حمل المصحف

حمل المصحف

تحميلات برامج المصاحف والقرآن الكريم


تحميلات : برنامج الذاكرالقرآن مع الترجمةبرنامج القرآن مع التفسيربرنامج القرآن مع التلاوةبرنامج المكتبة الالكترونية
و.حمل Quran_winxp.rar

Translate

السبت، 17 ديسمبر 2016

شبهات القرآنيين إعداد عثمان بن معلم محمود

إعداد عثمان بن معلم محمود بن شيخ علي

المقدمة ، وفيها آيات وأحاديث في الحث على السنة ، وفيها نبذة عن القرآنيين ووجه تسميتهم بالقرآنيين وخطة البحث
1الفصل الأول وفيه ثلاثة مباحث
5المبحث الأول في ضرورة اعتماد السنة لسلامة فهم القرآن
5المبحث الثاني : خلاصة جهود الدفاع عن السنة
10المبحث الثالث : حكم منكر حجية السنة
14الفصل الثاني وفيه الكلام على ثمان شبه
19الشبة الأولى : قولهم السنة ليست من الدين ، ولم يحتط لها الرسول (صلي الله عليه وسلم)  بل نهى عن كتابتها … وجوابه
19الشبهة الثانية : قولهم الكتاب فصّل كلّ شيء فلا داعي إلى السنة ولا إلى تفسير محمد (صلي الله عليه وسلم)  … وجوابه
22الشبهة الثالثة : قولهم لو صحت نسبة السنة إلى الرسول (صلي الله عليه وسلم) لا تكون واجبة الإتباع لأنها ليست بوحي منزل ، وقد كثر الوضع فيها وجوابه
26الشبهة الرابعة : قولهم اتباع الرسول شرك … وجوابه
30الشبهة الخامسة : قولهم نسبة السنة إلى الرسول (صلي الله عليه وسلم)  ليست يقينية لتأخر تدوينها وروايتها بالمعنى ووجود منافقين في المجتمع المدني ، وكان للعواطف البشرية يد في توثيق الرواة … وجواب ذلك
32الشبهة السادسة : زعمهم أن التمسك بالسنة يفرق الأمة وأن أصحاب الكتب الستة جزء من مؤامرة إيرانية … وجوابه
46الشبهة السابعة : قولهم الخطاب بالأحاديث كان خاصاً بالعرب في زمن النبي وجوابه
49الشبهة الثامنة : قولهم الأحاديث انتقدت مما أفقدها صفة التدين وجوابه .
52فهرس المصادر
54فهرس الموضوعات

المقدمة
أما بعد ، فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد (صلي الله عليه وسلم)  وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، ثم إن الله رضي لنا الإسلام ديناً وأتم علينا النعمة بكتابه الداعي إلى اتباع رسوله محمد وطاعته وتعزيره وتوقيره ، وأخذ ما أتى به والانتهاء عما عنه نهى ، ولا يقبل الله دعوى من ادعى محبته سبحانه حتى يتبع نبيه محمداً (صلي الله عليه وسلم)  ، وجعل طاعة الرسول (صلي الله عليه وسلم)  طاعته ، وضمن الهداية لمن أطاعه (صلي الله عليه وسلم)  .
تصديق ذلك في الآيات الآتية :
قال تعالى : ) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ( (الأعراف : 158 ).
وقال سبحانه : ) قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ( (آل عمران : 32 ).
وقال جلّ وعلا : ) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ( (محمد:33) 

وقال عز من قائل :(إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً .لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) (الفتح : 8 و 9).
وقال سبحانه : ) وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه
فانتهوا
(  (الحشر : 7 ).
وقال تعالى : ) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم  ((آل عمران :31 ) .
وقال سبحانه : ) وإن تطيعوه تهتدوا (  (النور : 54) .
وحثّ الرسول (صلي الله عليه وسلم)  على الاعتصام بسنته بعد وفاته فقال : (( إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضّوا عليها بالنواجذ )) وحذّر من الابتداع الذي من هجر سنته فقال بعد الكلمات السابقة : (( وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة )) ([1]) كما أخبر بالمترفين الذين يأتون بعده فيأبون من سنته فقال : (( لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه))([2]).
فقد أخبر الله نبيه بما سيقع في أمته ، فوقع كما أخبر دليلاً على نبوته ورسالته ، وقد طابق خبره المخبر ، وتتابعت الفرق الضالة على ردّ سنته وإلغاء حكمه من مقلّ ومستكثر من القرن الأول إلى اليوم .
ومن تلك الفرق المارقة الجماعة التي اتخذت " أهل القرآن " اسماً لها ، وحلّت نفسها بحليته وهي عاطلة منه .
كان نشوءها في الربع الأول من القرن الرابع عشر الهجري في شبه القارة الهندية على يد زمرة من أبناء تلك البقعة التي تفرّعت فيما بعد إلى ثلاث دول وكان هؤلاء المؤسسون ممن تأثروا بالفكر الغربي ورأوا في التمسك بالسنة عائقاً عن التقدم ومضعفاً للجامعة الإسلامية وتنفيذاً لمؤامرة أعجمية ، فجاءوا بما لم يأت به من سبقهم من أهل الضلال ، فأنكروا حجية السنة كلياً وعدُّوا اتباعها شركاً ولم يفرّقوا بين متواترة مجمع عليها وغير ذلك بل سلكوا  مسلكاً واحداً وهو الردّ والدفع ، وقاموا بتأليف الجمعيات وإصدار الكتب والرسائل والمجلات في الصدّ عنها وإثارة الشبه في وجهها ، فأقام الله لدفعهم من شاء من أهل العلم فصنّفوا الكتب والرسائل وأصدروا الفتاوى في تكفيرهم والتحذير منهم ، وكان ممن انتبه لخطرهم مبكراً العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله – فأصدر منذ أربعين سنة تقريباً فتوى في تكفير زعيمهم الأخير اللاهوري النشط غلام أحمد برويز([3]) ونُشرت الفتوى في الصحف السعودية في وقتها مما يدلّ على إسهام علماء هذا البلد في درء فتنة إنكار السنة وتحصين الأمة من سمومها وصيانة القرآن الكريم من عبث العابثين وتحريف المارقين الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .


هكذا فسّر ابن الجوزي([6]) قوله تعالى : )ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء ) (النحل : 89) . ونسبه إلى العلماء بالمعاني .
وقال تعالى : ما فرطنا في الكتاب من شيء يُعنى بالكتاب اللوح المحفوظ في قول ابن عباس الثابت عنه ، قال : (( ما تركنا شيئاً إلا وقد كتبناه في أمّ الكتاب )) . وتبعه قتادة وابن زيد .

وقال القرطبي : (( ما تركنا شيئاً من أمر الدين إلا وقد دللنا عليه في القرآن ،إما دلالة مبينة مشروحة ، وإما مجملة يُتلقى بيانها من الرسول عليه الصلاة والسلام ، أو من الإجماع ، أو من القياس الذي([8]) ثبت بنص الكتاب، قال الله تعالى: ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وقال :
وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم وقال : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا   فأجمل في هذه الآية وآية النحل ما لم ينص عليه مما لم يذكره ، فصدق خبر الله بأنه ما فرّط في الكتاب من شيء إلا ذكره ، إما تفصيلاً وإما تأصيلاً ؛ وقال : اليوم أكملت لكم
دينكم
([9]) .
وقد كان الصحابة أرباب الفصاحة والزكانة وكانوا مستغنين عن علوم الوسائل التي افتقر إليها المتأخرون ، بيد أنهم احتاجوا إلى تفسير النبي (صلي الله عليه وسلم)  ، فبين (( أن الظلم المذكور في قوله : ولم يلبسوا إيمانهم بظلم هو الشرك، وأن الحساب اليسير هو العرض ، وأن الخيط الأبيض والأسود هما بياض النهار وسواد الليل ، وأن الذي رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى هو جبريل ، كما فسر قوله : أو يأتي بعض آيات ربك أنه طلوع الشمس من مغربها ، وكما فسر قوله : ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة بأنها النخلة، وكما فسر قوله : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة أن ذلك في القبر حين يُسأل من ربك وما دينك ، وكما فسر الرعد بأنه ملك من الملائكة موكل بالسحاب ، وكما فسر اتخاذ أهل الكتاب أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله بأن ذلك باستحلال ما أحلوه لهم من الحرام وتحريم ما حرموه من الحلال ، وكما فسر القوة التي أمر الله أن نُعدّها لأعدائه بالرمي ، وكما فسر قوله : من يعمل سوءاً يجز به بأنه ما يجزى به العبد في الدنيا من النصب والهم والخوف واللأواء ، وكما فسر الزيادة في قوله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (يونس : 26) بأنها النظر إلى وجه الله الكريم ))([10]) .
فالسنة تبين مجمل القرآن ، قال تعالى : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وقال سبحانه : كتب عليكم الصيام وقال جل من قائل :
ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ، فبين النبي (صلي الله عليه وسلم)  بفعله وقوله أن الصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة وبين أعداد ركعاتها وشروطها وأركانها ثم قال : (( صلوا كما رأيتموني أصلّي )) ، وبين أن الحائض لا صلاة عليها لا أداء ولا قضاء .
وأوجب الله سبحانه قطع يد السارق فقال : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما فبينت السنة أنها لا تقطع إلا في ربع دينارفصاعداً وأنها تقطع من مفصل الكوع .


ألّف الشافعي كتاب " الرسالة " وهو صاحب السبق في هذا الباب وصاحب الإجادة والإتقان فيه وتبعه الإمام أحمد فصنّف "طاعة الرسول (صلي الله عليه وسلم) "([17]) ردَّ فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة سنة رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  وترك الاحتجاج بها .
وألف محمد بن إبراهيم الوزير اليمني " العواصم والقواصم "([18]) واختصره في "الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم "([19]) .






 







وأوضح الله سبحانه أنه جعل أعداء للأنبياء يناوئونهم ويصدون الناس عنهم بكلام يزخرفونه فقال تعالى : وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً (الأنعام 112) ، فليعلم المسلمون أن كلّ كلام يخالف الشرع يزخرفه صاحبه لتمويهه والتلبيس به على الناس حتى يغتروا به ويتلقفوه. وكل عمل يخالف الشرع كذلك يزينونه حتى يروج بين الناس . فهؤلاء الأعداء الذين يتظاهرون بالإسلام ويكيدون له ليل نهار لم يَخْفَ أمرُهم على علماء الإسلام فنبّهوا الناس على سوء مذهبهم ورموهم بالكفر والإلحاد إما وصفاً أو أعياناً ، فإليك بعض ما قاله أهل العلم في منكري السنة :



 

 
 
وكفّر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز زعيم القرآنيين غلام أحمد برويز،وذلك في تعقيب له على مجلة الحج " التضامن الإسلامي " التي نشرت استفتاء من الشيخ محمد يوسف البنوري عن حكم الشريعة في غلام أحمد برويز وقدّم عشرين نموذجاً مما تكلّم به برويز أو سطّرت يده ، فقال ابن باز رحمة الله عليه:(كلّ من تأمل هذه  النماذج المشار إليها من ذوي العلم والبصيرة يعلم علماً قطعياً لا يحتمل الشك بوجه مّا أن معتنقها ومعتقدها والداعي إليها كافر كفراً أكبر مرتد عن الإسلام ، يجب أن يستتاب ، فإن تاب توبة ظاهرة وكذّب نفسه تكذيباً ظاهراً يُنشر في الصحف المحلية ، كما نشر فيها الباطل من تلك العقائد الزائفة وإلا وجب على وليّ الأمر للمسلمين قتله،وهذا شيء معلوم من دين الإسلام بالضرورة ،والأدلة عليه من الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم كثيرة جداً لا يمكن استقصاؤها في هذا الجواب،وكل أنموذج من تلك النماذج التي قدمها المستفتي من عقائد غلام أحمد برويز يوجب كفره وردته عن الإسلام عند علماء الشريعة الإسلامية )) .
 
 

حمل القرآنيون في هذا العصر لواء التشكيك في السنة النبوية، وأجلبوا عليه بخيل شبههم ورجلها لزحزحتها عن مقام الاحتجاج، غير أنهم لم يظفروا بطائل، وكان الأئمة لهم بالمرصاد.
وهذا الفصل معقود لدحض أباطيلهم، والتزمت بأن أصدِّر كلّ مبحث بإحدى شبههم على ما ترجمه خادم إلهي بخش في كتابه "القرآنيون وشبهاتهم" دون تصرف مني بزيادة أو نقص، ثم أكُرُّ عليها بالنقض بما ييسر الله، معتمداً على الكتاب والسنة، مفيداً من أقاويل أهل العلم، منوعاً الأجوبة ببراهين علمية، ومعارضات عقلية، وتأصيلات شرعية، فإليك أولى شبهاتهم مصروعة.
يقول برويز: ((لو كانت السنة جزءاً من الدين لوضع لها رسول الله e منهجا كمنهج القرآن من الكتابة والحفظ والمذاكرة ، .. لأن مقام النبوة يقتضي أن يعطي الدين لأمته على شكل محفوظ ، لكنّهe احتاط بكلّ الوسائل الممكنة لكتاب الله، ولم يفعل شيئا لسنّته، بل نهى عن كتابتها بقوله: لا تكتبوا عني غير القرآن، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ))([53]) ([54]).
الرد:
نقول : ما هذا المنهج في القرآن ؟ وإذا لم يكن منصوصا في القرآن – وليس منصوصا قطعا - فمن أين علمتم بوجود هذا المنهج ، وقد رفضتم السنة وجعلتموها مختلقة مفتراة ؟ فكيف تستدلون بسنة مختلقة مفتراة بزعمكم على أهمّ المطالب عندكم وهي ادعاء أن النبي (صلي الله عليه وسلم)  وضع للقرآن منهجا في كتابته وحفظه ومذاكرته ، ولم يعمل للسنة مثله .
فهذا تناقض أصلع وتضارب أعمى كتب الله على معاندي الحق ومشاغبي الحجج ومناوئي الدين أن يتورطوا في أوحاله .
أما السنة فقد رغب الرسول (صلي الله عليه وسلم)  الأمة في حفظها فقال: (( نضر الله امرأ سمع منّا شيئاً فبلّغه كما سمع فرب مبلغ أوعى من سامع ))([55]) ، فهذا الحديث فيه أعظم حث على حفظ السنن ، والمذاكرة من وسائل الحفظ وطرقه فليست مخالفة للحفظ، والوسيلة لها حكم المقصد.
وقال الرسول (صلي الله عليه وسلم)  : (( ليبلغ الشاهد الغائب ))([56]) ففيه حض على الحفظ أيضا إذ لا يمكن تبليغ ما لم يحفظ ، إما اللفظ وإما المعنى.
فهذا كاف في حفظ السنة ، مع علم الرسول (صلي الله عليه وسلم)  بأنها من الذكر الذي تكفل الله بحفظه، وعلمه بحرص الصحابة على الحديث وأن بعضهم أحرص عليه من بعض . سأل أبو هريرة رسول الله(صلي الله عليه وسلم)  من أسعد النّاس بشفاعتك يوم القيامة ؟ فقال(صلي الله عليه وسلم)  : لقد ظننت يا أبا هريرة ألاّ يسألني عن هذا الحديث أحد أوّل منك لما رأيت من حرصك على الحديث (( أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله صدقاً من قلبه ))([57]) .
والحديث الذي استدلوا به رواه مسلم من طريق همام عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد مرفوعاً بلفظ : (( لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ))([58]) .
وهو الحديث الوحيد الصحيح فيما أعلم الناهي عن كتابة الأحاديث النبوية، ووردت أحاديث عديدة صحيحة في الأمر بكتابة الأحاديث النبوية والرخصة فيها.
وقد سلك أهل العلم في دفع ظاهر التعارض بين هذا الحديث والأحاديث الأخرى مسالك متعددة :
المسلك الأول: مسلك الترجيح لأحاديث الإذن على حديث النهي.
وقد وهَّم الإمام البخاري([59]) ، والإمام أبو داود([60]) همَّاماً في رفع هذا الحديث وصوَّبا وقفه على أبي سعيد الخدري ، ولا تعارض بين حديث موقوف وأحاديث مرفوعة .
المسلك الثاني : مسلك النسخ ، وهو القول بأن أحاديث الإذن متأخرة عن حديث النهي ناسخة له ، وقد ذهب إلى ذلك ابن شاهين([61]) وآخرون .
المسلك الثالث : مسلك الجمع بينهما وفيه طرائق :
قال البيهقي : (( لعله إن شاء الله أذن في الكتابة عنه لمن خشي عليه النسيان ، ونهى عن الكتابة عنه لمن وثق بحفظه ، أو نهى عن الكتابة عنه من خاف عليهم الاختلاط وأذن في الكتابة عنه حين أمن منه ))([62]) .
وذكر الزركشي وجوها أخرى في الجمع بينهما فقال : (( أحدها : أن النهي عن الكتابة مخصوص بحياة سيد البشر النبي (صلي الله عليه وسلم)  ؛ لأن النسخ يطرأ في كل وقت فيختلط الناسخ بالمنسوخ ، ويشهد له حديث أبي شاه لما أذن له في كتابة الخطبة التي خطب بها النبي e .. الثاني : أن النهي لئلا يتكل الكاتب على ما يكتب ولا يحفظ فيقل الحفظ .. الثالث : ألا يتخذ مع القرآن كتابا يضاهى به ))([63]) .
وهذا الخلاف كان في العصر الأول ، ثم أجمعت الأمة على تسويغ كتابة الحديث والعلم ، واستقر الأمر على ذلك([64]) .
وليس في مسلك من هذه المسالك التي سلكها أهل العلم ما يشهد لما ضلت به هذه العصابة وفرقت به الأمة وشذت به عن السواد الأعظم ،
) وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة( (هود : 60)  .

 يقول عبد الله جكرالوي مؤسس الفرقة : (( إن الكتاب المجيد ذكر كل شيء يحتاج إليه في الدين مفصلا ومشروحا من كل وجه ، فما الداعي إلى الوحي الخفي وما الحاجة إلى السنة ))([65]) ؟
ويقول في موضع آخر : (( كتاب الله كامل مفصل لا يحتاج إلى الشرح ولا إلى تفسير محمد (صلي الله عليه وسلم)  له وتوضيحه إياه أو التعليم العملي بمقتضاه ))([66]) .
ويقول الحافظ أسلم في المعنى ذاته ما نصه : (( قد انحصرت ضروريات الدين في اتباع القرآن المفصل ولا تتعداه ))([67]) .
الرد:
 هذا كفر بالقرآن الذي يزعمون الانتساب إليه لأن الله يقول:
) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم( فموضع الرسول (صلي الله عليه وسلم)  من القرآن موضع البيان له، فمن كذب ذلك فقد كذب نص القرآن . ومفهوم كتاب الله عند أهل العلم والإيمان يختلف عن مفهوم الكتاب عند هذه الفرقة المشبوهة .
حيث يطلق عند أهل العلم والإيمان على معنيين :
روى الشيخان من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد قال ا: كنا عند النبي (صلي الله عليه وسلم)  فقام رجل فقال : أنشدك الله إلا ما قضيت بيننا بكتاب الله فقام خصمه وكان أفقه منه فقال : اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي : قال : قل ، قال : إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم، ثم سألت رجالاً من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وعلى امرأته الرجم فقال النبي (صلي الله عليه وسلم)  : والذي نفسي بيده لأقضينّ بينكما بكتاب الله جل ذكره ، المائة شاة([68]) والخادم ردٌّ ، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ، واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فاعترفت فرجمها([69]) .
وفي هذا الحديث طلب الخصمان من رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  أن يحكم بينهما بكتاب الله وأجاب رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  إلى ذلك وحلف ليفعلنّ ، والحكم الذي حكم به بينهما هو رد مائة الشاة والخادم وجلد مائة وتغريب عام على الزاني ورجم الزانية ، وليس الرجم ولا التغريب ولاردّ مائة الشاة والخادم منصوصا عليها في القرآن المنزل ، مع أن رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  أطلق على هذا الحكم أنه كتاب الله أي حكم كتاب الله .
قال أهل العلم والإيمان : كتاب الله ينطلق على معنيين :
المعنى الأول : ما حكم الله به وكتب به على عباده سواء أكان منصوصا في القرآن أم في السنة، وإطلاق كتاب الله على القرآن والسنة إطلاق اشتراك([70]) فما ثبت بالسنــة يطلق عليه أنه كتــاب الله ، ومن حكـــــم بالسنة
لم يخرج عن كتاب الله حكماً ومفهوما على هذا المعنى .
قال الواحدي : (( وليس للجلد والتغريب ذكر في نص الكتاب ، وهذا يدل على أن ما حكم به النبي (صلي الله عليه وسلم)  فهو عن كتاب الله )) ، قال الرازي : وهذا حق لأنه تعالى قال:  ) لتبين للناس ما نزل إليهم ( فكل ما بينه الرسول عليه الصلاة والسلام كان داخلاً تحت هذه الآية([71]) .
والمعنى الثاني عندهم : أن كتاب الله هو القرآن وحده ولكن يطلق على مدلول السنة بأنه في كتاب الله بواسطة أمر الله لنا بطاعة رسوله واتباع أمره ، و " مَنْ قَبِلَ عن رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  فعن الله قَبِلَ ، لِما افترض الله من طاعته، فيجمع القبولُ لما في كتاب الله وسنة رسول الله القبول لكل واحد منهما عن الله "([72]) .
ومن حكم بالسنة لم يخرج عن كتاب الله حكما ومفهوما على هذا المعنى أيضاً .
روى الشيخان واللفظ لمسلم عن عبد الله بن مسعود قال : (( لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت :  ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ؟ فقال عبد الله : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ؟ وهو في كتاب الله ، فقالت : لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ، قال الله عز وجل : ) وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا( ([73]) .
فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقول عن حكمٍ ثبت بالسنة ولم يُنَصَّ عليه في القرآن أنه في كتاب الله .
وسئل عكرمة عن أمهات الأولاد ؟ فقال : إنهن حرائر ، قيل له بأي شيء تقوله ؟ قال : بالقرآن ، قال : بماذا من القرآن ؟ قال : قول الله ) وأولي الأمر منكم( ، وكان عمر من أولي الأمر، قال: عتقت وإن كان سِقْطاً ([74]) .
بل ذهب الإمام المطلبي ناصر السنة إلى أبعد من ذلك إذ جعل ما ثبت عن عمر رضي الله عنه ثابتا في كتاب الله بنوع استنباط واستدلال بمراتب .
روى البيهقي بسنده عن عبد الله بن محمد بن هارون قال : سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول بمكة: سلوني عما شئتم أخبركم من كتاب الله فقال له رجل : أصلحك الله ما تقول في المحرم قتل زنبوراً ؟ قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى : ) وما آتاكم الرسول فخذوه( ، حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال : قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  : (( اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر )) ، وحدثنا سفيان عن مسعر عن قيس بن مسلم عن طارق بن  شهاب عن عمر أنه أمر بقتل زنبور([75]) .
 قال الواحدي : ((فأجابه من كتاب الله مستنبطا بثلاث درجات))([76]).

 يقولون : إن السنة ليست وحياً من الله ، وإنما لفقت ثم نسبت إلى الرسول e ، ولو صحت فإننا لم نؤمر باتباعها .
يقول عبد الله جكرالوي : (( إنا لم نؤمر إلا باتباع ما أنزله الله بالوحي ، ولو فرضنا جدلاً صحة نسبة بعض الأحاديث بطريق قطعي إلى النبي e ، فإنها مع صحة نسبتها لا تكون واجبة الاتباع ؛ لأنها ليست بوحي منزل من الله عز وجل([77]) .
وقال في موضع آخر : (( يعتقد أهل الحديث أن نزول الوحي من الله عز وجل إلى نبيه عليه الصلاة والسلام قسمان : جلي متلو وخفي غير متلو ، والأول : هو القرآن ، والثاني : هو حديث الرسول عليه الصلاة والسلام .. غير أن الوحي الإلهي هو الذي لا يمكن الإتيان بمثله ، بيد أن وحي الأحاديث قد أتى له مثيل بمئات الألوف من الأحاديث الوضعية ))([78]) .
ويرى برويز : (( أنّ هذا التقسيم للوحي معتقد مستعار من اليهود (شبكتب ) المكتوب ، و(شَبْعَلْفَهْ ) المنقول بالرواية  وأنه لا صلة به بالإسلام))([79]) .
ويقول خواجه أحمد الدين : (( إن الأصل الذي لا يتغير ولا يتبدل هو الوحي الإلهي فحسب ، وهل أُمرنا بالبحث عن الوحي الإلهي في التوراة والإنجيل .. أو البخاري ومسلم أو الترمذي وأبي داود وابن ماجه .. أو مسانيد أئمة آخرين ))([80]) .
الرد:
 كذب عدو الله جكرالوي في المقام الأول ، وهو زعمه عدم صدور هذه الأحاديث عن النبي(صلي الله عليه وسلم).
ومعنى قوله هذا : أنه لم يصدر منه (صلي الله عليه وسلم) غير هذا القرآن المتعبد بتلاوته .
وهذا أمر مناقض لِبَدَاْئِهِ العقول ؛ إذ كيف يُتصور أن يكون رسولاً إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً يأمرهم بما يرضي الله ويوصل إلى جناته وينهاهم عما نهى الله عنه ويوصل إلى نيرانه ، ويصبغ حياتهم كلها بصبغة هذا الدين الذي أُمر بتبليغه إليهم ثم لا يصدر منه غير تلاوة القرآن عليهم .
فدعوى جكرالوي مناقضة للعقل الصريح ومنافية للقرآن الذي يتشدقون باتباعه .
قال الله تعالى : ) هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة((الجمعة:2).، وقال عز وجل :
) كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة( (البقرة : 151). ، وقال سبحانه : ) وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة ( (النساء :113) .  وقال تعالى:  )واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به( (البقرة :231).  ففي هذه الآيات إخبار من الله سبحانه وتعالى أنه أنزل على رسوله و حيين : الكتاب والحكمة ، وقد فسر أهل العلم والإيمان الحكمة بأنها سنة رسول الله e ، ثبت ذلك عن قتادة ، وروي نحوه عن أبي مالك ، ومقاتل بن حيان ، ويحيى بن أبي كثير([81]) . 
قال أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي : (( فذكر الله الكتاب وهو القرآن ، وذكر الحكمة فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة سنة رسول الله e ، وهذا يشبه ما قال ، والله أعلم ؛ لأن القرآن ذُكِرَ وأُتْبِعَتْهُ الحكمةُ ، فَذَكَرَ الله مَنَّه على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة ، فلم يَجُزْ – والله أعلم – أن يقال هاهنا إلا سنة رسوله e ؛ وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله ))([82]) .
وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري : (( قد تأولت جماعة من أهل التأويل من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين ( الحكمة ) في قول الله تعالى ذكره: )يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خير كثيرا(  (البقرة : 269). أنها القرآن ، وتأولت ( الحكمة ) في قوله تعالى :) ويعلمهم الكتاب والحكمة( ( آل عمران: 164). أنها السنن التي سنها رسول الله بوحي من الله جل ثناؤه إليه ، وكلا التأويلين في موضعه صحيح ؛ وذلك أن القرآن حكمة ، أحكم الله عز ذكره فيه لعباده حلاله وحرامه ، وبين لهم فيه أمره ونهيه ، وفصَّل لهم فيه شرائعه ، فهو كما وصف به ربنا تبارك وتعالى بقوله : ) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة( (القمر : 4-5)، وكذلك سنن رسول الله e التي سنها لأمته عن وحي الله جل ثناؤه إليه حكمة حكم بها فيهم ، ففصل بها بين الحق والباطل ، وبين لهم بها مجمل ما في آي القرآن ، وعرَّفهم بها معاني ما في التنزيل ))([83]) .
وأكد أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي هذا المعنى الذي سبقه إليه غيره من أهل العلم وزاده وضوحا وإشراقا فكان مما قاله : (( تأولت العلماء أن الحكمة هاهنا هي السنة ؛ لأنه قد ذكر الكتاب ، ثم قال : والحكمة ، ففصل بينهما بالواو ، فدلّ ذلك على أن الحكمة غير الكتاب ، وهي ما سن الرسول e مما لم يُذكر في الكتاب ؛ لأن التأويل إن لم يكن كذلك فيكون كأنه قال: وأنزل عليك الكتاب والكتاب، وهذا يبعد ))([84]) .
أما قول برويز : إن تقسيم الوحي إلى جلي متلو وخفي غير متلو مستعار من اليهود ، الأول : المكتوب ، والثاني : المنقول بالرواية ، فيقال له : ضللت في التشبيه بين المسلمين واليهود ؛ إذ يشترط المسلمون للرواية اتصال السند من مبدئه إلى منتهاه بالعدول الضابطين ، وليس ذلك عند اليهود أو عند غيرهم من أمم الكفر والشقاق .
وقد دلّ القرآن على أن هناك وحياً من الله إلى رسوله زيادة على مافي القرآن المتلوّ ، قال الله تعالى : ) سيقول السفهاء من الناس ما ولاّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ( فقد كانت القبلة في أول الإسلام إلى بيت المقدس فأين في القرآن النص على وجوب التوجه إلى بيت المقدس؟ لم يثبت هذا الأمر إلا بالسنة ، ثم نسخت بالقرآن .

 يقول عبد الله جكرالوي : (( الحض على أقوال الرسل وأفعالهم وتقريراتهم مع وجود كتاب الله علة قديمة قدم الزمن ، وقد برأ الله رسله وأنبياءه من هذه الأحاديث ، بل جعل تلك الأحاديث كفراً وشركاً ))([85]) .
ويقول الخواجه أحمد الدين في تفصيل هذه الشبهة ما نصه : (( وقد وضع الناس لإحياء الشرك طرقاً متعددة ، فقالوا : إنا نؤمن أن الله هو الأصل المطاع ، غير أن الله أمرنا باتباع رسوله ، فهو اتباع مضاف إلى الأصل المطاع، وبناء على هذا الدليل الفاسد يصححون جميع أنواع الشرك ، فهل يصبح الأجنبي زوجا لمتزوجة بقول زوجها إنها زوجته ، ألا وإن الله لم يأمر بمثل ذلك ) إن الحكم إلاّ للّه(  (يوسف :40) . ([86]) .
يقال لعبد الله جكرالوي : أوجدنا أين برّأ الله رسله من هذه الأحاديث؟ وأين جعلها كفراً وشركاً ؟ وكيف يبرأ الإنسان من أقواله وأفعاله وتقريراته؟ ونحن لا نفرق بين الله ورسله ، بل نؤمن بالله ورسله ولا نفرق بين أحد منهم .
وأقوالهم هذه التي تفوهوا بها محض مشاقة لله ومعاندة سافرة للوحي المنزل، لأن الله دعا في كتابه إلى الإئتساء بالرسول فقال: ) لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة( (الأحزاب :21).، وقال سبحانه: ) وإن تطيعوه تهتدوا( (النور : 54).، فهل يقول من يصدق بهاتين الآيتين: إن اتباع الرسول e شرك.
ويظهر من أقوال الخواجه أحمد الدين أنه يرى أن الأدلة الدالة على طاعة الرسول e أدلة فاسدة ؛ لأن وصف الدليل بالفساد يرجع إلى ذاته ، ولو أراد فَهْمَ الناس للدليل لقال : إن استدلالهم فاسد ، فالله يأمر باتباع الرسول e وهم يأبون ذلك ويَعُدُّونه شركاً .
وما الكفر والشرك إلا في الطاعة التي يُتَدَيَّنُ بها ولم يُنْزِل الله بها من سلطان ، أما وصف ما أنزل الله به سلطاناً بالكفر والشرك فهو خروج عن ربقة الإسلام ، ووقوع في مهاوي الضلال ، فما أجرأهم على الله وأوسع حلم الله عليهم ‍‍!!
والمثال الذي ضربه الخواجه أحمد الدين بالغ القبح والشناعة ، وينبئ عن فجور قلبه وسوء أدبه ، حيث يشبه الرسول بالأجنبي الذي يطمع في زوجة غيره ، ويمثل الله سبحانه بما لا أعيد حكايته ، وإن كان ناقل الكفر للرد عليه ليس بكافر ، ثم إن الزوج لا يملك من زوجته شرعاً أن يبيحها من يشاء ، أما الله سبحانه فهو فعال لما يريد لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ، وقد حكم بأن الرسول يطاع بإذن الله.
أما قوله " إن الله لم يأمر بمثل ذلك) إن الحكم إلاّ للّه(" فنقول : قد أمر اللّه باتّباع الرسولe وقد مرّ آنفاً آيتان كريمتان فى ذلك ، ولا ريب أنّ الحكم للّه وقد حكم اللّه باتّباع رسولهe وطاعته ، فقال سبحانه : ) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى اللّه والرّسول إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر( (النّساء : 59) . وقال سبحانه : ) وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبينا( (الآحزاب : 36 ). وقال تعالى:) من يطع الرّسول فقد أطاع اللّه( (النّساء:80) . وقال سبحانه: ) وما أرسلنا من رسول إلاّ ليطاع بإذن اللّه( (النّساء : 64). فظهر من هذه الآيات أنّ القوم إنّما فيهم كيد الإسلام وكراهته، وجعله شيئاً آخر يوافق أهواءهم العليلة ،
كناطح صخرة يوماً ليوهنها         فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ.

يقولون: إن نسبة السنة إلى النبي e ليست يقينية ؛ لأنها :
أولاً : تأخر تدوينها ولا يوثق بناقليها .
وثانياً : رويت بالمعنى ، مع عدم كفالة الله بحفظها كالقرآن ، وكثرة ما غزاها من الأحاديث الموضوعة .
أما الشق الأول : فيقول عبد الله جكرالوي : (( لم تدون السنة أيام حياته عليه الصلاة والسلام ، وتناقلت([87]) سماعاً إلى القرن الثالث الهجري ، وإذا كان سامعونا لا يستطيعون ذكر ما تحدثنا عنه في خطبة الجمعة الماضية فكيف بسماع مائة سنة وصحة بيانه ))([88]) .
وأكد حشمت علي هذا المعنى فقال : (( إن الصحاح([89]) الستة التي يُفْتَخَرُ بها والتي يقال بحاجة القرآن إليها ، كل تلك الكتب جُمعت ودونت في القرن الثالث حسب إقرار المحدثين ))([90]) .
ويضيف عبد الله جكرالوي قائلاً : (( بالإضافة إلى هذا التأخر في تدوين السنة كان المجتمع المدني يضم كثيراً من المنافقين في صفوفه ، وقد استحالت معرفتهم على النبي e فخاطبه ربه بقوله : )ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين( (التوبة : 101) ، فهذه الآية وشبيهاتها تنفي معرفة الرسول بهم ، وأي شخص أكثر معرفة منه عليه الصلاة والسلام بهؤلاء ))([91]).
ووسع من هذا المفهوم في موضع آخر فقال : (( ليس في وسع المرء أن يطلع على حقيقة رواة الحديث صدقاً وكذباً ؛ لأنهما من الأمور الباطنية التي لا يطلع عليها إلا العليم بذات الصدور ))([92]) .
ويقول الحافظ أسلم: (( قد كان للعواطف البشرية يد في تصحيح السنة وتضعيفها ، وإنا لنرى توثيق الرواة لم ينحصر في الصدق فحسب ، بل تجاوزه إلى التلمذة والتشيخ والمشاركة الفكرية والعواطف والميول الوجدانية ))([93]) .
الرد على الفرية الأولى : وهي تأخر تدوين الحديث :
إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يُعْنَوْنَ بتدوين أحاديث رسول الله e في حياته وبعد مماته بإذن منه e .
روى البخاري بسنده عن همام بن منبه قال : سمعت أبا هريرة يقول : (( ما من أصحاب النبي e أحد أكثر حديثاً مني، إلا ما كان من حديث عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب )) ([94]) .
وروى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما فتح الله على رسوله e مكة … فقام أبو شاه - رجل من أهل اليمن – فقال : اكتبوا لي يا رسول الله فقال رسول الله e : (( اكتبوا لأبي شاه ))([95]) .
وأخرج البخاري بسنده عن أبي جحيفة قال : قلت لعلي : هل عندكم كتاب ؟ قال : لا، إلا كتاب الله ، أو فهم أعطيه رجل مسلم ، أو ما في هذه الصحيفة قال : قلت : فما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل ، وفكاك الأسير ، ولا يقتل مسلم بكافر ))([96]) .
وروى الإمام أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك من حديث أبي قبيل قال : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص وسئل أي المدينتين تفتح أولاً القسطنطينية أو رومية ؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق ، قال : فأخرج منه كتاباً ، قال : فقال عبد الله : بينا نحن حول رسول الله e نكتب إذ سئل رسول الله e أي المدينتين تفتح أولاً :قسطنطينية أو رومية ؟ فقال رسول الله e : (( مدينة هرقل تفتح أولاً يعني قسطنطينية )) ([97]) .
ففي هذه الأحاديث وغيرها كثير دليل صريح على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يكتبون الأحاديث النبوية ، وقد كانت لبعضهم صحائف مثل صحيفة عبد الله بن عمرو وصحيفة جابر بن عبد الله .
هذا وقد أحصى الدكتور محمد مصطفى الأعظمي الصحابة الذين كانوا يكتبون أو كانت لهم صحف فبلغ عددهم اثنين وخمسين صحابيا([98]) .
هذا جيل الصحابة فإذا جئنا إلى جيل التابعين نجد أن الكتابة انتشرت أكثر من جيل الصحابة فقد أوصل محمد مصطفى الأعظمي التابعين الذين كانت لهم صحائف ورسائل إلى أكثر من اثنين وخمسين ومائة تابعي([99]) .
ولعل مرد ذلك إلى الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز فقد روى أبو نعيم أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى الآفاق : (( انظروا حديث رسول الله e فاجمعوه ))([100]) .
وأصدر أمره إلى أبي بكر بن حزم أن (( انظر ما كان من حديث رسول الله e فاكتبه ، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ))([101]) .
وأما جيل تابعي التابعين فقد أخذت كتابة الأحاديث النبوية منحى آخر إذ أضيف إليها آثار الصحابة والتابعين وصُنفت على حسب الكتب والأبواب الفقهية .
وما من حاضرة من حواضر العالم الإسلامي إلا وقام علماؤها بتدوين هذه الكتب وتصنيفها ، وكانت هذه الكتب مادة أساسية للكتب الستة .
قال الحافظ ابن حجر : (( ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار وتبويب الأخبار لما انتشر العلماء في الأمصار وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار ، فأول من جمع ذلك الربيع بن صبيح ، وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما ، وكانوا يصنفون كل باب على حدة ، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة فدونوا الأحكام ، فصنف الإمام مالك الموطأ وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم ، وصنف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج بمكة، وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي بالشام ، وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة ، وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار بالبصرة ، ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي e خاصة ، وذلك على رأس المائتين ، فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسنداً ، وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسنداً، وصنف أسد بن موسى الأموي مسنداً ، وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر مسنداً ، ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم ، فقلَّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد ، كالإمام أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم من النبلاء ، ومنهم من صنف على الأبواب وعلى المسانيد معاً ، كأبي بكر بن أبي شيبة ))([102]) .
فسقط بذلك قول جكرالوي وبطلت دعواه أن تدوين الحديث تأخر إلى القرن الثالث .
أما قول حشمت علي : إن الصحاح الستة تأخر تدوينها إلى القرن الثالث فنقول : نعم ، دونت في القرن الثالث فكان ماذا ؟ .
لقد تبين آنفاً أن أصولها كانت مدونة مكتوبة([103])، ويظهر من مجموع كلام الرجلين أنهما ضلا في مفهوم السنة وأنهما يظنان أن السنة هي الكتب الستة .
أما تشبث جكرالوي بقوله تعالى : ) ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين(( التوبة : 101) .
فالجواب عنه في ثلاثة مقامات :
المقام الأول : عدم معرفة الرسول e بأعيان بعض المنافقين لا يقتضي الشك في أحاديث الرسول e ؛ لأن المنافقين كانوا معروفين بصفاتهم فكان الصحابة يأخذون حذرهم منهم ، ففي الصحيحين من حديث عتبان بن مالك لما صلى له النبي e في بيته فاجتمع إليه نفر من أهل الحي فقال قائل منهم : أين مالك الدخشن ؟ فقال بعضهم : ذلك منافق لا يحب الله ورسوله، فقال النبي e : لا تقل له ذلك، ألا تراه قد قال : لا إله إلا الله ، يريد بذلك وجه الله ؟ قال : قالوا : الله ورسوله أعلم ، أما نحن فو الله لا نرى ودّه وحديثه إلا إلى المنافقين فقال رسول الله e : (( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ))([104]) .
فظهر من هذا الحديث أن الصحابة كانوا في غاية الصرامة في شأن المنافقين بحيث اتهموا من جالسهم وخالطهم وإن لم يبلغ به الأمر إلى الكفر الباطني كما شهد بذلك الرسول e لمالك بن الدخشن([105]) ، أفتراهم يأخذون الأحاديث من المنافقين بعد ذلك ؟ أو ترى المنافقين يجرؤون على اختلاق الأحاديث وبثها في الناس مع أنهم معزولون عن المجتمع المؤمن ومنبوذون فيهم؟
وليس عند جكرالوي شبهة دليل على أن المنافقين كانوا يتصدون لبث الأحاديث المختلقة وروايتها في حياة رسول الله e وبعد مماته.
المقام الثاني : أن في الآية التي استدل بها ما يرد دعواه إذ أوعدهم الله عذابين في الدنيا قبل العذاب الشديد في الآخرة .
قال بعض المفسرين : أحد العذابين هو فضيحتهم بكشف أمورهم وتبيين سرائرهم للناس على لسان رسول الله e .
روى ابن جرير بسنده عن ابن عباس في قول الله : ) وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين( (التوبة :101) . قال : قام رسول الله e خطيباً يوم الجمعة فقال : اخرج يا فلان فإنك منافق ، فأخرج من المسجد ناسا منهم ففضحهم ))([106]) .
المقام الثالث : الاعتماد على الثقة في نقل الأخبار ضرورة دينية ودنيوية وأن وجود بعض الكذبة في المجتمع لا يسد عليهم باب نقل الأخبار وتلقيها من الثقات .
قال الله تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا(  (الحجرات :6) . ، ففي هذه الآية لم يأمر الله برد خبر الفاسق وتكذيبه جملة وإنما أمر بالتبين فدل ذلك على أنه يقبل خبر العدل ولا يُتبين فيه .
وإذا رُد خبر الفاسق والعدل جملة على السواء لوجود بعض الكذبة ومن لا يوثق بخبره في المجتمع بطلت الأخبار الصحيحة والروايات الثابتة ، وتعطلت حقوق الناس واختلت حياتهم واضطربت معيشتهم ، وهذا فاسد ضرورة ، وما أدى إليه – أعني فهمهم لآية سورة التوبة – فهو مثله .
أما ما ذهب إليه جكرالوي من أنه : (( ليس في وسع المرء أن يطلع على حقيقة رواة الحديث صدقا أو كذبا ؛ لأنهما من الأمور الباطنية التي لا يطلع عليها إلا العليم بذات الصدور )) وحاصله أنه أغلق باب معرفة عدالة النقلة وصدقهم من كذبهم .
فأقول : إن الله تعالى رد عليه فريته وأفسد عليه مزاعمه إذ قال :
 
) وأشهدوا ذوي عدل منكم ( (الطلاق:2) . ، وقال : ) واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ( (البقرة:282) .
وقال : ) يحكم به ذوا عدل منكم ( (المائدة : 95) .
ففي هذه الآيات أناط الله الشهادة والحكم بالشاهدين العدلين فدل ذلك على أن مناط العدالة([107]) يمكن الوقوف عليه والحكم بمقتضاه، فلو لم يمكن معرفة مناط العدالة لكان الله أمرنا بالمحالات والممتنعات، وهذا فاسد وما أدى إليه فهو فاسد مثله .
 وأما قول الحافظ أسلم إنه كان للعواطف البشريّة يد فى تصحيح السنّة وتضعيفها، ولم ينحصر التوثيق في الصدق بل تجاوزه إلى التلمذة والتشيّخ والمشاركة الفكرية .
فالجواب أن يقال : إنّ العدالة التى تشترط لراواي الحديث تشترط أيضا للمتصدّي للجرح والتعديل، فإذا كان يوثّق ويضعّف حسب الأهواء والميول فإنّه يسقط فى ميزان  المحدّثين ولا يحابون بهذا أحداً ، فقد وُجد منهم الطعن فى آبائهم وأبنائهم لأجل الاحتياط للرّواية ، أفتراهم بعد ذلك يعدّلون من انتمى إلى مذهبهم وشاركهم فكريّاً إن كان لا يستحقُّ ذلك ؟ . سُئل علي بن المديني عن أبيه فقال : اسألوا غيري ، فقالوا : سألناك ، فأطرق ثمّ رفع رأسه وقال : (( هذا هو الدّين أبي ضعيف))([108]) ورُوي عن أبي داود صاحب السنن أنه كذّب ابنه عبد الله([109]) وإ ن كان لهذه الكلمة تأويلٌ مقبول، إلاّ أنّ المقصود هنا إثبات أنّهم كانوا لا يحابون أباً ولا ابناً إذا تعلّق الأمر بالدّين .
الشق الثاني من شبهتهم : وهو كون السنة ليست يقينية بسبب روايتها بالمعنى مع عدم كفالة الله بحفظها ، وكثرة ما غزاها من الأحاديث الموضوعة .
يقول الحافظ أسلم : ((  كل الروايات التي نسبت إلى النبي e جاءت بالمعنى ولم تأت بألفاظه عليه الصلاة والسلام … والمعروف أن تغيير اللفظ موجب لتغيير المعنى ولو يسيرا ))([110]) .
ويقول برويز: ((اعلم أن الله عز وجل لم يتكفل بحفظ شيء سوى القرآن، فلذا لم يجمع الله الأحاديث كما أنه لم يأمر بجمعها ولا تكفل بحفظها)) ([111]).
ويقول عبدالله جكرالوي : " بعد وفاة الرسول  e بمئآت السنين نحت بعض النّاس هذه الهزليات من عند أنفسهم ثم نسبوها إلى محمّدٍ e وهو منها براء "([112]).
إن النبي e حث أمته على أن ينقلوا عنه سنته ويُعْنَوْا بها ويبلِّغوها كما سمعوها منه فقال : (( نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلّغه كما سمع، فرب مبلغ أوعى من سامع )) ([113]).
ولا شك أن أداء لفظ الحديث كما سمع هو الأولى والأجدر الذي يتحقق به دعاء النبي e لسامعه إلا أن المعنى هو المقصود الأول من الأحاديث واللفظ وسيلة ، فإذا روى الراوي الحديث وأصاب المعنى قبل منه ذلك .
وقد وضع أهل العلم لرواية الحديث بالمعنى ضوابط تكفل صونه من تغيير المعنى .
قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي : (( قال جمهور الفقهاء : يجوز للعالم بمواقع الخطاب ومعاني الألفاظ رواية الحديث على المعنى ، وليس بين أهل العلم خلاف في أن ذلك لا يجوز للجاهل بمعنى الكلام وموقع الخطاب ، والمحتمل منه وغير المحتمل .. فأما الدليل على أنه ليس للجاهل بمواقع الخطاب، وبالمتفق معناه والمختلف من الألفاظ فهو أنه لا يؤمن عليه إبدال اللفظ بخلافه بل هو الغالب من أمره .
وأما الدليل على جواز ذلك للعالم بمعناه ..[ فهو ]([114]) اتفاق الأمة على أن للعالم بمعنى خبر النبي e وللسامع بقوله أن ينقل معنى خبره بغير لفظه وغير اللغة العربية ، وأن الواجب على رسله وسفرائه إلى أهل اللغات المختلفة من العجم وغيرهم أن يرووا عنه ما سمعوه وحملوه مما أخبرهم به وتعبدهم بفعله على ألسنة رسله سيما إذا كان السفير يعرف اللغتين .. وإذا ثبت ذلك صح أن القصد برواية خبره وأمره ونهيه إصابة معناه وامتثال موجبه ، دون إيراد نفس لفظه وصورته .
وعلى هذا الوجه لزم العجم وغيرهم من سائر الأمم دعوة الرسول إلى دينه والعلم بأحكامه .
ويدل على ذلك أنه إنما ينكر الكذب والتحريف على رسول الله e وتغيير معنى اللفظ ، فإذا سلم راوي الحديث على المعنى من ذلك كان مخبرا بالمعنى المقصود من اللفظ ، وصادقا على الرسول e ))([115]) .     
قال المعلمي : (( ولو قلت لابنك : اذهب فقل للكاتب : أبي يدعوك ، فذهب وقال له : والدي – أو الوالد – يدعوك ، أو يطلب مجيئك إليه ، أو أمرني أن أدعوك له ، لكان مطيعا صادقاً ، ولو اطلعت بعد ذلك على ما قال فزعمت أنه  قد عصى أو كذب وأردت أن تعاقبه لأنكر العقلاء عليك ذلك ، وقد قص الله عز وجل في القرآن كثيرا من أقوال خلقه بغير ألفاظهم ؛ لأن من ذلك ما يطول فيبلغ الحد المعجز ، ومنه ما يكون عن لسان أعجمي ، ومنه ما يأتي في موضع بألفاظ وفي آخر بغيرها ، وقد تتعدد الصور كما في قصة موسى ، ويطول في موضع ويختصر في آخر ، فبالنظر إلى أداء المعنى كرر النبي e بيان شدة الكذب عليه ، وبالنظر إلى أداء اللفظ اقتصر على الترغيب .
واعلم أن الأحاديث الصحيحة ليست كلها قولية ، بل منها ما هو إخبار عن أفعال النبي e وهي كثيرة ، ومنها ما أصله قولي ، ولكن الصحابي لا يذكر القول ، بل يقول : أمرنا النبي e بكذا ، أو نهانا عن كذا ، أو قضى بكذا ، أو أذن في كذا ، وأشباه هذا وهذا كثير أيضا .
وهذان الضربان ليسا محل نزاع ، والكلام فيما يقول الصحابي فيه : قال رسول الله e كيت وكيت ، أو نحو ذلك .
ومن تتبع هذا في الأحاديث التي يرويها صحابيان أو أكثر ووقع اختلاف فإنما هو في بعض الألفاظ ، وهذا يبين أن الصحابة لم يكونوا إذ حكوا قوله e يهملون ألفاظه البتة ، لكن منهم من يحاول أن يؤديها فيقع له تقديم وتأخير ، أو إبدال الكلمة بمرادفها ونحو ذلك .
ومع هذا فقد عرف جماعة من الصحابة كانوا يتحرون ضبط الألفاظ ، وكان ابن عمر ممن شدد في ذلك ، وقد آتاهم الله من جودة الحفظ ما أتاهم .
فعلى هذا ما كان من أحاديث المشهورين بالتحفظ فهو بلفظ النبي e، وما كان من حديث غيرهم فالظاهر ذلك ؛ لأنهم كلهم كانوا يتحرون ما أمكنهم ، ويبقى النظر في تصرف من بعدهم ))([116]) .
أما قول برويز إن الله لم يتكفل بحفظ السنة فنقول : إن الله تكفل بحفظ الذكر ، وهو يشمل القرآن والسنة لأنها بيان له لا تنفك عنه ، ومظاهر حفظ الله للسنة النبوية بادية أمامنا ، إذ لم تخل العصور الإسلامية من حفاظ الحديث الذين شمّروا عن ساعد الجدّ لحفظه في صدورهم وتتبعه من أفواه الرجال وقطع المفاوز والفيافي للقاء من سبقهم من الحفاظ ، واشتد حرص كثير منهم في كتابة ما سمعوه فاجتمع لهم الضبطان: ضبط الصدر وضبط الكتاب، ثم كانوا إذا أرادوا أن يرووا عن رجل سألوا عنه وفحصوا حاله حتى كان يقال لبعضهم: أتريدون أن تزوجّوه، كل ذلك احتياطاً للسنة، ونشأ عن ذلك علمٌ قائم بنفسه هو علم الرجال، بحيث لا يخفى على المعنيّ بأمر الحديث حال الرواة جرحاً وتعديلاً، وهو علمٌ لا يوجد عند الأمم غير الإسلامية، فمن عرف اجتهاد المحدثين ونصحهم للأمة علم مدى عناية الله سبحانه بحفظ السنة النبوية .
أما إلغاء حجية السنة بسبب وجود أحاديث موضوعة فسيأتي في الجواب عن الشبهة الثامنة الكلام عن وجود الغش في النفائس عموماً ، وأن هذا لم يصدَّ الناس عن أخذ الصحيح وترك المغشوش ، هذا في الأمور الدنيوية فكيف يتركهم الله عُمياً فاقدي البصائر فيما يتعلق بدينهم؟ هذا بعيد عن حكمة الله .
ثم إن العلماء وضعوا لمعرفة الحديث الموضوع ضوابط تعين على إدراكه ليُعرف فيحذرَ ، منها :
اشتمال الحديث على مجازفات لا يقول مثلها رسول الله كحديث
(( من صلى الضحى كذا وكذا ركعة أعطي ثواب سبعين نبياً )) قال ابن قيم الجوزية : ((وكأن هذا الكذاب الخبيث لم يعلم أن غير النبي لو صلى عمر نوح عليه السلام لم يعط ثواب نبي واحد ))([117]) .
تكذيب الحس له .
سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه كحديث (( لو كان الأرز رجلاً لكان حليماً ، ما أكله جائع إلا أشبعه )) .
مناقضة الحديث لما جاءت به السنة الصريحة المتواترة مناقضة بينة ، فكل حديث يشتمل على فساد أو ظلم أو عبث أو مدح باطل أو ذم حق ، أو نحو ذلك فرسول الله منه بريء .
 أن يُدّعى على النبي أنه فعل أمراً ظاهراً بمحضر من الصحابة كلهم وأنهم اتفقوا على كتمانه ولم ينقلوه كما يزعم الرافضة أن النبي أخذ بيد علي بن أبي طالب بمحضر من الصحابة كلهم ، وهم راجعون من حجة الوداع ، فأقامه بينهم حتى عرفه الجميع ثم قال : (( هذا وصيّي وأخي والخليفة من بعدي )) ([118]) .
 أن يكون الحديث باطلاً في نفسه كحديث (( المجرة التي في السماء من عرق الأفعى التي تحت العرش ))([119]) .
 أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء ، فضلاً عن كلام رسول الله الذي هو وحي يوحى كحديث (( النظر إلى الوجه الجميل عبادة ))([120]) .
 ومنها أن يكون في الحديث تاريخ كذا وكذا مثل قوله : (( إذا كان سنة كذا وكذا وقع كيت وكيت ، وإذا كان شهر كذا وكذا وقع كيت وكيت )) .
 أن يكون الحديث بوصف الأطباء والطرقية أشبه وأليق .
أن يكون الحديث مما تقوم به الشواهد الصحيحة على بطلانه كحديث عوج بن عنق الطويل ففي حديثه أن طوله كان ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثاً ، مع أنه صحّ عن النبي أن طول آدم ستون ذراعاً ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ))([121]) ([122]) .
مخالفة الحديث صريح القرآن كحديث مقدار الدنيا وأنها سبعة آلاف سنة ، قال ابن قيم الجوزية : (( وهذا من أبين الكذب ، لأنه لو كان صحيحاً لكان كل أحد عالماً أنه قد بقي للقيامة من وقتنا هذا مئتان وإحدى وخمسون سنة . قال تعالى: )يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ، ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة، يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله( (الأعراف:187) ([123]).
أن تكون ألفاظ الحديث أو معانيه ركيكة يمجها السمع ويدفعها الطبع ويسمج معناها للفطن كحديث (( إن لله ملكاً من حجارة يقال له : عمارة ينـزل على حمار من حجارة كل يوم فيسعر الأسعار ثم يعرج ))([124]) .
ما يقترن بالحديث من القرائن التي يُعلم بها أنه باطل مثل حديث وضع الجزية عن أهل خيبر ، قال ابن قيم الجوزية ، (( وهذا كذب من عدة وجوه : أحدها أن فيه شهادة سعد بن معاذ ، وسعد قد توفي قبل ذلك في غزوة الخندق . ثانيها : أن فيه (( وكتب معاوية بن أبي سفيان )) هكذا ، ومعاوية إنما أسلم زمن الفتح ، وكان من الطلقاء )) إلى آخر الوجوه التي أوصلها إلى عشرة([125]) .
ولم يكتفوا ببيان تلك الضوابط ، بل أفردوا الموضوعات بكتب نُشر أكثرها ، من أعظمها " الموضوعات " لابن الجوزي واشتمل على نحو خمسين كتاباً على ترتيب الكتب المصنفة في الفقه .
كما أن كتب العلل تذكر كثيراً من الحديث الموضوع ، فهي السباقة لتنبيه الناس إلى الأحاديث الموضوعة ، ولم يقتصروا على ذلك بل ألّفوا كتباً لبيان الضعفاء والمتروكين والوضاعين وأحاديثهم كالضعفاء للعقيلي والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي وكتاباهما جامعان لما سبقهما من الكتب المؤلفة في الضعفاء كالضعفاء لعلي بن المديني والضعفاء للبخاري والشجرة في أحوال الرجال للجوزجاني والضعفاء والمتروكين للنسائي .
فكيف يحاول رجال بعد ذلك نزع الثقة بالسنة لوجود الأحاديث الموضوعة التي ميّزها أهل العلم وأُمن اختلاطها بالصحيح؟ فما مَثَلُهم في محاولتهم تلك إلا كمثل متطبب جاهل عُرِض عليه مريض مصاب بخراج في إحدى أصابع يده ويكفيه إزالة هذه الأصبع وحدها فقال ذلك الجاهل : لا علاج له إلا بتر اليد من أصلها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( الواجب أن يفرق بين الحديث الصحيح والحديث الكذب ، فإن السنة هي الحق دون الباطل ، وهي الأحاديث الصحيحة دون الموضوعة فهذا أصل عظيم لأهل الإسلام ))([126]) .

 زعمهم أن التمسك بالسنة يفرق الأمة وأنها لو انسلخت منها
لاتحدت .
يقول جكرالوي: (( لا ترتفع الفرقة والتشتت عن المسلمين ، ولن يجمعهم لواء ولا يضمهم مكتب فكر موحد ، ما بقوا متمسكين بروايات زيد وعمرو ))([127]) .
ويؤكد المعنى نفسه حشمت علي فيقول : ((  لن تتحقق وحدة المسلمين ما لم يتركوا كتبهم الموضوعة في طاعة الرسول e ، ولن يروا سبيل الرقي والتقدم ما لم يمح عنهم التشتت والفرقة ))([128]) .
ويقول برويز : ((  قد فاق تقديس هذه الكتب ( كتب السنة ) كل التصورات البشرية ، مع أنها جزء من مؤامرة أعجمية استهدفت النيل من الإسلام وأهله ))([129]) .
ويعلل ذلك فيقول : ((  فما أصحاب الصحاح الستة[130] إلا جزء من تلك المؤامرة، لذا نجدهم إيرانيين جميعا ، لا وجود لساكن الجزيرة بينهم ، والشيء المحير للعقول أن العرب لم يسهموا في هذا العمل البناء ، بل أسندوا جمع الأحاديث وتدوينها إلى العجم حتى تم بناء هذا الصرح المؤامر ))([131]) .
الرد:
 أثبت الواقع أن المسلمين لما كانوا متمسكين بالسنة كانوا أكثر ترابطاً وانسجاماً وقوة وغلبة للأعداء ، وأن الأمر انعكس لما خالف بعضهم السنة ، فقد ذكر الله أن نسيان حظ مما ذكر الناس به يؤجج نار العداوة والبغضاء بينهم، قال تعالى : ) فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة( (المائدة:14) . ، وقالe : ((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنة نبيه ))([132]) ، ثم إنكم انسلختم عن السنة فهل اتحدتّم ؟ بل أنتم مختلفون فيما بينكم شر اختلاف ، فبرويز رد على جكرالوي ، وأصبحتم أربع فرق ولم تتفقوا فيما بينكم على عدد ركعات الصلوات فضلا عن بقية الشعائر التعبدية ، وسائر المعاملات .
أما (( أسباب التفرق والاختلاف الواجب تركها باتفاقهم ([133]) [ف] هي الجهل والهوى والتعصب ، وكذلك الخطأ بقدر الوسع . فأما أن يترك أحدهم ما يراه حقا فلا قائل به ، بل هو محظور باتفاقهم  ))([134]) .
وأما قول برويز : إنها مؤامرة أعجمية إيرانية : فالجواب : أن أصول هذه الكتب الستة ألفها علماء الحجاز والعراق واليمن ، مثل موطأ مالك بن أنس ، وموطأ عبد الله بن وهب تلميذ الإمام مالك ، وموطأ ابن أبي ذئب ، وسنن الشافعي ، ومسند الحميدي القرشي ، وجامع سفيان بن عيينة شيخ مكة ، ومسند ابن أبي عمر العدني المكي ، وسنن ابن جريج المكي ، ومصنف عبد الرزاق الصنعاني ، وجامع معمر بن راشد الصنعاني ، ومصنف وكيع بن الجراح الكوفي ، وحماد بن سلمة البصري ، ومسند أبي داود الطيالسي البصري ، ومسند ابن أبي عاصم البصري الكوفي ، ومسند ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة الكوفي ، ومصنف أبي الربيع سليمان بن داود العتكي البصري ، ومسند أحمد بن حنبل أكبر مسند في الدنيا وقلَّ أن يثبت حديث إلا وهو فيه([135]) ، ومسند عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي ، ومسند يحيى بن عبد الحميد الحماني الكوفي ، ومسند مسدد بن مسرهد البصري ، ومسند أبي جعفر محمد بن عبد الله الكوفي ، ومسند أحمد بن منيع البغدادي ، ومسند عثمان بن أبي شيبة العبسي الكوفي([136]) .
فهذه أربعة أضعاف الكتب الستة ألفها علماء الجزيرة ، وكلهم في طبقة مشايخ أصحاب الكتب الستة أو مشايخ مشايخهم ، أو مشايخ مشايخ مشايخهم ، وهي أصول هذه الكتب الستة .
ومع ذلك لم يكونوا كلهم إيرانيين كما زعم برويز ، بل بعضهم من أصول عربية بالاتفاق، فمسلم عربي من بني قشير ، والترمذي عربي من بني سليم ، وأبو داود عربي من قبيلة أزد .
مع أن ذمّ جنس من أجناس البشر لم يرد به شرع ولم يدل عليه عقل ، بل مدح رسول الله e أهل فارس ، وخرَّجت بلاد فارس علماء نوابغ في كل العلوم : تفسيراً ، وحديثاً ، وفقهاً ، ولغة ، وإنما غلب عليها الرفض أيام إسماعيل الصفوي أوائل القرن العاشر الهجري .
أما أن الكتب الستة جزء من مؤامرة أعجمية فإن كانت هناك مؤامرة أعجمية فأنتم قد حزتم النصيب الأوفر منها ؛ لأنكم قمتم واستفرغتم وسعكم لنقض أصول الإسلام من أصلها ، فلا مؤامرة أخبث من مؤامرتكم وهم أقرب نسباً إلى العرب منكم ، فلا وجه لتعييركم إياهم بالعجمة .

 تتلخص هذه الشبهة في قولهم : إن الخطاب بالأحاديث كان موجهاً لأمة خاصة وهم العرب في زمن النبي e بما يوافق ظروفهم الخاصة ، فلا تلزمنا طاعته إذ كانت مقيدة بزمنه ، وزالت بوفاته e .
يقول الخواجه : (( اعلم أن طاعة الرسول e كانت طاعة مقيدة بزمنه، وامتثال أحكامه ، لا تتجاوز حياته ، وقد أوصد هذا الباب منذ وفاته عليه الصلاة والسلام ))([137]) .
ويشرح حشمت علي هذه الشبهة فيقول : (( لقد كانت إرشاداته e تصدر وفق ظروف أصحابه ، ولو كنا في تلك الآونة لوجب علينا اتباع أقواله وإرشاداته عليه الصلاة والسلام .. وكما أن خطاب القرآن عام عندنا غير أن المخاطبين بالأحاديث أمة خاصة وهم العرب ))([138]) .
الرد:
 ما أشبه قولة القرآنيين بمقالة بعض أهل الكتاب الذين قالوا : إن محمدا رسول الله لكن إلى العرب خاصة .
فنقول للقرآنيين : هل الأحاديث لازمة للعرب إلى يوم القيامة بمعنى أنهم إذا بلَّغ بعضهم بعضا كانت الحجة عليهم قائمة بذلك ، فإن كنتم تقولون بذلك فما الفرق بين العرب والعجم ؟ لأن رسالة الرسول e عامة للخلق كلهم إلى يوم القيامة ، قال تعالى : ) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ( (الأعراف:158). ، وقال تعالى : ) وأرسلناك للناس رسولا( (النساء: 79)، وقال سبحانه : ) وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً( (سبأ:28)، وقال تعالى: ) يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ((المائدة: 67)، حذف المفعول الثاني إرادة عموم المبلَّغين .
وقال سبحانه : ) وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ( (الأنعام:19)  أي من بلغه القرآن ومن لم يكن في زمن الرسول e .
وقال الرسول e في وصيته يوم الحج الأكبر : ( ليبلغ الشاهد
الغائب )([139]) ، فإن كانت الحجة لا تقوم بالسنة، لما أمرهم النبي
e بتبليغ الغائب الصادق على من هو في هذه الأعصر المتأخرة .
فأتمر الصحابة أمر النبي e ، فبلغوا القرآن والحديث على أنهما الدين الذي جاء به محمد e .
بل كان الصحابة يتطلبون سنة رسول الله e بعد وفاته ، فإذا بلغهم الحديث عن صحابي آخر عن النبي e لم يترددوا في قبوله ، وهذه كانت عادة الخلفاء الراشدين ، فأبو بكر كان يحكم بكتاب الله ، فإن لم يجد فبسنة رسول الله e ، فإن لم يجد سأل الصحابة إن كان عند أحد منهم حديث عن رسول الله e في القضية ، فإن وجد ذلك حكم به ، وكذلك عمر ، وعثمان، وعلي ، فإن لم يجدوا سنة عندهم ، أو عند غيرهم من الصحابة اجتهدوا رأيهم .
وكان عمر لا يورّث المرأة من دية زوجها ، ثمّ ورّثها لرواية الضحاك بن سفيان عن النبي توريثها([140]) .
وانظر قصة أبي موسى الأشعري مع عمر في الاستئذان حيث لم يقل عمر : ما سمعنا من رسول الله e أيام حياته أخذنا به ، وما بلغنا عنه بعد وفاته لا يلزمنا،  لأنه يعلم أن ذلك ينافي الإيمان برسالة محمد e .
وانظر إلى ابن عمر إذ تروي له عائشة حديثا عن النبي e بعد وفاته فيأخذ به .
(( فإذا كان حكم الآيات القرآنية لا يختص بزمن ولا بأشخاص معدودين ، فكذلك السنة ، إذ لا فرق بين أحكام الكتاب وأحكام السنة لصدورهما من مصدر واحد .. ، ولأن رسالته عامة شاملة للخلق أجمعين ، فيجب ضرورة أن تكون سنته كذلك ، لعدم الخلف بين أحكامها وأحكام القرآن ، ومن ثم لا فرق في تطبيق الأحكام الثابتة بالكتاب والسنة بين من شاهد التنزيل وعاصره وبين من ولد في عصر الذرة وآمن برسالة محمد عليه الصلاة والسلام تصديقاً بخبر الله ))([141]) .

يقول الحافظ أسلم : (( إن الأحاديث انتقدت علمياً ما أفقدها صفة التدين ؛ لأن الأمور الدينية لا يدخلها النقد وآراء الرجال ))([142]) إلى أن قال : ((الاعتراضات الموجهة للإسلام من غير أهله لا تأتي إلا عن طريق الأحاديث التي أقر المسلمون بصحتها وهي موضوعة الأصل لا صلة لها بالدين ))([143]) .
ويؤكد محب الحق هذا المعنى فيقول : (( يجب نبذ تلك الأحاديث التي توصل الإسلام إلى بوتقة الهدف والاتهام ؛ لأن نبي الإسلام بريء منها ))([144]) .
الرد:
 لا يخفى أن النفيس من كل شيء يُتَغالى في الحصول عليه، وتبذل الأموال والنفوس لاقتنائه ، فللقيمة العالية للحديث النبوي أراد كل صاحب هوى أن يتقوى به ، وتبارت الطوائف في إيجاد سند لها منه حتى تنفق بضاعتها ويسمع قولها .
لكن هل معنى ذلك أن ما راموه تحقق لهم وأنهم ظفروا بمطلوبهم ؟ كلا، فلقد قيض الله للذود عن حياض السنة رجالا اصطنعهم لنفسه، وأمدهم بروح منه ، وأراد إكرامهم وإعلاء درجاتهم بذلك الجهاد، فنقدوا الزيف والبهرج حتى مازوه ، وبقي المحض النقي فحرزوه واحتازوه .
والذي يقول: لا نقبل الحديث؛ لأنه وجه النقد إلى بعض المنسوب إليه.
نقول له : إنك في تعاملك الدنيوي تقبل أشياء يكثر الغش والتزييف فيها وتعدها ضرورية للحياة ، وأنه يمكن تمييز جيدها من رديئها فلا ترفض رفضا كلياً ، ولم يزل الناس يهتدون إلى الجيد منها بوسائل يسخرها الله لهم ، ولم يتكفل الله بحفظها كما تكفل بحفظ الوحي ، فلا تجعل يا منكر السنة الحديث النبوي أدنى مرتبة من هذه المرغوبات الدنيوية .
و (( لا يكاد يدخل الضرر إلا على من لا يرجع إلى أهل الخبرة من جاهل ومقصر ومن لا يبالي ما أخذ ، والمؤمن يعلم أن هذه ثمرة عناية الله عز وجل بعباده في دنياهم ، فما الظن بعنايته بدينهم ؟ لا بد أن تكون أتم وأبلغ))([145]) .            


- آداب البحث والمناظرة .

لمحمد الأمين الشنقيطي ، مكتبة ابن تيمية بالقاهرة ، دون تاريخ .

- أثر الفكر الغربي في انحراف المجتمع المسلم بشبه القارة الهندية .

خادم حسين إلهي بخش ، دار حراء ، مكة المكرمة ، ط1 ، 1408 هـ .

- الأنوار الكاشفة لما في كتاب " أضواء على السنة " من الزلل والتضليل والمجازفة .

لعبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني ، عالم الكتب ، 1403 هـ .

- الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية .

لابن بطة العكبري ، دار الراية ، ط 2 ، 1415 هـ .

- الإحكام في أصول الأحكام .

لابن حزم ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، ط2 ، 1403 هـ .

- إعلام الموقعين عن رب العالمين .

ابن قيم الجوزية ، تعليق : طه عبد الرؤوف سعد ، مكتبة الحاج عبد السلام بن شقرون ، 1388 هـ .

- الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع .

للقاضي عياض ، تحقيق : السيد أحمد صقر – الطبعة الثانية ، دار التراث والمكتبة العتيقة ، 1398 هـ .

- تذكرة الحفاظ للذهبي .

دار إحياء التراث العربي، مصورة عن طبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد، الدكن- الهند .

- تفسيير القرآن العظيم .

عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، تحقيق : حكمت بشير ياسين ، مكتبة الدار، المدينة النبوية .

- تكملة معجم المؤلفين .

لمحمد خير رمضان ، دار ابن حزم ، 1418 هـ .

- تهذيب الآثار والسنن .

للطبري ، تحقيق : محمود شاكر ، مطبعة المدني ، القاهرة ، دون تاريخ .

- جامع بيان العلم وفضله .

لأبي عمر يوسف بن عبد البر ، تحقيق : أبي الأشبال الزهيري ، دار ابن الجوزي ، ط4، 1419 هـ .

- جامع البيان عن تأويل القرآن .

محمد بن جرير الطبري ، تحقيق : محمود شاكر ، دار المعارف بمصر ، دون تاريخ .

- دراسات في الحديث النبوي .

محمد مصطفى الأعظمي ، نشر جامعة الرياض ، دون تاريخ .

- ذكر أخبار أصبهان .

لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، دار الكتاب الإسلامي ، مصورة عن طبعة المستشرق الألماني سفن ديدرنج SEVEN DEDERING  ، دون تاريخ.

- الرسالة .

محمد بن إدريس الشافعي ، تحقيق : أحمد محمد شاكر ، المكتبة العلمية ، بيروت ، دون تاريخ .

- سلسلة الأحاديث الصحيحة .

محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي – الطبعة الرابعة ، 1405 هـ.

- سنن أبي داود .

ضبط وتعليق : محمد محيي الدين عبد الحميد ، دار الفكر .

- سنن ابن ماجه .

تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي ، دار الحديث – دون تاريخ .

- سنن الترمذي .

تحقيق : إبراهيم عطوة ، طبعة مصطفى الحلبي – ط 2 ، 1395 هـ .

- السنن الكبرى .

للبيهقي ، دار الفكر ، دون تاريخ .

- السنة .

محمد بن نصر المروزي ، تحقيق : سالم بن أحمد السلفي ، مؤسسة الكتب الثقافية ، ط1 ، 1408 هـ .

- شرح الإلمام لابن دقيق العيد .

- شرح صحيح مسلم

يحيى بن شرف محيي الدين النووي، دار إحياء التراث العربي، ط3، 1404هـ.

- الشريعة للآجري .

تحقيق عبد الله الدميجي ، دار الوطن ، الرياض ، ط1 ، 1418 هـ .

- صحيح البخاري .

نسخة فتح الباري .

- صحيح الجامع الصغير وزيادته .

محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي ، ط2 ، 1406 هـ .

- فتح الباري شرح صحيح البخاري .

أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، تحقيق : عبد العزيز بن باز ، المكتبة السلفية ، دون تاريخ .

- القرآنيون وشبهاتهم حول السنة .

خادم حسين إلهي بخش ، مكتبة الصدّيق بالطائف ، ط1 ، 1409 هـ .

- الكفاية في علم الرواية .

للخطيب البغدادي ، دار الكتب الحديثة بالقاهرة ، 1410 هـ .

- المجروحون .

لمحمد بن حبان البستي (ت 354 هـ)، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار المعرفة.

- مجلة الأصالة .

عدد ( 23 ) 15 / شعبان / 1420 هـ ، تصدر في الأردن .

- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية-جمع عبدالرحمن بن محمد بن قاسم وابنه، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف 1416هـ .

- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز .

جمع وإشراف محمد بن سعد الشويعر، رئاسة البحوث العلمية والإفتاء، ط 2، 1416 هـ .

- المدخل إلى السنن الكبرى .

للبيهقي ، تحقيق : محمد ضياء الرحمن الأعظمي ، مكتبة أضواء السلف، ط2، 1420هـ .

- المستدرك .

الحاكم النيسابوري ، دار الكتب العلمية ، مصورة عن طبعة دائرة المعارف العثمانية بالهند ، دون تاريخ .

- المسند .

أحمد بن حنبل ، مؤسسة الرسالة ، ط1 ، 1415 هـ .

- المصادر المكتوبة للبخاري في صحيحه (( كتاب الوضوء )) .

محمد عبد الله أبو بكر باجعمان ، رسالة مكتوبة بالحاسب الآلي مقدمة لكلية التربية بالمدينة لإكمال متطلبات الحصول على الماجستير ، 1409 هـ .

- المصعد الأحمد إلى مسند أحمد .

ابن الجزري ، طبع في مقدمة المسند لأحمد بن حنبل ، تحقيق : أحمد شاكر ، دار المعارف بمصر ، 1377 هـ .

- معرفة الصحابة .

لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن عبد الله الأصبهاني ، تحقيق : عادل العزازي ، دار الوطن ، ط1 ، 1419 هـ .

- مفاتيح الغيب

محمد بن عمر الرازي ، دار الفكر ،ط3 ، 1405 هـ 

- مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة .

للسيوطي ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية ، ط 1 ، 1407هـ .

- مقدمة ابن الصلاح .

تحقيق : بنت الشاطئ ، دار المعارف – الطبعة الثانية ، 1409 هـ .  

- المنار المنيف في الصحيح والضعيف .

ابن قيم الجوزية ، دار الكتب العلمية ، 1408 هـ .

- مناقب الشافعي .

للبيهقي، تحقيق: السيد أحمد صقر، مكتبة دار التراث ، القاهرة ، دون تاريخ.

- الموطأ .

مالك بن أنس ، طبع مع شرحه تنوير الحالك ، مصطفى الحلبي ، الطبعة الأخيرة 1370 هـ .

- ناسخ الحديث ومنسوخه .

عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين ( ت 385 هـ ) تحقيق سمير الزهيري ، مكتبة المنار ، الأردن ، ط1 ، 1408 هـ .

- النحو الوافي لعباس حسن- دار المعارف بمصر ط5 دون تاريخ.

- النكت على مقدمة ابن الصلاح .

محمد بن بهادر الزركشي. تحقيق: زين العابدين بن محمد، مكتبة أضواء السلف، 1419ه‍.

- هدي الساري مقدمة فتح الباري .

ابن حجر العسقلاني ، المكتبة السلفية،دون تاريخ  

- الوصية الكبرى .

ضمن مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية ، مكتبة محمد علي صبيح وأولاده بالقاهرة ، 1385 هـ  .

- الوضع في الحديث .

عمر بن حسن عثمان فلاتة ، مكتبة الغزالي ، دمشق ، 1401 هـ .





المقدمة 1

الفصل الأول : 6

المبحث الأول: ضرورة اعتماد السنة لسلامة فهم القرآن 6

المبحث الثاني: خلاصة جهود من سبقنا في الدفاع عن السنة 12

المبحث الثالث: حكم منكر حجية السنة 17

الفصل الثاني 22

الشبهة الأولى. 22

الشبهة الثانية. 26

الشبهة الثالثة. 28

الشبهة الرابعة. 28

الشبهة الخامسة 28

الشبهة السادسة. 28

الشبهة السابعة. 28

الشبهة الثامنة. 28

فهرس المصادر 28

فهرس الموضوعات 28


يتعرض هذا البحث للرد على شبهات منكري السنة في شبه القارة الهندية الذين تسموا بأهل القرآن ، وتمت مناقشتها على ضوء الكتاب والسنة وكلام أهل العلم المعتد بهم ، وتبين أن هذه الشبهات سبقوا إلى معظمها من منكري السنة قديماً وحديثاً ، فمقولة " حسبنا كتاب الله " هي مقولة الخوارج القدامى ، وإثارة قضيتي تأخر تدوين السنة وروايتها بالمعنى سبقهم إليها المستشرقون ، إلا أن القرآنيين تميزوا بالجهل المطبق بالسنة عموماً وبكلام أهل العلم في علومها ، وغالب ما يعتمدون عليه ترجمات المطاعن التي يؤلفها أهل لغتهم ، وتميزوا أيضاً بالجرأة وقلة الأدب في رد السنة ، كما أنهم انفردوا بإنكار السنة العملية المجمع عليها وإسناد أمر التشريع إلى مركز الملة عندهم بعد استبعاد الرسول من ذلك المنصب ، والتصريح بأن طاعته لا تلزمهم في هذا العصر
وتناول البحث حكم منكر السنة في الإسلام ، وبيان جهود من سبقونا إلى الدفاع عن السنة .
وقد اتضح من خلال البحث أن القرآن لا يمكن فهمه فهماً سليماً بمعزل عن السنة ؛ لأن الله وضع رسوله (صلي الله عليه وسلم)  موضع البيان من القرآن ، وذلك البيان يشمل اللفظ والمعنى ، فإذا كان بيان المعنى نهباً مشاعاً لكل ملحد وكان الرسول (صلي الله عليه وسلم)  معزولاً عن تلك الولاية ، فما جدوى تشدقهم بأن الله تكفل بحفظ القرآن ، فهل هذا هو الحفظ المطلوب والمجدي ؟ .
أما تدوين الحديث فقد بدأ في عهد الرسول (صلي الله عليه وسلم)  وكان بعض الصحابة يكتبون الحديث بإذن من النبي (صلي الله عليه وسلم)  ، وكانت النسخ والصحف منتشرة في عهود الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، وهي مصادر الكتب الستة التي يوجه القرآنيون طعونهم إليها بوجه خاص .
أما الرواية بالمعنى فإنه لم يحصل منها إضرار بالسنة ؛ إذ لم تقبل إلا من عارف باللغة وربما يُغير المعنى ، فإذا أُمِنَ إحالة المعنى حصل المقصود ، إذ اللفظ وسيلة ، ومع ذلك فإن الأمر لم يكن كما يريدون أن يُوهموا الناس من أن السنة كلّها مرويّة بالمعنى ، وإنما كان هناك من يحرص على أداء اللفظ كما سمع وهو الأفضل .
والناس يظلون متّحدين ما دام يجمعهم حقّ مشترك ، وهذا الحق هو الكتاب والسنة وإجماع السلف ، وإنما يأتي التفرق والاختلاف من ترك بعضهم بعضَ الحق ، فيتفرقون شذر مذر ، وهذا واقع القرآنيين ؛ فإنهم الآن أربع فرق متباينة ، فلم يجمعهم إنكارهم للسنة ، فكيف يطالبون المسلمين بترك السنة بُغية الاتحاد ؟ بئس ما تمنّوا وساء ما حكموا ؟

([1]) أخرجه أحمد في المسند ( 4 / 127 ) وأبو داود ( 4607 ) والترمذي ( 2676 ) وابن ماجه ( 43 ) وهو حديث صحيح .
([2]) أخرجه أبو داود ( 4605 ) والترمذي ( 2663 ) والحاكم في المستدرك ( 1 / 108 ) وقال : صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي .
([3])  هلك في 1985 م .
([4])  ثمّ رأيت الدكتور محمد أمان سبقني إلى هذا المعنى في كتابه " السنة ومنزلتها في التشريع الإسلامي " .
([5])  أشار إلى العمالة للاستعمار الخبير بهم الدكتور محمد مصطفى الأعظمي في كتابه دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه 28 – 29 ، 41 وكذلك خادم إلهي بخش في كتابه " أثر الفكر الغربي في انحراف المجتمع المسلم بشبه القارة الهندية " 359 – 360 .
([6]) في زاد المسير ( 4 / 482 ) .
([7]) المصدر السابق .
([8]) كذا ولعلها (( على الذي )) .
([9]) الجامع لأحكام القرآن ( 6 / 420 ) .
([10]) إعلام الموقعين ( 2 / 315 ) .
([11]) السنة للمروزي 36 .
([12]) المصدر السابق 37 .
([13]) صحيح مسلم ( 1218 ) .
([14]) صحيح مسلم ( 442 / 139 ). والدَّغَل: دَخْلٌ في الأمر مُفْسِد. اه‍ القاموس.
([15]) أخرجه ابن بطة العكبري في الإبانة ح66 (ص234–235) كتاب الإيمان بطوله، وأخرجه أيضاً (ح65و67 ) والآجري في الشريعة (1/417) والحاكم في المستدرك (1/109) وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/1192) مختصراً ، وقال محقق الإبانة : لا بأس بسنده ، وقوّاه محقق جامع بيان العلم .
([16]) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم ( 2 / 1193 ) وصحّح المحقق إسناده .
([17]) ذكره ابن قيم الجوزية في اعلام الموقعين ( 2 / 290 ) .
([18])  حققه شعيب الأرناؤوط وصدر عن دار البشير .
([19])  له عدة طبعات .
([20])  له عدة طبعات منها بتحقيق مصطفى عاشور .
([21])  طبع المكتب الإسلامي .
([22])  تكملة معجم المؤلفين 273 .
([23])  المصدر السابق 303 .
([24])  طبع المكتب الإسلامي .
([25])  صدر عن عالم الكتب .
([26]) صدر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي ط1 1407هـ .
([27])  إصدار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر .
([28])  توزيع المكتبة الإمدادية .
([29])  طبعته الجامعة الإسلامية بالمدينة .
([30])  ضمن سلسلة دعوة الحق .
([31])  الدار السلفية – الكويت .
([32])  الأصالة – العدد الثالث والعشرون – 15 شعبان 1420 هـ .
([33])  مكتبة وهبة – القاهرة 1407 هـ .
([34])  تكملة معجم المؤلفين 496 .
([35])  صدر عن دار عالم الكتب بالرياض دون تاريخ .
([36])  عن دار الداعي بالرياض ط 2 ، 1420 هـ .
([37])  عن أضواء السلف بالرياض ط 2 ، 1419 هـ .
([38])  مكتبة الرشد بالرياض ط 1 ، 1418 هـ .
([39])  دار عالم الفوائد بمكة المكرمة ط 2 ، 1416 هـ .
([40])  دار الصميعي ط 1 ، 1419 هـ .
([41])  عن مكتبة الصدّيق بالطائف ط 1 ، 1409 هـ .
([42]) أخرجه البخاري ( 5059 ) ومسلم ( 797 ) من حديث أبي موسى الأشعري .
([43]) السنة 104 .
([44]) الشريعة للآجري ( 1 / 412 ) . 
([45]) الإحكام في أصول الأحكام 2 / 80 .
([46]) الوصية الكبرى ضمن مجموعة الرسائل الكبرى ( 1 / 315 ) .
([47]) شرح الإلمام 2 / 177 – 178 .
([48]) مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة 14 .
([49]) الأنوار الكاشفة لما في كتاب "أضواء على السنة" من الزلل والتضليل والمجازفة 81-82.
([50]) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 2 / 403 .
([51]) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ( 9 / 176 – 178 ) .
([52]) المصدر السابق (3/ 268-270 ) ثم ردّ عليه بالآيات والأحاديث في الصفحات بعدها ، وختم كلامه بقوله : إن كفر برويز يُعلم بالبداهة لعامة المسلمين فضلاً عن علمائهم فلا ضرورة إلى بسط الأدلة عليه .
([53])  يأتي تخريجه قريبا.
([54])  مقام حديث 7.
([55]) أخرجه الترمذي (2647) واللفظ له ، وابن ماجه ( 232 ) من حديث ابن مسعود ، وهو حديث متواتر.
([56]) أخرجه البخاري ( 67 ) ومسلم ( 1679 ) .
([57])  صحيح البخاري ( 99 ) كتاب العلم ، باب الحرص على الحديث0
  ([58])  صحيح مسلم ( 3004 ) كتاب الزهد والرقائق ، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم .
  ([59])  فتح الباري 1 / 208 .
  ([60])  تحفة الأشراف 3 / 408 .
([61]) ناسخ الحديث ومنسوخه 472 .
  ([62])  المدخل إلى السنن الكبرى 2 / 223 .
  ([63])  النكت على ابن الصلاح 3 / 559 -560 للزركشي بشيء من التصرف .
  ([64])  شرح النووي على صحيح مسلم  18 / 130 .
  ([65])  مجلة إشاعة القرآن ص 49 العدد الثالث سنة 1902م، وإشاعة السنة 19 ص 286 سنة 1902.
  ([66])  ترك افتراء تعامل 10 وقد قال بمثله الخواجه أحمد الدين والحافظ أسلم. انظر برهان القرآن 4، ونكات     قرآن 49.
([67])  مقام حديث 143 ونكات قرآن 79.
([68])  كذا بتعريف المائة وتنكير المعدود المضاف، وقد أجاز ابن عصفور هذا التعريف. انظر (النحو الوافي 1/438).
   ([69])  صحيح البخاري ( 6820 ) وصحيح مسلم ( 1697 / 1698 ) .
([70])  المشترك : هو الكلي الذي له مسمّيان فصاعدا يسمى بكل منهما بوضع خاص كالعين للباصرة والجارية . انظر : آداب البحث والمناظرة للعلامة محمد الأمين الشنقيطي 1 / 22 .
([71])  مفاتيح الغيب 6 / 12 / 227 .
   ([72])  الرسالة للشافعي 33.
([73])  صحيح البخاري ( 4886 ) ، ومسلم ( 2125 ) .
([74])  رواه سعيد بن منصور في سننه برقم ( 657 ) ، والبيهقي في السنن الكبرى 10 / 346 ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ( 2 / 1175 ) .
([75])  مناقب الشافعي للبيهقي 1/362.
([76])  مفاتيح الغيب 6 / 12 / 227 .
([77])  المباحثة نقلا عن إشاعة السنة ج19 / 219 سنة 1902م ويرى أسلم أيضا مثل ذلك .  انظر : مقام حديث 139 .
  ([78])  مجلة إشاعة القرآن 35 العدد الرابع 1903م ، ويقول بمثله الحافظ محب الحق ، انظر : بلاغ الحق 19 .
  ([79])  مقام حديث 46.
([80]) برهان فرقان 4.
([81]) تفسير الطبري رقم 2078 ، وتفسير ابن أبي حاتم 1807-1810.
([82])  الرسالة 78.
([83])  تهذيب الآثار والسنن – السفر الأول – مسند ابن عباس 182.
([84])  السنة 110 .
   ([85])  ترك افتراء تعامل 10 وانظر  المباحثة 42 .
([86]) تفسير بيان للناس ج 2 / 395 و 445 .
([87])  كذا والصواب : وتنوقلت .
([88])  مجلة إشاعة السنة ج 19 / 152 عام 1902م .
([89])  كذا والاستعمال الصحيح هو (( الكتب )) لأن ملتزم الصحة بعضها لا كلها .
([90])  تبليغ القرآن 41 .
  ([91])  إشاعة السنة ج 19 / 152 عام 1902 .
([92])  إشاعة السنة ج 19 / 200 عام 1902 .
([93])  مقام حديث 125 .
([94])  صحيح البخاري ( 113 ) .
([95])  صحيح البخاري ( 2434 ) .
([96])  صحيح البخاري ( 111 ) ، وأخرجه مسلم ( 1370 ) بسنده عن إبراهيم بن التيمي عن أبيه يزيد بن شريك عن علي محلّ الشاهد والديات وأشياء أخرى زائدة عل ما في رواية أبي جحيفة .  
([97])  المسند ( 11 / 244 ) ، والمستدرك ( 4 / 555 ) ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه  ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (4) ، وقال: فيه دليل على أن الحديث كتب في عهده e خلافا لما يظنه بعض الخراصين.
([98])  دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه 92 – 142 .
([99])  المصدر السابق 143 - 220 .
([100])  ذكر أخبار أصبهان ( 1 / 312 ) .
([101])  أخرجه البخاري في صحيحه كتاب العلم  - باب كيف يقبض العلم.
([102])  هدي الساري 6 .
([103]) درس الأخ محمد باجعمان كتاب الوضوء من صحيح البخاري فخرج بأنه يتضمن ( 113 ) حديثاً اشتملت على ( 238 ) راوياً ، ذكرت المصادر لـ(107 ) منهم مادة مكتوبة . انظر " المصادر المكتوبة للبخاري في صحيحه (( كتاب الوضوء )) " 15 .
([104])  صحيح البخاري ( 1186 ) واللفظ له ، وصحيح مسلم ( 263 ) .
([105])  كان بدريا، ولا يخفى فضلهم الباهر في الأمة . انظر معرفة الصحابة لأبي نعيم ( 5 / 2464 ) .
([106])  جامع البيان 14 / 441 ، والطبراني في المعجم الأوسط ، قال الهيثمي : فيه الحسين بن عمرو بن محمد وهو ضعيف .
([107])  وهي تجنب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر ، وفسّرها شيخ الإسلام ابن تيميّة بأنّها الصّلاح في الدّين  والمروءة. انظر مجموع الفتاوى (15/356).
([108]) المجروحون ( 2 / 15 ) .
([109]) تذكرة الحفاظ ( 2 / 772 ) .
([110]) مقام حديث 131 ، 156 .
([111]) مقام حديث 7 .
([112]) ترك افتراء تعامل 12 ويقول بمثله الحافظ أسلم ، انظر مقام حديث 110 و 168 .
([113]) مضى تخريجه في مستهل الجواب على الشبهة الأولى
([114])  زيادة لربط الكلام .
([115])  الكفاية في علم الرواية 300 - 304 وانظر في شروط رواية الحديث بالمعنى الإلماع للقاضي عياض 187 ومقدمة ابن الصلاح 394  – 397 .
([116])  الأنوار الكاشفة 78 – 79 .
([117])  المنار المنيف في الصحيح والضعيف 46 .
([118])  المصدر السابق 54 .
([119])  المصدر السابق 56 .
([120])  المصدر السابق 59 .
([121])  أخرجه البخاري في صحيحه ( 3326 ) .   
([122]) المنار المنيف 74 – 75 .
([123]) المنار المنيف 78 .
([124]) المصدر السابق 91 – 92 .
([125])  المصدر السابق 94 – 95 .
([126])  الوصية الكبرى ضمن مجموعة الرسائل الكبرى ( 1 / 283 ) .
([127])  مجلة إشاعة القرآن 39 عدد شعبان 1321هـ.
([128])  المصدر السابق 10 عدد 15 ديسمبر 1927م.
([129])  شاهكار رسالت 446.
([130]) الصواب أن يقال : " الكتب الستة " ؛ لأن ملتزم الصحة بعضها لا كلّها .
([131])  مقام حديث 22.
([132])  أخرجه مالك في الموطإ ( 2 / 208 ) بلاغا، والحاكم في المستدرك ( 1 / 93 ) وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 2937 ) .
([133])  أي أهل العلم .
([134])  الأنوار الكاشفة 24 الحاشية 2 .
([135])  قاله ابن الجزري في المصعد الأحمد ( مسند أحمد 1 / 31 ) .
([136])  انظر في بيان هذه الكتب :  الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة لمحمد بن جعفر الكتاني .
([137])  مجلة البيان 32 عدد أغسطس 1951م.
([138])  تبليغ القرآن 5 .
  ([139])  أخرجه البخاري ( 67 ) ومسلم ( 1679 ) .
([140])  أخرجه أبو داود ( 2927 ) والترمذي ( 2111 ) وابن ماجه ( 2642 ) .
([141])  القرآنيون وشبهاتهم 232 .
([142])  مقام حديث 154 .
([143])  المصدر نفسه والصفحة ذاتها .
([144])  بلاغ الحق 34 .
([145])  الأنوار الكاشفة للمعلمي 89 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق