَّبِيِّ
يُرْوَى بكسرِ "إِأَنَّ" وفَتْحِها، فالكَسْرُ على الجَوَابِ لِلْقَسَم(والبصريون يوجبونه) والفتح بتقدير "عَلى أَني" و "أنّ" مُؤَوَّلَة بمصدرٍ عند الكسائي والبَغْدَاديين.
(5)أنْ تَقَعَ خَبَراً عن قَولٍ، ومُخْبَراً عَنْهَا بِقَوْل (المراد من القول الأول: لفظ القول والمراد بالثاني: أن اللفظ مما يقال قولاً مثلاً: "إني أحمد الله" فإنها تقال قولاً عملاً، بخلاف "إني مؤمن" فالإيمان تصديق بالقلب لا قول باللفظ. )، والقائِلُ واحِدٌ، نحو "قوْلِي أَإِني أَحْمَدُ اللَّه" بفتح إنَّ وَكَسْرها فإذا فتحتَ فَعَلى مَصْدريةُ "قَوْليط؟؟ أي قَوْلي حَمْداص؟؟ لله، وإذا كسرتَ فعلى معنى المقول، أي" مقُولي إني أحمد الله" فالخبر على الأول: مفردٌ، وعلى الثاني جملةٌ مُسْتغنية عن العائد لأنها نفس المبتدأ في المعنى.
ولو انْتَفَى القولُ الأَوَّل وجَبَ فَتْحُها نحو "عمَلي أَنَّي أحْمَدُ الله" ولو انْتَفَى القَوْلُ الثاني وَجَبَ كَسْرُها نحو" قَوْلِي إني مُؤْمِن". فالقَولُ الثاني "إني مُؤمن" والإيمان لا يُقال لأنه عقيدةٌ في القلب.
ولو أخْتَلفَ القائلُ وَجَبَ كَسْرُها نحو: "قَوْلي إنَّ هِشَاماً يُسِّبحُ رَبَّه".
(6) أَنْ تَقَعَ بَعْدَ "وَاوٍ" مَسْبُوقةٍ بِمُفْرَدٍ صَالحٍ للعطفِ عَلَيْه نحو: {إِِنَّ لَكَ أَلّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وأَنَّك}(قرأ نافعُ وأبو بكر بكسر "إن" إمَّا على الاستئناف، وإما بالعطف على جُمْلة "إن" الأولى، وقرأ الباقون بالفَتحُ عطفاً على "ألاَّ = تجوعَ " والتقدير: إنَّ لَك عدمَ الجوعِ وعدَمَ الظمإِ. {لاَ تَظْمَؤُ فيها ولا تَضْحىْ} (الآية "119 - 120" من سورة طه "20" )
(7) الأكْثَر أن تُكْسَرَ "إن" بعد حَتى، وقد تُفْتَح قَلِيلاً إذا كانت عاطِفَةً، تقول: "عَرَفْتُ أمُورَك حتى أنَّك حَسَنُ الطَّويَّة" كأنَّك قلتَ: عَرَفْت أمُورَكَ حتَّى حُسْنَ طَوِيَّتك، ثُمَّ وَضَعْتَ أنَّ في هذا المَوْضِع.
(8) أن تَقَعَ بعدَ  "أما" (أنظر "أما"  في حرفها) نحو "أما أَإِنَّكَ مُؤَدَّبٌ" فالكَسْر على أَنَّها حرفُ استفتاح بمنزلة "أَلاَ" والفَتْح على أنها بمعنى " أَحَقاً" وهو قَلِيل.
(9) أنْ تَقَعَ بَعدَ "لا جَرَمَ"(انظر "لاجرم" في حرفها) والغالِب الفتح نحو{ لاَ جَرمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَم} (الآية "23" من سورة النحل "16" ) فالفتْح على أنَّ جَرمَ فعل ماضٍ مَعناه وَجَبَ و "أنَّ" وصِلتُها فاعل، أيْ وَجَبَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَم، و "لاَ" زائدةٌ، وإمّا على أَنَّ "لاَ جَرمَ" وَمَعْنَاهَا "لا بُدَّ" و "منْ" بَعْدَهُمَا مُقَدَّرَةٌ، والتَّقدِيرُ: لا بُدَّ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يَعلَم.
والكَسْرُ على أَنَّها مُنَزَّلَةٌ مَنزِلَةَ اليَمينِ عِنْد بعضِ العَرَب فيقول: "لاَ جَرَمَ إنَكَ ذاهبٌ". (=لا جرم).
[9] المختارُ أنّ اسْمَ إنَّ مَعْرِفَةٌ وَخَبَرها نكرةٌ. إذا اجْتَمع في اسمِ إنّ وأَخَواتِها وَخَبَرِها فالذِي يُخْتَارُ أَنْ يَكونَ اسْمُها مَعْرِفَةً لأنَّها دَخَلَتْ عَلى الابْتِدَاء والخَبَر، ولا يكونُ الاسمُ نكرةً إلاَّ في الشّعر نحوَ قَولِ الفَرَزْدَق:
وإنَّ حَرَاماً أَنْ أَسُبّ مُقاعِساً *  بآبائي الشُّمِّ الكِرَام الخَضَارِم(الخَضَارِم: جمع خَضْرِم: وهو الجواد المعطاء.
وقول الأعشى:
إنَّ مَحَلاًّ وإنَّ مُرْتَحَلاً *  وإنَّ في السَّفْرِ إذْ مَضَى مَهَلا(المعنى: إنَّ لنا في الدنيا حُلولاً وإن لنا عنها ارتحالا.
[10] حذف خبر "إن"
قَدْ يُحذَفُ خَبَرُ "إن" مَعَ المَعْرِفَةِ والنكِرِةِ للعِلْمِ به، يقول الرَّجُلُ للرجل: "هَلْ لكُم أحَدٌ؟ إنَّ النَّاسَ إلْبٌ عَلَيْكم" فيقول: "إنَّ خالداً وإنَّ بكراً" أي : لنا، وإنَّما يُحذَف الخَبَر إذا عَلِمَ المُخَاطَبُ مَا يَعْنِي بأنْ تقدَّم ما يُفْهِم الخَبَر، أو يَجرِي القَولُ عَلى لِسانِه.
[11] "ما" الزَّائِدة:
تَتَّصل "ما" الزَّائِدةُ وهي الكَافّةُ بـ "إنَّ وأَخَواتها"(إلا "لا" النافية للجنس، و "عسى" بمعنى لعل فإنها لا تدخلُ عليها "ما" الكافَّة. ). فَتكُفُّها عَن العَمَل وتُهَيِّئُها للدُخُولِ على الجُمَل الفِعْليَّة نحو: {قُلْ إنَّمَا يُوحَى إلَيَّ إَنَّما إلهُكُمْ إلهٌ واحدٌ} (الآية "108" من سورة الأنبياء "21") { كَأَنَّما يُسَاقُونَ إلى المَوْتِ} (الآية "6" من سورة الأنفال "8" )
[12] العَطْفُ على اسمِ إن وأخَواتِها: لَكَ في هذا العَطْفِ وَجْهان: النصبُ عَطْفاً على اسمِ إنَّ نحو قَوْلِك: "إنَّ زيداً مُنْطَلِقٌ وعَمْراً مُقِيمٌ" وعلى هذا قَرَأ مَنْ قَرَأ والبَحْرَ بالفتح من قوله تعالى: { ولو أنَّ مَا فِي الأرضِ مِنْ شَجرَةٍ أقْلَامٌ، والبَحْرَ يَمُدُّه مِنْ بَعْدِه سَبْعةُ أبْحُر} (الآية "27" من سورة لقمان "31" ) وقد رَفَعَ آخَرُون: والبَحْرُ: والواوُ لِلْحَال. وعلى هذا قَوْلُ الرَّاجِزِ وَهُو رُؤْبَةُ بنُ العَجَّاج:
إنَّ الرَّبيعَ الجَوْدَ والخَريفَا *  يَدَا أبي العَبَّاسِ والضُّيوفَا
والوَجْهُ الآخَرُ: عَطْفُه على الابْتِداء الذي هو اسمُ إنَّ قبلَ أَنْ تَدخلَ عليه إنَّ تقول: "إنَّ زيداً مُنْطَلقٌ وسَعِيدٌ. وفي القرآن الكريم مثله: { إنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ المُشْرِكين وَرَسُولُه} (الآية "3" من سورة التوبة "9" ) . وقال جرير:
إنَّ الخِلافَةَ والنُّبوَّةَ فِيهمُ *  والمُكْرَمَاتُ وسَادَةٌ أَطْهارُ
وإذا قلت: "إن زَيْداً مُنْطَلِقٌ لا عَمْرٌو" فتَفْسِيره مَعَ الوَاوِ فِي وَجْهَي النَّصْبِ والرَّفْع، واعْلم أنَّ لَعَلَّ وكَأَنَّ ولَيْتَ يَجوزُ فِيهنَّ جميعُ مَا جَازَ في "إن" إلاَّ أنَّه لا يُرْفَعُ بعدَهُن شَيْءٌ على الابْتِدَاء.
وَلَكِنَّ بمنزلةِ "إن"
وتقُول: "إنَّ زَيداً فيها لاَ بَلْ عَمْرٌو". وإنْ شِئْتَ نَصبتَ: أي: لاَ بَلْ عَمْراً.
* أنَّ:
من أَخَوَاتِ "إن" وتَشْترِكُ مَعها بأحْكَامٍ: (=إنَّ وأخواتها) وتختصُّ بأَنها تُؤوَّلُ معَ ما بَعْدَها بمَصْدر، وذلكَ حَيْثُ يَسُدُّ المَصْدَرُ مَسَدَّها ومَسَدَّ مَعْمُولَيْها. وَمَوَاضِعُ فَتحِ هَمْزَتِها ثَمَانِيَة وهي أنْ تكونَ:
(1) فَاعِلَةً نحو: { أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} (الآية "51" من سورة العنكبوت "29" ) أَيْ إنْزَالُنا.
(2) نَائِبةَ عنِ الفاعل نحو: { قُلْ أُوحِيَ إليَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} (الآية "1" من سورة الجن "72")
(3) مَفْعُولَةً غيرَ مَحكِيَّةٍ بالقَوْلِ نحو: { وَلاَ تَخَافُونَ أنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ باللهْ} (الآية "81" من سورة الأنعام "6" ).
(4) مُبْتَدأ نحو: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً} (الآية "39" من سورة فصلت "41" ). ومنه { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ} (الآية "143 - 144" من سورة الصافات "37" ). والخبرُ محذوف وُجُوباً(لأنه بعد "لولا" يقول ابن مالك "وبعد لولا غالباً حذف الخبر"). أي ولولا كَوْنُه من المُسَبِّحين مَوْجُودٌ أو وَاقِعٌ.
(5) خَبَراً عَنِ اسْمِ مَعْنىً، غيرِ قَوْلٍ، ولا صَادِقٍ عليه خَبرُ "أنَّ" نحو: "اعْتِقَادي أَنَّ محمداً عَالِمٌ"(اعْتِقَادِي: اسمُ مَعْنىً غير قولٍ، ولا يَصْدقُ عليه خبر "أن" لأن "عالم" لا يصدُقُ على الاعتقاد، وإنما فتَحتَ لِسَدِّ المَصْدر مَسَدَّها ومَسَدَّ مَعْمُولَيْها، والتقدير: اعْتِقَادي عِلْمُهُ، بخلافِ "قَوْلي" أنه "فَاضِل" فيجِبُ كسرُها، وبخلافِ "اعْتِقاد زيدٍ إنه حق" فيجب كَسْرها أيضاً، لأنَّ خَبَرَها وهو "حقٌ" صَادقٌ على الاعتقاد.
(6) مجرورةً بالحَرفْ نحو: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ} (الآية "6" من سورة الحج "22" )
(7) مَجْرُورةً بالإِضَافَةِ نحو: {إنَّهُ لَحَقٌ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُون} (الآية "23" من سورة الذاريات "51"). أي: مِثْلَ نُطْقِكُمْ و "ما" زائِدَة.
(8) تابعةً لشيءٍ ممَّا تَقَدَّم، إمَّا على العَطْفِ نحو: {اُذكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُم وَأَنَّيَ فَضَّلْتُكُمْ عَلى العَالَمِينَ} (الآية "40" من سورة البقرة "2" ) والمَعْنَى: اذكُرُوا نِعمتي وتَفَضُّلي، أَوْ عَلى البَدَلِيَّةِ نحو: {وَإذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إحْدَى الطَّائِفَتيْن أَنَّها لَكُمْ} (الآية "7" من سورة الأنفال "8" ) فـ "أَنَّها لكُمْ" بدل اشْتِمال من إحْدَى. والتقديرُ: إحْدَى الطَّائِفَتْين كَونُهَا لكُم.
(9) بعدَ حَقّاً، وذلك قولك: "أَحَقّاً أنَّك ذاهبٌ" و "ألْحقَّ أَنَّكَ ذَاهبٌ" وكذلكَ في الخبر إذا قلت: "حَقّاً أَنَّكَ ذاهِبٌ" و "الحَقُّ أَنَّكَ ذَاهِبٌ" وكذَلِكَ: "أأكْبَرُ ظَنِّكَ أَنَّكَ ذَاهِبٌ" ونَظِير أَحَقّاً أنك ذَاهِبٌ قولُ العَبْدِي:
أَحَقّاً أنَّ جِيرَتَنَا اسْتَقَلُّوا *  فَنِيَّتُنا ونِيَّتُهُمْ فَرِيقُ
وقال عمر بن أبي ربيعة:
أألْحَقَّ أنْ دَارُ الرَّبَاب تَبَاعَدَت *  أوِ انْبَتَّ أنَّ قَلْبَك طائِر
(10) بعد لا جَرَم نحو قوله تعالى: {لا جَرَم أنَّ لَهُمُ النَّارَ} (الآية "62" من سورة النحل "16" ) ومعناها: لقد حَقَّ أنَّ لهم النار، وهناك كثيرُ من التَّعَابير بِمَعْنَى حقاً تُفْتح أنَّ بعْدَها، فتَقُول مثلاً "أمَّا جَهْدَ رَأْيي فَأَنَّكَ ذَاهِبٌ" ونحو" شَدَّ مَا أَنَّكَ ذَاهِبٌ" وهذا بِمَنْزِلَةِ: حَقّاً أَنَّك ذَاهِبٌ، وتقول: " أَمَّا أَنَّكَ ذَاهِبٌ" بمنزلَةِ حَقّاً أنَّك ذَاهِبٌ، ومثلُ ذلك قولُه تعالَى:
{ إنه لحَقٌ مثل ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُون} (الآية "23" من سورة الذاريات "51") وتَقْبَل هَمزة "إن" الفتح والكسر في مواضع(=إنَّ وأخواتها).
وقد تخفف "أنَّ" فتكونُ مُخَفَّفة من الثقيلة(=إنْ المخففة من الثقيلة).
أَنَّ حَذْفُ حرف البحر قَبْلها قِيَاساً (= اللازم 4).
أنَّ باعتبَارها مصدرية(1 و 2) (=الموصول الحرفي).
أنا ضميرٌ مُنْفَصِل للمُتَكَلِّم وَحْدَهُ خاصٌّ بالرفع(=الضمير).
إنَّهْ - من أَحْرُفِ الجَوَابِ، فَهُو بمنزِلِةِ: أَجَلْ، وإذا وصَلْتَ قلتَ: "إنَّ يا هذا" قال عبد الله بن قيس الرُّقَيَّات:
بَكَرَ العَوَاذِلُ في الصَّبُو *  حِ يَلُمْنَنِي وأَلُومُهُنَّهْ
ويَقُلْن شَيْبٌ قَدْ عَلا *  كَ وقد كَبِرتَ فَقُلْت إنَّه(أو معناه : إنه الشيب. على حذف الخبر المفهوم من السياق. (=أحرف الجواب)
* أَنَّى الاسْتِفْهَامِيَّة:
تَأْتِي بمَعْنَى "مِنْ أَيْنَ" نحو: { أَنّى لَكِ هَذَا} الآية "37" من سورة آل عمران "3" ) أيْ من أيْنَ لكِ هَذَا وتَأْتِي بمعنى " كَيْفَ" نحو: { أَنَّى شِئْتُمْ} (الآية "223" من سورة البقرة "2" ) . والمعنى : كَيْفَ شِئْتم ومَتى شِئْتُمْ وحيثُ شِئْتُمْ فتكونُ "أَنَّى" على أربعة مَعَانٍ.
* أَنَّى الشرطيَّة:
هي مِنْ أَدَوَاتِ المُجَازَاةِ، وهي اسمُ شَرْطٍ جَازِمٍ يُجزَمُ بها فِعْلَانِ، وهِيَ من ظُرُوفِ المَكَان بِمَعْنَى "أَيْنَ". واستَشْهد عليها سيبويه بقَول لَبِيد:
فأصْبَحْتَ أَنَّى تَأتِها تَلْتَبٍسْ بها *  كِلاَ مَرْكَبيْك تَحْتَ رِجْلَيْكَ شَاجِرُ(معنَى تَلْتبس : تَنْشَب، شَاجِرِ، مُضْطَرِب. قال ابن السيد: العرب تشبه التَّنَشُّب في العظائم بالرُّكْوبِ على المَراكِب الصَّعْبة. ) (=جوازم المضارع 3).
* أَنْبَأ: من الأفْعالِ التي تَتَعدَّى إلى ثَلاَثَةِ مَفَاعيل تَقُولُ: "أَنْبَأْتُ زَيْداً أَخَاه قَادِماً. وقال الأعْشَى مَيْمون بن قَيْس:
أُنْبِئْتُ قَيْساً ولم أَبْلُه *  - كما زَعَموا - خَيْرَ أهلِ اليَمَنْ
(=المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل).
* أَنَتِ : وفُرُوعُها: أَنْتُمَا أَنْتُم أَنْتُنَّ ضمائرُ رفعٍ مُنْفَصِلة. (=الضمير 5).
* أَنْشَأَ: فعلٌ مَاضٍ يدُلُّ على الشُرُوع، وهي من النَّواسِخِ، يَعْمَلُ عَمَلَ "كانَ" إلاَّ أنَّ خَبَرَها يجبُ أنْ يَكُونَ جملةً فِعليَّةً مُشْتَمِلةٍ على فِعلٍ مُضارعٍ فاعلُه ضميرٌ يَعودُ عَلَى الاسمِ، مجرَّدٍ من "أَنْ"(ذلك لأن أفعال الشروع للحال و "أن" للاستقبال) وهي مُلاَزِمةٌ للمَاضِي نحو "أَنْشَأَ خَالِدٌ يَبْني بيته" فكلمة "يَبْني" مُضارعٌ وفاعِلُها ضميرٌ يعودُ على الاسم وهو خالد.
* أَنَّما: كُلُّ مَوْضِعٍ تَقَعُ فيه: "أنَّ" تَقَعُ فيه: " أنَّ" تَقَعُ فيه أَنَّما وَمَا ابْتُدِئَ بَعْدَها صِلَةٌ لها - ولا تكونُ هي عامِلَةً فِيمَا بَعْدَهَا، كما لا يَكون الذي عَامِلاً فيما بعده فمن ذلك قوله عز وجل : {قُلْ إنَّما أنا بشرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إليّ أنَّمَا إلهُكُمْ إلهٌ وَاحِدٌ} (الآية "110" من سورة الكهف) وقال الشاعر ابنُ الإِطْنَابة:
أبلغِ الحَارِثَ بنَ ظَالِمٍ المَوْ *  عِدَ والناذِرَ النُّذُورَ عَلَيَّا
أَنَّما تَقتُلُ النِّيَامِ وَلاَ تَقْ *  تُلُ يَقْظَان ذا سلاحٍ كَمَّيا
فإنَّما وقعتْ "أَنَّما" هَهُنا لأَنَّكَ لَوْ قُلتَ: " يُوحَى إليَّ أنّ إلهكم إلهٌ وَاحِدٌ" و "أنَّك تَقْتُل النِّيامَ كان حَسَناً" وإنْ شِئْت قُلتَ: إنما تَقْتُل النِّيام، على الابْتداء.
* إِنَّما: أَصْلُها "إن" ودَخَلَتْ عليها "مَا" الزَّائدةُ فكَفَّتْها عن العملِ، واختلَفَ مَعنَاها، وهي لتَحقيق الشيءِ عَلى وَجْهٍ مع نَفْي غيرهِ عنْه، وهذا مَعنى الحَصْر.
يقول سيبويه: واعلَمْ أنَّ الموضِعَ الذي لا يَجُوزُ فيه "أنَّ" لا تكون فيه "إنما" ويقول: ولا تكون إلا مُبْتَدَأَةً، قال كُثيَّر:
أُرَاني ولا كُفْرانَ للَّهِ إنما *  أُوَاخِي مِنَ الأقوَام كُلَّ بَخِيلِ
* أَها: حِكايةُ صَوْتِ الضَّحِك، عن ابنِ الأَعْرابِي وأنْشَدَ:
أَهَا أَهَا عندَ زادِ القَوْمِ ضِحْكَتَهُم *  وأنتمُ كُشُفٌ عِند الوَغَى خُورُ
* أَهْلاً وسَهْلاً: كَلِمَتَا تَرحيبٍ والأصْلُ فيهما: أصَبْتَ أهْلاً لا غُرَباءَ ووَطِئْتَ سَهْلاً، وَهُمَا في مَحَلِّ نَصْبٍ مفعولٍ لفعلٍ مَحْذُوف.
* أَوْ:
[1] حَرْفُ عَطْف، وهِيَ لأِحدِ الأَمْرَيْن عند شَكِّ المتَكِّلمِ أو قَصْدِه أحدهما، فالأَوَّلُ وهو الشَّكُّ نحو" جَاءَني رَجُلٌ أو امْرَأةٌ".
والثاني وهو قصدُ أَحدِ الأمْرَيْن ويكون بعدَ الطَّلَب نحو "تزَوَّجْ هِنْداً أو أخْتَها" أي لا تَجْمَعْ بَيْنِهُمَا ولكِنْ اخْتَرْ أيَّهُمَا شِئْت، وكذلك اعْطِنِي دينَاراً أو اكْسُني ثَوْباً.
ويكون لها أيضاً موضعٌ آخَرُ وهو الإبَاحة، وذلك قولك: "جالِسِ الحَسَن أو ابْنَ سِيرين" أي قد أذِنْتُ لك في مجالسة هذا النوع من الناس، فإن نَهَيْتَ عن هذا قلتَ: لا تُجَالِسْ زَيْداً أو عَمراً، أي لا تُجالِسْ هذا الضَّرب من الناس، وعلى هذا قول الله عز وجل: { وَلاَ تُطِعْ مُنْهُمْ آثِماً أو كَفوُراً} (الآية "24" من سورة الدهر "76". ) وَتَأْتِي  "أو"  للشّكَّ أو للإِبْهَامِ على المُخَاطَب، نحو: "{وَإِنَّا وإِيَاكُمْ لَعَلَى هُدىً أو في ضَلالٍ مُبِين} (الآية "24" من سورة سبأ "34" ) أَوْ لِلْتَّفْضِيل نحو: {وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارى } (الآية "135" من سورة البقرة "2" ) أو "للتَّقْسِيمِ" نحو "الكَلِمَةُ": اسْمٌ أَوْ فِعْلٌ أو حَرْفٌ"، وتكونُ بمعنى "الواو" عِنْدَ أَمْنِ اللَّبْسِ كقول حُمَيْد بن ثَوْر الهلالي الصَّحابي:
قّوْمٌ إذا سَمِعُوا الصريخ رأيتَهم *  مَا بَيْنَ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أو سَافِعِ(الصريخ: المستغيث، السافع: الآخذ بناصية فرسه،  "أو"  هنا بمعنى واو، لأن "بين" لا يعطف فيها إلاّ بالواو. )
[2] وَقَدْ تَكونُ "أَوْ " للإضراب كـ "بَلْ" وذلكَ بشَرْطَين: تَقَدُّمُ نَفْي أو نَهْي وإعَادَةُ العامِلِ نحو "مَا غَابَ عَلِي أو غَابَ مُحمَّدٌ" ونحو" لاَ يَقُمْ زَيْدٌ أو لا يَقُمْ مُطْلَقاً احتجاجاً بقول جرير:
ماذا تَرَى في عِيَالٍ قدْ بَرِمْتُ بهم *  لمْ أُحْصِ عِدَّتَهُمْ إلاَّ بعَدَّادٍ
كانوا ثمانِينَ أَوْ زادوا ثَمَانِيِةً *  لَوْلاً رَجَاؤُكَ قَدْ قَتَّلْتُ أوْلاَدِي
* أوْ: يَنْتَصِبُ المُضَارِعُ بأنْ مُضْمَرةً وُجُوباً بعد" أوْ" تقول: " لاَلْزَمَنَّك أو تُعْطِينَي حَقّي" كأَنَّه يَقول: لَيَكُونَنَّ اللُّزُومُ أوْ أنْ تُعْطِيَني. وَمَعْنَى مَا انْتَصَبَ بعد "أو"  على "إلاَّ أنْ" وعلى هذا قول امرئ القَيْس:
فَقُلْتُ له لا تَبْكِ عينُك إنَّما *  نُحاوِلُ مُلكاً أو نَموتَ فَنُعْذَرا
وقال زيادُ الأعجم:
وكُنْت] إذّا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَوْمٍ *  كَسَرْتُ كُعُوبَهَا أو تَسْتَقِيمَا
والمعْنَى فِي البيتَيْن: إلاَّ أنْ نَمُوتَ فُنُعذَر، وكَسَرتُ كُعُوبَها إلاَّ أنْ تَستَقيما(هذا البيت من أبياتٍ ثلاثةٍ قَافِيتُها مَكْسُورةُ الآخِرِ إلاّ البيت الشّاهد ففيه إقْواء على الرفع وسيبويه روى البيت بالنصب وجعلَه شَاهِداً عليه. )
وقال سيبويه: ولو رَفَعْتَ لكَانَ عَرَبِيَّاً جائِزاً على وَجْهَين: على أَنْ تُشرِكَ بينَ الأَوَّل والآخِرِ، وعلى أنْ يكونَ مُبْتَدأ مَقْطُوعاً من الأَوَّل، وعلى هذا فيكونُ تأويلُ قَولِ امْرِئ القَيْس: أو نَحْن مِمَّن يموتُ فيُعذَرُ وقال عز وجل: {سَتُدْعَوْن إلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَديدٍ تُقَاتِلُونهم أو يُسْلِمُون} (الآية "16" من الفتح "48") إن شِئْتَ على الإِشْراك - أي بأن تَعْطِفَ بـ " أو" يُسلِمُون على تُقَاتِلونهم - إنْ شِئْت على تَقْدير: أو هُمْ يُسْلِمُون.
وكلمة "أو"  إذا كَانَتْ للشَّك، أو للتَّقْسِيم، أو التَّفصِيل، أو الإِبْهام، أو التَسْوِية، أو التَّخيير، أو بمعْنى "بل" أو "ألى؟؟" أو "ألاّ" أو "كَيْف" أو "الواو" كَانَتْ عَاطِفَةً ساكنة.
وإذا كانَتْ لِلْتَّقْرير أو التَّوضِيح، أوِ الرَّدِّ، أو الإِنْكَارِ، أو الاسْتِفْهَام، كانت مَفْتُوحةً كقوله تعالى: { أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهم لا يَعْلمُون} (الآية "104" من سورة المائدة "5" )
* أَوْشَكَ:
[1] كلِمةٌ تَدُلُّ على قُرْبِ الخَبَر، وهي فِعْلٌ مَاضٍ من النَّواسِخ تَعْمَلُ عَمَلَ "كان" إلاَّ أَنَّ خَبَرَهَا يَجِبُ أنْ يكونَ جملةً فِعْلِيةً مُشْتَمِلةً على مُضَارِعٍ يَغْلِبُ فيه الاقْتِرَانُ بـ "أَنْ" وفَاعِلُه ضَمِيرٌ يَعُودٌ على الاسْمِ نحو قول الشاعر:
وَلَوْ سُئِلَ النَّاسُ التُّرابَ لأَوْشَكُوا *  إذا قِيلَ هَاتَوا أنْ يَمَلُّوا ويَمْنَعُوا
ويُسْتَعْمَلُ لأوْشَكَ: الماضِي والمُضارعُ وهوَ أكْثَرُ اسْتِعْمالاً مِن مَاضِيها، واستُعْمل لها اسمُ فاعِلٍ وهو نادر وذلكَ كقَول كُثَيرِّ عَزَّ:
فَإِنَّكَ مُوشِكٌ أَلاَّ تَرَاهَا *  وَتَعدُو دُونَ غَاضِرةَ العَوادِي(غَاضرة: جاريةُ أم البنين بنت عبد العزيز بن مَرْوان، العوادي: عوائق الدهر. )
[2] وقد تَأْتي "أوشكَ وعسى واخلولق" تامَّات، وذلك بجواز إسنَادهنَّ إلى "أنْ يَفْعلَ" ولا تحْتَاجُ إلى خَبرٍ منصوب نحو" أَوْشَكَ أنْ يحْضرَ المعلمُ الدرسَ" وينبني على هذا حكمان (= أفعال المقاربة).
* أَوَّل: أَوَّل الشَيءِ: جُزْؤه الأَسْبَق وهو "أفْعَل" ومُؤنَّثه "أولى" وله اسْتِعْمالاَنِ:
(أحدُهُما) أنْ يكونَ اسماً فينصَرِف، ومنه قولهم "مَاله أولٌ ولا آخِرٌ" وهذا - كما قال أبو حيان - يؤنث بالتاء فتقول: "أوَّلَةٌ وآخِرةٌ" بالتنوين:
(الثاني) أن يكونَ صِفةً على وزن "أفْعل" تفضيل، من دُخُولِ "مِنْ" عَلَيه، ومنع الصرف وعدمه.
أمَّا إعرابه فله جميعُ أحوالِ أسماءِ الجهات، (=قبل).
* الأُولى: مَقْصُوراً بدُونَ مدِّ الواو - اسمُ موصولٍ لجمع المذكَّر العَاقِل كَثيراً، ولغيره قليلاً قال الشاعر:
رَأَيْتُ بَني عَمِّي الأُوْلَى يَخْذُلُونَني *  عَلى حَدَثانِ الدَّهْرِ إذْ يَتَقَلَّبُ
ومن وقوعها لغير العَاقِل قولُ الشَّاعر:
تُهَيِّجُني للوَصْلِ أَيَّامُنَا الأُولى *  مَرَرْنَ علينَا والزَّمانُ وَرِيقٌ
* أولات: بِمَعْنَى صَاحِبَات مُلْحقٌ بجَمْعِ المُؤنَّث السَّالم ويُعْربُ إعْرَابَه. (= الجمع بألف وتاء مزيدتين 6 و 7).
* أولُو: جَمْعٌ بمعنى ذوُو أيْ أصْحاب لا وَاحِدَ له، وقيل: اسمُ جَمْعٍ واحِدُه "ذو" بمعنى صَاحب وهو مشنْ حيثُ إعرابُه بالحُرُوفِ مُلحَقٌ بجَمْعِ المذكَّرِ السالمِ. (=جمع المذكَّر السالم).
* أولاء: اسْمُ إشارَة لجَمعِ المذكَّر العَاقِل وقد يكُونُ لِغيرِ العاقلِ وقد تَسبِقُه "ها" للتَّنْبيه إنْ لمْ تكُنْ كافُ الخِطاب تقول: هؤلاء، وأُولئِكَ. (=اسم الإشارة).
أُولَيَّاء: تصغيرُ "أُولاءِ" (= التصغير 14)
أولَيَّاء: تصغير "أُولى" (=التصغير 14)
أَوَّهْ: اسمُ فعل مضارع بمعنى أَشْكُو وأَتَوَجَّعُ نحو" أَوَّهْ من تَسَاهُلِكَ" (=اسم الفعل 3).
إي: حَرْفُ جَوابٍ بمعنى "نَعَمْ" ويقالُ يمعنى "بَلَى" فيكونُ جَواباً لتصديقِ المُخْبِر والإعلامِ المسْتَخْبِرِ ولوعْدِ الطَّالبِ ولا تَقَعُ إلاَّ قَبْل القَسَم نحو "إي واللَّهِ" وإنْ شِئْتَ قلتَ "إي الله لأفْعَلَنَّ" أي واللهِ، ونُصبَتْ بنزَعِ الخَافِضِ وهُوَ واوُ القَسَم، ولا يُسْتَعمَل فِعلُ القَسَم بعد" أي" فلا يُقال: "إي أَقْسَمْتُ بِرَبّي" ولا يكونُ المُقسَمُ به بعدها إلاَّ " الرَّب، والله وَلَعَمْري" وفي ياء" أي" من "أي الله" ثَلاَثَةُ أَوْجُه: حَذْفُها للسَّاكِنَيْن وفَتْحُها تبييناً لِحَرْفِ الإيجاب، وإبْقاؤها سَاكِنَةً مع الجمعُ بينَ ساكنين.
* أَيْ: حَرْفُ تَفْسِير المُفْردات، تقول: "عِندي عَسْجَدٌ أيْ ذَهَبٌ" وما بَعْدَها عَطْفُ بَيَان على مَا قَبْلَها، أَو بَدَل، لا عَطْف نسق، وتَقَعُ تَفْسِيراً للجمل أيضاً كقوله:
وتَرْمِينَنِي بالطَّرْفِ أيْ أنتَ مُذْنِبٌ *  وتَقْلِينَني لكِنَّ إيَّاكِ لاَ أَقْلِي(لكن : أصلها هنا: لكن أنا على حد قوله تعالى{ لكن هو الله ربي} أي لكن أنا. ) وإذا وقَعتْ بعدَ كلمة "تَقُول" وقبل فعلٍ مُسْنَدٍ حُكِي الضَّميرُ نحو "تقولُ استكتمتُهُ الحديثَ أَيْ سألتُه كِتْمَانَه" بضم التاء من سألتُه ولو جِئْتَ بـ " إذا" التَّفْسِيريَّةٍ فَتَحْتَ التاءَ فقلتَ: "إذَا سألتَهُ".
أَيْ: حَرْفُ نِداءٍ للقريب وقيل للبَعِيد(هذا ما يقوله أكثر النحاة وفي السان: وأي حرف ينادى به القريب دون البعيد. ) قال كُثَيرِّ:
أَلَمْ تَسْمَعِي أيْ عَبْدَ في رَوْنَقِ الضُّحا *  بُكَاءَ حَمَامَاتٍ لَهُنَّ هَدِيرُ
أَيّ: أداةٌ تَاتِي على سِتَّةٍ أَوْجُهٍ:
-1 الاسْتِفْهام،
-2 التَّعَجُبٌ.
-3 الشَّرط.
-4 الكَمَال.
-5 المَوْصُول.
-6 النِّداء، وهَاكَهَا مُرتَّبَةً على هذا النَّسَق.
* أَيّ الاستفْهَامِيَّة: يُسْتَفْهَمُ بِهَا عَن العَاقِلِ وغَيْرِهِ وتَقَعُ عَلَى شَيْءٍ هِيَ بَعْضُه، لا تكونُ إلاَّ على ذلِكَ في الاستِفْهَام، نحو "أيُّ إخْوَتِكَ زَيْدٌ" فزيدٌ أحدُهُم.
ويَطْلبُ بها تعيينَ الشَّيْءِ، وتُضَافُ إلى النكرة والمعرفة نحو: {أَيُّكُمْ يَأتيني بِعَرْشِهَا} (الآية "38" من سورة النمل "27" ) ولا بُدَّ في كلِّ ما وَقَعَتْ عليه" أيّ" الاستفهاميّة من أنْ يَكُونَ تَفْسِيرهُ بهمزةِ الاستفهام و "أمْ" فتَفْسير" أيُّ أخَوايَكْ زَيدٌ" أَهَذَا أمْ هَذا أمْ غَيرهُمَا. وقد تُقْطَعُ عن الإضافة مع نِيَّةٍ المُضَافِ إليه، وحِينَئِذٍ تنَّون نحون "أَيّاً مِن النَّاسِ تُصَادِق؟" و "أيّ" الاستفهاميَّة لا يعملُ فيها ما قبلها، وإنما يُمْكِن أن يَعْملَ فيها ما بَعدَها قال الله عَزَّ وجَلَّ: { لِنَعْلَمَ أيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً} (الآية "12" من سورة الكهف "18" ) فَأَيُّ : رُفعَ بالابتداء، وأَحْصَى هي الخبر، وقال تعالى: { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون} (الآية "227" من سورة الشعراء "26" ) فـ "أَيَّ" هنا مفعولٌ مُطلَق لـ " يَنقلِبون" التَّقْدير يَنْقَلِبُون انْقِلاَباً أيَّ انْقِلابٍ، فعمل فيها ما بعدها.
* أَيّ التَّعَجُّبِيَّة: هي التي يُرادُ بها التَّعجُّبُ كقولك: "أَيُّ رَجلٍ خالدٌ" وأَيُّ"(من غير تاء التأنيث، وفي اللسان: إذا أفردوا "أياً" - أي لم يضيفوها ثنوها وجمعوها وأنثوها فقالوا: "أية" وأيتان وأيّات، وإذا أضافوها إلى ظاهر أفردوها وذكروها فقالوا" أي الرجلين" و "أي المرأتين" و "أي الرجال" و "أي النساء" وإذا أضافوا إلى المكني - أي الضمي - المؤنث ذكروا وأنثوا فقالوا : " أيهما وأيتهما". ) جَارِيَةٍ زَيْنَبٌ" ولا يُجازَى بـ " أَيّ" التَّعجُّبِيَّة.
* أَيّ الشَّرْطِيَّة: اسمٌ مُبْهَم فيه معنى المُجَازَاة ويَجزِمُ فِعْلَين، ويُضافُ إلى المَعْرفة والنَّكِرة نحو: { أَيَّما الأَجَلَيْنِ قَضَيتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ} (الآية "28" من سورة القصص "28" ). و "أيُّ إنسانٍ جَاءَكَ فاخْدِمْه".
وقد تُقْطَعُ عن الإضافَةٍ لفظاً مع نيَّة المضافِ إلَيْه، وإذْ ذَاك تُنَوَّن نحو: {أَيّاً مَّاً تَدْعُو فَلَهُ الأسْمَاءُ الحُسْنَى} (الآية "110" من سورة الإسراء "17" ).
ويجوزُ أن تَقْتَرِنَ بـ "مَا" كَما في الآية وتعرَبُ بالحَرَكَاتِ الثَّلاثِ على حَسَب العَوامِلِ المؤثِّرَةِ فيها.
وَقَدْ يَدْخُل عليها حَرْفُ الجَرِّ فَلاَ يُغَيِّرها عَن المُجَازاة نحو" عَلى أَيِّ دَابَّةٍ أُحْمَلْ أَرْكَب" وقد تكون "أَيّ" الشَّرْطِيَّة بمنزلة" الذي" إذا قصدت بها ذلك فيُرفع مَا بَعْدَهَا، تقول: "أَيُّها تَشَاءُ أُعْطِيك".
* أَيّ الكَمَالِيَّة: وهي الدَّالَةُ عَلَى مَعْنَى الكَمَال، فَتَقَعُ صِفَةً للنَّكِرَة نحو" عُمَرُ رَجُلٌ أيُّ رجُلٍ" أيْ كَامِلٌ في صِفَاتِ الرِّجال. وحَالاً للمعرفة كـ "مَرَرْتُ بعبدٍ اللَّهِ أَيَّ رَجُلٍ"
وَلاَ تُضَافُ إلاَّ إلى النَّكِرَةِ لُزوماً.
* أَيّ المَوْصُولَة: تأتي بمعنى " الَّذِي" وهي و "الذي" عَامَّتَان تَقَعَان على كلِّ شَيْءٍ، ولا بُدَّ لَها كَغَيْرها مِن أَسماءِ المَوْصُول مِن صِلةٍ وَعَائِدٍ وقدْ يُقدَّر العَائدُ وهِيَ مُعْرَبَةٌ تَعْتَرِيها الحَرَكاتُ الثَّلاثُ، إلاَّ في صورةٍ واحدةٍ تكُونُ فيها مَبْنِيَّةً على الضمِّ(هذا قولُ سيبويه، وعليه أكْثر النحاة البصريين وعند الخليل ويونس، والأخفش والزجَّاج والكُوفيين أن "أيّ" الموصولة مُعِرَبَةٌ مطلقاً أُضِيفَتْ أمْ لمْ تُضف، ذُكِرَ صدرُ صِلتِها أم حُذِفَ كالشَّرْطِية والاستِفْهَامِية. ) وذلِكَ إذا أُضِفَتْ وحُذِفَ صَدْرُ صِلَتِها نحو: {ثُم لَنَنْزِعَّن مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلى الرَّحْمَنِ عِتيّاً} (الآية "69" من سورة مريم "19" ) والتَّقْدِير: أَيُّهُمُ هُوَ أَشَدُّ.
ولا تُضَافُ المَوْصُولَةُ إلى مَعْرَفَةٍ وقد تُقْطَعُ عَنٍ الإِضافِة مع نِيِة المُضَاف إليه، وإذْ ذَاكَ تُنَوَّن نحو "يعْجِبُني أيٌّ هو يُعَلِّمني". ولا تُسْتَعملُ الموصولة مُبْتَدأً، ولا يَعْمَلُ فيها إلاَّ عَامِلٌ مُسْتَقبلٌ مُتَقَدِّمٌ عَليَها كَما فِي الآية.
* أَيّ النِّدائِيَّة: تكونُ "أيّ" وَصْلَةً إلى نِدَاءِ مَا فِيه "ألْ" يقالُ "يَا أَيُّها الرَّجُلُ" و "يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا". ويجُوزُ أنْ تُؤَنَّثَ مع المؤنَّث فتقول: "أَيَّتُها المَرْأَة".
وإنَّما كَانَتْ "أيّ" وَصْلَةً لأنَّه لا يُقَال "يا الرجل" أو" يا الذي" أو "يا المَرْأة" و "أيّ هذه: اسْمٌ مَبْنيٌ على الضَّمِّ لأنَّه مُنَادىً مُفْرد، و "ها" لازمةٌ لأيّ للتَّنْبِيه، وهِيَ عِوَضٌ مَنَ الإضَافَةِ في "أي" و "الرَّجُلُ" صِفةٌ لاَزَمةٌ لـ "أَيّ"، ولا بُدَّ مِنْ أَنْ تكونَ هذه الصِّفَةُ فيها "أل".
* أَيَا: مِنْ حُروفِ النِّدَاء يُنادَى بِها القَرِيبُ والبَعِيدُ والأكْثرُ أنها للبَعيد أو للنَّائِم المُسْتَثْقِل لأنَّها لَمدِّ الصَّوت. (=النداء).
* أيَّاكَ وأن تفعل: لا يُقال إيَّاكَ أَنْ تفعلَ بلا واو، قال ابن بري: المُمْتَنع عند النحويين "إيَّاك الأسَدَ" لا بُدَّ في مثِله من الواو، فأمَّا "إيَّاك أنْ تفعل" فجَائِزٌ على أنْ تجعَلَه مَفْعُولاً من أجْلِهِ، أي مخافة أنْ تَفْعَلَ، وعِند اللُّغَويّين لا بُدَّ فِي مِثلِ هذا مِنَ الوَاوِ، والعِلةُ في ذلك: أَنَّ لكلٍّ مِنْ إيَّاك والاسم فِعْلاً يَنْصِبُه مُقَدّراً غَيْرَ فِعلِ صَاحِبِهِ وهو مَعْطُوفٌ عَلَيه بالواو فإذا قلنا: "إياكَ والشَّرَّ" فالتَّقُدِيرُ: احْفَظْ نَفْسَكَ وأتِّقِ الشَّرَّ(هذا كلام الجواليقي في شرح أدب الكاتب)
* إِيَّاكِ: ضَمِيرُ نَصبٍ مُنْفَصِلٍ تَتَّصل به ضَمَائِرُ لتمييز صاحب الضمير نحو: "إيَّاكَ إيَّاكِ إيَّاكُمَا إيَّاكُم إيَّاكنَّ إلخ . " وهذه الضَّمائِر المُلْحَقَةُ حُرُوفٌ وهنالِكَ مَنْ يَرى أَنَّها كلَّها ضميرٌ، و "أيَّاكَ" في "رَأيتُكَ إيَّاك" بدل وفي "رأيتُكَ أَنْتَ" تأكِيدٌ كما يَقُول سيبويه. (=الضمير 5).
* إيَاكَ: تَأْتِي بِمَعْنى احْذَر، وإيَّاكَ: نَحِّ، وإيَّاكَ: بَاعِد، وإيَّاك: اتَّقٍ، وما أَشْبَه ذا، وإيَّاك هذَا لا يجوزُ فيه إظهارُ فِعْله.
* إَيَّانَ: مِن أَدَوَات المُجَازَاة الجَازِمة لِفِعْلَين، وهي ظَرْفُ زَمَانٍ تَضَمَّنَ مَعْنَى الشرط نحو: "أيَّانَ تَقْرأ أقْرأْ" ولم يَذْكر سيبويه ولا المبرد "أيَّان" في أدَوَات المُجازاة، وقال ابنُ سِيدّه: أيَّانَ بمعنى "متَى" فينبغي أن تكونَ شرْطاً، قال: ولم يَذْكُرْها أصحابُنا في الظُّروفِ المَشْروطِ بها مثل مَتَى وأَيْنَ(=جوازم المضارع 7)
أَيَّانَ الاستِفْهامِيَّة: مَعناها أَيُّ حين وهو سُؤالٌ عنْ زَمانٍ مثلُ "مَتى" قال أبو البقاء: "أيَّان" يُسْأل به عن الزَّمان المُسْتَقْبل، ولا يُسْتَعْملُ إلاَّ فيما يُرادُ تَضْخِيمُ أَمْرِه وتَعْظِيمُ شَأْنِهِ، نحو: {يسأل ايَّانَ يَوْمَ القِيَامَة} (الآية "6" من سورة القيامة "75")
* إيَّايَ وَإِيَّانَا: ضَمِيرا نَصْبٍ مُنْفَصِلٍ (= الضمير 5).
* أَيْضاً: مَصْدَرُ "آضَ" بمعنى عَادَ وَرَجَعَ، ولا يُستعملُ إلاَّ مَع شَيْئَين بينهما تَوافُق، ويمكن اسْتِغْنَاءُ كُلّ منهما عنِ الآخر نحو: "أكرَمَني خَالِدٌ ومَنَحَنِي محمدٌ أيْضاً". فلا يُقال: " جَاءَ زيدٌ أيضاً" ولا "جاءَ بكرٌ وماتَ أيضاً" ولا "أخْتَصَمَ زيدٌ وعمرٌو أيضاً".
وإعْرَابُه: مَفْعُولٌ مُطْلَق حُذِفَ عامِلُه وجوباً سَماعاً.
* ايْمُ اللَّهِ: أصلها: أَيْمنُ اللَّه(أنظر "أيمن الله" بعدها. ) ثم كَثُر في كَلامِهِم وخَفَّ على أَلْسِنَتِهِمْ حتى حَذَفُوا النُّون كما حَذَفُوا النُّون كما حَذَفوها من "لمْ يكُنْ" فقالوا: "لم يَكُ" وربَّما حَذَفُوا منه الياء، فقالوا: " أُمُ اللَّهٍ" وربَّما أَبْقَوا الميمَ وَحْدَهَا مضمومةً فقالوا: "مُ اللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ كذا" وهو اسمٌ وُضِعَ للقَسَم، وهَمْزُتُه في الأصل للقَطْع، ثم أصْبَحَتْ بكثرةِ الاسْتعمال همزةَ وصلٍ.
ايْمُنُ اللَّه: اسمٌ وُضِعَ للقَسَم، وهو بضم الميم والنُّونِ، وأَلِفُهُ أَلِفُ وَصْل، واشتِقَاقُه مِنَ اليُمْن والبَرَكةِ كما يقول سيبويه، ولم يَجئْ في الأسماءِ أَلِفُ وَصْلٍ مفتوحةً غيرُها.
وقد تدخُلُ عليه اللامُ لتأكيدِ الابتداء تقول: "لَيْمُنُ اللَّه" فتذهب الألف في الوصل (وقال الفراء هي ألف قطع، وهي جمع يمين يقال: " يَمِينٌ اللَّه وأيْمُن اللَّه" وقال زهير:
فتُؤخذُ ايْمُنٌ مِنَّا ومِنْكُم *  بِمُقْسَمَة نمورُ بها الدِّماء
وإلى هذا القوال ذَهَب أبو إسْحاق الزَّجاج. ) قال نُصيب:
فقالَ فريقُ القومِ لمَّا نشدْتُهم *  نعم، وفريق: لَيْمُنُ اللَّه ما نَدْري
وهو مرفوعٌ بالابْتِداء، وخَبَرُه محذوفٌ، والتَّقْدير: ليْمُنُ اللَّه قَسَمي.
* أيْنَ الاستِفهامِيَّة: اسمُ استِفهامٍ عن مكانٍ، وهي مُغْنِيَةٌ عنِ الكلامِ الكثير، وذلكَ أَنَّكَ إذا قُلتَ: "أَيْنَ بَيْتُكَ". أغناكَ عن ذِكْرِ الأَمَاكِنِ كُلِّها، وهو سُؤالُ عنِ المَكَانِ الَّذي حَلَّ فيه الشيءُ، وإذَا دَخَلَتْهُ "مِنْ" كان سُؤالاً عن مَكانِ بُرُوزِ الشيءِ تقول: "مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ" وهو مبنيٌّ على الفتح في الحالات كلِّها.
* أيْن الشَّرْطِيَّة: مِنْ أدَوَات المُجَازَاة ولا تكون إلاّ لِلْمكان، وتجزمُ فِعْلين مُلْحَقَةً بـ "ما" أو مجرَّدةً منها، نحو: " أَيْن تَققْ أقِفْ" و "أيْنَما تَذْهَبْ أَذْهَبْ" ولا يقال: " أَيْنَ يَكُنْ أكُنْ" بل يَقول: " أيْنَ يَكُن زَيدُ أكنْ" بإظهار الفاعلِ لأنَّ الظُروفَ التي لا تكونُ فاعِلةً إذا ذكرتَها لم يكُنْ بُدٌّ مِنْ ذكِر الفَاعل مَعَها نحو قول هَمَّام السَّلُولي:
أينَ تَضربْ بنا الغَداةَ تَجدْنا *  نصرِفُ العِيسَ نحوها للتَّلاَقي
(=جوازم الفعل 3)
* أيْنَمَا الشَّرْطِيَّة: هي أين بزيادةَ "ما" الزائدة وتَعْمل عَمَلَها نحو قوله تعالى: { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ المَوْتُ} (الآية "78" من سورة النساء "4" )
* إيهِ: اسْمُ فِعلِ أمْرٍ، ومَعْنَاهُ: الاسْتِزَادَةُ مَنْ حَدِيثٍ مَعْهُودٍ، وإذَا نَوَّنْتَه كان للاسْتِزَادَةٍ من حديثٍ مَّا، وفي الصحاح:
إذا قلت إيهِ يا رجُلُ فإنما تأمره بأن يَزيدَك من الحديث المعهودِ بيْنكُما، كأنَّكَ قلتَ: هاتِ الحديثَ وإنْ قلت إيهٍ بالتنوين، فكأنك قلت: هاتِ حديثاً مّا. (=اسم الفعل).
* إِيهاً: اسمُ فعلٍ أمر بمعنى كُفَّ واسْكتْ يقال: إيهاً عَنّا أيْ كُفَّ وَاسْكُت. (=اسم الفعل)
* أَيُّها: (= أيّ الندائية).


















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق