الثلاثاء، 21 مارس 2017

من معجم القواعد العربية للشيخ عبد الغني الدقر بَابُ الـــلاّم

حمل وافتح منهج اللغة العربية الإجمالي أولي ثانوي ترم ثاني (كل اللغة العربية شرح وفيديوهات كاملة)

 من معجم القواعد العربية  للشيخ عبد الغني الدقر
بَابُ الـــلاّم
* لا الحِجَازِيّة : وهي التي تَعمَلَ عَمَلَ لَيسَ قَلِيلاً عِندَ الحِجَازِيّين، ولا تَعملُ عِندَ التَّميمِّيين، وتحتمِلُ أَنْ يُرَا دَ بهَا نفي الوَحدة أو نَفيُ الجِنس .
ويُشتَرط في إعمالها الشروطَ في "ما"الحِجَازِية ("ما" الحجازية ) .
ما عَدَا زِيادَةَ "إن" فإنَّها لا تُزَاد بعدَ "لا" أَصلاً . والغَالِبُ في خَبَرِ"لا" أن يَكُون مَحذُوفاً نحو قولِ سعدِ بنِ مالك جَدِّ طَرَفَةَ بنِ العَبد:
مَنَ صَدَّ عَن نِيرَا نِها * فأنا ابنُ قَيسٍ لابَراحُ ("من صد"من شرطية والضمير في "نيرانها" يرجع إ لى الحرب) .
فـ "براحُ" اسم لا، وخبرها محذوف ، والتقدير: لا براحُ لي .
وقد يُذكَرُ الخَبر صَرِيحاً نحو قولِ الشاعر:
تَعَزَّ فلا شيءٌ على الأَرض باقِيا * ولا وَزَرٌ مما قَضَى اللَّهُ واقِيا
ومن شُرُطِها - عِندَ الأَكثَرِين - أن يَكُونَ المَعوُلان نَكِرَتَين كهذا ومن شُرُوطِها - عِندَ الأََكثرِين - أن يَكُونَ المَعمُولان نَكِرَتَين كهذا البَيت: تَغَزِّ .
وخالَفَ في هذا ابن جني ودليلُه قولُ النابغة:
وحَلَّتْ سَوادَ القَلبِ لا أَنَا بَاغِياً * سِواها، ولا عَنْ حُبِّها مُتراخِيّاً
وعَليه قولُ المتنبي:
إذا الجُودُ لم يُرزَق خَلاصاً من الأَذى * فلا الحَمدُ مَكسوباً ولا المالُ بَاقيا
وقد لَحَّنَ المتنبي من زعم أن لا الحجازية لا تعمل إلاّ في نكرة، وقَد تُزَادُ بِقِلّةٍ الباءُ في خبر "لا" كقول سَوَا دَةَ بنِ قَارِب:
وكُنْ لي شَفيعاً يومَ لا ذُو شَفَاعةٍ * بمُغنٍ فَتِيلاً عَن سَوَادِ بنِ قَا رِب
* لا حَرفَ جواب : أي تَنفِي الجوابَ، وهذه تُحذَفُ الجُمَلُ بَعدَها كثيراً ، يُقَال: "أ جَاءَكَ زَيدٌ" فَتَقُول: "لا" والأَصلُ : لا، لَم يَجئ .
* لا الزائدة: قد تأتي زَائِدةٍ وتُفِيدُ التُوكِيد نحو قوله تعالى:
{لِئلاَّ يَعلم أهلُ الكِتابِ ألاَّ يَقدِ رُون عَلى شيئ} (الآية "29" من سورة الحديد"56") .
أ ي لِيعلَم، وقال الرَّاجِزُ وهو أبو النَّجم :
ومَا أَلُومُ البيضَ أَلاَّتَسخَرا * لَمَّا رَأَّينَ الشَّمَطَ القَفَندرَا
(الشمَط : الشيب، القَفَندر : القبيح المنظر) .
* لا العَاطِفَة : يُعطَفُ بـ "لا" لإِخراج الثَّانِي مِمَّا دَخَلَ فيه الأوَّل، ولها ثَلاثَةُ شُرُوط:
(أ) إفرادُ مَعطُوفيها .
(ب) أن تُسبَقَ بإيجَابٍ، أو أمرٍ، أو نِدَاءٍ .
(ج) ألا يَصدُقَ أحَدُ مَعطُوفيها على الآخر نحو " هذا بلَدٌ خِصبٌ لا جَدبٌ" "إلبَسِ القميصَ الأَبيَضَ لا الأزرَقَ" "يا ابنَ أَخِي لا ابنَ عَمِّي " "اشتَريت ضيعَةً لا داراً" ولا يجوز نحو "اشتَريت ضيعةً لاأَرضاً" لأَنَّ الأرضَ تصدُقُ على الضَّيعةِ، والضَّيعَةُ تصدُقُ على الأرض .
* لا عَليكَ: "لا" نافية للجنس، واسمها مَحذُوفٌ، التَّقديرُ : لا بأسَ، و "علَيك" متعلق بمحذوف خير، وحَذفُ اسمِ "لا" الجنسية نادِر.
(= لا النافية للجنس 8)
* لا النَّافِيَة : إذا وقَعَت على فِعل نَفَته مُستَقبلاً، وحَقََّ نَفيها بمَا وَقَعَ مُوجباً يالقَسَمِ، كقوللك : "ليَقُومَنَّ زيد" فتقول: "لا يَقُومُ " وقد تَنفِي الماضي، فإن نَفَتةُ وَجَبَ تَكرارها، نحو " لا أَكلتُ ولا شَرِبتُ" وإذا نَفتِ المستقبلَ جَازَ تَكرارُها، نحو" زَيدُ لا يَقرَأ ولا يَكتُب" .
وقد تكُونُ لِنَفي الحَالِ، وقد تَعترِض بَينَ الخَافِضِ والمَخفُوض نحو" حَضَرَ بلا كِتابٍ" وهي بالمِثَال بمَعنى غيرِ مَجرورة بالباء، وما بَعدَها مُضَافٌ إليه (وهذا عند الكوفيين بمعنى "غير" مجرورة بالباء وما بعدها مضاف إليه) .
أو زَائِدة ولكنها تُفِيد النفي (وهذا عند البصريين وهو الصواب) .
* لا النافية للجِنس (وتسمى"لا"التبرئة):
[1] شروط عملها :
تعملُ عَمَلَ " إنَّ " بستَّةِ شُروط :
(أ) أن تكونَ نافيةٍ .
(ب) أن يكونَ المنفُّي بها الجنسَ (ولو كانَتْ لنفي الوَحدة عَمِلتْ عملَ
"لَيس" نحو "لاَ رَجُلٌ قائماً بل رَجُلان" أمَّا قَولُهُم في المثل " قَضِيَّةٌ ولا أبَا حَسَنَ لها" أي لا فَيصَلَ لَها، إذ هُو كرَّم اللَّهُ وجهَه كان فَيصلاً في الحكومات على ما قَالُه النبي صلى اللّه عليه وسلم: أَقضاكم عليّ، فصار اسمُهُ كالجنس المُفِيد لمَعنى الفَيصل، وعلى هَذا يُمكنُ وصفهُ بالنكرة، وهذا كما قالوا: "لِكلِّ فِرعونٍ مُوسى" أي لكل جبَّار قَهَّارٌ، فيصرف فِرعونٍ وموسى لتنكيرهما بالمعنى المذكور كما في الرضي ج - 1 ص 260) .
(ج - ) أن يكونَ نفُيه نصّاً ( وهو الذي يُراد به النفي العامِ، وقٌدِّر فيه "من" الاسغراقية، فإذا قُلنا "لا رجلَ في الدار" وأنت تريد نفي الجنس لم يصح إلابتقدير "من"فكان سَائِلاً سأَلَ: هل مِنْ رجل في الدارِ؟ فيقال: "لارجل").
(د) ألاَّ يَدخُلَ عليها جَارٌ (وإن دخل عليها الخَافِضُ لم تَعملْ شَيئاً، وخُفِضَتِ النكرةُ بعدها نحو "غَضِبتَ مِن لا شيئ، وشذ " جئت بلا شيءَ" بالفتح) .
(ه - ) أنْ يكونَ اسمُها نكرةً متَّصلاً بها (وإن كان اسمُها مَعرِفةً، أو نَكِرَة مُنفَصلاً منها أُهمِلت، ووَجَبَ تكرَارُها، نحو "لا محمودٌ في الدَّا رِ ولا هَاشِمٌ" ونحو: {لا فِيهَا غُولٌ ولا هُم عَنها يُنزَفون} فإنَّما لم تَتَكَرَّر مع المَعرِفَة في قَولِهم "لا نَوْلُكَ أن تفعل" من النوال والتَّنويل وهو العطية، وهو مُبتدأ، وأن تفعل سَدَّ مَسَدَّ خَبَره لتأول "لا نولك" بلا ينبغي لك أن تفعل) .
(و) أنْ يكونَ خَبَرُهَا أيضاً نَكِرَةً .
-2 - عَمَلُها :
"لا" النَّافيِةُ للجِنس تَعمَلُ عملَ "إن" ولكن تَارَةً يكونُ اسمُها مَبنِياً على الفَتحِ (ويَرَى الرّضِيُّ: أن تقول: مبني على ما يُنصب به بَدَل مَبنيٌّ على الفتح، وعنده أنَّ ذاك أولَى) في محلِّ نَصبٍ، وتَارَةً يكونُ مُعرَباً مَنصُوباً. فالمَبني على الفَتح من اسمِ لا يكون"مُفرَداً" نَكِرةً أي غَيرَ مُضاف، ولا شَبِيهٍ بالمضاف (سيأتي قريباً تعريفه) أو "جمعَ تكسير" نحو "لا طالبَ مُقَصِّرٌ" و "لا طُلاَّبَ في المدرسة" فإذا كان "جَمعَ مؤنثٍ سَالماً" يُبنى على الفَتح، أوعَلى الكَسرِ، وقد رُوِي بهما قولُ سَلامَة بنِ جَندل :
أودَى الشَّبَابُ الذي مَجدٌ عَوَا قِبُه * فيه نَلَذُّ ولاَ لَذَّا تِ للشِيب
("أودى" ذهب "مجد" خبر مقدم عن "عواقبه" وصح الإِخبار به عن الجمع لأنه مصدر) .
وأمَّا المُثَّنى فَيُبنى على يَاءِ المُثَنَّى ، وأمَّا الجمُوع جَمعَ سَلاَمةٍ لِمُذَكَّر فَيُبنَى على ياء الجَمع، كقوله :
تَعَزَّ فلا إلفَينِ بالعَيشِ مُتِّعَا * ولكن لِوُرَّا دِ المَنُونِ تَتَابُعُ
("تعز" تصبر "إلفين" صاحبين، "الوُرَّاد" جمع وَا رِد) وقوله :
يُحشَرُ النّاسُ لابَنينَ وَلا * آ باءَ إلا وَقَدْ عَنَتهُم شُؤونُ
("عنتهم" أهمتهم "شؤون" جمع شأن وهي: الشواغل) ومثلُ ذلكَ في التَّثنِية والجَمِع قولهم : "لا يَدَينِ بِهَا لَكَ " و "لا يدَينِ اليَومَ لك" إذا جَعلتَ لَكَ خبراً لَهُما، ويَصِحُّ في نحو "لي ولَكَ" أن يكونَا خَبراً ولو كانَ قَاصِداً للإِضَا فَة .
وتَوكِيدُها بالَّلامِ الزَّا ئِدَةِ نحو قولِ الشَّاعر وهو نَهارُ بنُ تَوسِعَة اليَشكُرِي فيما جَعَله خبراً:
أَبِي الإِ سلامُ لا أبَ لي سِواه * إذا افتَخَروا بقَيسٍ أو تَمِيمِ
وعِلَّةُ البِنَاءِ تَضَمُّنُ مَعنى "مِن" الاستِغرَاقِية، بِدَليلِ ظُهُورِها في قوله :
فَقَامَ يَذُودُ النَّا سَ عَنهَا بسَيفِهِ * وقالَ ألا لا مِن سَبيلٍ إلى هِندِ
وليسَ من المَنصُوب بلا النا فِيَة للجِنس قولُك: لا مَرحَباً، ولا أهلاً ولا كَرَامَةً، ولا سُقياً، ولارُعياً، ولا هَنِيئاً ولا مَرِيئاً، . فهذه كلُها منصُوبةٌ ولكن ليس بلا، ولكن بفعل محذوف .
ومثلها: لا سَلاَمٌ عليك .
وأمَّا القِسمُ الثّاني وهو المُعَرب المَنصُوب فهو أن يكون اسم "لا" مضافاً أو شَبِيهاً بالمُضَاف (الشبيه بالمُضافِ: هو ما اتَّصل به شَيء من تَمَام مَعنَاه، وهذا يصدقُ على المُشتَقات مع مَعمولاَتِها في الرفع والنصب والجر كقولك : "محمودفعلُه" "طالِعٌ جَبَلا" "خبير بما تعملون" وأما قولهم "لا أبالك" فاللام زائدة لتأكيد معنى الإِضافة (=لا أبالك)) . فالمُضَاف نحو: "لا نَاصرَ حقٍ مَخذوِلٌ " والشَّبِيه بالمضاف نحو "لاَ كَرِيماً أصلُهُ سَفِيهٌ " "لا حَا فِظاً عهدَهُ مَنسِيٌّ" "لا وَا ثِقَ باللَّهِ مَخذُوُلٌ " فـ "لا" في الجميع نافية للجنس، ومَا بَعدَها اسمُهَا وهو مَنصوبٌ بها، والمُتَأخّرُ خَبَرها .
ويقولُ سيبويه: واعلَم أنَّ "لا" ومَا عَمِلتْ فيه في مَوْضِعِ ابتِداءٍ كما أَنَّك إذا قُلتَ: هَل مَن رَجُلٍ، فالكلامُ بِمَنزِلةِ اسمٍ مَرفُوع مُبتدَأ .
-3 - تكرار"لا":
إذا تَكَرَّرَت "لا" بـ دُونِ فَصل نحو "لاَ حَولَ ولا قوَّةَ إلاَّ باللّه" فلَكَ في مثلِ هذا التركيب خَمسةُ أوجُه:
(أحَدُها) فَتحُ ما بَعدَهما، (ووجهُهُ أن تَجعلَ "لا" فيهما عَا مِلة كما لو انفَرَدَت، ويقدر بَعد - هما خَبرٌ لَهُما مَعَاً، أي لاَ حولَ ولا قوة لنا ويجوز أن يقدر لكل منهما خبر)، وهو الأصل نحو: {لاَبَيعَ فِيهِ وَلاَ خُلَّةَ} (الآية "254"من سورة البقرة "2" ) بفتحهما بقراءة ابن كثير وأبي عمرو.
(الثاني) رفعُ ما بَعدَهما، (ووجهه أن تجعل "لا" الأولى مُلغَاةً لِتكَرُّرِها، وَما بَعدها مَرفُوع بالابتِداء، أوعَلَى إعمال "لا" عَمَل ليس، وعلى الوجهين فـ "لنا" خبرٌ عن الاسمين، إن قَدَّرت "لا" الثانيه تكراراً للأولَى، وما بَعدها مَعطُوف، فإن قَدَّرتَ الأولى مُهملةً والثَّانِيةَ عَامِلَةً عَمَلَ ليس أو بالعَكس فَـ "لنا" خَبر عن إحدَاهما وخبر الأخرى محذوف)، كالآية المتقدّمة في قَراءَة البَاقِين {لاَ بَيعٌ فيهِ وَلاَ خُلَّةٌ )}وقول عُبيد الراعي:
وَمَا هَجَرتُكِ حَتَّى قُلتِ معلِنَةً * لا نَا قَةٌ لي في هذَا ولاَ جَمَلُ
(برفعِ ناقَةٌ وجَمَل، والمَعنى: ما تَرَكتُك حتَّى تَبَرأتِ مِنِّي، وقوله "لا ناقة لي ولاجمل" مثل ضَربَه لِبَراءَتها منه) .
(الثالث) فتحُ الأوَّل ورفعُ الثّاني (ووجهه أنَّ "لا" الأولى عاملة عمل "إن" و "لا" الثانية زائدة وما بعدها مَعطوفٌ على محل "لا" الأولى مع اسمها، ويجوزُ عند سيبويه أن يقدَّر لهما خبٌر واحِدٌ، وعند غيره لا بُدَّ لكلِّ واحِدٍ من خَبَر) كقول هُنَيِّ بن أحمر الكناني :
هذا لَعَمرُكُمُ الصَّغارُ بعَينِه * لا أُمَّ لي إنْ كانَ ذَاكَ ولا أ بُ
وقول جرير يَهجُو نُمَيرُ بنُ عَا مِرٍ:
بأي بَلاَءٍ يا نُمَيرُ بنُ عَامِرٍ * وأَنتُم ذُنَابَى لا يَدين ولا صَدْرُ
("بأي" متعلق بمحذوف تقديره: بأي بَلاء تفتخرون وأراد "بالذُّنابى" الأَتباع، والمعنى لستُم برءوسٍ بل أتباعٍ، لا يَدَين لكم ولا صَدرُ) .
(الرابع) رفُع الأوّل وفتح الثاني (ووجهه أن "لا" الأولى مُلغاةٌ، أوعملها عمل ليس، و "لا" الثانية عاملة عمل "إن" وتقدير الخبر في هذا الوجه كالذي قبله سواء على المذهبين) كقَولِ أُمَيَّة بنِ أبي الصَّلت:
فلا لَغوٌ ولا تَأثيمَ فيها * وما فَاهُوا به أَبَداً مُقيمُ
(اللغو: الباطل، "التأثيم" من أثَّمتُه: إذا قلتُ له أَثِمت، والمعنى: ليس في الجنة قولٌ باطل ولا تَأثِيم أحدٍلأحدٍ) .
(الخامس) فتح الأوَّل ونصب الثاني (وجهه أن "لا" الأولى عاملة عمل "إن" و "لا" الثانية زائدة، وما بعدَهَا مَنصُوب مُنَون بالعَطف على مَحلِّ اسمِ "لا" الأُولى. ) كقول أنس بن العباس بن مِرداس السلمي:
لا نَسَبَ اليومَ ولا خُلَّةً * اتَّسعَ الخَرْقُ عَلى الرَّا قِع
(الخُلَّة: الصَدَاقةَ. الخَرْقُ: الفتق) .
وهو أضعَفُ تِلك الأَوجُه.
-4 - العَطفُ على اسمِ "لا" من غيرِتَكرارها: إذا لَمْ تَتَكَرَّر"لا" وعَطفتَ عَلَى اسمِها، وجَبَ فَتحُ الأَوَّل وَجَازَفي الثاني النَّصبُ عَطفاً على اسم لا، والرفعُ عَطفاً على مَحل "لا" مَع اسمِها، وامتَنَعَ الفَتحُ لِعَدَم ذكرِ "لا" كقول رَجُلٍ مِن بَنِي عَبدِ مَنَاة يَمدحُ مَروان وابنَه عبدَ الملك:
فَلا أبَ وابناً مِثلَ مَروانَ وابنِهِ * إذا هَوَ بالمَجدِ ارْتَدَى وتأزَّرا
(يجوز "وابن" بالرفع، ومعنى "ارتدى" لبس الرداء و "تأزر" لبس الإِزار).
-5 - وصفُ النَّكرة المَبنية بمُفرد: إذا وَصَفتَ النَّكرةَ المَبنيَّة بمُفرد متَّصل جازَ فَتحُهُ لأَنَّهم جَعلُوا المَوصُوف والوَصفَ بِمَنزِلةِ اسمٍ واحدٍ لـ "لا" شبيه بـ "خَمسَة عَشَرَ" نحو: "لا تلمِيذَ كَسُولَ لك".
وجازَ نَصبُه مُراعَا ةً لِمَحَلِّ النكِرَةِ وهو الأَكثر نحو "لا تِلمِيذَ مُقصِّراً لك "، وجَازَ رَفعُهُ مُراعَاةً لِمَحَلِّها مع"لا" (لأنهمافي مَحلِّ رفعٍ بالابتداء، وإنَّما حَكمُوا عَلى مَحَلهما بالرفع لصَيرورَتِهما بالتركيب كالشَّيء الوَاحِد) نحو قول ذي الرُّمَّة:
بِهَا العِينُ والأرآم لا عِدَّ عِندَها * ولاكَرَعٌ إلاّ المَغَاراتُ والرَّ بلُ
ومنْ ذلِكَ أيضاً قولُ العَرب: "لاما لَ لَهُ قليلٌ ولا كثيرٌ" رَفَعُوه على المَوضِع، ومثلُ ذلك قَولُ العرب: "لامِثلُه أحَدٌ " وإن شَئتَ حَمَلتَ الكلامَ على "لاَ" فَنَصبت .
فإن فَقَدَتِ الصِّفَةُ الإِفراد (بأن كانت شبيهة بالمضاف) نحو "لا رَجُلَ قَبيحاً فعِلُهُ مَحمُودٌ" . أو فَقَدَتِ الاِّتصال نحو "لاَ رَجُلَ في ا لدَّارِ ظَرِفٌ " امتَنَعَ الفَتح، وجاز النَّصبُ والرَّفعُ كما تَقدَّمَ في المَعطُوفِ بدُونِ تَكرَارِ "لا" وكَمَا في البَدَلِ الصَّالِحِ لِعَمَلِ "لا" فالعَطفُ نحو "لا رجُلَ وَامرَأةً فيها" بِنَصب امرأة ورَفعها، والبَدَلُ الصَّالح لعمل "لا"(وهو الذي تَتَوفَّر فيه شروطُ اسمِ "لا" فالبَدَل من اسم "لاَ" كاسمها، والبَدَل دَائِماً يَكون على نِيَّة تَكرِير العَا مِل) نحو "لا أحدَ رَجُلاً وامرأ ةٌ فيها" بنصبِ رجلٍ وامرأةٍ ورَفعهما (ولا يجُوز الفتح في المعطوفِ والبَدَل لوُجُودِ الفاصِل في العَطف بحَرفه، وفي البَدَلِ بِعَامِله، لأنَّ البَدَل على نيَّةِ تَكرَارِ العَامِل)، فإن لم يَصلُح البدَل لعَمَلِ "لا" وَجَبَ الرَّفع نحو" لاَ أحَدَ زَيدٌ وخَالِدٌ فيها"( ذلك لأن "لا" الجِنسية لا تعمل في معرفة) وكذا في المَعطُوفِ الذي لا يَصلحُ لعملِ "لا" نحو "لا امرَأَةَ فيها ولا زيدٌ" .
-6 - دُخولُ همزةِ الاستفها مِ على "لا":
إذا دَخلتْ همزة الاستفهامِ على "لا" لم يَتَغَيَّرِ الحُكمُ، ثُمَّ تَارَةً يَكُو نُ الحَرفان باقِيَين على مَعنَاهُمَا وهو قلِيل، كقول قَيس بن المُلوِّح:
ألاَ اصطَبارَ لِسَلمَى أمْ لَهَا جَلَدٌ * إذا أُلاقي الذِي لاقَاهُ أمثَالي
("ألا" هو مجرد الاستفهام عن النفي، والحرفان باقيان على مَعناهما وهو قَلِيل "لِسَلمَى" مُتَعَلِّق بخبر مَحذُوف تقديره: حَاصِل، المَعنى: إذا لاقَيتُ مَا لآقَاه أَمثالي مِنْ المَوتِ، هل عَدَمُ الاصطِبارِ ثابت لِسَلمى أمْ لها تجلُّد وتَثَبُّت، وأَدخَل"إذا" الظَّرفية على المُضَارِع بَدَلَ المَا ضِي وهو قليل) وتَارَةً يُرا دُ بِهما التَّوبيخُ أو الإِنكار وهو الغَالبُ كقوله:
ألاَ ارعِوَاءَ لِمَن وَلَّت شَبِيبِتُهُ * و آذنَتْ بمَشِيبٍ بعده هَرَمُ
("ألا" الهَمزة للاستِفهَام و "لا" لِنَفي الجِنس قُصِد بها التَّوبيخ والإنكار "ارْعِوَاء" اسمُها والخَبَر مَحذُوف، ومعناه: الانكِفَافُ عن القبيح) .
ومثله قولُ حسَّانَ بنِ ثابت:
حَارِ بنَ عمرٍوألاَ أحلامَ تَزجُرُكُم * عَنّا وأنتُم مِن الجُوفِ الجَمَاخِيرِ (الجُوف: جمع أجوف وهو الوَاسِع الجَوْف، وقال ابن الشجري: هو الذي لارأي لهُ ولا حَزم، والجَمَاخير: جمع جُمخُور: العظيم الجِسم القليلُ العَقل) وجاء خبر"ألا"جملة فعلية .
وتارةً يُرادُ بها التمني وهُوَ كثير كقولِه:
ألا عُمرَ وَلَّى مُستطاعٌ رجُوعُه * فيرْأبَ ما أَثأَتْ يدُ الغَفَلاتِ
("ألا" كلمة واحِدَة للتمني، وقيلَ الهمزة للاستفهام دَخَلَت على "لا" التي لِنفي الجنس ولكن أريد به التمني"عُمرَ" اسمُها مبني على الفَتح وجملة "وَلَّى" صِفَةٌ له، وكذا جملةُ "مُستطاعُ رُجوعُه" صِفَة أُخرى وقوله "فَيَرأبَ" بالنصب جواب التمني من رأبت الإِناء إذا أَصلحتَه، ومَعنَى" أَثأَتْ" أفسَدَتْ) .
فعند سيبويه والخليل أن "ألا" هذه بِمَنزِلَةِ "أَتَمَنَّى" فلاخَبَرَ لها، وبِمَنزِلَةِ
" لَيتَ" فَلا يجوزُ مُرَاعَا ةُ محلِّها مع اسمِها، ولا إلغاؤها إذا تَكَرَّرت، وخَالفَهما المازِني والمُبَرّد فجعلاها كالمُجرَّ دَةِ من هَمزَة الاستِفهام. وهذه الأَقسام الثَّلاثةُ مُختَصَّةُ بالدُّخُول على الجُملَةِ الاسميّة.
-7 - حذ فُ خبرِ"لا":
يَكثُر حذفُ خبر "لا" إنْ دَلتْ عليه قَرينةٌ نحو: {قَا لُوا: لاضَيرَ} (الآية "50"من سورة الشعراء "26" ) أي علينا، ونحو "لاَ بَأسَ" أي عَليكَ، وحَذفُ الخَبَرِ المَعلُومِ يَلتَزِمُهُ الَّتميمِيُّونَ والطَّائِيُّون. ويَجِبُ ذكرُ الخبرِإذا جُهِل نحو: "لا أحدَ أغيرُ من اللَّهِ عزَّ وجلّ" .
-8 - حذ فُ اسمِ "لا":
نَدَر مِنْ هذا الباب حذفُ الاسمِ وإبقَاءُ الخبر، من ذلك قولهم: "لاعَلَيكَ" يُرِيدُون: لا بَأ سَ عَلَيك، ( =لا عليك) .
-9 - الخَبرُ أو النّعتُ أو الحالُ إذا اتصل بـ "لا":
إذا اتصلَ بـ "لا" خَبَرٌ أو نَعتٌ أو حَا لٌ وَجَب تَكرَارُها فالخبر نحو: {لا فِيهَا غَولٌ وَلاَ هُمْ عَنهَا يُنزَفُونَ} (الآية "47"من سورة الصافات "37" ) والنعت نحو: {يُوقدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَاركةٍ زَيتُونَةٍ لا شَرقِيَّةٍ وَلاَ غَربِيَّةٍ} (الآية "35" من سورة النور "24" ) والحال نحو "جَاء مُحَمَّدٌ لا خَائِفاَ ولا آسِفاَ" .
* لا النّاهِيَة: هيَ"لا" الطَّلبيَّة نهياً كانت نحو قوله تعالى: {يا بُنيَّ لا تُشرِك باللَّهِ} (الآية "13" من سورة لقمان "31" ) أو دعاءً نحو : {رَبَّنا لا تُؤاخِذنا}. (الآية "286"من سورة البقرة "2" ) وجَزْمها المضارعَ المبدوءَ بالهمزةِ أو النُّونِ مَبنِيَّينِ للفاعل نادر، كقول النابغة:
لاأعرِفَنْ رَبرَباً حُوراً مَدَا مِعُها * مُرَدَّ فَاتٍ على أَعقَابِ أكوَارِ
(الربرب: القطيع من بقر الوحش. حُور: جمع حَوراء، من الحَور: وهو شدة بياض بياض العين مع شدة سواد سوادها، والأكوار: جمع كوروهو الرحل، شبه النساء ببقر الوحش) وقولِ الوَلِيد بن عُقبَة :
إذا ما خَرَجنا مِنْ دِمَشقَ فلا نَعُدْ * لها أَبَداً ما دَامَ فيها الجُرَاضِمُ
(الجُرَاضم: الأكول الواسع البطن) ويكثُر جَزْمُهما مَبنِيين للمفعولِ نحو: "لا أُخرَجْ" و "لا نُخرَجْ" لأنَّ النَّهِيّ غيرُ المتكلم .
الآنَ : ظَرفٌ مَبنيٌّ على الفَتح في مَحَلِ نَصبٍ، رَغمَ أنَّهُ لا يجيئُ إلاَّ بالألف واللاَّم، وسبب بنائه أنه وقع في أوَّلِ أحُوالِه بالأَ لِفِ واللاَّمِ، وهو اسمٌ للزَّمَانِ الحَاضِرِ، وعندَ بعضِهم: هو الزَّما نُ الذي هُوَ آخرُ مَا مَضَى وأوَّل ما يأتي من الأزمنة.
* ألائي : ( =الاّتي والاّئي) .
لا أَبَا لـ ك: وإنما ثَبَتَتْ الأَلِفُ مَعَ أَنَّه غيرُ مُضَافٍ في الظَّاهِر لأَنَّ أصلَها - على قَول أبي علي الفارسي - لا أَبَاكَ أي إنّها مُضَافَةٌ واللاَّمُ مُقحَمةٌ . ورُبَّما قالوا "لابَ لك" بحذفِ اللام المُقحَمةِ، وقالوا أيضاً: "لا أبَ لك" وكل ذلك دعاءٌ في المَعنَى لا محالة، وفي اللَّفظ خَبرٌ أي أَنتَ عِندي مِمَّن يَستَحقُّ أن يُدعَى عَلَيه بفَقدِ أبيه، هذا في الأصلِ، ولكنَّهُ خُرِّجَ بعدَ ذلك خُروجَ المَثل، قال الخليل: مَعنَاه: لا كَافِلَ لكَ عَن نفسِك .
وقال الفَرَّاء: هِيَ كَلِمةٌ تَفصِل بها العَربُ كلامَها .
وقد تُذكَر في مَعرِض الذَّم، وفي مَعرِض التَّعَجُّبِ، وفي مَعنى جِدَّ في أَمرِك وشَمِرّ .
وإعرابها: لا: نَافِية للجنس، و "أبَ" اسمها مبني على الفتح، ومتعلَّق "لك" خبرٌ.
قال جرير:
يا تَيمَ تَيمَ عَدِيٍّ لا أَبَا لَكُمُ * لا يُلفِينَّكُمُ في سَوءَةٍ عُمَرُ
وقال أبو حيَة النُّميري :
أبِالمَوتِ الذي لابُدَّ أنِّي * مُلاقٍ لا أَبَاكَ تُخَوِّ فِيني
سَمع سليمان بن عبد الملك أعرابياً في سَنَةٍ مُجدِ بَةٍ يقول:
"أنزِلْ عَلينا الغَيثَ لا أبَا لَك".
فحَمَله سُلَيمانُ أحسَنَ مَحمِل، وقال: أشهدُ أن لاأَبَ لَه، ولا صَاحِبةً، ولا ولَداً .
* لاَ بُدَّ: أصلُ معنى لا بُدَّ : لا مُفَارقَةَ، لأنَّ أصلَه في الإِثبات: بُدَّ الأمرُ: فُرِّق وتَبَدَّد، فإذا نُفِيَ التَّفَرُق بين شَيئين حَصَلَ تَلاَزُمٌ بينَهُما فصارَ أحدُهما واجباً للآخر، ومن ثَمَّ فَسَّرُوهُ بوَجَبَ .
وأعرابُها: لا نافية للجِنسِ، وبدَّ: اسمها مبنيٌّ على الفتحِ، والخبر محذوفٌ، التّقدير: لنا .
-لاَ بَلْ: أذا ضَمَمتَ"لا" إلى "بَلْ" بَعدَ الإِيجابِ والأَمرِ فيكونُ مَعنى "لا" يَرجِعُ إلى ماَ قَبلَها مِنَ الإِيجَابِ والأَمرِ، لا إلى ما بَعدَ "بَل"، تَقُول "تَكَلَّمَ خَالِدٌ لا بَل عُمَرُ" نَفَيت بـ "لا" التَّكُّمَ عن خَالِدٍ، وأثبته لـ "عُمَر" بـ "بل" ولو لم تأت بـ "لا" لكان تَكلُّمُ خَالِدٍ كالسُّكُوتِ عَنه، يُحتَمل أن يَثبُت وألاَّ يَثبت، وكذلِكَ في الأمرِ تقول: "امنَحْ زَيداً عَطَاءَك لا بَلْ أخَاك" . أيْ لا تَمنح زيداً بل امنَحْ أخاك .
* لاتَ :
-1 - أصلُهَا وعَمَلُها:
أصلُ "لات" لا النَّافية، ثمَّ زيدَت عليها التّاءُ، لتَأنِيثِ اللفظِ أو لِلمُبَا لَغَةِ، وتَعمَلُ عَمَلَ لَيسَ .
-2 - شَرطَان لَعَمَلِها :
عَمَل "لاتَ" واجِبٌ بشَرْطَين:
(أ) كَونُ مَعمُولَيها اسمَي زَمان .
(2)حَذفُ أحَدِهما، والغالبُ كونُه اسمَها. نحو: {وَلاَتَ حِنَ مَنَاصٍ} (الآية "3" من سورة ص "38" ) أي ليس الحينُ حينَ فِرار، فَحُذِفَ الاسمُ المَرفُوعُ، وذُكِرَ الخَبرُ، ومثلُهُ قَولُ المُنذِرِ بنِ حَرمَلَة:
طَلَبُوا صُلحنَا ولاَتَ أَوَانٍ * فـ أجَبنَا أَنْ لَيسَ حِينَ بَقَاءِ
(أي ليس الأوان أوان صلح، والشاهد فيه قوله "ولات أوان" حيث وقع خبره لفظة"أوان" كالحين) .
وأمَّا قَوْلُ شَمَرْدَل اللَّيثي:
لَهفِي عليكَ لـ لَهفَةٍ مِن خَائِفٍ * يَبغِي جِوَارَكَ حينَ لاتَ مُجيرُ.
فارتِفاعُ "مُجيرُ" على الابتِدَاء أو الفَاعِلية، أيّ لاتَ يحصُل مُجِيرُ، أَو لاَتَ لَهُ مُجِيرٌ، و "لاَتَ" مُهمَلةٌ لِعَدَمِ دُخولِها على الزَّمان .
ومِنَ القَليل حَذْفُ الخبرِكقراءَة بعضِهِم شُذُوذا {وَلاَتَ حينُ مَنَاصٍ} برَفع"حِينُ" على أنه اسمُها' والخَبَر مَحذُوف، والتّقدير: ولاَتَ حِينُ مَنَاصٍ كائِناً لهم .
* ألاَّتي والاَّئي: اسما مَوصُول بإثباتِ الياء فِيهما، وقَد تُحذَفُ يَاؤُهُمَا، وهُمَا لجَمع المُؤَنَّث، وقد يَتَعَارَضُ الأُلى والاَّئي، فيَقَعُ كلٌّ مِنهما - نَزراً - مَوقِعَ الآخر، قال مجنون ليلى:
محَا حبُّها حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبلَها * وَحَلَّتْ مَكاناً لم يَكُنْ حُلَّ من قبل
فأوقَع الُألَى مكانَ الاَّئي أو الاَّتي بدليل عَودِ ضَميرِ المؤَنَّثِ عَلَيها، وقال رجُلٌ من بني سُليم:
فَمَا آبَاؤُنَا بـ أَ مَنَّ مِنهُ * عَلَينا اللاَّءِ قَد مَهَدُوا الحُجُورا
أي الذين فأوْقَع اللَّاّئي مَكان الأُلَى بدليل عَوْد ضميرِجمعِ الذكور عليها .
* لاَجَرَمَ: أيْ لابُدَّ ولا مَحَالَةَ، وقيل مَعنَاها حَقّاً، قال سيبويه: فأمَّا قولُه تعالى: {لاَ جَرَمَ أنَّ لَهُمُ النّارَ} (الآية "62"من سورة النحل "16" ) .
فإنَّ جَرَمَ عَمِلَتْ لأنها فِعلٌ ومَعنَاهَا: لقَد حَقَّ أَنَّ لهُمُ النارَ، وقولُ المُفَسرين : مَعنَاها: حَقّاً أنَّ لهُمُ النار فـ "جَرَمَ" عَمِلتْ بعدُ في "أنَّ"وإذا قالوا "لا جَرَمَ لآتِيَنَّكَ" فهي بمنزلة اليَمِين .
وأصلها من "جَرَمتَ" أي كَسَبتَ الذَّنبَ .
* لاَحَبَّذا : (=نِعمَ وَبِئسَ ).
* لاسِيَّمَا : (=ولاَ سِيَّما) .
* اللاَّزِمُ :
-1 - تَعرِيفُه : هو الذي لم يَتَعدَّه فِعلُه إلى مَفعُول نحو "ذَهَبَ زَيدٌ" و "جلَس عمروٌ" .
-2 - علامات الأفعال اللاَّزِمة :
(الأول) ألاَّ يَتَّصلَ بالفعلِ هَاءُ ضَميرٍ غَيرِ المَصدَرِ(الآية ٍ"62"من سورة النحل "16" ) كـ "خَرَجَ" لا يُقال: زَيدٌ خَرَجَهُ عمرو.
(الثاني) ألاَّ يُبنَى مِنهُ اسمُ مَفعُولٍ تَامٍّ، فلا يُقال "مَخرُوج" من دُونِ "بهِ" وهذا هو نَقصُه .
(الثالث) أنْ يَدُلَّ على سَجِيَّةٍ (وهي كُلُّ وَصفٍ مُلازِمٍ للذَّا تِ وليسَ حَرَكَةَ جِسمٍ) نحو "جَبُنَ وشَجُعَ ".
(الرابع) أنْ يَدُلَّ على عَرَضٍ، (وهو كلُّ وصفٍ غيرِ ثابتٍ وليس حركةَ جِسمٍ) نحو "مَرِضَ وكَسِل".
(الخامس) أنْ يَدُ لَّ على نَظَا فَةٍ كـ "نَظُفَ وَطَهُرَ وَ وَضُوءَ".
(السادس ) أنْ يَدُلَّ عَلى دَنَس نحو "نَجُسَ وقَذُر" .
(السابع) أنْ يَدُلَّ على مُطَاوَعَةِ (المطاوعة : قبول الأثر) فاعِلِه، لفاعل متعدٍّ لِواحِدٍ (فلو طاوع ما يتعدى فعله لاثنين، تعدى المطاوع لواحد كـ "علمته الحساب فتعلمه")، نحو "كَسَرتُ الإِناءَ فانكَسَرَ الإِناءُ" .
(الثامن) أنْ يكونَ مُوَازِناً لِـ "افعَلَلّ" بفتح اللاَّم الأُولى وتَشديد الثّانية كـ "اقشَعَرَّ واشمَأزَّ".
(التاسع) أنْ يكونَ مُوازِناً لـ : "افوَعَلَّ " (وهو ملحق بـ "افعلَلَّ) كـ "اكوَهَدَّ الفَرخُ" إذا ارتَعَدَ .
(العاشر) أن يكونَ مُوازناً لـ : "افعَنلَلَ" كـ "احرَنجَمَ" (احرَنجَم: اجتَمع، والنون زَئِدة، واحرَنجم اجتَمع بعضُهم إلى بَعض، ومثلُه وَزناً وَمَعنىً: اعرَنزَم واقرَنبَعَ)
(الحادي عشر") أنْ يكون مُوازِناً لـ "افعَنللَ" بِزِيَا دَةِ أحَدِ اللاَّمَين كـ "اقعَنَسَ" الجَمَلُ: إذا أَبَى أَن يَنقَادَ .
(الثَّانِي عَشَر) أَنْ يكونَ مُوازِناً لـ "افعَنلَى" بفَتحِ العينِ وسُكونِ النون كـ "احرَنبَى" الدِّيكُ، إذا انتَفَشَ للقِتَال . و "اغرَندَى" و "اسرَندَى" وكِلاَهُما بمعنَى يَعلُو ويَغلِب، ولاثَالِثَ لهما .
(الثَّالث عشر) كَونُه على "فَعَل" أو "فعِل" بالكسر ووصفُها على "فَعِيل" نحو "ذلَّ" و "قوِي":
(الرابع عشر) كَوْنُه على "أفعَل" بمعنى صَارَ ذا كذا نحو "أَغَدَّ البعيرُ" إذا صار ذا غُدَّة، و "أحصد الزَّرعُ" إذا صَار صالحاً للحصاد .
(الخامس عشر) أنْ يكونَ على وزنِ"استَفعَل" الدَّالِّ على التحول كـ "استَحجَر الطينُ" وَكَقولِهم في المثل: "إنَّ البُغَاثَ بأرضنا يَستنسرُ" .
(السادس عشر) أنْ يكونَ على وَزْن"انفَعَل" نحو "انطَلَق" .
(السابع عشر) أن يكون رُبَاعِيّاً مَزِيداً نحو "تدَحرَجَ" و "احرَنجَمَ". ، "اقشَعَرَّ" و "اطمَأَنّ" .
(الثامن عشر) أَنْ يَدُلَّ على لَونٍ كـ "احمَرَّ" و "اخضَرَّ" و "أدِمَ".
(التاسع عشر) أنْ يَدُلَ على حِليَة كـ "دَعِجَ" و "كحِلَ" و "سمِن" و "هزِل".
[3] حُكمُه: حُكمُ اللاَّزمِ أن يَتَعَدَّى بالجَارِّ، ويَختَلِفُ الجَارُّ باختلاف المعنى كـ : "عَجِبتُ منه" و "مرَرْتُ به" و "غضِبتُ عليه" وقَدْ يُحذَفُ الجَارُّ فَيَتَعدَّى الفِعلُ بِنَفسه، ويُنصَبُ المَجرُور، وهو ثلاثَةُ أَقسام:
(أحَدُها) سَمَاعِي جَائِزٌ في الكَلامِ المَنثُور نحو "نَصَحُهُ وشَكَرتُهُ وكِلتُهُ ووَزَنتُهُ"، والأكثُر ذكر اللاَّم الجارِّ نحو: {وَنَصَحتُ لَكُمْ}( الآية "79" من سورة الأعراف "7" ) و{أَنِ اشكُرْ لي}(الآية "14" من سورة لقمان "31" ) .
(الثّاني) سَمَاعِي خاصٌّ بضرورة الشعر كقولِ ساعدةَ بن جُؤَيَّة:
لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعسِلُ مَتنُهُ * فيه كما عَسَلَ الطّريقَ الثَّعلَبُ
("لدن" ناعم لين "يعسل متنه" من العسلان وهو اهتزاز الرمح "كما عسل" الكاف للتشبيه و "ما" مصدرية أي كعسلان الثعلب في الطريق) قوله "كما عَسَل الطريقَ" أيْ في الطريقِ . ومثلُه قولُ المُتَلَمِّس جريرِبن عبدِ المسيح:
آلَيتُ حَبَّ العراقِ الدَّهرَ أَطعَمُهُ * والحَبُّ يأكُلُه في القَريةِ السُّوسُ
(آليت: حَلَفتُ، المعنى: حلفت على حَبّ العراق أني لا أطعمه الدهر مع أنّ الحَبَّ متيسِّر يأكله السوس، وقوله"أطعمه"أي لا أطعمه)
أي آلَيت عَلى حَبِّ العِرَاق .
(الثالث) قِيَاسي وذلكَ في"أنَّ وأنْ وكي" نحو: {شَهِدَ اللَّهُ أنَّهُ لاَإلَهَ إلاَّ هُوَ}(الآية "18" من سورة آل عمران "3" ) أي بأنَّه لا إله إلاَّ هُو، {أَوَعَجِبتُمْ أنْ جَاءَكُمْ} (الآية "63" من سورة الأعراف "7" ) أي من أن جَاءَكم، {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً} (الآية "7" من سورة الحشر"59") أي لكيلا إذا قَدَّرت َ"كي" مَصدَرِية .
-لاَغَيرُ: الجُمهور على أنَّه لا يجوز الحذفُ بعدَ ألفاظ الجحد إلاَّ "ليس"، فلا يُقال: "أَنفَقتُ مِائِةً لا غيرُ" ولكن السَّمَاع خلافهُ، ففي القاموس: قيل: وقولهم: "لاغيرُ" لَحنٌ، وهو غَيرُ جيِّدٍ لأنه مَسمُوع، قال الشاعر:
جَوَاباً به تَنجو اعتَمِدْ فَوَرَبِّنا * لَعَن عَمَلٍ أسلَفتَ لاغيرَ تُسأَل
(=ليس غير) .
* لكِن : هي للاستِدْرَاكِ بعدَ النَّفي،
(1) وتكونُ حَرْفَ عَطف بثلاثَةِ شُرُوطٍ إفرا دِ مَعطُوفِها، وأَنْ تُسبَق "بنفيٍ" أو "نَهي" وألاَّ تَقتَرِن بـ "الواو" نحو" ما أَكلتُ لَحماً لكن ثَرِيداً" ونحو "لا يَقُمْ خَا لـ دٌ لكن أحمدُ" . ولا يجوزُ أنْ تَدخُلَ بعدَ إيجاب إلاَّ لِتَرْك قِصَّةٍ إلى قِصَّةٍ تَامَّة، نحو قولِك: " جاءَني خَالدٌ لكن عبدُ الله لم يأت" .
(2) وقد تكونُ "لكن" حرفَ ابتداءٍ لمُجَرَّد إفَادَةِ الاستِدراك، وذلك إنْ تَلَتها"جُملةٌ" كقول زهير بن أبي سُلمُى:
إنَّ ابنَ وَرْقَاءَ لا تُخشَى بَوادِرهُ * لكنْ وَقَائِعهُ في الَحرْبِ تُنتَظُر
ومِن هذَا قولُه تعالى: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبّي} (الآية "38" من سورة الكهف "18" ) أصلُه: لكِنْ أَنا، حُذِفتِ الألفُ فالتقت نُونَان فجاء التَّشديد . أو تَلت "واواً" نحو: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رسُولَ اللَّهِ} (الآية "40" من سورة الأحزاب "33" ) أيْ ولكِنْ كانَ رسُولَ اللَّهِ. أو سُبِقَتْ "بإ يجَابٍ" نحو "قامَ عليٌّ لكِن محَمّدٌ لم يَقُمْ" .
* لَكِنَّ: مَعناها الاستِدرَاك (الاستدراك: تَعقِيب الكلام بنفي مَا يُتَوَهَّم ثُبُوتُه أو بإثبات مَا يُتَوَّ هَّم نَفيُه، فمِثالُ الأَوَّل: قولُك "عليّ شُجَاع لكنه بَخِيل" دَفعتَ بـ "لكن" توهُّمَ أنَّه كريم لملازَمَةِ الكرام للشجاعة)، وإنما يُستَدرَكُ بها بعدَ النفي نحو قولِك: "ما جاءَ الأميرُ ولكنَّ نَائِبَه أَتَىٍ" . وقد يجوزُ أن يُستَدْرَك بها بعد الإِيجاب، ما كانَ مُستَغنِياً نحو قَوْلِك: "حَضَر خَا لِدٌ" فتقول: لكنَّ أَخَاه لم يَحضُر، وهي مِن أَخَوات "إن" وأَحكامُها كأحكَامِها وإذا خُفِّفَتْ تُهمَلُ وُجُوباً وتُهمَل أيضاً إذا ا تَّصلت بها "مَا" الزائدَةُ وهي الكافَّةُ نحو قولِ امرئ القَيس:
ولكِنَّمَا أَسعَى المَجدٍ مُؤَثَّلٍ * وقد يُدْ رِكُ المَجدَ المؤثَّلَ أمثالي
( =إنَّ وأخواتها) .
* اللاَّمُ: كثيرةُ المَعَاني والأقسَام، وترجعُ إلى قِسمَين: عَامِلَةٌ، وغيرُ عَامِلَةٍ.
والعَامِلَةُ قِسمان: جَارَّةٌ، وجَازِمَةَ .
وَغَيرُ العَامِلَةِ ثَمَانية: لامُ الابتداء، ولامُ البُعدِ، ولامُ التَّعَجُّبِ، ولامُ الجَواب، واللامُ الزَائِدَة، واللامُ الفَارِقَةٌ، واللام المزحلقة، ولامٌ موطِّئةٌ للقسم، وسيأتيك تفصيلُها عَلى تَرتيبِ حُروفِها .
* لامُ الأمر : هي اللاَّمُ الجازِمةُ للمُضارع ومَوضُوعَةٌ للطَلب وَحَرَكَتُها الكَسرُ، (وسُليم تفتحها وهي قبيلة عربِية مشهورة) نحو: {لِيُنفِق ذُو سَعَةٍ} (الآية "7" من سورة الطلاق"65") وإسكانُها بعدَ الفاءِ والواوِ أكثَرُ مِن تحرِيكها نحو: {فَليَستَجِيبُوا لي وَليُؤْمِنُوا بي} (الآية "186"من سورة البقرة "2" ) وقَدْ تُسَكَّنُ بَعدَ "ثُمَّ" نحو: {ثُمَّ ليَقضُوا تَفَثَتهُمْ} (الآية "29" من سورة الحج "22" . التفث: التنظيف من الوسخ، في التفسير: أنه أخذ من الشارب والأظفار إلخ) ونحو: "ثُمَّ ليَقطَعْ فَليَنظُره" (والغريب أنَّ المبرِّد في المقتضب يرى أنَّ إسكان لام الأَمر بعد"ثم" لحنٌ، مع أنَّ من القراء السبعة أربعة قرؤوا بتسكين الام والباقي بتحريكها) .
والفعلُ المَبنيُّ للمَجهُول، لا طريقَ للأمر فيه، إلاَّ بالَّلام، سَواءٌ أكانَ للمُتَكَلِّمِ نحو "لأُعنَ بِحَاجَتِك" أمْ للمُخَاطَب نحو "لتُعنَ بِحَاجَتِي" أمْ للغَائِب نحو "ليُعنَ زَيدٌ بالأَّمر" وجَزْمُهَا المضَارعَ المَبدُوءَ بالهَمزَةِ أو المَبدُوءَ بالنونِ قليلٌ كالحديثِ "قُوموا فَلأُصَلِّ لكُمْ" وقوله تعالى: {ولنَحمِلْ خَطَايَاكُمْ} (الآية "12" من سورة العنكبوت "29" ) وأقَلُّ منه جَزْمُها فِعلَ الفَاعِلِ المخَاطَبِ نحو: {فَبِذَ لِكَ فَلتَفرَحُوا} (الآية "58"من سورة يونس "10" . والقراءة المشهورة: فليفرحوا بالياء) في قِراءة، وفي الحديث (لِتَأخُذُوا مَصَافَّكُمْ) والأكثَرُ الاستِغنَاءُ عن هذا بفِعل الأمر، نحو "افرَحُوا" و "خذُوا" لأَنَّ أمرَ المخاطَب أكثَرُ فاختِصَارُ الصِّيغَة فيه أوْلى . وقد يَجوزُ حَذفُ لاَمِ الأمرِ بالشِّعر مع بَقَاء عَمِلها، كأنهم شبَّهُوهَا بأن إذا أَعمَلُوها مُضمَرةً، وذلك كقَوْل الشاعر :
مُحمدُ تَفدِ نَفسَك كلُّ نَفسٍ * إذَا ما خِفتَ من شَيء تَبَالا
(التَّبَال: بمعنى الوَبَال وهو سوء العاقبة) وإنّما أَرَادَ : لِتَفدِ.
وقال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيرة:
على مثلِ أصحَابِ البعُوضَةِ فاخمِشي * لَكِ الوَيلُ حُر الوَجه أويَبكِ مَن بَكَى
(البعوضة : ماء معروف بالبادية فيها كان مَقتل مالك بنِ نُويرة) .
أراد: لِيبكِ .
* لامُ الابتِداء : هي اللاَّم التي تُفِيدُ تَوكِيدَ مَضمُونِ الجُملَةِ، وتَخلِيصَ المُضَارِعِ لِلحَا لِ، ولا تَدخُلُ إِلاَّ عَلَى الاسم نحو: {لأَنتُم أَشَدُّ رَهبَةً} (الآية "13" من سورة الحشر"59") والفعلِ المضارع نحو قولك {لَيُحِبُّ اللَّهُ المُحسنِينَ} (مثل له ابن مالك ) وتدخُلُ على الفعلِ الذي لا يَتَصَرَّف نحو: {لَبِئسَ مَا كَانُوا يَعمَلُون} (الآية "62" من سورة المائدة "5" ) .
ومن لامِ الابتداء اللاَّمُ المُزَحلَقَةُ.
( =الاَّم المُزَحلَقَة) .
* لامُ البُعد : يُزادُ قَبلَ كافِ الخِطابِ في اسمِ الإِشارَةِ "لامٌ" هي لامُ البُعدِ مُبالَغَةً في الدّلالَةِ على البُعدِ . ولا تلحق من أسماءِ الإِشَارةِ: المُثَنَّى، ولا "أُولَئِك" للجمع، في لغة مَنْ مَدَّه (أمَّا مَن قَصَرأَدَاة الجمع فقال "أولا" بدل "أولاء" وهم قيس وربيعة وأسد فإنهم يأتون باللام قال شاعرهم :
أولالِكَ قَومِي لم يَكونُوا أُشَابةً * وهل يَعِظُ الضِّلِّيل إلاّ أولاَلِكَ
فأداة الجمع في أول البيت وآخره "أولا" وأدخل عليها لام البعد وكاف الخطاب ومعنى الأُشَابة: أخلاط الناس وجمعُها أشَائِب وبنو تمِيم - وهم مِمَّن يُقصرون - لا يأتُون بالام مطلقاً)، ولا فيما سبقته "ها" التنبهيه، والأصلُ في اللاَّم السُّكون كما في "تِلكَ" وكُسِرتْ في "ذلك" لالتِقَاء الساكنين .
* لامُ التَّعَجُّب: هي لامُ التّعجُّبِ غيرِ الجَارَّة نحو: "لَظَرُفَ نُعَيمَانُ" و "لكَرُمَ حَاتَمٌ"، بمعنى ما أظرَفَهُ، وما أكرَمَهُ، ولعلَّ هذه اللاَّمَ هيَ لامُ الابتداء دَخلَتْ على الماضي لَشَبهِهِ بالاسمِ لجُمُودِهِ .
* لامُ التَّعليل : هي للإِ يجاب ولام الجحود للنفي، ويُنصَب المضارع "بأن" مضمرةً جَوازاً بعدَ لامِ التَّعلِيل، ومعنى جَوازاً صِحَّةُ إظهَارِ "أنْ" وإضمارِهَا بعدَ هذه اللاَّمِ، تقول: "جِئتُ لأُكرِمَكْ" و "جئتَ لأَنْ أكرِمَك" وأنْ وما بَعدَها في الإظهَار والإضمار في تأويل المصدر في محل جر بلام التعليل .
* اللاَّمُ الجَارَّة: وتَجُرُ الظَاهِرَ والمُضمَرَ، وهي مَكسورةٌ مع كُلِّ ظَاهِرٍ، إلاَّ مع المُستَغَاثِ المُبَاشِرِ لـ "يَا" نحو "يَالَلَّهِ" وأمَّا مع المُضمَرِ فَتُفتَحُ أيضاً إذا كانَ للمخَاطَبِ أو للغائِب وإذا كانَ مع ياءِ المتكلم فتُكسَر للمُنَاسَبَة. ولهذِه اللاَّم نحوٌ مِنْ ثلاثين معنىً (ومن أراد استقصاءها فليرجع إلى كتاب"الجنى الداني" ففيه ثلاثون معنى وفي"مغني اللبيب" عشرون) وهاكَ بعضَها:
(1) المِلك، نحو: {للَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ} (الآية "284" من سورة البقرة "2" ) .
(2) شِبهُ المِلك، ويعبَّرُ عنه بالاختصَاصِ نحو: "السَّرجُ للفَرَسِ" و "ما أحَبَّ محمّداً لبَكرٍ" .
(3) التعليل، نحو:
وإنِّي لَتَعرُوني لِذ كرَاكِ هِزَّةٌ * كما انتَفَضَ العُصفُور بَلَّلَهُ القَطرُ
(4) الزَّائِدة، وهي لمُجَرَّدِ التَّوكيدِ كقول ابنِ مَيّادة:
وَمَلَكتَ ما بينَ العِراقِ ويَثرِبٍ * مُلكاً أَجَارَ لِمُسلِمٍ ومُعاهَدِ
(5) تقويةُ العَامِل الذي ضَعُف، إمَّا بكونه فَرعاً في العَمَلِ نحو: {مُصَدِّقاً لما مَعَكُم} (الآية "41" من سورة البقرة "2" ) {فَعّالٌ لِمَا يُرِيدُ} (الآية "16" من سورة البروج"85") .
وإمَّا بتأخِّير العَامِلِ عن المَعمُول نحو: {إنْ كُنتُم للرُّؤْيَا تَعبُرُون} (الآية "43" من سورة يوسف "12" ) .
(6) لانتِهاءِ الغَايَةِ نحو: {كُلٌّ يَجرِي لأجَلٍ مُسَمَّى} (الآية "2" من سورة الرعد "13" ) .
(7) القَسَم، نحو "للَّهِ لا يُؤَخَّرُ الأجَل" أي تاللَّهِ. وهذا قليل.
(8) التَّعّجُّب، نحو "لِلَّهِ دَرُّك" و "للَّهِ أَنتَ" .
(9) الصَّيرُورةُ، وتُسَمَّى لامَ العَاقِبَة نحو:
لِدُوا للمَوْتِ وابنُوا للخَرابِ * فَكُلُّكُمُ يَصِيرُ إلى ذهاب
(10) البَعدِيَّة، نحو: {أَقِمِ ااصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمسِ} (الآية "78"من سورة الإسراء "17" ) أي بَعدَه .
(11) بمعنى على نحو: {يَخِرُّونَ للأَذْقَانِ} (الآية "107"من سورة الإسراء "17" ) أي عليها .
* لامُ الجُحُود : ويُسَميها سِيبَويه لامَ النَّفيِ، وسُمِّيَت لامَ النَّفي لاختِصَاصِها به، وهي الوا قِعةُ زَائِدةً بعدَ: "كَوْنٍ مَنفِيٍّ" ( المراد من الكون المنفي: كان ويكون مع سبق نفي عليها، والنفي: هنا هو "ما" و "لم" و "لا" و "أن" النافية) فيه مَعنَى المَاضِي لَفظاً، وهي نَفيٌ كقَولِكَ: كان سَيَفعل فَتَقول: مَا كَانَ لِيَفعَل .
ومثله: {ومَا كانَ اللّه لِيُعَذِّ بَهُم وَأَنتَ فِيهِمْ} (الآية "33" من سورة الأنفال "8" ) أو مَعنىً نحو: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغفِرَ لَهُمْ} (الآية "137" من سورة النساء "4" ) .
وأَنْ المُضمَرةُ في لاَمِ الجُحُودِ لا يَجُوزُ فيها الإِظهَارُ.
وهذه اللاَّمُ حَرفُ جَرّ، وأنْ المُضمَرة والفعل بَعدها المَنصُوبُ بها في تَأوِيلِ المَصدَر في محلِّ جَرّ، وهو مُتعلِّقٌ بِمَحذُوف هو خبرُ كان فتَقدير "ما كانَ زَيدٌ لِيَفعَلَ" ما كانَ زيدٌ مُرِيداً للفعل .
* لامُ الجواب : وهي ثَلاَ ثَةٌ: جَوابُ "لوْ" نحو: {لَو تَزَيَّلُوا لَعَذَّبنَا الَّذِينَ كَفَرُوا}(الآية "25" من سورة الفتح"48") وجَوابُ "لولا" نحو: {وَلَولاَ دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ} (الآية "251" من سورة البقرة "2" ) . وجَوابُ القَسَم نحو: {تَاللَّهِ لَقَد آثَرَكَ اللَّهُ عَلَينَا} (الآية "91" من سورة يوسف "12" ) .
* اللاَّمُ الزّائدَة: وهي للتوكيد نحو قَول رُؤبَة:
أُمٌّ الحُلَيس لَعَجُوزٌ شَهرَبَه* تَرضَى مِنَ اللَّحمِ بعَظمِ الرَّ قَبة
(الشَّهرَبَهْ: العجوز الكبيرة) وفي خبر"لكنَّ" كقولِ الشاعر:
يَلُومُونَني في حُبِّ لَيلى عَوَاذِلي * ولكنَّنِي مِن حُبِّها لَعَمِيدُ
والدَّاخِلَةُ في خَبر "أنَّ" المفتوحَة كقِراءَة سَعيد بن جُبَير: {إلاَّ أَنَّهُمْ لَيَأكُلُونَ الطَّعَامَ} (الآية "20" من سورة الفرقان "25" . والقراءة المشهورة: {إلاّ إنهم}).
* اللاَّمُ الفَارقَة: هيَ الَّتي تَلزَمُ "إن" المَخفّفَةَ من الثَّقِيلَةِ إذا أُهمِلَتْ وتَقَعُ بعدَها، وسُمِّيَت فَارِقَةً فَرْقاً بَينَهَا وبَينَ "إن" النّافِيَة، نحو: {وَإنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إلاَّ عَلى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} (الآية "143"من سورة البقرة "2" ) .
* اللاَّمُ المُزَحلَقَة: هي لاَمُ الابتداءِ بَعدَ "إن" المكسورة، وسُمِّيَت مُزَحلَقَةً لأنهمَ زَحلَقُوها عن صَدْرِ الجملةِ كَراهيَةَ ابتداءِ الكلامِ بِمؤَكِّدَينِ ولها أربعةُ مَواضعَ:
(1)خبُر "إن" بثلاثَةِ شُرُوطٍ:
كَونِه مُؤَخَّراً، مُثبَتاً، غَيرَ ماضٍ، نحو: {إنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} (الآية "39" من سورة إبراهيم "14" )، {وإنَّكَ لتَعَلَمُ مَا نُرِيدُ} (الآية "79"من سورة هود "11" ) . {وإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (الآية "4" من سورة القلم"68"). فإن قُرِنَ الماضِي بـ "قَد" جاز دُخُول اللاَّم عليه، نحو "إنَّ الغائب لَقَدْ حَضَر" .
وأجازَ بَعضُهم (الأخفش والفراء وتبعهما ابن مالك) دُخُولَها على المَاضِي الجَامِدِ لِشَبَهِهِ بالاسمِ، نحو "أنَّ إبراهيمَ لِنعمَ الرَّجُل".
(2) مَعمُولُ الخَبَر وذلك بثلاثةِ شُروطٍ أيضاً: تَقَدُّمُه على الخَبَر، وكَونُه غيرَ حَال، وكونُ الخَبَر صَالِحاً لِلَّلامِ نحو "إنَّ زَيداً لَطَعَامَكَ آكِلٌ" .
(3) اسم "إن" إذا تأخّر: عن الخبر، نحو: {إنَّ في ذلك لَعِبرة}(الآية "13" من سورة آل عمران "3" ) أو عَن مَعمُولِ الخَبَر إذا كان ظَرْفاً نحو "إنَّ عِندَك لَخَالِداً مًقِيمٌ" أوجَارّاً ومَجرُوراً نحو: "إنَّ في الدَّارِ لَزَيداً جَالِسٌ" .
(4) ضَميرُ الفَصل بِدونِ شَرْطٍ نحو: {إنَّ هَذا لَهُو القَصَصُ الحَقُّ} (الآية "62" من سورة آل عمران "3" ).
ويُحكَمُ على هذه اللاَّم بالزِّ يَادَةِ في غيرِ هذِهِ المواضع .
* اللاَّمُ المُوطِئَةُ للقَسَم: وهي الدَّاخلةُ على أَدَاةِ الشَّرطِ "إن" غَالِباً، (وقد تدخل على غيرها من أدوات الشرط من ذلك قراءة غير حمزة{لما أتيتكم من كتاب وحكمة} وقول الشاعر:
لَمَتَى صلَحتَ لَيُقضين لك صالحٌ * ولتجزينَّ إذا جزبتَ جميلا)، إيذَاناً بأنَّ الجَوابَ بَعدَها مَبنيٌّ على قَسَمٍ قَبلَها لا عَلَى الشَّرْطِ نحو: {لَئِن أُخرِجُوا لا يخرُجُون مَعَهُمْ ولَئِن قُوتِلُوا لا يَنصُرونَهُمْ} (الآية "12" من سورة الحشر"59") . ثمَّ إن كان القَسَمُ مَذْكوراً لم تَلزَم اللاَّم مثل "واللَّه إنْ أكرمتَني لأُكرِمَنَّكَ" . وإن كانَ القَسَمُ مَحذُوفاً لزمت غالِباً، وقَد تُحذَفُ والقَسَمُ مَحذُوفٌ نحو: {وإنْ لمْ يَنتَهُوا عمّا يقُولونَ لَيَمَسَّنَّ} (الآية "73" من سورة المائدة "5" )، {وإنْ لمْ تَغفِرْ لَنَا وتَرْحَمناَ لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِين} (الآية "23" من سورة الأعراف "7" ) وقيل هي مَنوِيَّة في نحو ذلك .
* لِئَلاّ: كلمةٌ مُرَكَّبَةٌ مِن لامِ التَّعليلِ و "أنْ" النَّاصِبَةِو "لا" النَّافِيَةِ، ولذلك تَدْخُلُ على المُضَارِعِ فَتَنصِبهُ نحو قولِه تعالى: {وحَيثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُم شَطرَهُ لِئَلاّ يكونَ للنَّاسِ عَلَيكُمْ حُجَّةٌ} (الآية "150" من سورة البقرة "2" ) .
* لاَ يَكُونُ: قَدْ تَأتِي مِنَ أَدَواتِ المُستَثنَى، إذا كانَ فيها مَعنَاه، والمُستثنى بها واجِبُ النَّصبِ، لأنَّه خَبَرُها، واسمُها مستترٌ يعودُ على ا سمِ الفَاعِلِ المَفهُومِ من الفِعلِ السابق، فإذا قلتَ "أَتَوْنِي لا يكونُ زَيداَ"، استثنى زَيداً مِمَّن أَتَوه، و "ومَا أَتَاني أَحدٌ لا يَكونُ زيداُ" كأنَّه حينَ قال: أَتَوْني، صَارَ المُخَاطَبُ عندَه قَدْ وَقَع في خَلدِه أنَّ بَعض الآتين زَيدٌ، فاستَثناه من الذين لَمْ يَأتوا .
وتَرِكَ إظهار بَعضٍ استِغنَاءً . ويُلاَحَظَ بـ "لا يَكُون" في الاستِثناء أنها لا تُستَعمَل مع غَير "لا" مِن أدَوَاتِ النَّفي، وجُملَةُ"لا يكون" في مَوضِعِ نَصبٍ على الحَال من المُستَثنى منه، ويُمكِنُ أن تكُونَ الجُملَةُ مُستَأنَفَةً لا محلَّ لها.
وعِندَ الخليل - كما يقول سيبويه - قَدْ يكونُ "لاَ يكونُ" ومَا بَعدها صِفةً، وذَلك قَولُك: "مَاأَتَاني رَجلٌ لا يَكُونُ بِشراً" .
ويقولَ سيبويه: ويَدُلُّك على أنَّه صِفَةٌ أنَّ بعضَهم يقول: "ما أتَتنِي امرَأةٌ لا تَكُونُ فُلاَنةً" .
فَلَو ْلَمْ يَجعَلُوه صِفةً لم يؤنثوه .
* لَبَّيكَ: مِنْ لَبَّ بالمكانِ لَبَّاً، وألَبَّ: أقامَ به ولَزِمَهُ، فمعنى قولِهم: "لَبَّيكَ" لُزُوماً لِطَاعَتِك، أو أنا مُقيمٌ عَلى طَاعَتِكَ إقامةً بعدَ إقَامَةٍ، وإنّما كانَ عَلى هَيئَةِ المُثَنى لِيُفِيدَ مَعنى التَّكرار، ومَعناه عَلى هذا: إِجَابَةً لكَ بَعدَ إجَابَةٍ .
* وإعرَابُه: النَّصبُ على المَصدر كقولِكَ: "حَمداً لِلَّهِ وشُكراً" وهو ملازمٌ للإِضَافَةِ للمُخَاطَب في الأَكثَر، وشَذَّ إضَافَتُه إِلى ضَمِيرِ الغَائِبِ في قَوْلِ الرَّاجزِ:
إنَّكَ لَوْ دَعَوْتَنِي وَدُوني * زَوْراءُ ذاتُ مَنزَعٍ بَيُون
(الزوراء: الأرض البعيدة، المنزع: الفراغ الذي في البئر، البيون: الواسعة، وفي البيت التفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله: لبيه بعد قوله: إنك) .
لقُلتُ "لَبيَّهِ" لِمَنْ يَدْعُوني .
كما شَدَّ إضَافَتُهُ إلى الظَّاهِرِ في قَوْلِ أَعرابيّ مِن بني أسَد:
دَعوتُ - لِمَا نابَني - مِسوَراً * فَلَبَّى فلبَّيْ يَدَيْ مسِوَر
(نَابَنِي: أصَابَنِي، فَلبَّى: قال: لَبَّيك وهو فعل ماض (فلبَّيْ يَدَيْ مِسَور) أي أجبته إجابة بعد إجابة إذا سألني في أمرٍ ينوبه جزاءَ غرمه الدية التي لَزِمَتنِي) .
* الَّلتان: اسمُ موصول لتَثنِية "التي" بالألف رفعاً، و "اللَّتَين" بالياء المفتوح ما قبلها جَرّاً ونَصباً .
وتَمِيم وقَيس تُشَدِّدَانِ النُّونَ فيه للتعويض من المحذوف، أو للتأكيد فَرْقاً بَينَه وبَين المُعرَب في التثنية، ولا يَختَصُّ ذلكَ بحالةِ الرَفع فَيقولُون "اللَّتَانِّ" و "اللَّتَيَنِّ" وَبَلحارث بنُ كَعب وبعضُ رَبِيعة، يحذِفُون نُونَ اللَّتَان قال الأخطل:
هُمَا اللَّتَا لَوْ وَلَدَتْ تَمِيمُ * لَقِيلَ فَخرٌ لَهُمُ صَمِيمُ
* الَّتي: اسمُ مَوْصُول، للمُفردةِ المُؤنَّثة عاقِلةً كانَتْ نحو: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوْجِهَا} (الآية "1" من سورة المجادلة"58") أو غَير عَاقِلة نحو: {مَا وَلاّهُمْ عَنْ قِبلَتِهِمُ الَّتي كانُوا عَلَيهَا} (الآية "142"من سورة البقرة "2" ) .
( =اسمْ الموصول) .
* اللَّتَيَّا: تصغير "الَّتي" ( =التصغير 13) .
* اللَّتَياَّت: جمع "الَّتَيَّا" تصغير "الَّتي" .
( =التصغير 13) .
* اللَّتَيَّان: مثنى "اللَّتَيَّا مصغر "الَّتي" .
( =التصغير 13) .
* لَدَى: اسمٌ جَامِدٌ لاحَظَّ له من الاشتِقاق والتَّفريق، وتُقلَبُ أَلِفُه يَاءَ مع الضمير، كما تُقلَبُ أَلِفُه يَاءً مع الضمير، كما تُقلَبُ أَلِف "إلَى" و "على" يُقَال: "إليَّ" و "أليه" و "عليَّ" و "عليه" وهي مثل "عِند" مُطلقاً إلاَّ أنَّ جَرَّها بحرفِ الجَرِّ ممتنعٌ، وأيضاً "عِند" أمكَنُ مِنها مِنْ وَجهين:
(الأول): أنها تكون ظرفاً لِلأَعيَان والمعَاني، تَقُول "هذا القَوْل عِندي صَواب" و "عند فُلانٍ عِلمٌ به" ويَمتَنِع ذلك في "لَدَى" (قَاله ابن الشجري في أماليه) .
(الثاني): أَنَّكَ تَقول "عِندي مَال" وإِنْ كانَ غائباً عنك، ولا تَقُول: "لَدَيَّ مَالٌ" إلاَّ إذا كان حَاضِراً (قاله الحريري وأبو هلال العسكري وابن الشجري) .
وتَختَلِفُ "لَدَى" عن"لَدُنْ" بأمور .
( =لَدُنْ) .
* لَدُنْ:
-1 - هيَ بِجَميع لُغَاتها لأَوَّلِ غَايَةٍ زَمَانٍ أو مَكانٍ، ومَعنَاها وإضَافَتُها كـ "عِندَ" إلاَّ أنَّها أقرَبُ مَكاناً مِن عِندَ وأَخَّصُّ منها، وتَجُرُّ مَا بَعدَها بالِإضافَةِ
لَفظاً إِنْ كانَ مُعرَباً مَبنيّاً أو جُملَةً، فالأوَّل نحو: {مِنْ لَدُنْ حَكيمٍ خَبِيرٍ} (الآية "1" من سورة هود "11" )، والثاني نحو: {وَعَلَّمنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلماً} (الآية "65" من سورة الكهف "18" ) والثالث كَقَوْلِ القُطَامِي:
صَرِيعُ غَوانٍ رَاقَهُنَّ وَرُقنهُ * لَدُنْ شَبَّ حتَّى شَابَ سُودُ الذَّوائبِ
فـ "لَدُنْ" مُلازِمَةٌ للإِضَافَة، وما بَعدَها مَجرورٌ بِها لَفظاً أو مَحَلاً، فإذَا أُضِيفَتْ إلى الجُملَة تَمَحَّضَتْ للزَّمَان، لِأَنَّ ظُرُوفَ المَكان لا يُضَافُ مِنها إلى الجملة إلاّ "حيث" .
وإذا اتَّصَل بـ "لّدُنْ" ياء المُتَكَلِّم اتَّصَلَتْ بِها "نُونُ الوِقَاية" يُقالُ "لَدُنّي" بِتَشدِيد النُّون، ويَقِلُّ تَجرِيدُها مِنها، فيقال: "لَدُنِي" بتَخفِيفِ النُّون .
-2 - "لَدُنْ" تُفَارِقُ "عِند" بستة أُمُور:
(1) أنَّها مُلازِمَةٌ لِمَبدَأ الغَايَات، فَمِنْ ثمَّ يَتَعَاقَبَان، ففي التَّنزِيل: {آتَينَاهُ رَحمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلماً} (الآية "56"من سورة الكهف "18" ) بِخِلاف: "جَلَستُ عِندَه" فلا يَجُوزُ: جَلَستُ لَدُنه، لِعَدَم مَعنَى الابتِدَاء هُنَا .
(2) أنَّه قَلَّما يُفَارِقُها لَفظُ "مِنْ" قَبلَها .
(3) أنها مَبنيَّة إلاَّ في لُغَةِ قَيس،
وبلغتهم قرئ {مِنْ لَدْنِهِ} (وهي عندهم مَضْمُومَةُ الدال إلا أنَّ هذا السكونَ عارض للتخفيف).
(4) جَوازُ إضافَتِها إلى الجُمل كما تقدَّم.
(5) جَوازُ إفرادها (أي قطعها عن الإضافة لفظاً ومعنى). قَبْلَ "غُدْوَةً" وتُنصَبُ بها "غُدوةً" إمَّا عَلى "التَّمييز، وإمَّا على التَّشْبيه بالمَفْعُولِ به، أو خَبَرَاً "لِكَان" مَحْذُوفَةً مع اسْمِها ومِنه قوله:
ومَا زَالَ مُهْرِي مَزْجَرَ الكَلْبِ مِنْهُم * لَدُنْ غُدْوَةً حتَّى دَنَتْ لِغُروبِ
(6) أنَّها لا تَقَعُ إلا فَضْلةً تَقُولُ: "السَّفَرُ مِنْ عِنْدِ دَمْشَق" ولا تقُول: من لَدُنْ دِمَشْقَ.
-3 "لَدُن" تُفَارِقُ "لَدَى" بخمسةِ أمُور:
(أ) أنَّ "لَدُن" تحِلُّ مَحَلَّ ابْتِدَاءِ غَايَةٍ، نحو "جِئْتُ مِنْ لَدُنْه" وهذا لا يَصِحُّ في "لَدَى".
(ب) أنَّ "لَدُن" لا يَصِحُّ وُقُوعُها عُمْدةً في الكَلامِ، فلا تكُونُ خَبَراً للمُبتَدَأ ومَا شَاكَلَ ذَلكَ، بِخِلافِ "لَدَى" فإنَّه يَصِحُّ ذلك فيهَا نحو "لدَيْنا كَنْزُ عِلْم".
(جـ) أنَّ "لَدُن" كثيراً ما تُجَرُّ بـ "مِن" كما مَرَّ بِخلافِ "لَدَى".
(د) أَنَّ "لَدُن" تُضافُ إلى الجُملة نحو "لَدُن سافَرْتُ" وهَذا مُمتَنِع في "لَدَى".
(هـ) إنْ وقَعَتْ "لَدُن" قبلَ "غُدْوَة" جَازَ جَرُّ "غُدوة" بالإضافَةِ، ونَصبُها على التمييز، ورَفْعُها على تَقْدِيرِ: "لَدُن كَانَتْ غُدْوةٌ" و "لدَى" ليسَ فيها إلا الإضافَةُ فقط.
-4 تَخفيف "لَدُن" إلى "لَدُ":
وقَدْ تُخَفَّفُ "لَدُن" إلى "لَدُ" لِكَثْرةِ الاستِعْمال، نحو قول الشاعر:
"منْ لَدُ شَولاً فإلى أتَلائها"
وتقدَّم هذا الشاهد وإعراب "شولاً" في حذف كان "14" .
* الَّذي: اسم مَوْصُول للمُفرَد المُذكر، عَاقِلاً كان نحو: {وَقَالُوا الحَمْدُ للَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} (الآية "74" من سورة الزمر "39" ). أو غيرَ عَاقِل نحو: {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُون} (الآية "103" من سورة الأنبياء "21").
* الَّذينَ: اسمُ مَوْصُول وهو بالياءِ في الرَّفْع والنَّصْب والجَرِّ لجَمع المُذَكَّر العَاقِل أيضَاً، وعِنْد هُذَيل وعُقَيل بالوَاوِ رَفْعاً، وبالياءِ نَصْباً وجَرّاً.
قال رَجُلٌ من بَني عَقيل:
نحْنُ الَّذُونَ صَبَّحُوا الصَّبَاحا * يَومَ الُخَيلِ غَارَةً مِلْحَاحَا
وهَل هو حينئِذٍ مُعْرَبٌ، أو مَبْني جيءَ به على صُورةِ المُعْرَب؟ قَولانِ عِند النُّحاة، الصحيحُ الثاني.
* اللَّذان (الفِياسُ في تثنِية الذي والتي أَنْ يُقَال: اللذَيَان واللَّتَيَان، وفي تثنية ذا، وتَا الإِشَارَتَين ذَيَانِ وتَيَّان كما يُقَال: القَاضيان بإِثْبَات الياء، وفَتَيان بِقَلْبِ الألف يَاء، ولكنَّهم فَرَّقوا بَيْنَ تَثْنية المبنى والمُعْرَب، فَحَذفُوالآخِر من المبني، كما فَرَّقوا في التَّصغير، إذ قالوا في تصغير "الذي والتي وذَا، وتَا" "اللَّذَيّا واللَّتَيَّا وذَيَّا وتَيّا" فأبْقَوا الحَرف الأوَّل على فَتْحِه، وزَادُوا ألفاً في الآخِر عِوَضاً عن ضَمةِ التَّصغير): اسمُ مَوْصُول تَثْنِيةُ "الذِي" بالألِفِ رَفْعاً و "اللذَيْن" بالياءِ المَفْتُوح ما قَبلها جَراً وَنَصْباً. وتميمُ وقَيْسٌ تشدِّدَانِ النُون فيه تَعْويضاً من المحذوفِ، أو تأكيداً للفَرقِ بينه وبينَ ذلك بحالَةِ الرَّفع، لأنه قَدْ قُرِئ في السبعِ {رَبَّنا أَرِنا الَّلذَيَنِّ} (الآية "29" من سورة فصلت "41" ) كما قُرئ في حالة الرفع {واللَّذَانِّ يأتِيَانِهَا مِنْكُم} (الآية "16" من سورة النساء "4" ) وبَلْحرث بن كَعْب وبَعضُ رَبيعَة يَحذِفُون نُونَ اللَّذانِّ قال الأخطل:
أَبَنِي كُليب إنَّ عَمَّيَّ اللَّذا * قَتَلا المُلُوكَ وَفَكَّكَا الأَغْلالا
* اللَّذَيَّا: تَصْغير "الَّذي" (=التَّصغير 14).
* اللَّذَيَّان: تثنية "اللَّذَيا" مصغَّر "الَّذي". (=التصغير 14).
* اللَّذَيُّون: للرَّفع جمع "اللَّذَيَّا" مصغَّر "الذي". (=التصغير 14).
* الَّلذَيّين: للنَّصب والجر جمع "الَّلذَيَّا" مصغر "الذي". (=التصغير 14).
* لعلَّ: حرْفٌ يَعْمَلُ عَمَلَ إنَّ، ومَعْناهُ: التَّوَقُّع، وهو تَرَجِّي المَحْبُوب، والإشْفاقُ من المَكرُوه، نحو : {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} (الآية "189" من سورة البقرة "2" ) أو إشْفاقاً نحو {لَعَلَّ الساعَةَ قَرِيبٌ} (الآية "17" من سورة الشورى "42" ).
وتختصُّ بالمُمكِن .
وقَد تَأْتِي للتَّعْليل نحو "انْتَهِ مِن عَمَلِكَ لَعَلَّنا نَتَغَذَّى" ومنه: {لَعَلَّهُ يَتَذكَّرُ أو يَخشَى} (الآية "44" من سورة طه "20" ) وأول الآية {فقولا له قولاً ليناً} ويجعلها المُبرِّد للرَّجاء فيؤوَّل قَائِلاً: اذْهَبا أنتما على رَجَائِكما ولا يُقال التَّرَجِّي لله ، كما في المقتضب 4/183).
التقدِير: لِنَتَغَذَّى، وَلِيَتَذَكَّرَ والأَولَى حَمْلُه على الرجاء، وكأن المَعنى اذهبا على رجَائِكُما كما قَدْ تأتي للاسْتِفهام (أثبته الكوفيون)، نحو: {وَمَا يُدْرِيكَ اَعَلَّهُ يَزَّكَّى} (الآية "3" من سورة عبس "80") تقديره: وَمَا يُدريك أَيَزَّكَّى. وهي من أخوات "إن" وأَحْكامها كأحْكامِهَا.
وخَبَر "لَعَلَّ" يكُونُ اسْماً نحو: "لعل محمداً صديقٌ" أو جاراً نحو: "لَعَلَّ خَالِداً في رَحْمَةِ اللَّهِ ومَغْفِرَته" أو جُملةً نحو: "لَعَلَّ زَيداً إنْ أتَيتَه أَعْطَاكَ" وإنْ كَان الخَبَرُ مُضَارِعاً فهو بِغَير "أنْ" أَحسَن، قال تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحدِثُ بعدَ ذلكَ أَمْرَاً} (الآية "1" من سورة الطلاق "65"). وقال: {فَقُولا لَهُ قَولاً ليّناً لعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يّخْشَى} (الآية "44" من سورة طه "20" ).
وقد يَقْترِن خَبَرُها بـ "أنْ" كَثيراً حَمْلاً على عَسَى كقول الشاعر:
لَعَلَّكَ يَومَاً أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ * عَليكَمن اللائي يَدَعْنَك أجْدَعَا
وقد تَتَّصِل بـ "لَعَلَّ" "ما" الكَافَّة، فَتَكُفَّهَا عَنِ العَمَل لِزَوَال اخْتِصاصِها بالأَسماء، ومِنْه قولُ الفَرزْدَق:
أعِدْ نَظَراً يا عَبْدَ قَيْسٍ لَعَلَّما * أضَاءَتْ لكَ النّارُ الحمارَ المُقَيَّدا
(وهناك رواية صحيحة: فربما بدل لعلما ولا شاهد فيه).
وقيل في "لَعَلَّ" لُغات عَشر، أفصَحها وأصَحُّها "لَعلَّ".
(=إنَّ وأخواتها).
* لَعلَّ في لُغَة عَقيل: تأتي في لُغَةِ عَقِيل حَرْفَ جَرٍّ، شَبِيهٍ بالزَّائِد، ومنه قولُ شَاعِرِهم:
عَعَلَّ اللَّهِ فَضَّلَكُم عَلَيْنا * بِشَيءٍ أَنَّ أُمَّكُمُ شَريمُ
("لعل" حرف جر شبيه بالزائد (الله) مبتدأ رفع بحركة مقدرة لاشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد).
فلفظ الجلالة مبتدأ مجرورٌ لفظاً على نحو: "بِحَسْبِك دِرهمٌ".
* اللَّفْظُ:
تعريفه:
صَوتٌ مُشْتَمِلٌ عَلى بَعْضِ الحُروفِ تَحْقيقاً كـ "عَلِم" أو تَقْدِيراً كالضَّمير المُسْتتِر في قولك "اسْتَقِم" الذي هُو فَاعِلهُ. و "اللَّفْظُ" مَصْدرٌ استُعمِل بمعنَى المَلْفُوظِ به، وهو المُرادُ به هُنا، و "اللَّفْظُ" خاصٌّ بما يَخْرج مِنَ الفَمْ من القول، فلا يُقال: "لَفْظُ اللّه" كما يُقال "كَلامُ اللّه".
* اللَّفِيفُ من الأفعال:
قِسماه:
للفيفُ (1) مَفْروقٌ (2) ومَقْرُون.
(1) فالمَفْرُوق: هو الذي فاؤه ولامُه ن حُرُوفِ العِلَّة نحو: "وَقَى" و "وفَى" وحُكْمُه: باعتبارِ أوَّلِه كالمِثال.
(=المثال من الأفعال).
وباعْتِبَارِ آخِرِه كالنَّاقص،
(=الناقص من الأفعال).
تقولُ في المضارعِ "يَقِي" من "وَقَى" و "يفِي" من "وَفَى" وفي الأمر "قِهْ" و "فهْ" بحَذْفِ فائِه تَبَعاً لحَذْفِها في المضارع، مع حَذْفِ لامِهِ لِبِنائه عَلى الحَذفِ تَقُول: "قِه يا زيد" "قِيا يا زَيْدان" "قُوا يا زَيْدُون" "فِي يا هِنْدُ" "قِينَ يا نِسوة".
(2) والمَقْرُون: هُوَ مَا عَيْنُه ولامه حَرْفَا عِلَّةٍ نحو "طَوَى" و "نوَى" وحُكْمُهُ كالنّاقِصِ في جميع تَصَرُّفاتِهِ.
(=الناقص من الأفعال).
* اللَّقَبُ: (= العَلم 12  و 13)
* لِلَّه درُّه: مِنْ كَلِمَاتِ المَدْحِ والَّعَجُّب، والدَّرُّ: اللَّبَن، وفيه خَيرٌ كثيرٌ عِنْدَ العَرَب. فأُريد به الخَيرُ مجَازَاً، ويُقال في الذم: "لا دَرَّ دَرُّه" أي لا كَثُر خَيرُه، والعَرَبُ إذا عَظَّمُوا شَيئاً نَسَبُوهُ إلى اللّه تَعالى قَصْداً إلى أنَّ غَيره لا يَقْدِر، وإيذَاناً أنَّه مُتَعَجِّبٌ من أمْرِ نَفسِه، لأنَّه قَد يَخفى عليه شَأنٌ من شُؤُون نَفسه، وإمَّا تَعْجِيبٌ لِغيرِه منه، ومِثلُه ويُقَالُ في عَكْسِ هَذا وهُو الذَّم: "لا دَرَّ دَرُّه" ومثلُ للّه دَرُّه: "لِلَّهِ أَبُك" إذَا وجِدَ من الوَلَدِ ما يُحمَدُ قيل له هذا، حيث أَتَى بمثله، والإِعْراب ظاهر، فـ "للّه" متعلق بخبر مقدم وأبوك مُبْتَدأ مُؤَخَّر، ومِثلها في الإِعْرَاب: لِلَّهِ دَرُّه.
* لَمْ: أَدَاةٌ لِنَفِي الفِعلِ في الماضِي، وعَمَلُها الجَزْم، ولا جَزْم إلا في مضَارِع، وذلكَ قَولُكَ "قد فَعَلَ" فتقُول "لَمْ يَفْعَلْ" يافياً أ، يَكونَ فَعَل، ويَجُوز دُخُولُ هَمْزةِ الاسْتِفْهام عَلَيها نحو: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (الآية "1" من سورة الإنشراح "94").
ولا تدخلُ "لمْ" إلاَّ على فِعْلٍ مُضارع، فإنِ اضْطُّر شاعرٌ، فقدَّم الاسمَ، وقد أوقَعَ الفعلَ على شيءٍ من سَبَبِهِ، لم يكن حَدُّ الإعراب إلاَّ النَّصبِ للمُتَقَدَّم نحو: "لَمْ زَيْداً أَضْرِبْهُ" لأنَّه يضمر الفعل، على حدِّ قول سيبويه:
وتَنْفرِدُ "لَمْ" عن "لَمَّا" الجازمة بِمُصَاحَبَةِ "لَمْ" لأَدَاةِ الشَّرط نحو: {وَإنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (الآية "67" من سورة المائدة "5" ).
وجَوازُ انْقِطاعِ نفي مَنْفِيِّها عن الحال، ولذلك جاز: {لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} (الآية "1" من سورة الدهر "76") أي ثُمَّ كان، وتنفرد "لمَّا" عن "لمْ" بأمور. (=لَمَّا).
* لِمَ: بكَسْر اللام وفتح الميم، يُستَفهم به وأصلُه "ما" وُصِلَتْ بلاَم الجَرِّ فَوَجَبَ حَذْفُ الأَلِفِ ولَكَ أنْ تُدخِلَ عليها هَاءَ السَّكتِ، فَتَقُول: "لِمَه".
* لَمَّا: تَأْتِي: استثْنَائِيَّة، وجَازِمَة، وظَرْفِية بمعنى حين.
* لَمَّا الاسْتِثْنَائِيَة: قَد تكونُ "لمَّا" حَرْفَ استِثنَاء بِمَعنى "إِلاَّ" فَتدْخُل على الجُملةِ الاسمِيَّة نحو: {إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} (الآية "4" من سورة الطارق "86"). أي إلاَّعليها حافِظٌ، وعلى المَاضِي لَفْظاً لا مَعْنى نحو "أنشُدُك اللَّهَ لَمَّا فَعَلتَ". أيْ ما أَسْألُك إلاَّ فِعْلَكَ.
* لَمَّا الجازِمَة: تَختَصُّ بالمضَارِعِ فَتَجْزِمُه وتشتركُ معَ "لمْ" بالحَرْفِيَّة والنَّفي والجزمِ والقَلْبِ للمُضِيِّ، وجوَازِ دُخُولِ همزَةِ الاستفهامِ عَلَيهما، وتنفردُ "لَمَّا" الجَازِمَة بِخَمسَةِ أمُور:
(أ) جَوَازِ حَذْفِ مَجْزُومها والوقْفِ عَلَيها في الاخْتيارِ نحو "قَرُبَ خَالدٌ مِنَ المدِينَةِ وَلَمَّا" أي ولمَّا يَدخلْها بَعْدُ.
(ب) جوازُ تَوَقُّعِ ثُبُوتِ مَجْزُومِها نحو: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} (الآية "8" من سورة ص "38" ). أي إلى الآن مَا ذَاقُوه، وسَوفَ يَذُوقُونَهُ، ومن ثَمَّ امْتَنع أن يقال: "لَمَّا يَجمع الضِّدَّان" لأنهما لا يجتمهان أبداً.
(جـ) وجُوبُ اتَّصالِ نَفْيِ مَنفيّها إلى النطق كقول المُمَزَّق العَبْدي:
فإنْ كنتُ مأكولاً فكنْ خير آكلٍ * وإلاّ فَأدْرِكْني وَلَمَّا أُمَزَّقِ
(د) أنَّها لا تَقْترن بأداةِ الشَّرطِ لا يُقال: "إن لمَّا تَقُمْ" ويقال "إن لم" وفي القرآن الكريم {وإنْ لمْ تَفْعَلْ} (الآية "69" من سورة المائدة "5" ).
* لمَّا الحينيَّة: (ومن النحاة من جعل الظرفية أو الحينية هذه حرفَ وُجودٍ لوُجود وتعصَّب لهذا الرأي ابن هشام ودلَّلَ عليه في كتابه "شرح قَطر النّدى") وهي الظَّرفيَّة، وتَخْتَصُّ بالمَاضي، ويكون جَوابُها فِعْلاً ماضياً، نحو: {فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إلى البَرِّ أَعْرَضْتُمْ} (الآية "67" من سورة الإسراء "17" ). أو جُمْلَةً اسميَّة مَقْرُنَةً بـ "إذا" الفُجَائِيّة نحو: {فَلمَّا نَجَّاهُمْ إلى البَرِّ إذا هُمْ يُشْرِكُون} (الآية "65" من سورة العنكبوت "29" ). أو بالفَاء نحو: {فَلَمَّا نَجَّاهُم إلى البَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} (الآية "32" من سورة لقمان "31" ). أوفِعْلاً مُضارِعاً عِنْدَ بعضِهم نحو: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبْرَهيمَ الرَّوعَ وجَاءَتْهُ البُشْرَى يُجَادِلنَا} (الآية "74" من سورة هود "11" ). وهو مُؤَوَّلٌ بجادَلَنا. وقد يُحذَفُ جَوابها كما في قوله تَعالى: {فَلمَّا ذَهَبُوا به وأجْمَعُوا أن يَجْعلُوه في غَيَابَةِ الجُبِ} (الآية "15" من سورة يوسف "12" ). أي فَعلُوا به ما فَعَلوا من الأذى. قال سيبويه: أَعْجَبُ الكلماتِ كَلِمةُ "لَمَّا" إن دَخَلَت على المَاضي تَكون ظَرفَاً، وإنْ دَخَلَتْ على المُضارِع تَكون حرفاً، وإنْ دَخَلَتْ لا على المُضارِع ولا على المَاضي تكون بمعنى "إلاَّ" وأمْثَالُهَا كلُّها تَقَدَّمت.
* لَنْ : هِيَ حَرْفُ نَفيٍ وَنَصْبٍ واستِقْبال، وإنَّما تَقعُ على الأَفْعالِ نَافِيةً لِقَولِكَ: سَيَفْعل، ولا تَقْتَضِي تَأبِيدَ النَّفي ولا تَوْكِيدَه (بخلاف قول الزمخشري). بِدَلِيل قولِه تَعَالى: {فَلَنْ أُكَلَّمَ اليَومَ إنْسِيّاً} (الآية "26" من سورة مريم "19" ). فكلمة "اليَومَ" تنفي التّاييد.
وقَد تأتي للدُّعَاء نحو قول الأعْشَى:
لَنْ تَزالُوا كَذَلِكُمُ ثُمَّ لا زِلْ * تُ لكمُ خالِداً خُلودَ الجِبَالِ
ويَقُول المُبَرِّدُ وسيبويه: ولا تَتَّصِلُ بالقَسَم، كما لم تَتَّصل به سَيَفْعَل، ويَقُول ابن هِشام في المغني: وتَلَقِّي القَسَمِ بها نَادِرٌ جِدّاً كقول أبي طالب:
واللّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيكَ بِجَمْعِهِم * حتى أُوَسَّدَ في التُرابِ دَفِينا
* اللَّهُمَّ : أصلُها: يا اللّه حُذِفَ منها حَرْفُ النِّداءِ، وعُوِّضَ عنه الميمُ المشَدَّدَةُ.
ولا يجوظ عند سيبويه أنْ يُوصَفَ، وقوله تعالى: {قل اللهمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ} إنما هو نِدَاءٌ آخر، وخَالفَهُ المبرِّدُ ورأى أنَّه يُوصَف والآيةُ دليلة.
وقَد يُجْمَعُ بينَ المِيمِ المُشَدَّدَة وحَرْف النداء قَلِيلاً كقولِ أبي خِراش الهُذَلي:
إنِّي إذا مَا حَدَثٌ أَلَمَّا * دَعَوتُ يا اللَّهُمَّ يا اللَّهُمَّا
والأقربُ أنَّه للضَّرورة (= النداء).
* اللَّهُمَّ إلاَّ أن يَكونَ كَذا: الشَّائع استعمال "اللَّهُمَّ" في الدُّعاء، والميمُ فيها عِوَضٌ عَن حَرْفِ النِّداءِ، تَعْظِيماً وتَفْخِيماً، كما مرَّ قَرِيباً، ولذلك لا يُوصَفُ، ثُمَّ إنَّهُم قَد يأْتُون بـ "اللهم" قبل الاسْتِثناء، إذا كان الاستِثناء نادِراً غريباً، كأنَّهم لِنُدُورِهِ اسْتَظْهَرُوا باللَّهِ في إثباتِ وُجُودِهِ، وهُو كثيرٌ في كلامِ الفصَحَاءِ. والغَرَضُ أنَّ المُسْتَثْنَى مُسْتَعَانٌ باللَّهِ تعالى في تَحْقِيقِه تَنبيهاً على نُدْرَتِه وأنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالاسْتِثْنَاءِ إلاَّ بعدَ التَّفْويضِ للَّهِ تعالى.
* لَوْ: تأتي "لَو" على خَمْسَةِ أَقْسام:
(1) التَّقْليل.
(2) التَّمَني.
(3) الشَّرْطِية.
(4) العَرْض.
(5) المَصْدريَّة.
وإليكَهَا بهذا الترتيب:
* لَوْ للتَّقليل: مِثالُ التَّقليل في "لَوْ": "تَصَدَّقُوا ولو بِظِلْفٍ مُحَرَّق". وهي حِينَئِذٍ حَرْفُ تَقْليلٍ لا جوابَ له.
* لَوْ للتمنِّي: مِثَالُها: "لَو تحْضُرُ فَنَأْنَسَ بِكَ" ومنه قوله تعالى: {لَو أنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ المُؤمِنِينَ} (الآية "167" من سورة البقرة "2" ). ولهذا نُصبَ {فَنَكُونَ} في جوابها، وهذه لا تَحتَاج إلى جوابٍ كجوابِ الشَّرطِ، ولكن قد يُؤتى لها بجَوَاب مَنْصوب كجواب "لَيْتَ" (أي بمضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية لتقدم التمني بحرف "لو" كما هي الحال بـ "ليت").
* لَوْ الشّرْطيَّة: ("لو" هذه هي التي شهرت بأنها حرف امتناع لامتناع).
-1 هي قسمان:
(الأوَّل) أن تكُونَ للتَّعْلِيق في المُسْتَقبَل فَتُرَادِفُ "إن" الشَّرْطِية كقولِ 'بي صَخْرٍ الهُذَلي:
وَلَوْ تَلْتَقِي أصْدَاؤُنا بعدَ مَوْتِنا * ومِنْ دُونِ رَمْسَيْنا مِن الأرض سَبْسَبُ
لَظَلَّ صَدَى صَوتِي وإنْ كُنْتُ رِمَّةً * لِصَوتِ صَدَى ليْلى يَهَشُّ ويَطْرَبُ
(الصدى: تَرجيع الصوت من الجَبَل ونحوه، والرمس: القَبر أو تُرَابه، والسَّبْسَب: المَفَازَة، والرِّمة: العِظَام البَالِية، ويَهَش: يَرْتاح).
وإذا وَلِيَها مَاضٍ أُوِّلَ بالمستقبل نحو {وَلْيَخْشَ الَّذينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيةً ضِعَافاً خافُوا عَلَيهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه} (الآية "9" من سورة النساء "4" ). أو مضَارع تَخَلَّصَ للاسْتِقْبَال، كما في "إن" الشَّرْطِيّة نحو:
لا يُلْفِكَ الرَّاجوكَ إلاَّ مُظْهِراً * خُلُقَ الكِرَامِ وَلَوْ تكونُ عديما
(حذفت ياءُ يلفيك للضرورة، أو إن "لا" هي الناهية).
(الثّاني) أنْ تكونَ للتَّعْليق في المَاضي وهُو أكثرُ اسْتِعْمالاتِها، وتَقْتَضِي لُزُومَ امتِنَاع شَرطِها لامتِناع جَوابِها إن لم يَكُنْ له سَبَبٌ غيرُ الشَّرْط، نحو: {ولَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بها} (الآية "176" من سورة الأعراف "7" ). و "لوكَانَتِ الشَّمسُ طَالِعَةً كان النَّهارُ مَوْجُوداً" وقَاعِدَة "لَوْ" هذه أنَّها إذا دَخَلت على ثُبُوتِيَّين كانا مَنْفِيَّين، تقول: "لو جاءَني لأَكْرَمتُه" والمُراد: فَما جَاءَني ولا أكرمتُه، وإذا دَخَلَت على مَنْفِيَّين كانَا ثُبُوتِيَّين، نحو: "لَوْ لَمْ يَجِدَّ في العِلمِ لَمَا نَال منه شَيئاً" والمراد: أنَّه جدَّ ونَال من العلم. وإذا دَخَلَت على نفي وثبوت كان النَّفي ثُبُوتاً، والثُبُوتُ نفياً، تقول: "لَوْ لَم يَهْتَمَّ بِأمْرِ دُنْيَاهُ لَعَاشَ عَالَةً على النّاسِ" والمعنى : أنه اهتَمَّ بأمر دُنيَاهُ ولَمْ يَعِشْ عَالَةً. وإن كان لِجَوابِ "لَوْ" سَبَبٌ غَيْرُ الشَّرْطِ لم يَلْزَم امتِناعُه ولا ثُبوتُه ومنه الأَثَرُ المروِي عَنْ عُمَرَ: "نِعْمَ العَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَمْ يَخفِ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ" (المراد: أن صهيباً لو قُدِّر خُلوُّه من الخَوفِ لم تَقَع مِنه مَعصيةٌ، فكيفَ والخوفُ حاصِلٌ منه، لأن انتفاء العِصْيان له سَبَبَان: خَوفُ العقاب والإجلال والإعظام للّه، ويلاحِظُ مثلَ ذلك صُهيب).
وإذا وَلِيَها مُضَارِعٌ أُوِّلَ بالمُضي، نحو {لَوْ يُطِيعُكُمْ في كَثيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّم} (الآية "7" من سورة الحجرات "49").
-2 اختِصَاص "لو" بالفعل: تَخْتَصُّ "لَوْ" مُطْلَقاً بالفعل، ويَجوزُ أن يَلِيَها قَليلاً: اْسمٌ مَعْمولٌ لفِعْلٍ محذوفٍ وُجُوباً يفَسِّرُه ما بَعدَه، إمَّا مَرفُوعٌ كقول الغَطَمَّشِ الضَّبيِّ:
أَخِلاَّيَ لَوْ غَيرُ الحِمَامِ أصابَكُمْ * عَتِبْتُ ولكنْ ما عَلى الدَّهْرِ مَعْتَبُ
وقولِهم في المثَل: "لَوْ غَيرُ ذاتِ سِوارٍ لَطَمَتني" (قاله حاتم الطائي، وكان قد أُسِر فَلَطَمته جاريةٌ من جَواري الحي الذي أُسِرَ فيه، ويَضربُ للوضيع يُهين الشريف).
أو مَنْصوب نحو "لَوْ محمداً رَايتُهُ أكرَمتُهُ"، أو خبر لـ "كانَ" محذوفة مع اسمها نحو "اِلْتَمِسْ وَلَو حاتَماً مِن حَديد" أي ولو كان المُلْتَمَسُ خاتَماً ويليها كثيراً "أنَّ" وصِلَتُها، نحو {وَلَوْ أنَّهُم صَبَرُوا} (الآية "5" من سورة الحجرات "49"). والمصدر المؤوَّل فاعل بـ "ثبت"مقدر، أي ولو ثَبَتَ صَبْرُهم، ومثلُه قولُ تميم بن أُبيِّ بن مُقْبِل:
ما أنعَمَ العَيْشَ لَو أنَّ الفَتَى حَجَرٌ * تَنبُو الحَوَادثُ عَنه وهو مَلْمُومُ
أي لَو ثَبَتَتْ حجَرِيَّتُه.
-3 جَوات "لو" الشرطيّة: جَوابُ "لو" إمَّا مَاضٍ مَعْنىً، نحو "لَوْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ" أو وَضعاً، وهو: إما مُثْبَتٌ فاقتِرانُهُ باللاَّم أكثَرُ نحو {لَو نَشَاءُ لَجَعَلناه حُطاماً} (الآية "65" من سورة الواقعة "56")، ومن القَليل: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلناهُ أُجَاجَاً} (الآية "70" من سورة الواقعة "56"). وإمَّا نَفي بـ "ما" فالأمْرُ بالعكس نحو {وَلَو شَاء رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ} (الآية "112" من سورة الأنعام "6" ). وقول الشاعر:
وَلَو نُعْطَى الخِيارَ لَما افترَقْنا * ولكن لا خِيَار مَعَ اللَّيالي
وقد يُلْغَى خبرُ "لَو" اكتِفَاءً بما يَدُلُّ عليه الكلام وثِقَةً بفهمِ المُخاطَب، وذلك من سُنَن العرب، كقولِ امرئ القيس:
وَجَدِّكَ لو شَيءٌ أَتَانا رسولُه * سِواك، ولكن لَمْ نَجِد لكَ مَدفَعا
والمعنى: لو أتانا رسولٌ سِواك لَدَفعناه. وفي القرآن الكريم: {لَو أنَّ لي بكُم قوةً أو آوِي إلى رُكنٌ شديد} (الآية "80" من سورة هود "11" )، وفي ضمنه : لَكُنْتُ أكُفُّ أَذاكم عَني، ونحو {كلاَّ لَو تَعْلَمُون عِلْمَ اليَقين}، وفي كلام اللَّه من هذا كثير.
* لَوْ للعَرْض: مِثالُها "لَوْ تَنْزِلُ عِنْدَنا فتصيبَ خَيراً" ولا جَوابَ له والفَاء بعدَها فَاءُ السَّببيّة لأنَّ العَرْضَ من الطلب.
* لَوْ المصدَرِية: تُرادِفُ "أنْ" وأَكثَرُ وقُوعِها بعدَ "وَدَّ" نحو {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} (الآية "9" من سورة القلم "68") أو "يوَدُّ" نحو {يَوَدُّ أَحَدُهُمُ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفُ سَنَةٍ} (الآية "96" من سورة البقرة "2" ) وتقديره: يوَدُّ الإدهان ويودُّ التعمير.
ومن القليل قَول قُتَيلةَ أختِ النّضرِ بن الحلرث الأسدية:
ما كان ضَرَّكَ لَو مَنَنْتَ ورُبَّما * مَنَّ الفَتَى وهُوَ المَغِيظُ المُحْنَقُ
وإذا وَلِيَها المَاضِي بَقِيَ عَلى مُضِيِّه، أو المضارِعُ تَخَلَّصَ للاسْتِقْبَال، كما أنّ "أَنْ" المصدرية كذلك.
* لَولا ولَومَا: لهذينِ الحَرفَين استعمالان:
أحَدُهُما: أَن يدُلا على امتِناع جَوابِهِما لوُجود تَاليهما فَيَخْتَصَّان بالجُملِ الاسمية، نحو: {لَولاَ أَنتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ} (الآية "31" من سورة سبأ "34" )، وقول الشاعر:
لَولا الإصاخَة للوشاةِ لكانَ لي * من بعدِ سُخطِكَ في الرِّضاءِ رَجاءُ
والاسمُ المبتَدأ بعدَ "لولا" الامتناعية يَجِبُ حذفُ خَبَرِهِ، لأنه مَعْلومٌ بمُقتضى مَعنى "لولا".
(=الخبر "14" ).
والمَدْلُولُ على امْتِناعِه هو الجَوابُ، والمَدلُولُ على ثُبوته هو المُبْتدأ، وقد يُحذَفُ جَوابُ "لَولا" للتَّعْظيم وذلكَ في قوله تعالى: {ولَوْلاَ فَضْلُ اللَّه عَلَيكُم ورحمتُه وأنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكيم} (الآية "10" من سورة النور "24" ).
الثّاني: أنْ يَدُلاَّ على التَّحضِيضِ فَيَخْتَصَّان بالفِعْلِيَّة نحو {لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْنَا المَلائِكَةُ} (الآية "21" من سورة الفرقان "25" )، {لَوْمْا تَأتِينَا بِالملاَئِكَةِ} (الآية "7" من سورة الحجر "15" ).
ويُسَاوِيهِما في التَّحضِيضِ والاخْتِصَاص بالأفْعال "هَلاَّ وأَلاَّ وَأَلا". وقَدْ يَلي حَرفَ التَّحْضِيضِ اسمٌ مَعْمولٌ لِفعلٍ: إمَّا مُضْمَـرٌٍ كالحديث: "فَهَلاَّ بِكراً تُلاَعِبُها وتُلاَعِبُك". أي فَهَلاَّ تَزَوَّجْتَ بِكراً.
وإمَّا مُظْهَر مُؤَخَّر نحو {وَلَولاَ إذ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم} (الآية "7" من سورة النور "24" ) أي هَلاَّ قُلْتُم إذ سَمِعْتُمُوهُ.
ولو قُلتَ بالتَّحضِيض "لَولا زَيداً" على إضمار الفِعل، ولا تَذْكُره، جَازَ، أي لَوْلا زَيداً ضَرَبتَهُ، على قَولِ سيبويه.
ومَا ذَكَرناهُ هو أشهرُ استِعمالات هذه الأدوات.
وقَد تُسْتَعمَلُ في غير ذلكَ للتَّوبيخِ والتَّنْديم فتَخْتَصَّ بالمَاضي أو مَا في تأوِيلِه ظَاهِراً أو مُضمَراً نحو: {لَولا جَاؤوا عَلَيهِ بأرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (الآية "13" من سورة النور "24" ). ونحو قوله:
أُتِيتُ بعَبدِ اللّهِ في القِدِّ مُوثقَاً * فَهَلاَّ سَعِيداً ذا الخِيانَةِ والغَدْرِ
أي فَهَلاَّ أسَرتَ سعيداً. قد يَقَعُ بَعْدَ حَرْفِ التَّحضِيضِ مُبتدأ خَبَر، فيُقدَّر المُضْمَر "كان" الشَّأْنِيَّة كقوله:
وثُبِّبُ لَيلَى أرْسَلَتْ بشفاعة * أي فهلا كان نفسُ ليلى شفيعها.
* لَوْلاكَ وَلَوْلاي: عِندَ سيبويه: لولا تَخْفِض المُضْمَر، ويَرْتَفعُ بعدها الظَّاهِر بالابْتداء. - إن كان ثَمةَ ظاهِرٌ - قال يزيدُ بنُ الحَكَم الثقفي:
وكَمْ مَوْطنٍ لَوْلاي طِحْتَ كما هَوَى * بأجْرَامهِ من قُلَّةِ النِّيقِ مُنْهَوِي
وعِنْد الأَخْفش: وَافَق ضميرُ الخَفْض ضَمير الرَّفْع في "لَوْلاي" ويَرُدُّ المُبَرِّدُ عَلَى الرَّأيَيْن ونَرَى أنَّ الصَّواب فيها: "لَوْلا أَنْتَ" و "لوْلاَ أنا" كما قال تعالى: {لَوْلاَ أَنْتُم لكُنا مُؤْمِنين} وعِند الجميع أن هذَا أجود (انظر المقتضب 3/73، ورغبة الأمل في شرع الكامل 8/48 - 49).
* لَوْما:
(=لولا ولوما).
* لَيْتَ: هي للتَّمَني وهُوَ طَلَبُ ما لا طَمَع فيه أو ما فِيه عُسْر، وهي من أَخَوات "إن" وأحْكَامُهَا كأحْكَامِهَا.
وإذا دَخَلَتْ "مَا" الزائدة - وهي الكافَّة - عليْها تَبْقى على اخْتِصَاصِها بالجُمَلِ الاسْمِيّة، ويَجوزُ إعْمالُها وإهْمالُها وقد رُوي بِهما قَوْلُ النّابِغَةِ الذُّبْيَاني:
قَالَتْ ألاَ لَيْتَما هَذا الحَمَامُ لنا * إلى حَمَامَتِنَا أوْ نَصْفُه فَقَد
(يروى بروفع الحمام ونصبه، فالرفع على الإهمال والنصب على الإعمال، والنابغة قال هذا البيت فيزرقاء اليمامة، وكانت مشهورة بحِدَّة النظر فمر بها شِربٌ من لاقطا فحدَّثت أنه إذا ضم إليه نصفه وحمامتها كمل مائة، و "قد" هنا بمعنى حَسْب، والفاء لتزيين اللفظ).
* لَيْتَ شِعْرى: معناه: ليتني أشعر وأعلمُ، فـ "أشْعُر" هو خبَرُ لَيْت، وناب شِعْري عن أَشعر، والياء المضافُ إليه في شِعْري نَابَتْ عن اسم "لَيْت" والعربُ تِستَعْمِلُها وتُريد بها القَسَم والتأكيد.
* لَيْسَ: فِعْل جَامد مَعْنَاه النَّفي وتأتي في ثلاثة أغراض:
(1)تَعمل عَمَل كان، وأَحْكامُها كأحْكامِها إلاَّ في أشْياءَ منها: أنَّه لا يَجُوزُ أنْ يَتَقَدَّمَ خَبَرُها عَلَيْها ومِنْها: زِيادَةُ البَاءِ في خَبرِها بكثرةٍ نحو {أَلَيْسَ اللّهُ بكافِ عَبْدَهُ} (الآية "36" من سورة الزمر "39" ).
(=كان وأخواتها).
والمَعْطُوفُ على خَبرِ ليس المُلْتبس بالباء الزائدة فيه وجهان:
النَّصْبُ على المَوضع نحو "ليس زَيدٌ بِجَبَانٍ ولا بَجِيلاً" فبخيلاً مَعْطُوفٌ على مَوضِعِ جَبانٍ، وهو النَّصْب، لأنَّه خبرُ "ليس" ونحو "ليسَ زيدُ بأخِيكَ ولا صَاحِبَكَ" بالعَطفِ على المَوْضِع، والوَجْهُ - كا [كما؟؟] يقول سيبويه - الجرُّ، لأنك تريدُ أنْ تُشرِكَ بينَ الخَبَريْن، وأَنْ يكونَ آخِرُه على أَوَّلِه أَوْلى، لِيَكونَ حَالُهُما في الباء سَواءً.
ومما جَاء في الشِّعر في العَطْفِ على المَوْضِع قولُ عُقَيبةَ الأسدي:
مُعاوِيَ إنَّنا بَشَرٌ فأسجِحْ * فلَسْنا بالجبالِ ولا الحدِيدَا
(أسْجح: أرْفِق، وقد رُدَّ على سيبويه رواية البيت بالنصب، لأن البيت من قصيدة مجرورة معروفة وقال الشنتمري: "وسيبويه غير متهم فيما نقله رواية عن العرب، ويجوز أن يكون البيت من قصيدة منصوبة غير هذه المعروفة").
ويجوزُ في لَيْس أنْ يكونَ اسمُها ضميرَ الشَّأن، (=ضمير الشأن). يقولُ سيبويه: فمن ذلك قولُ بعضِ العرب: "ليسَ خَلَقَ اللّهُ مِثلَه" فلَوْلا أنَّ فيه إضْماراً - وهو ضَمِير الشَّأن - لم يَحُز أنْ تَذْكُرَ الفِعْل ولم تُعْمِله في الاسم، ولكِنْ فيه من الإضْمار مثلُ ما في إنه نحو "إنه مَنْ يَأْتِنا نَأتِه". قال الشاعر وهو حُميدُ الأرْقَط:
فأصْبَحُوا والنَّوَى عَالِي مُعَرَّسِهِم * ولَيْسَ كُلَّ النَّوى تُلْقِي المساكينُ
(المعرَّس: المنزل ينزله المسافر آخر الليل، يريد: أكلوا تمراً كثيراً وألْقَوا نواه، ولشدة جوعهم لم يُلقوا كل النوى).
أَرَادَ: وَلَيْسَ تُلْقِي المساكين كلَّ النَّوى، فاسمُ لَيْسَ ضميرُ الشَّأْنَ لأنَّ كلَّ مَفْعُولٌ لِتُلْقِي. ومِثْلُه قولُ هِشَام أَجِي ذِي الرُّمَّة:
هِي الشَّفَاءُ لِدَائِي لَو ظَفِرتُ بها * ولَيْسَ مِنْها شِفَاءُ الدَّاءِ مَبْذُولُ
(2)تَأْتي أَدَاةً للاسْتِثْنَاء، والمُسْتَثْنى بها وَاجِبُ النَّصْب، لأنَّه خَبرُها، واسْمها ضميرٌ مُسْتَتِر وُجُوباً يَعُودَ على اسمِ الفَاعِل المَفْهوم مِنْ فِعْلِه السَّابِق، فإذَا قُلْنَا "قَامَ القومُ ليسَ بَكْراً" يكونُ التقدير ليسَ القَائِمُ بَكْراً.
وعندَ الخَليل - كما يَقُولُ سيبويه - قد تَكونُ "لِيْسَ" ومَا بَعْدها صِفَةً وذَلِكَ قولُكَ ما أَتَاني أَحَدٌ لَيْسَ زَيْداً" يقول سيبويه: ويَدُلُّك على أَنَّه صِفَةٌ أنَّ بعضَهم يقول: "ما أتَتْنِي امْرَأَةٌ لَستْ فُلاَنَةً" فَلَوْ لَمْ يَجْعلوه صِفةً لم يُؤَنَّثُوه.
(3)تأتي عاطفة (هذا عند البغداديين، وعند غيرهم وهم أكثر النحاة: ليست حرف عطف). وتقتضي التَّشْريكَ باللَّفظ دُونَ المعنى لأنَّ المعنى يَنفي فيها مَا بَعْدها ما ثَبَتَ لما قَبْلَها، وعلى ذلك قولُ لَبِيدِ بنِ رَبيعَة العَامِري يحُثُّ على المُكافَأة:
وإذا أُقْرِضْتَ قَرْضاً فَاخْزِه * إنَّما يَجْزي الفَتة ليْسَ الجَمَلْ
(والجمل في البيت اسم ليس، وخبرها محذوف أي ليس الجمل جازياً).
* لَيْسَ غَيْرُ وليس إلاَّ: إذا وَقَعَ بعد "لَيْسَ" "غير" وعُلِم المضافُ إليه جاز ذكْرُه، نحو "أخَذْتُ عَشْرَةَ كُتُب ليسَ غَيْرُها" (برفع غيرها اسماً والخبر محذوف أي ليس غيرها مأخوذاً، أو بالنصب على حذف الاسم أي ليس المأخوذ غيرها)، وجاز حَذْفُهُ لَفظاً، فَيُضَم بغَيرِ تَنْوين فتقول: "دَعَوْتُ ثَلاَثَةً ليس غيرُ" على أَنَّها ضَمَّةُ بناء لأنها كـ "قَبْلُ" في الإبهام، فهي اسم ليسَ أو خبرها،
ومثلُها: لَيْسَ إلاَّ - كما يقول سيبويه - كأنَّه يقول: ليسَ إلاَّ ذاك، ولكنهم حَذَفُوا ذَاك تَخْفِيفاً واكتِفَاءً بعِلْم المُخَاطَب، وكِلاَهُما مَحْذوفُ الخَبَر، التَّقدير: ليسَ إلاَّ ذاكَ حَاضِراً.










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق