رابط موقع المشاركة اسلام ويب
من هم قتلته ولماذا قتلوه؟ ماذا فعل الإمام علي رضي الله عنه بمن اشتركوا في قتل عثمان رضي الله عنه؟ وهل فعل معاوية رضي الله عنه شيئاً بعد تسلمه الخلافة؟ وهل حوكم منهم أحد في أي عهد؟
الإجابــة من:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قتل الخليفة الراشد الثالث ذو النورين صهر النبي صلى الله عليه وسلم، على اثنتين من بناته رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما، وأشد هذه الأمة حياء، جامع القرآن، الذي كان يقوم به وربما يقرؤه كله في ركعة واحدة من الليل، أمير المؤمنين المقتول ظلماً عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان مقتله في 18 من ذي الحجة 35هـ على أيدي جماعة مارقة قارب عددهم الألفين، اختلفت أغراضهم وأهواؤهم غير أنهم اتفقوا جميعاً على عزله أولاً ثم على قتله بعد ذلك وكلهم قتلة له.
غير أن الذين باشروا قتله هم: كنانة بن بشر التجيبي وهو الذي ذبحه: وقيل سودان بن حمران السكوني بعد أن طعنه قتيرة السكوني تسع طعنات من خنجر، وكان الذي ابتدأ ضربه، بعد أن هاب الناس ذلك لكونه كان يقرأ القرآن هو الغافقي بن حرب العكي، ضربه بالسيف وركل المصحف برجله فسقط في حجره، وسقطت قطرة دم على قوله تعالى:فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ [البقرة:137].
وهؤلاء المذكورون من أهل مصر، وشاركتهم جماعة من أهل البصرة كحرقوص بن زهير السعدي وحكيم بن جبلة، ومن أهل الكوفة جماعة مثل الأشتر مالك بن الحارث النخعي.
وقد كفى الله تعالى عثمان رضي الله عنه كل من شارك في قتله فمات مقتولاً حتى قتل آخر رجلين منهم بعد أربعين سنة من ذلك قتلهما الحجاج بن يوسف الثقفي من أجل قتلهما عثمان وهما: عمير بن ضابىء البرجمي، وكميل بن زياد النخعي. ومن القتلة المباشرين قُتِل اثنان فور مقتله، قتلهما عبيد عثمان وهما قتيرة السكوني وقيل الآخر هوسودان بن حمران السكوني.
وقتل كنانة النخعي مخذولاً في الحرب بين محمد بن أبي بكر وعمرو بن العاص وقتل محمد بن أبي بكر بعدها، ومات الأشتر النخعي من شربة عسل مسمومة بالسويس، وقتلحكيم بن جبلة اللص في معركة البصرة قتلته جماعة عائشة وطلحة والزبير.
وكان قتل أكثرهم بأمر طلحة والزبير رضي الله عنهما بعد معارك بالبصرة فقتلوا كل من شارك من أهل البصرة وكانوا نحو ستمائة رجل ولم ينج منهم إلا حرقوص بن زهير السعديقتل بعد ذلك بمدة وكانت قد منعته قبيلته.
أما ماذا فعل معهم علي رضي الله عنه؟ فإنه لم يمكنه قتلهم لأنه كان يرى أن تتم البيعة له أولاً وتستقر وتهدأ الأمور ثم يحاكمهم ويقتص منهم، ولم يمكنه ذلك لعدم مبايعة كثير من الصحابة له وعلى رأسهم عائشة وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، وخروج كثير من البلاد عليه وقيام الثورات الداخلية والفتن.. وأهم من ذلك اختلاط هؤلاء القتلة بالناس بعد استيلائهم على المدينة وكانوا هم الغالبين وبيدهم السلاح ثم اختلاطهم بجيشه، حتى أعلن بعد صلحه أولاً مع طلحة والزبير ألا يرجع معه للمدينة أحد شارك في قتلعثمان، ثم حدثت بعد ذلك الفتنة بسبب هؤلاء بأن هجموا على كلا المعسكرين معسكرعلي ومعسكر طلحة والزبير ليلاً وأوقعوا فيهم القتل وظن كل معسكر أن الآخر هو الذي هجم عليه، فكانت بينهم واقعة الجمل، ثم انفرط عقد الأمورمن يد علي فاستقل معاويةبالشام وأعلن نفسه خليفة، وخرجت مصر واليمن ومكة والمدينة نفسها والبصرة ولم يبقلعلي إلا الكوفة وهي لا تستقر وفيها معه عدد كبير من هؤلاء القتلة، وكان قد خرج عليه الخوارج وما زالوا ينازعونه الأمر حتى قتلوه مظلوماً في سنة 40 هـ فرضي الله عنه ورحمه من إمام عادل وحبر عامل.
أما ماذا فعل معاوية معهم؟ فالذي يظهر أنه لم يحاكم من بقي منهم وكان أكثرهم قد قتل قبل مبايعته بالخلافة، وأهم سبب -والله أعلم- هو الشرط الذي اشترطه عليه الحسن بن علي لما تنازل لمعاوية عن الخلافة في ربيع الأول سنة 41هـ وذلك أنه اشترط عليه حقن دماء المسلمين جميعاً -خاصة الذين قاتلهم معاوية من جماعة علي- وأن يرفع السيف حتى تجتمع الأمة، وتخمد الفتنة لأنه وضح للجميع أن الحروب التي كانت من أجل دمعثمان ثار منها شر مستطير وأضعفت الأمة حتى طمع فيها الأعداء من الروم وأرادوا غزو الشام، وتعطل الجهاد، وتوقفت الفتوحات.
والخلاصة: لا نعلم من حوكم من قتلة عثمان لا من قبل علي ولا الحسن ولا معاوية ولا من أحد بعدهم اللهم إلا من قتلهم الحجاج.
أما لماذا قتلوه؟ فقد نسبوا إلى عثمان جملة أمور أخذوها عليه لا نريد الخوض فيها حتى نحتاج للرد عليها فيطول بنا المقام، ولكننا نحيل السائل على كتاب مهم للغاية في ذلك وهو كتاب "العواصم من القواصم".. في تحقيق مواقف الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للقاضي أبي بكر بن العربي المالكي، وعليه تعليقات قيمة جداً لمحب الدين الخطيب عليهما رحمة الله.
وإجمالاً فقد أخذوا عليه توليته لعدد من أقاربه الولايات كمعاوية ومروان بن الحكم، وإنفاقه الأموال الضخمة على أقاربه من بني أمية.. وقد أثبت لهم أنه كان ينفق عليهم من ماله الخاص وكان أغنى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونقموا عليه أنه عاقب عدداً من الصحابة كأبي ذر نفاه إلى الربذة، وضرب ابن مسعود وغيره، وأخذوا عليه جمع الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة للقرآن، وتحريقه المصاحف، وأنه علا درجة في المنبر على درجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد انحط أبو بكر وعمر عنها، ومنهم من كان يرى أنه خدع علياً وتولى مكانه وكان الأحق بالخلافة علي.
ولكل هذه الشبهات وغيرها جواب شافٍ في الكتاب والمذكور فليرجع إليه.
ثم إنه دخلت دوافع ومطامع شخصية كثيرة.. فمن هؤلاء من كان عاقبه عثمان بحد أو تعزير فنقم عليه، ومنهم من طمع في المال، ومنهم من أغراه لين عثمان ورحمته وإحسانه إليه، ومنهم من كان ناقماً على الدين مثل عبد الله بن سبأ اليهودي الذي ادعى الإسلام وهو الذي قاد هذه الفتنة من خلف الأستار، وثبت أنه جاء مع أهل مصر لقتل عثمان، وكان يرمز لنفسه بالموت الأسود، والسبئية اتباعه هم الذين كانوا سبباً في نشوب أكثر الفتن وظهور البدع والمقالات المخالفة للإسلام.
والله أعلم.