* إذْ: تأتي ظَرْفيةً ، وفجائيةً ،
وتَعْلِيليّةً.
1.الظَّرْفيَّة: ولها أربعة أحْوال:
[1]أن تكونَ ظَرْفاً للزَّمَنِ الماضِي
وهو أغْلبُ أحوالِها ويجبُ إضَافَتُها إلى الجمل (وقد يحذف المضاف إليه وهو الجملة
أو الجمل ويعوض عنه التنوين. وهذا التنوين ما يسمى تنوين العوض مثل {حتى إذا بلغت
الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون} فالتنوين في حينئذ تنوين عوض). فعليةٍ أو اسميةٍ.
قال سيبويه: "وَيَحْسُن ابتداء
الاسم بَعْدَها" فتقول: "جِئْتُ إِذْ عبدُ الله قَائمٌ" و
"جئْتُ إِذْ عَبدُ اللهِ يقومُ" إلاّ أنها في "فَعَل" قبيحةٌ
نحو قولِك "جئتُ إذْ عَبدُ الله قامَ" أي إنَّ الماضِيَ يَقْبحُ إن
وَقَعَ خَبَراً في جُمْلةٍ اسْمِيَّةٍ مُضافَةً لـ "إِذْ" وكلُّ ما كان
من أَسمَاءِ الزَّمان في معنى "إذْ" فهو مضافٌ إلى ما يُضاف إليه
"إذْ" من الجملةِ الاسميةِ والفعليَّةِ.
[2] أن تكونَ مفعولاً به نحو {واذْكُروا
إذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} (الآية "86" من سورة الأعراف
"7"والغالبُ على "إذْ" المذكورة في أوائل القَصَص في -
القرآن الكريم - أن تكون مفعولاً به بتقدير: واذكرُ.
[3] أن تكونَ بَدَلاً من المفعول نحو:
{واذْكُرْ في الكتابِ مريم إذِ انْتَبَذَتْ} (الآية "16" من سورة مريم
"19" ).
فـ "إذْ" بدلُ اشتِمالٍ من
مريم.
[4]أنْ يكُونَ مُضَافاً إليها اسمُ
زمانٍ صالحٍ للاستغناء عنه نحو: "يَوْمَئِذٍ وحِينَئذٍ" أو غير صالحٍ
للاستغناء عنه نحو قوله تعالى: {بَعدَ إذْ هَدَيْتَنَا} (الآية "8" من
سورة آل عمران "3" ). وعند جُمْهورِ النحاةِ لا تَقَع "إذْ"
هذه إلاّ ظَرْفاً أو مضافاً إليها.
2.الفُجَائِية:وهي التي تكون بعد
"بَيْنا" أو "بيْنَمَا" كقول بعض بني عُذرة:
استَقْدِرِ اللَّهَ خَيْراً وارْضَيَنَّ
به * فَبينَمَا العُسْرُ إذْ دَارَتْ
مَيَاسِيرُ
أو بعدَ غيرِ "بَيْنَا
وبَينما" ويَحْسُن كما يقولُ سيبويه: ابتداءُ الاسمِ بعْدَها تقول:
"جئتُ إذْ عبدُ الله قائمٌ" و "جئتُ إذْ عبدُ الله يَقومُ"
إلاَّ أنها في فَعَل قَبيحةٌ نحو قولك "جئتُ إذْ عبدُ الله قَامَ" و
"أذْ" الفجائية هذه إنما تَقعُ في الكلام الواجب ، فاجْتمَع فيها هذا ،
وأنَّك تَبْتَدِئ الاسْمَ بعْدَها فحسُن الرَّفعُ.
-3 التَّعليلية: وكأنَّها بمعنى
"لأنَّ" نحو قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إذْ لمْ
أكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً} (الآية "72" من سورة النساء "4" ).
و{لن يَنْفَعَكُم اليَوْمَ إذْ ظَلمْتُمْ أنَّكُمْ في العَذَابِ مُشْتَرِكُون}
(الآية "39" من سورة الزخرف "43").
وهل "إذْ" هُنَا بِمَنْزِلَةِ
لامِ العِلَّةِ أو ظَرْفٌ والتعليلُ مُسْتَفادٌ من مَعْنَى الكَلامِ؟، الجُمهُورُ
لا يُثْبِتُونَ التَّعْلِيلية ولا يَقُولُون إلاَّ بظَرْفِيَّتِها.
* إذا:
تكونُ تَفْسيريَّة، وظَرْفيَّة، وفُجَائِيَّة.
إذَا التَّفْسِيريّة: تأتي في موضع
"أيْ" التفسيرية في الجُمل، وَتختلفُ عنها في أنَّ الفِعل بعد
"إذا" للمخاطَب تقول: "اسْتَكْتَمتُه الحديثَ: إذا سألتَه
كتمانه".
إذا الظّرفيّة: هي ظَرْفٌ للمُستَقبل
مُضَمَّنٌ مَعْنَى الشَّرط، فَهيَ لِذلك مُحْتَاجَةٌ إلى فِعْلِ شَرْطٍ يُضَافُ
إلَيها وجَوابٍ للشَّرط، وتَخْتَصُّ بالدُّخول على الجُمْلَةِ الفِعليّة، ويكونُ
الفعلُ بعْدَها مَاضِياً كَثيْراً، ومُضَارِعاً دُون ذلك وقد اجتمعا في قول أبي
ذؤيب:
والنَّفْسُ رَاغِبةٌ إذا رَغَّبْتَها
* وإذا تُرَدُّ إلى قَلِيلٍ تَقْنَعِ
وإنْ دَخَلتْ "إذَا"
الظّرْفِية في الظاهر على الاسْمِ في نحو {إذا السَّماءُ انشقَّت} (الآية
"1" من سورة الانشقاق "84"). فإنَّما دَخَلَتْ حَقِيقَةً على
الفِعلِ لأنَّ السَّماءَ فاعِلٌ لفعلٍ مَحذُوفٍ يُفَسِرهُ ما بَعْدَهُ. ولا تَعْمَلُ
"إذا" الجَزْمَ إلاَّ في الشّعر للضَّرورةِ كقول عبدِ القيْس بن خفاف:
استَغْنِ ما أغْنَاكَ رَبُّك بالغِنَى
* وإذا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلِ
"الخصاصة: الحاجة"
وإنَّما مُنِعَتْ من الجَزْمِ لأنها
مُؤَقَّتَةٌ، وحروفُ الجزمِ مُبْهَمَة، وتُفِيد "إذَا" تُحَقّق الوُقوع
فَإذا قال تعالى: {إذَا السَّماءُ انْشَقَّت} فانْشِقَاقُها وَاقِعٌ لا مَحَالَة
بِخِلافِ "إن" فَإِنَّهَا تُفيد الظَّن والتَّوقَّعَ.
إذا الفُجَائِيَة: تَخْتَصُّ بالجُمَل
الاسميَّةِ ولا تَحْتَاجُ إلى جَوَاب، ولا تَقَعُ في ابتداء الكَلام، وَمَعْنَاهَا
الحَال، والأرْجَحُ أَنَّهَا حَرْفٌ، نَحْوَ قوله تعالى: {فَأَلْقَاهَا فإذا هِيَ
حَيَّةٌ تَسْعَى} (الآية "20" من سورة طه "20" ).
وَتَكُونُ جَواباً للجزاءِ كالفاءِ قَال
اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَإنْ تُصِبْهُم سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيْهِم إذا
هُمْ يَقْنَطُون} (الآية "36" من سورة الروم "30" ). وَتسُدُّ
مَسَدَّ الخبرَ، والاسم بَعْدَها مبتدأ، تقول: "جِئْتُكَ فإذا أَخوكَ".
التقدير: "جِئْتُكَ فَفَاجَأَني أَخُوك". وتقول أيضاً: "دَخلْتُ
الدار فإذَا بصديقي حَاضِر" بِصديقي: مبتدأ والباء: حَرْفُ جَرِّ زائد، وحاضرٌ:
خبر.
* إذَاً:
حَرْفُ جَوَابٍ وَجَزَاءِ، والصحيحُ أنها بَسيطَةٌ غيرُ مُرَكَّبة مِن إذْ وأنْ
وهي بِنَفْسِها النَّاصِبَةُ للمضارع بشُرُوطٍ:
[1] تَصْدِيرُها.
[2] واسْتِقْبَالُ المضارع.
[3] واتِّصَالُها به، أو انْفِصَالُهَا
بِالقَسَمِ أوْ بِلا النافية، يقال: آتيك، فتقول: "إذاً أُكرِمَكَ" فلو
قلتَ: "أَنا إذَاً" لقلت "أكْرِمُك" بالرفع لفَوَاتِ
التَّصْدِير.
يقولُ المبرّدُ: واعْلمْ أَنَّها إذَا
وَقَعَتْ بعدَ واوٍ أو فاءٍ صَلَح الإِعمالُ فيها و الإِلْغاءُ. وذلكَ قَوْلُكَ:
"إنْ تَأَتِني آتِكَ وإذاً أُكرِمْك". إنْ شِئْتَ نَصبْت، وإن شئْتَ
رَفَعْتَ، وإن شِئْتَ جَزَمْت، أمَّا الجَزْم فَعَلَى العَطْفِ على آتِك وإلْغَاءِ
"إذاً". و النصبُ على إعمالِ "إذاً" والرفَّعُ على قَولِكَ:
أَنا أكرمُك - "أي بإلْغَاءِ إذاً. أمَّا كتَابَتُها و الوقوفُ عليها
فالجُمْهور يَكْتُبُونها بالألِف ويقِفُون عَلَيْها بالألِف، وهناك من (المازني و
المبرد) يَرى كتابَتها بالنُون و الوقفَ عليها بالنّون.
ويرى البعضُ (الفراء وتبعه ابن خروف)
أنَّها إن عَمِلَت كُتِبَتْ بالألف و إلاّ كُتِبَت بالنون، أقول: وهذا تَفْريق
جَيِّدٌ.
وقد تقعُ "إذَنْ" لَغْواً
وذلكَ إذا افْتَقَرَ مَا قَبْلَها إلى ما وَقَعَ بَعْدَها وذلكَ كقول الشاعر:
وما أنَا بالسَّاعِي إلى أُمِّ عَاصمٍ
* لأَضْربَها إنِّي إذَنْ لجهولُ
* إذْمَا:
أَدَاةُ شَرْطٍ تَجزِمُ فِعْلَيْن، وأصْلُها: "إذْ" دَخَلَتْ عليها
"ما" فَمَنَعَتْها من الإضافة فَعَمِلَتْ في الجَزاء ولا تَعْمل بغير ما
نحو "إذْ ما تَلْقَني تُكْرِمْني". قال العباس بن مرداس:
إذْ ما أَتَيْتَ على الرّسُولِ فقُلْ
لَهْ * حَقّاً عَلَيكَ إذا اطْمَأَنَّ
المَجْلِسُ
وهي حَرْفٌ عند أكثر النحاة وعند
بعضِهم: ظرفٌ، وعَمَلها في الجزم قليل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق