الثلاثاء، 21 مارس 2017

معجم قواعد اللغة العربية بَابُ الخَاء

  بَابُ الخَاء
* خَالَ: يَخَالُ خَيْلاً: من أَفْعالِ القُلُوب. وتُفِيدُ في الخَبَر الرُّجْحَان واليَقين والغَالِبُ والأَشْهر كونُها للرُّجْحَان تَتَعدَّى إلى مَفْعُولَيْنِ أصْلُهُما المُبْتَدَأ والخَبَر، مثالُها في الرُّجْحَانِ قولُ الشَّاعِرِ:
إخالُك إنْ لم تَغْضُضِ الطرفَ ذَا هوىً * يَسُومُكَ ما لا يُستطاعُ مِنَ الوَجْدِ
ومثالها في اليقين قَوْلُ الشاعر:
ما خِلْتُنِي زِلْتُ بعْدَكُمْ ضَمِناً * أَشكو إليكَ حُمُوَّةَ الألمِ
(التقدير في البيت: خلت نفسي ضَمِناً بدَكم ما زِلْت أشكو شدةَ الفِراق، فرَّق بين مازال، و "ضمناً"، معناه: الزَمنِ المبتلى وهي المفعول الثاني لـ "خلتني" وخبر "ما زلت" جملة أشكو)
لا لِعُجْبٍ نحو: "خَالَ الرجلُ يَخَالُ" إذا تَكَبَّر، فإنَّ فِعْلَها لازمٌ.
وتَشْتَرِكُ مَعَ أخواتها بأحكامٍ.
(=المتعدي إلى مفعولين).
* خَبَرُ المُبْتَدأ:
[1] تعريفُه:
هُوَ الجُزْءُ الذي حَصَلَتْ بِهِ أو بمُتَعَلَّقِه الفَائِدَةُ مع مُبْتَدَأٍ غيرِ الوَصْفِ، ويُسَمِّي سِيبويه خَبَرَ المبتدأ: المَبْنيَّ عليه.
و يُرْفَع الخَبرُ بالمُبْتَدأ كما المُبْتَدَأُ يُرْفَعُ بالخَبرِ.
[2] أقسامُ الخبر:
الخبرُ إمَّا مُفرَدٌ، وإمَّا جُمْلَةٌ، ولِكُلٍّ مِنْهُما مَباحِثُ تَخُصُّه.
[3] الخَبَرُ المُفردُ:
الخَبرُ المفردُ: إمَّا أَنْ يكُونَ جَامِداً أو مُشْتَقّاً، فإنْ كانَ جَامِداً - وهو الخَالِي مِنْ مَعْنى الفِعْل فلا يَتَحَمَّلُ ضَميرَ المُبْتَدَأ نحو "هَذا قَمَرٌ" و "هذا أسَدٌ". وإنْ كانَ مُشْتقّاً - وهو ما أشعرَ بمَعنَى الفِعل - فَيَتَحمَّلُ ضَمِيرَ المُبْتدأ نحو: "عليٌّ بَارِعٌ" و "زيدٌ قائمٌ" ومثلُه: "العَمْرَانِ قَادِمَان"، و "التَّلامِيذُ مُجدُّون" و "هندٌ قَائِمةٌ" و "الهِنْدَان قَائِمتانِ" و "الهِنْدَاتُ قَائِمَات" (فـ "الخبر" في ذلك متحمل لضمير مستتر عائد على المبتدأ) إلاَّ إنْ رَفع المُشتَقُّ الاسْمَ الظَّاهِرَ نحو "أحمَدُ طَيِّبٌ خُلُقُه" أو رَفَعَ الضميرَ البارزَ نحو: "عَليٌّ مُحْسِنٌ أَنْتَ إليه".
ويجبُ إبرازُ الضَّميرِ في الخبرِ المُشتقِّ في حَالَةٍ واحِدَةٍ، وهي: إذا جَرَى الوَصْفُ الواقِعُ خَبَراً على غَيرِ من هُو لَه، سَواءٌ أحَصَلَ لَبْسٌ أمْ لا، مثال ذلك: "مُحَمَّدٌ عَلِيٌّ مُكْرِمُهُ هُو" فـ "مكْرِمُهُ" خبَرٌ عن "عليّ" (وهو قائم بغيره لأن المكرم محمد لا علي، وإن كان مكرمه خبر لعلي، وهذا معنى قوله: إذا جَرى الوصفُ خَبَراً على غيرِ من هو له) والجُمْلَةُ خَبَرٌ عن "محمَّد" والمقصودُ: أن محمَّداً مُكْرِمٌ عَليّاً، وعُلِمَ ذلك بإبْرَاز الضَّميرِ، ولو اسْتَتَر الضَّمِيرُ لاحتمل المعنى عَكْسَ ذلكَ.

هذا مِثالُ مَا حَصَلَ فيهِ اللَّبْسُ، ومثالُ ما أُمِنَ فيهِ اللَّبْسُ "بَكْرٌ زَيْنَبُ مُكْرمُها هو" فلولا الضَّمِيرُ المُنْفصِلُ "هُوَ" لوَضَحَ المعنى وأُمِن اللَّبْسُ، ومع ذلك أَوْجَبُوا أنْ يَبْرُزَ الضَّمِيرُ لاطرادِ القَاعِدَةِ (وعِنْدَ الكوفيين: إنْ أمِن اللَّبْس جَازَ إبْراز الضَّمير واستتاره، وإن خِيفَ اللَّبْسُ وجبَ الإِبْراز، وقد وَرَدَ السَّماعُ بمذهبهم فمن ذلك قوله:
قومي ذُرَى المَجْدِ بَانُوها وقد عَلِمت * بكُنْه ذلكَ عَدْنانٌ وقَحْطَان
التقدير: بانوها هم، فحذف الضمير لأمن اللبس).
[4] الخَبرُ الجُملَة ورابطها:
إذا وَقَعَ الخَبَرُ جُمْلَةً فَإمَّا أن تكونَ الجملَةُ نفسَ المُبتدأ في المعنى فلا تَحْتَاجُ لِرابِطٍ نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} (الآية "1" من سورة الإخلاص "112"). ومثله: "نُطْقِي: اللَّهُ حَسْبي".
وإمَّا أنْ تَكُونَ غيرَه فَلا بُدَّ حِينَئِذٍ مِن احْتِوائها على مَعْنى المُبْتَدأ التي هي مَسُوقَةٌ لهُ، وهذا هو الرَّابِطُ وذلكَ بأنْ تَشْتَمِلَ على اسمٍ بِمَعْناه وهذا الاسم:
(1) إمَّا ضَمِيرُهُ مَذْكورٌ نحو "الحقُّ عَلَتْ رَايَتَهُ" أو مقدَّراً نحو: "السَّمْنُ رِطْلٌ بدِينار" أي منه.
(2) أو إشارةٌ إليه، نحو: {وَلِبَاسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ} (الآية "26" من سورة الأعراف "7" ) إذا قُدِّرَ "ذلكَ" مُبْتَدَأ ثانياً، لا بَدَلاً أوْ عَطْفَ بَيَان، وإلاَّ كانَ الخَبَرُ مُفْرَداً.
(3) أو تَشْتَمِلُ الجُمْلَةُ على اسْمٍ بِلَفْظِهِ ومَعْنَاهُ نحو: {الحَاقَّةُ مَا الحَاقَّةُ} (الآية "1" من سورة الحاقة "69").
(4) أو تَشْتمل على اسْمٍ أعَمَّ منه نحو: "أبو بَكْرٍ نِعْمَ الخَلِيفَة" فـ "أل" في فاعِلِ
"نِعْمَ" استِغْرَاقِيَّة.
وقد يجُوزُ في الشعر عَدَمُ الرَّبْط، وهو ضعيف في الكَلام، ومن عدم الرَّابِط في الشعرِ قولُ النَّمرِ بنِ تَوْلب:
فَيَوْمٌ عَلَيْنَا وَيَوْمٌ لنا * ويَوْمٌ نُساءُ ويومٌ نُسَر
والأَصلُ: نُساءُ فيه، ونُسرُ فيه.
وقولِ امْرِئ القيس:
فأقْبَلْتُ زَحْفاً على الرُّكْبَتَين * فَثَوٌْ نسيتُ، وثَوْبٌ أجرُّ
والأصل: نَسِيتُه، وأجُرُّه.
أما قول أبي النجم العجلي:
قد أصْبَحْت أمُّ الخِيَارِ تَدَّعِي * عَلَيَّ ذَنْباً كُلُّه لَمْ أصْنَعِ
فهو ضَعِيفٌ كالنَّثْر، لأَنَّ النَّصْبَ في "كلِّه" لا يكْسِر البيتَ، ولا يخلُ به.
[5] الخبرُ ظَرْفاً أو مجروراً:
ويَقَعُ الخَبَرُ ظَرْفاً نحو: {والرَّكْبُ أسْفَلَ مِنْكُمْ} (الآية "42" من سورة الأنفال "8" ) ومجروراً نحو {الحمدُ لِلَّهِ} ولَيْسَ الظَّرْفُ أوِ المَجْرُورُ هما الخبرَين بل الخَبَرُ في الحَقِيقةِ مُتَعَلَّقُهُما المحذُوفُ المُقدَّرُ بكائيٍ أو مُستقرٍ.
[6] خبرُ المبتدأ وظرفُ المكان:
ظَرْفُ المكانِ يَقَعُ خَبَراً عن أسماءِ الذَّواتِ والمَعاني نحو "زَيْدٌ خَلْفَك" و "الخَيْرُ أمَامَكَ".
[7] خبرُ المبتدأ وظَرْفُ الزَّمَانِ:
ظَرْف الزَّمَانِ يَقَعُ خبراً عن أَسماءِ المَعَاني غيرِ الدَّائمَةِ (فإن كان المعنى دائماً امتنع الإخبار بالزمان عنه فلا يقال: "طلوع الشمس يوم الجمعة" لعدم الفائدة) فقط منصوباً أو مجروراً بفي نحو "الصَّومُ اليومَ" و "السَّفَرُ في غَدٍ".
ولا يَقَعُ الزَّمَانُ خبراً عن أسمَاءِ الذَّواتِ فلا يُقالُ: "زَيدٌ اللَّيْلَة" إلاَّ إنْ حَصَلَتْ فائدةٌ جازَ عند الأكثرين، وذلك في ثلاث حالات:
(أ) أَنْيكونَ المُبْتَدَأُ عَامّاً والزَّمانُ خَاصّاً إمَّا بالإِضَافَةِ نحو "نحنُ في شَهْرِ رَبيع" فنحنُ ذَاتٌ وهو عَامٌّ لِصلاحِيَّته لكُلِّ مُتَكَلِّمٍ وفي شَهْر كَذَا خاصّ - وإمَّا بالوَصْفِ نحو "نَحْنُ في زَمَانٍ طَيِّب" مع جَرِّه بـ "في" كما مُثِّلَ.
(ب) أنْ تكُونَ الذَّاتُ مُشَبِهَةً للمَعْنَى في تَجدُّدِهَا وقْتاً فَوَقْتاً نحو: "الهلالُ اللَّيْلَةَ".
(جـ) أن يُقَدَّرَ مضافٌ نحو قول امرئ القيس "اليَوْمَ خَمْرٌ" أيْ شرْبُ الخمْرِ و "الليلةَ الهلالُ" أيْ رُؤيَةُ الهلالِ.
[8] اسمُ المكانِ المخبَرِ بِه عن الذَّات:
اسمُ المكانِ المُخْبَرِ به عنِ الذَّاتِ إمَّا مُتَصَرِّف، وإمَّا غيرُ مُتَصَرِّفٍ (المتصرف من أسماء الزمان والمكان: ما يستعمل ظرفاً وغير ظرف نحو "يوم" و "ليلة" و "ميل" و "فرسخ" إذ يقال "يومك يوم مبارك" وغير المتصرف: ما يلازم الظرفية وشبهها وهو الجر بـ "من " نحو "قبل وبعد ولدن وعند"). فإنْ كَانَ مُتَصرِّفاً فإنْ كان نكرةً فالغَالِبُ رفعُهُ نحو "العُلَمَاءُ جَانِبٌ، والجُهَّالُ جَانِبٌ" ويَصحُّ "جَانباًط فيهما.
وإنْ كان مَعْرفةً فبالعَكْس نحو: "البابُ يَمِينَكَ" وإنْ كانَ غيرَ متصرِّفٍ فيجبُ نصبه، نحو "المَسْجِدُ أمَامَكَ".
[9] اسمُ الزَّمانِ المخبَرُ به:
اسمُ الزَّمانِ إنْ كانَ نَكِرَةً واسْتَغْرَق المَعْنى جَمِيعَهُ أوْ أكْثَرَهُ غلَبَ رفعهُ وقَلَّ نَصْبُهُ أو جَرُّهُ بفي نحو: "الصَّوْمُ يَوْمٌ" و "السَّيْرُ شَهْرٌ" وإنْ كانَ مَعْرِفَةً، أو نَكِرةً لم تَستَغرقْ، فبِالعَكْس نحو "الصَّومُ اليومَ" و "الخُرُوجُ يوماً".
[10] اقترانُ الخبر بالفاءك
قد يَقْتَرِن الخَبرُ بالفاء، وذَلِكَ إذا كان المُبْتَدَأ يُشبِه الشَّرطَ في العُموم والاسْتِقْبَال، وتَرَتُّبِ ما بَعْدَه عليه، وذلك لكَوْنه مَوصُولاً بفِعْل صَالِحٍ للشَّرْطِيَّةِ نحو: "الذي يَأْتِيني فَلَهُ دِرْهَم".
[11] المَصْدرُ النَّائِبُ عن الخبر:
قد يُحذَف خبرُ المبتدأ إذا كانَ فِعلاً، وينوب المصدرُ مَنَابَه تقول: "ما أنتَ إلاّ سَيْراً" أي تَسِيرُ سَيْراً فـ "سَيْراًط في المثال مصدرٌ سَدَّ مَسَدَّ الخَبَر، ومثلُه: "زَيْدٌ أَبَدأً قِياماً" ويجوز أن يكون التقدير: ما أنت إلاَّ صَاحبُ سَيْرٍ، فيُقَام المضافُ إليهِ مُقَامَ المضاف ومثله قوله تعالى: {ولكنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ باللَّهِ} (الآية "177" من سورة البقرة "2" ). وتأويلها: ولكن البِرَّ بِرُّ مَنْ آمَنَ باللّه.
[12] تأخيرُ الخبرِ وتَقْدِيمُهُ:
الأصلُ في الخَبَرِ أنْ يَتَأخَّرَ عن المبتَدأ، وقد يَتَقَدَّم، وذلك في حَالاتٍ ثَلاثٍ: وُجُوبِ تأخيرِهِ، وَوُجُوْبِ تَقْدِيمِهِ، واسْتِواءِ الأَمْرين:
(أ) وجوبُ تأخيرِ الخبر:
يجبُ تأخيرُ الخبرِ في أَرْبَعِ مَسَائِل:
"إحداها": أن يُخشَر التِباسُهُ بالمُبتدأ، وذلك إذا كانَا مَعْرِفَتَينِ، أو نكرتَينِ مُتسَاوِيَتَيْنِ في التَّخْصِيصِ، ولا قَرِينَةَ تميِّزُ أحدَهما عنِ الآخرِ، فالمَعْرِفَتَانِ نحو "أحمدُ أخُوكَ" أو "صَدِيقُكَ صَدِيقي"، والنَّكِرَتَانِ نحو "أفْضلُ مِنْكَ أفْضَلُ مِني"، أمَّا إذا وُجِدَتِ القَرِينةُ نحو "عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ عمرُ بنُ الخطَّابِ". جازَ تقديمُ الخبرِ وهو "عمرُ بنُ الخطَّابِ" لأنَّهُ معلومٌ أنَّ المُرادَ تشبيه ابن عبدِ العزيزِ بابن الخطَّاب تشبيهاً بليغاً ومنه قولُهُ:
بَنُونَا بَنو أَبْنَائِنَا، وَبَنَاتُنا * بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجالِ الأباعِدِ
فـ "بَنُونا" خبرٌ مقدَّم، وبَنو أبنائنا مُبتدأ مُؤَخَّر، والمرادُ الحكمُ على بَني أبْنائهم بأنَّهم كبنيهم.
"الثانية" أنْ يأتيَ الخبرُ فِعْلاً، ويُخْشَى التِباسُ المبتدأ بالفاعل نحو "عليٌّ اجْتَهَد" ونحو "كُلُّ إنسانٍ لا يَبْلُغُ حقيقةَ الشكر".
"الثالثة": أن يقْترنَ الخبر بـ "إلاَّ" معنى نحو: {إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ} (الآية "12" من سورة هود "11" و "أنما" فيها معنى "إلا" وهو الحصر) أو لَفْظاً نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} (الآية "144" من سورة آل عمران "3" ) فلا يجوزُ تقديم الخبرِ لأنَّهُ محصورٌ فيه بـ "إِلاَّ" فأمَّا قولُ الكُميتِ ابن زَيد:
فَيا رَبِّ هلْ إلاَّ بكَ النَّصر يُرْتجى * عليهم وهلْ إلاَّ عليكَ المُعَوَّلُ
فضرورَة لأنه قدَّمَ الخبرَ المقرونَ بـ "إلاَّ" لَفْظاً. والأصل: وهل النَّصرُ إلاَّ بك، وهل المعوَّلُ إلاَّ عليك.
"الرابعة": أن يكونَ المُبتدأ مُسْتَحقاً للتَّصْدير، والأَسْماءُ التي لها الصَّدارةُ بنفسها هي: أسْماءُ الاستِفهام، والشَّرط، وما التَّعَجُّبيَّة، وكم الخبريَّة، وضمير الشأن، وما اقترن بلام الابتداء، نحو: "مَنْ أنْتَ؟". و "منْ يَقُمْ أَقُمْ مَعَه" و "ما أحسنَ الصدقَ" و "كمْ فَرَسٍ لي" و{هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} و "لزَيْدٌ قائمٌ".
وهناكَ اسمٌ ليسَ له الصَّارَة، ولكِنَّه يُشْبهُ أحْيَاناً ما يَسْتَحِقُّ التَّصْدِير، وهو "اسمُ المَوْصُول".
إذا اقْتَرنَ خَبَرُهُ بالفاء نحو "الذي يُدَرِّسُ فَله دِرْهم" فالذي: اسم موصول مبتدأ و "يدَرَّسُ" صِلَتُه، وجملةُ "فَلَهُ دِرْهمٌ" خبرُه، وهو واجبُ التَّاخير، فإنَّ المُبْتَدَأ هُنا، وهو "الذي" مشبَّهٌ باسْمِ الشَّرْطِ لِعُمُومِه وإِبْهَامِه واسْتِقْبَالِ الفعل الذي بعده، وكَوْنِ الفعلِ سَبَبَاً لما بعده ولهذا دخلتِ الفاءُ في الخبر وقد تقدم.
وكُلُّ ما أُضيفَ من الأسماء إلى مالَه الصَّدارة مِمَّا مَرَّ فله نفسُ الحُكْم، أي وُجُوبُ تأخِيرِ الخَبر نحو: "غُلامُ مَنْ أَنْتَ" فـ "غُلام" مبتدأ و "منْ" اسم استفهام مضاف إليه و "أنت" خبر المبتدأ، ومثله: "قال كم رجلٍ عندَكَ" وهكذا
(ب) وجوبُ تقديمِ الخبر:
يَجِبُ تَقْديمُ الخبرِ في أَرْبعِ مَسائل:
"إحدَاها": أن يَكونَ المُبْتَدأ نَكِرَةً ليسَ لها مُسَوِّغٌ إلاَّ تَقَدُّمَ الخبرِ، والخَبرُ ظَرْفٌ أو جَارٌّ ومجرورٌ أو جملة (وإنما وجب تقديم الخبر هنا لئلا يتوهم كون المؤخر نعتاً، لأن حاجة النكرة المحضة إلى التخصيص ليفيد الإِخبارَ عنها أقوى من المخبر)، نحو "عِنْدِي كِتَابٌ" و "في الدَّار شَجَرةٌ" فإن كانَ للنكِرَةِ مُسَوِّغٌ جازَ الأَمْران نحو "رَجُلٌ عالمٌ عندي" و "عندي رجُلٌ عالمٌ".
"الثانِيةُ": أن يَشْتَمِلَ المُبتدأ على ضميرٍ يَعُودُ على بعضِ الخَبَر، نحو: {أمْ على قُلُوبٍ اَقْفالُها} (الآية "24" من سورة محمد "47"). فلو أَجَزْنا تقديمَ المُبتدأ هُنا لعادَ الضميرُ على متأخّرٍ لَفْظاً ورتبةً، ومنه قول الشاعر:
أهَابُكَ إجْلاَلاً ومَا بِكَ قُدْرَةٌ * عَليَّ، ولكن مِلْءُ عَيْنٍ حَبيبُها
(فـ "حبيبها" مبتدأ مؤخر "ملء عين" خبر مقدم، ولا يجوز تأخير الخبر هنا أيضاً لئلا يعود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة)
"الثالثة": أنْ يكونَ الخَبَرُ لَه صَدْرُ الكَلامِ نحو "أَيْنَ كِتَابُكَ" (ف"كتابك" مبتدأ مؤخر و "أين" اسم استفهام متعلق بمحذوف خبر مقدم، ولا يجوز كتابك أين، لأن لاسم الاستفهام الصدارة) و{مَتى نَصْرُ اللَّهِ} (الآية "214" من سورة البقرة "2" ).
"الرابعة": أنْ يكونَ المُبْتَدأُ مَحْصُوراً بـ "إلاَّ" نحو: "إنما المِقْدَامُ مَنْ لا يخْشى قَولَةَ الحق".
(جـ) جوازُ تَقْدِيمِ الخبرِ وتأخيرُه:
يجوزُ تَقْديمُ الخبرِ وتأخيرُه، وذلك فيما فُقِدَ فيه مُوجِبُهُما أي فيما عدا ما مَرَّ من وُجوبِ تقديمِ الخبرِ. ووجوبِ تأخيره على الأصل، ويجوزُ تقديمه لعدم المانع.
 [13] حذفُ الخبر:
قد يُحذَفُ الخَبَرُ إذا دَلَّ عليه دليلٌ جَوَازَاً أو وُجُوباً.
فيجوزُ حَذْفُ مَا عُلِمَ من خبرٍ نحو: "خَرَجتُ فإذا صَدِيقي" أي مُنتظِرٌ، وقوله تعالى: {أُكُلُها دائمٌ وَظِلُّهَا} (الآية "35" من سورة الرعد "13" ) أي كذلك. ويجبُ حذفُ الخبرِ في أربعة مواضع:
(أ) أن يكونَ المبتدأ صَرِيحاً في القَسَم (أي لا يستعمل إلاّ في القسم، ويفهم منه القسم قبل ذكرِ المقسَم عليه، فإن قلت: "عَهْدُ اللّه لأكافئنك" جاز إثبات الخبر لعدم صراحة القسم، إذ يمكن أن يستعمل في غيره نحو "عهد الله يجب الوفاء به") نحو "لَعَمْرُكَ لأقومَنَّ" و "ايمُنُ اللهِ لأجَاهِدَنَّ" أي لعمرُك قسمي، وايمُنُ اللهِ يَمِيني، وإنما وَجَبَ حَذفُه لسَدِّ جَوابِ القَسَمِ مَسَدَّهُ.
(ب) أنْ يَكونَ المُبْتَدأ مَعْطُوفاً عليه اسْمٌ بوَاوٍ هي نَصٌّ في المَعِيَّة نحو "كُلُّ رَجُلٍ وضيعَتُه" (وإعرابها: "كل" مبتدأ "رجل" مضاف إليه و "ضيعته" معطوف بالواو على "كل" والخبر محذوف وجوباً التقدير: مَقْرُونان) ولو قلت "زيدٌ وعمرو" وأَرَدْتَ الإخباء باقْتِرانهما جازَ حذفُ الخَبَر اعتماداً على أنَّ السامعَ يَفْهَمُ من اقْتِصَارِكَ معنى الاقْتِرَان، وجاز ذكرُ الخبر لعدمِ التَّنْصِيصِ على المعيَّة قال الفرزْدقُ:
تَمَنَّوا ليَ الموتَ الذي يَشْعَبُ الفَتى * وكلُّ امرئٍ والمَوْتُ يَلْتَقِيانِ
(يشعب: يفرق)
فآثر ذِكرَ الخبرِ وهو يَلْتَقِيانِ.
(جـ): أنْ يكونَ الخبرُ كوناً مُطْلَقاً (وإيضاح الكون المطلق أن يقال: إن كان امتناع الجواب لمجرَّد وجود المبتدأ كون مطلق ويقابله الكون المقيد، كما إذا قيل: "هل زيد محسن إليك" فتقول "لولا زيد لهلكت" تريد: لولا إحسان زيد إليَّ لهلكت، فإحسان زيد مانع لهلاكي، فالخبر كون مقيدٌ بالإحسان والأصل في معنى "لولا" أنها حرف امتناع لوجود، وهو الوجود المطلق).
و "المُبْتَدَأ بعدَ لَوْلا نحو "لَولا العُلَماءُ لهَلَكَ العَوَام" فالهَلاَكُ مُمْتَنعٌ لِوُجودِ العُلَمَاءِ، فالعُلَماءُ مُبْتَدأ وخَبرُهُ مَحْذُوفٌ وجُوباً، التَّقْدِير: لولا العلماءُ مَوجُودون لَهَلكَ العوام، وإنْ كان الخبرُ كوناً مقيَّداً وجَبَ ذكْرُه إن فُقِد دليلُه كقوله: "لولا زيدٌ سَالَمنا ما سَلم" (فـ "زيد" مبتدأ وجملة "سالمنا" خبره، وإنما ذكر الخبر هنا، لأن وجود زيد مقيد بالمُسَالَمَة ولا دليل - إن حذف الخبر - على خصوصيتهما) وفي الحديث: (لولا قَومُكِ حَديثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ لَبَنَيْتُ الكعبة على قَواعِدٍ إبراهيم) (لفظ الحديث كما روي في صحيح مسلم (لولا أن قومَك حديثو عهد بجاهلية أو قال بكفر لأَنْفَقْت كَنْزَ الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر) ورواية الترمذي (لولا أن قومك حديثو الحديث) وفي رواية مسلم: (لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت)).
وجاز الوَجْهان إنْ وُجِدَ الدَّليل نحو: "لَولا أنْصَارُ زيدٍ حَموْهُ ما سَلِم" ويجوزُ
"لولا أنصارُ زيدٍ ما سَلِم" فجملة "حَمَوه" خبر المبتدأ ويجوزُ حذف الخبرِ في المثال الثانِي وهو: "لَوْلا أنصارُ زيدٍ ما سلم".
فالمبتدأ دالٌّ على الحِمايةِ إذْ مِنْ شأنِ النَاصِرِ أن يَحْمِيَ مَنْ ينصرُه، ومنه قولُ أبي العلاء يصفُ سيفاً:
يُذِيبُ الرُّعْبُ منه كُلَّ عضْبٍ * فلَولا الغِمْدُ يُمسِكه لسالا
( "يمسكه" خبر الغمد وهو كون مقيد بالإمساك، والمبتدأ دالٌّ عليه، إذ مِنْ شَأن غمدِ السَّيْف إمْسَاكه، و "يذيب" نقيض يَجْمِدُ، "العَضْبُ" السَّيف القاطع، "الغمدُ" غِلاف السيف) وجمهورٌ من النحويين يوجبُ حذف الخَبَر بعدَ "لولا" مًطْلقاً، بناء على أنه لا يكون إلاَّ كونا مطلقاً، وأوجَبُوا جعلَ الكونِ الخاصِّ مبتدأ فيقال في: "لَوْلا زيدٌ سالَمنَا ما سَلِم" لولا مُسالمةُ زيدٍ إيَّانَا أي مَوْجُودة، ولحَّنوا المعري، وقالوا: الحديث مَروِيٌّ بالمعنَى (مر قريباً الحديث والتعليق عليه).
(د) أنْ يُغنِي عن الخَبَر حالٌ لا تَصِحَّ أنْ تكونَ خَبَراً نحو "مَدْحيَ العالمَ عَامِلاً" (مدحي مبتدأ، وهو مصدر مضاف إلى فاعله و "العالم" مفعوله و "عاملا" حال من العالم، وهذه الحال لا تصح خبراً إذ لا يقال: مدحي عامل، فالخبر ظرف زمان متعلق بمحذوف والتقدير: حاصل إذْ كانَ عاملاً) (أقْربُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهُو سَاجِدٌ) "أَحْسَنُ كلامِ الرَّجُلِ متأنياً" التقديرُ: مَدْحي العالِمَ إذ كان (التقدير: بـ "إذ" عند إرادة المضي وبـ "إذا" عند إرادة الاستقبال) أو إذا كان عامِلاً وكذا الباقي ولا يغني الحال عن الخبر إلاَّ إذا كانَ المُبْتَدأ مَصْدراً مُضَافاً لِمَعْمُوله كالمِثَال الأوَّل أو أَفْعل التفضيل مُضَافاً لمصدَرٍ مُؤوَّلٍ كالمثالِ الثاني أو صريحٍ كالمثالِ الثالث، فلا يجوز: مَدْحي العالمَ مفيداً بالنصب لصلاحية الحال للخبَرية، فالرفع هنا واجب وشذَّ قولهم: "حُكْمُكَ مُسَمَّطاً. " (قالَه قومٌ لرجُلٍ حكَّمُوه وأَجَازُوا حكمه ومعناه: نافِذٌ مثبت والقياس رفعُه لصلاحِيته للخبرية ولكنه نصب على الحال، وعلى النصب الخبر محذوف، التقدير: حكمك لك مثبتاً).
[14] تعدُّدُ الخبر:
الأصحُّ جوازُ تعدُّدِ الخبرِ لفظاً ومَعْنَىً لِمُبْتَدأ واحِدٍ نحو "عَلِيٌّ حَافِظٌ شَاعِرٌ كاتِبٌ رَاوِيةٌ أديبٌ" ومثلُه قولُه تعالى: {وهُو الغَفُورُ الودُودُ ذُو العَرْشِ المَجِيدُ} (الآيتان 14 - 15 - من سورة البروج "85").
والذي يمنعُ جواز تَعَدُّدِ الخبر يُقدِّرُ "هُو" للثاني والثالث من الأخبار، وليس مِن تعدُّدِ الأخبار. قولُ طَرَفَة:
يَداكَ يَدٌ خَيرُها يُرْتَجَى * وأُخْرى لأَعْدَائها غَائِظَة
لأنَّ "يَدَاكَ" في قُوَّة مُبْتَدأيْنِ لكلِّ منهما خَبَرٌ ولا نحو قولهم: "الرُّمَّانُ حُلْوٌ حَامِضٌ" لأنَّهما بمعنى خَبرٍ واحدٍ، تقديرُهُ "مُزٌّ" ولهذا يَمْتَنعُ العَطْفُ، وإن تَوسَّطَ المُبْتَدَأ بينَهما، أي نحو حُلْوٌ الرُّمَّانُ حَامِضٌ".
* خَبَّرَ: من الأَفْعَال التي تَتَعَدَّى إلى ثَلاثَة مَفَاعِيل على ما قَاله الفَرَّاءُ تقول: "خَبَّرتهُ الوَعدَ آتياً".
ومنه قول الشاعر:
وخُبِّرتُ سَوْدَاءَ الغَميم مَريضةً * فأقْبَلْتُ من أهْلي بمِصرَ أعُودُها
(=المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل).
* خَلاَ: لها ثَلاثَةُ أَوْجُه:
(1) أنْ يكُونَ فِعْلاً غيرَ مُتصَرِّفٍ، مُتَعَدِّياً، ناصِباً للمُسْتَثْنى على المَفْعُولِيَّة وفاعِلُهُ ضميرٌ مستترٌ عائِدٌ على مَصدرِ الفعل المُتَقَدِّمِ عَلَيها، فإذا قُلْنا: "حَضَرَ القَوْمُ خلا عليّاً" فالمعنى خَلا حُضورُهُم عليّاً.
(2) وتصلح أيضاً أن تكونَ حَرْفاً جَارّاً للمُسْتَثْنى فَلَكَ أن تقول "حَضَر القومُ خلا عليٍّ" بالجر ولا تعلُّق لها بما قَبْلها وهيَ مَعَ مَعْمُولِها في مَوْضِع نَثْبٍ بِتَمامِ الكَلامِ (أي إنها مثل ما بعد "إلا" فإنه منصوب ولا تعلق له بالعامل والعامل فيهما معنوي وهو تمام الكلام وكذا سائر الفضلات: أفاده الدسوقي). وإذا اسْتُثْنِي بها ضَمِيرُ المُتَكَلِّم وقُصِدَ الجَرُّ، لم يُؤتَ بنُونِ الوِقَاية، وإذا قُصِد النَّصْبُ أتي بها، فيقال على الأوَّلِ: خَلاي، وعلى الثاني: خَلاَني.
(3) أَنْ تَدخُل "ما" المصدَرِيَّة عليها، فتتعَيَّنُ للفِعْلِيَّة، ويجبُ عند ذلك نَصْبُ ما بَعْدَها، ومَوضِعُ "ما خَلا" نَصْبٌ عَلَى الحال فيكونُ التَّقْدير: حضَرُوا خَالِين عن عَليّ، وقيل على الظَّرف والتقدير: وقت خُلُوِّهم عن عليّ وعلى ذلكَ قَولُ الشَّاعر:
أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ ما خَلاَ الله بَاطِلُ * وكُلُّ نَعِيمٍ لا مَحَالَةَ زَائِلُ
ولها حَسب أحْوالِها أحكامٌ بـ "المُسْتَثْنى" و "الجَارِّ والمَجْرور" (فانظرها فيهما).
* خِلالَ: مِنْ قوله تعالى: {فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيارِ} (الآية "5" من سورة الإسراء "17" ) هي ظَرفُ مَكانٍ مَنْصُوب والمعنى: في خَلال الديار.
* خَلْفَ: من أسْماءِ الجِهاتِ، ولَهَا أحْكَامُ قبلُ، وهي ظَرْفُ مَكان مَنْصُوب ومَعْناها: ضِدَّ "أمام".
(=قَبل).
* الخَمِيس: يُجْمَعُ في أدْنى العَدَدِ على "أَخْمِسَة" كـ "قَفِيز وأَقْفِزَة" وتجمع على "أَخْمَاس".
وجَمع الكَثرةِ "الخُمُس" و "الخُمْسَان" وعلى "أخْمِسَاء" كنصيب وأَنْصِبَاء.
* خَيْر وشَرّ: يأتي هذا اللفظُ اسمَ تفضيل على غير وزن "أفعل" لكثرة الاستعمال نحو "العلمُ خيرٌ مِنَ المَال" وهذا هوَ الأكثر وقد يُسْتَعْمَلُ قَليلاً على وَزْنِ "أَفْعَل" أي "أَخْير" ومثله "أَشَرّ".
(=اسم التفضيل وعمله 2).


-----------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق